عندما نفكر في الإعلام فنحن نفكر في الحرية والديمقراطية، ليست الحياة عند الإعلاميين الحقيقيين – وهم قلة – مجرد منصب ودعة، بل هي حرب مستمرة مكانهم فيها الخطوط الأمامية، انهم يكشفون الزيف والفساد ويقدمون الحقائق، هم دائما رواد يجوبون الظلام لاستخراج تلك المادة الحية التي تشكل قوة الحق والعــدل، لذا فهم بحكم عملهم، مشكوك فـيهم، مكبوتين ومقهورين أحيانا، يتم سجنهــم أو اغـتيالهم في أحـيان أخرى، هناك اختلاف بين إعلاميين وإعلاميين.. تماما كالاختلاف بين الفعل الذي ينبع من الضمير ويسطر التاريخ وبين الجمود الذي يستسلم الى الموت وينتهي الى العدم، كما ينبغي أن نفرق بين الإعلاميين الذين لا يملكون وسائل الإعلام وبين من يملكونها ويسيطرون عليها.
وفي العصر الحديث يتشكل وعي الإنسان من خلال ثلاث مؤسسات: التعليم والثقافة والإعلام، وقد تراجع دور المثقف بعد أن كان فاعلاً وتراجع أيضاً تبعاً لذلك دور المؤسستين (التعليم والثقافة) لتحتل المؤسسة الإعلامية مركز الصدارة في تشكيل وعى المواطن.. ويكتسب الإعلام قوته من خلال الصورة.. التي يتم استخدامها لتشكيل الوعي.. إن الصور التي بثت عن الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون كصورة الطفل محمد الدرة كان لها أكبر الأثر في تشكيل وعى جمعي عالمي ضد الاحتلال فاق تأثير مئات الخطب في أروقة الأمم المتحدة كما فاق آلاف المقالات الصحفية ضد الاحتلال.
ولكن رغم تلك الإيجابية فكثيراً ما تكتسب الصورة قوة النمط السلبية من خلال التوجهات الرسمية سواء للدولة أو لمالكي القنوات الفضائية وذلك من أجل إثبات أفكار وترسيخها في عقل المواطن، وعندما ننظر بموضوعية إلى ما تقدمه وسائل الإعلام المحلية، من أخبار وتعليقات وبرامج، سنرى أن كثيراً منها ليست محط اهتمام الجمهور، هي برامج تنتج التأثير السلبي على مواطنيها، تأثير يساهم في عملية تشكيل الوعي بما يسمح بتحقيق التحكم بالرأي العام، عن طريق إلهاء الجمهور ببرامج إعلامية خالية من أي أفكار أو مضامين تساهم في ارتقاء الوعي وتثقيفه، هناك برامج هادفة فعلا كبرامج القناة الثقافية وبعض برامج القناة الثانية بالتليفزيون المصري وقناة الشارقة الفضائية، وبعض برامج القنوات اللبنانية، لكنها جميعاً ستظل قلة ساطعة وسط كثير من العتمة التي تعمل على انحطاط المستوى الثقافي والوعي الإنساني لمواطنيها، وقد سبق لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إن طرحت في أحد ملتقيات المنال التي تنظمها احتفالاً بدخول مجلة المنال عامها الجديد عدة أسئلة تعبر عن قضايا اختار منهما سؤالين هما:
- هل هناك ضرورة لإعلام خاص بالمعاقين من خلال منظماتهم ومؤسساتهم؟
- إن وجد هذا الإعلام فهل سيكون حراً بالدرجة الكافية للتعبير عن طموحات الأشخاص ذوي الإعاقة؟
وتنطلق الإجابة على السؤالين من فهم واع لقوة وتأثير الرأي العام فهو رأي كما يقول الدكتور جبار محمود:
(يخشى من أبعاد إرادته وفاعلية نتائجه، وبالذات لدى الأنظمة السياسية التي تناوئ مصالح مجتمعاتها، وضمن هذا المعنى فالرأي العام ليس رأياً عابراً يفتش عن المساومة، لأجل تحقيق مكسب ما، إذ غالباً ما تستند مكنوناته إلى تبلورات الضمير حول هذه المسألة أو تلك).
وبمعنى أخر فإن طرح قضية إعلام خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة ليس الهدف منها المساومة لتحقيق مكسب بل تشكيل قوة ضمير حول القضايا المتعلقة بالإعاقة، وبمعنى أخر السعي كي يكون هناك تأثير إعلامي متبادل بين الإعلام والرأي العام ترسم ملامحه التعاملات الإيجابية، إن القيمة الخفية هنا هي أن الرأي العام من خلال إعلام صادق وهادف لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة سوف يشكل موجات ضغط متتالية يجعل الآخرين يلمسون وجود تلك القضايا وليس التمويه عليها.
قد تطرح علامة استفهام تقول إذا كان طرح قضية إعلام خاص بالأشخاص ذوي الإعاقة ليس الهدف منها المساومة لتحقيق مكسب أليست موجات الضغط المتتالية هي تحقيق مكسب؟
قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن تحقيق مكسب عن طريق المساومة يختلف عن تحقيق مكسب عن طريق قوة الضمير، لأن المكسب عن طريق المساومة يعتمد الحكومات والجهات الرسمية كطرف ثان في عملية المساومة، أما المكسب عن طريق قوة الضمير فهو يعتمد المجتمع بالكامل كطرف ثان وهو ما يسمح بالاستقرار النهائي للشخص من ذوي الإعاقة في مجتمعه وعدم الشعور بالغربة والمعاناة داخل هذا المجتمع، وهو ما يعنى تجاوز الشكل التقليدي البارد والميت في المعاملة والذي يتمثل دائماً في المادة كأن الشخص المعاق (متسول على باب الجامع…!!
هناك تأثير لذلك أوسع نطاقاً: إنها فرص التعليم بشكل متساو كالآخرين، لا نريد لشخص معاق أن يطرد من مدرسة لأنه معاق، أو أن تضيع عليه فرصة عمل أو يمنع من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، أو أن يعامل بشكل غير إنساني… وبمعنى أخر إن التأثير الأوسع نطاقاً المستهدف هو الاندماج الكلي مع الآخرين من كافة النواحي بشكل عادي، تحضرني بهذا الخصوص قضية فيلم (الشاهد الأعمى) التي طرحت في ملتقى المنال (السينما والإعاقة) ودارت حولها المناقشات ولم أر أن محور الفيلم يدور حول القتل أو الاعتداء، لأن القضية الأساسية للفيلم جاءت على لسان البطلة العمياء بقولها: (مطالبتي طول حياتي بالمعاملة كشخص عادي)..
هناك مسائل أساسية ينبغي أن تطرح باستمرار وهذه المسائل يمكن إيجازها في أسئلة:
- هل يعامل الأشخاص ذوو الإعاقة كأقلية في مجتمعاتهم؟
- هل يدفع الأشخاص ذوو الإعاقة فاتورة تقصير المجتمع نحوهم تبعاً لفهم خاطئ؟
- هل يدفع الأشخاص ذوو الإعاقة في المجتمعات النامية ضريبة فقر مجتمعاتهم أكثر من غيرهم؟
- ولماذا لا يشعر هؤلاء الأشخاص بالإعاقة إلا عندما يواجهون المجتمع؟
مهما كانت الإجابة على هذه الأسئلة أو درجة اختلاف الإجابة عليها من مجتمع إلى آخر فإن الإعلام المتخصص أثناء تناولها أو تناول قضايا غيرها سيدخل المجال لجذب الانتباه لأمور تحظى باهتمام ملايين من الأفراد ضمن نطاق ملايين الأسر، حيث تعمل الشفافية بين الإعلام والرأي العام وأصحاب القضايا سوياً ومعاً في إعادة عملية الصياغة، وهذه العملية لن تصل إلى حد ما وتتوقف، إنها عملية صياغة مستمرة مرتبطة بالضرورة بتطور المجتمعات، ولا ننسى أن التخصص في الموضوع بتوسع وعمق: (وتقديم التفصيلات الدقيقة المتصلة به يتيح لفئات المجتمع المعنية بالموضوع من تحقيق أقصى حد ممكن من الاستفادة).
الشفافية والعائق
إن الإعلام الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة يحتاج الى الشفافية، وعليه أن يملك تلك القدرة للاحتفاظ بالمشاهد أو القارئ أو السامع، ويمكن إيجاز الطرح في السؤال الذي سبق وأن طرحته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وهو: (إن وجد هذا الإعلام فهل سيكون حراً بالدرجة الكافية للتعبير عن طموحات الأشخاص ذوو الإعاقة؟).
ولكي نجيب على هذا السؤال علينا أن نطرح سؤالاً آخر: إذا أردنا تقديم إعلام يساعد على الإصلاح فكيف يكون؟
إن الشفافية ينبغي أن تكون العنصر الغالب، فما هى الشفافية؟ معناها أن ترى من خلالها، وبكلمة أخرى هي ألا تخفي شيئاً، تنتمي للصدق والنور وتهرب من الكذب والظلام، فهل نرى تلك الشفافية في وسائل الإعلام الحالية؟
وللأسف فإن الإجابة هي النفي…! هناك أحداث مهمة تتوالى وتنشر، لكن المعرفة الشاملة حولها غير ممكنة، هذا غير التزييف والتحريف، وحتى لا يقال عني متحامل على الإعلام العربي رغم أنني حتى الآن لم اطعن فيه، سأتناول وسائل الإعلام الغربية فهي لا تنقل بصدق ما يحدث في مجتمعاتها من عمليات استغلال والأخبار المتعلقة بالاضطرابات العمالية مثلاً تنقلها بصورة محرفة عن غاياتها المشروعة، بحكم سيطرة الرأسمال الغربي على الإعلام الدولي، سواء بامتلاك وسائل الإعلام (الصحف والقنوات الفضائية وغيرها) أو عن طريق رأسمال آخر متوار هو الإعلانات التي تدفعها الشركات الضخمة لوسائل الإعلام.
السلبية الخطيرة الأخرى لأجهزة الإعلام الغربية: هو تركيزها المبالغ فيه على سلبيات العالم النامي، متجاهلة أيضا الإيجابيات فيه، لا ينتج عنه سوى التخريب والشك المتبادلان بين شعوب العالم النامي وشعوب العالم الغربي؟؟
من ناحية أخرى تبث بعض وسائل الإعلام مشاعر الكراهية والعنصرية وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة وقتها في رسالة له بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ما يلي بالنص: كما أن اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم للتمعن في دور وسائط الإعلام بشكل عام. وتزامناً مع الاحتفال بهذا اليوم في هذه السنة، تعقد إدارة شؤون الإعلام في الأمم المتحدة حلقة البحث الثالثة في سلسلة حلقات البحث التي تعقدها بعنوان (نبذ التعصب)، (بعد الدورات السابقة حول معاداة السامية وكراهية الإسلام)، والتي ستركز على (وسائط الإعلام التي تنشر مشاعر الكراهية). ففي رواندا وكوت ديفوار وأماكن أخرى، شهد العالم مجموعات متعصبة تملأ موجات الأثير وشاشات التلفاز برسائل ملتهبة تهدف إلى التحريض والإثارة. وسنبحث في السبل التي تمكن وسائط الإعلام من الوقاية من تأجيج نيران العنصرية وكراهية الأجانب، والتشجيع على التسامح والتفاهم بدلاً من ذلك.)
هذا قليل عن الإعلام، فهل سيكون الإعلام المتخصص للأشخاص ذوي الإعاقة حراً؟؟ لا أظن.. إنها سلبية ومخاطرة أيضاً.. يمكن التخفيف منها ولكن لا يمكن تجنبها.. لقد عرفنا سلبيات الإعلام العام من خلال وجوده وليس من خلال نفيه، ستكون المشكلة كالعادة في الحكومات، ورغم الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر من جامعة الدول العربية في 15 سبتمبر 1997 والذي ينص في مادته الثانية على:
(تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل لكل إنسان موجود على أراضيها وخاضع لسلطتها حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة فيه دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء).
أقول رغم هذه المادة التي تشمل الجميع بكلماتها الدالة (بكافة الحقوق والحريات) و(لكل إنسان) و(أي وضع آخر) إلا إن المشكلة رغم كل هذه السنوات التسع ما زالت قائمة.
لكن حصر المشكلة في الحكومات فقط سيكون ضيق أفق وعدم موضوعية، لأن أعداء حرية الإعلام موجودين في أماكن أخرى بالمجتمع، أماكن المفترض فيها دعم الحرية وليس قمعها، وأشير هنا على سبيل المثال لا الحصر، ومن خلال تجربتي الشخصية إلى بعض التجمعات الأدبية والثقافية، بعض الأفراد فيها يشار إليهم كمثقفين، حاولوا أكثر من مرة وما زالوا قمع حرية الطرح والتعبير لأعمال صادرة من مثقفين آخرين.
سيقع أغلب العبء على الأشخاص العاملين فعلاً في مجال الإعلام، وتفسير ذلك يعود للضمير، والذي يملك الضمير هو الذي يتألم، لأنه سيشعر بألم الآخرين، لكنه بالمقابل وفي مجتمعنا الإنساني المحترم سوف يخسر مركزه وقد يخسر حياته أيضاً، فعالمنا الاقتصادي المتقدم لا يسمح بأي مجال لقوة الضمير أن تسيطر على وسائل الإعلام بل قوة الربح، هناك إعلاميون وإعلاميات ضحوا بأرواحهم وسقطوا شهداء دفاعاً عن حرية الصحافة، وهناك آخرون يخاطرون بحياتهم يومياً وهم يقومون بأداء واجبهم الصحفي في مواجهة التعذيب والموت مثل الإعلاميين الفلسطينيين، وهناك إعلاميون آخرون تعرضوا للخطف والموت في دول أخرى، وهو ما يعنى أن الجميع يعملون بدون أي غطاء حماية.
ورغم انحسار قوة الرأي العام في بعض الدول العربية، فيما يتعلق بالسياسة أو تأثير هذا الرأي على أجهزة الإعلام الحكومية، لكنه رأي عام لم يصل بعد إلى نقطة الصفر، والأشخاص ذوو الإعاقة يملكون قوه أكثر في الأمور التي تخصهم عن طريق منظماتهم وعبر أشخاص يكافحون فعلاً من أجلهم، والجميع يتمتعون بحيوية الصدق، باحثين فعلاً عن الأمل لا يوقفهم حاجز الخوف النفسي الذي يمنع من التعبير عن النفس، وسيعمل الإعلام الجديد بشكل ما كمعول يهدم أي حواجز أو عوائق نفسية قد تكون موجودة، فمعرفة الأشخاص ذوي الإعاقة بهذا الإعلام ستساعدهم على إنشاء قنوات اتصال لشرح مآسيهم وبيان مشكلاتهم.
نموذج إعلامي ناجح
قبل التحدث عن تلك النماذج أحب إن أشير الى وجود بعض الجهات تتناول فعلاً الإعاقة، لكن هذا التناول يتم ضمن اتفاقيات حقوق الإنسان بشكل عام، هناك صحف تنشر في المناسبات بطريقة الحجرات المغلقة، بمعنى تكرار ما نشر سابقاً بشكل آخر، وأكثر ما تنشره عن أشخاص معاقين بارزين سيرة حياتهم جاهزة سلفاً، نحن نرحب بذلك جداً شرط تقديم شيء جديد يخصهم ناتج عن جهد فعلي في التفكير والبحث، والغوص في رحلة البحث المدهشة لتسجيل كشف جديد في إبداعاتهم وحياتهم، وليس مجرد إعلان لمن يكتب عنهم.
والمشكلة التي تحيرني هي النشر عنهم تحت عنوان غريب هو (الآخر) أنني ككاتب استخدم كلمة الآخر بمعنى المختلف عنا في الفكر والرأي ومن أجل الحرية علينا قبول هذا الاختلاف والاعتراف به والدفاع عنه، وليكون لدينا إنسانية الاعتراف باستقلالية الآخر وحريته، أحيانا يكون الآخر هو أنا غير المنسجم مع المجتمع الباحث عن أفق مغاير لا يتحقق في الوجود، الذي يريد شيئاً ويدفعه المجتمع لفعل شيء آخر، فيحدث كبت نفسي ينتج عنه انقسام في شخصيتي، أما في المجال السياسي فيستخدم بمعنى الآخر الغرب أو الآخر الشرق.. أما استخدامه في مجال الإعاقة فكيف نفسره؟؟ فإذا كان مختلفاً عنى في الفكر والرأي فهو مثل ملايين غيره من الأشخاص غير ذوي الإعاقة الذين يحملون نفس الاختلاف وليسوا معاقين، وإذا كان مختلفاً عني كشرقي من الصين أو كغربي من أمريكا فهو أيضاً مثل ملايين غيره من غير ذوي الإعاقة!! فكيف أفسّر قيام صحف يشار لها بالبنان تنشر عن الأشخاص ذوي الإعاقة تحت عنوان اسمه (الآخر)؟؟
إن التفسير سيؤدي بنا لا محالة إلى أن الآخر هو آخر لأنه شخص ذو إعاقة، إن ذلك لدليل بليغ على أن التعامل يتم مع شيء منتهي، تم ختمه وتقريره بشكل تعسفي دون أي شعور أو مراعاة، هو أخر أي ليس مثلنا لأنه شخص ذو إعاقة، نحن للأسف نسكن عالما مليئاً بالفراغ وبالسطحية، وعندما أقول إنه ليس مختلفاً عني رغم إعاقته فنحن نشق لأنفسنا درباً جديداً في الحياة، هذا الدرب يقودنا إلى الاعتراف بأن الشخص المعاق إنسان مثلنا لديه حقوق وواجبات، يتمتع بها كما يتمتع غير ذوي الإعاقة بنفس الفرص المتاحة لتحقيق الذات، ليس مختلفاً عنا إلا في الفكر والرأي تماماً مثل الآخرين، هؤلاء الآخرون الذين يرغبون في التمتع بحياة صحية وطيبة، وأن ينعموا بحياة هادئة وطويلة، وأن يتمتعوا بالمعارف وينهلوا منها وأن يتقدموا في الحياة ويحققوا الفرص لأبنائهم في التعليم، من أجل مستقبل أفضل والمشاركة بحرية في صياغة مستقبل مجتمعهم، والتمتع بمسرات الحياة كنسمة هواء باردة في ليلة صيف أو نسمة دافئة في يوم بارد، والشعور بالأمن في البيت وفي العمل وفي الشارع.. أنا أيضاً أريد ذلك مع أنني من ذوي الإعاقة فأين الاختلاف؟؟
إن المشكلة في عالمنا المعاصر هي الأنانية وحب الذات وسيطرة المصالح، والقمع الفكري، وكلها أمور تقود الفرد إلى الانكفاء على الذات، وهو ما يجعله يبحث عن أشخاص يشبهونه، ويعانون معاناته، ولذلك يندمج المعوق في منظمات أكثر من غيره لأنها تتيح له الفرصة في التعبير عن نفسه، ومساعدته في التخفيف عن ألمه وسط عالم لا يشعر بوجوده.
وهذا يقودنا الى النماذج الإعلامية الناجحة فعلاً وأشير هنا إلى مجلة المنال كإعلام مكتوب يصدر عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وتقع على عاتقها فعلاً مسؤوليات جسيمة.
لقد لمست من خلال مطالعاتي لمجلة المنال أن غالبية أراء الأشخاص ذوي الإعاقة عن أوضاعهم أو حقوقهم وغيرها من المجالات هي آراء تتمتع بقدر مدهش من العفوية والنقاء ودائمة التعبير عن نفسها بصدق، حتى أعمالهم الأدبية والفنية مشحونة بشحنه أخلاقية عالية، تظهر من خلال العتمة، التي تبدو ظاهرة في بعض الأعمال كما أنها تلتزم بالأخلاق.. لقد نجحت مجلة المنال لسبب واضح وبسيط، هو اهتمامها بالبشر ليس من خلال تلبية بعض الاحتياجات، وإنما بإشراكهم في الآراء التي يتم طرحها أيضاً، وفتح باب المناقشات حول الموضوعات، من خلال فتح قنوات تفاعل مع الصحافة وأجهزة الإعلام وبعض قيادات المجتمع، مع عدم إغفال الهدف الاستراتيجي وهو التنمية البشرية بأبعادها الثلاث الاقتصادية والسياسية والمجتمعية.
نستخلص من كل ذلك أنه رغم كل السلبيات التي سوف يواجهها الإعلام المطلوب، فهناك إيجابيات فاعلة جداً ولدينا شخوص عادلة بحق وذات ضمائر حية، تقدمت لتسجل فتحاً في التاريخ.
سعيد رمضان على، إسكندرية، مصر
عمل في شمال سيناء، زار غزة عدة مرات ثم أقام فيها عدة سنوات وحاليا مقيم في الإسكندرية.
أصيب بالصمم في سن مبكرة، كان من أثره تركه الدراسة المنتظمة، فلم يستكمل تعليمه النظامي، لكنه استمر في الدراسات الحرة.
الأعمال والتكريم
- روح هائمة، رواية، دار نشر ميدلايت 1990، القاهرة.
- الأرض والنهر، مجموعة قصصية، دار نشر ميدلايت 1991، القاهرة.
- السينما المصرية والإعاقة، دراسة 2005، مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- سيناء (الأهمية والمعنى) الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة 2008، القاهرة.
- رواية أمواج ورمال، دار نشر فكرة. 2009، القاهرة.
- مسرحية الانهيارات، دار نشر هفن، 2009، القاهرة.
- السمورة وأنا، سيرة روائية، دار الأدهم للنشر، 2013، القاهرة.
- مقالات نقدية في الأدب والسينما والفن التشكيلي الفلسطيني، نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، وعلى عدة مواقع مختلفة.
- كرم من الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر في مؤتمر الإسماعيلية الأدبي عام 1995.
- حصل على شهادات تقدير من المجلس الأعلى للشباب والرياضة بمصر في مركز إعداد القادة بالقاهرة عن أعماله في القصة القصيرة، والمسرح وذلك عامي 1995، 1996.
- كرمته الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية 2005 في ملتقى المنال عن دراسته (السينما المصرية والإعاقة)
- استضافه المؤتمر العلمي الأول حول قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة بالقاهرة عام 2009.
نقد ودراسات عنه
دراسة عن روايته روح هائمة للناقد محمد قطب نشرت في كتاب مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافي 1995.
دراسة عن مجموعته القصصية (الأرض والنهر) للناقد الدكتور محمد حسن عبد الله نشرت في كتاب مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافي عام 1995.
دراسة عن مسرحيته الانهيارات للدكتور نادر عبد الخالق بعنوان البناء والتخطيط في مسرحية الانهيارات نشرت في جريدة الزمان مايو، 2019.
دراسة عن مسرحيته الانهيارات للناقد العراقي صباح الأنباري بعنوان (الانهيارات من بداية السقوط حتى نهاية الهزيمة) نشرت على موقع الناقد على النت.
دراسة في مجموعته الصمت للناقد سيد الوكيل، نشرت في كتاب أبحاث المؤتمر العلمي الأول، هيئة قصور الثقافة 2009، القاهرة.
دراسة عن رواية أمواج ورمال للناقد حاتم عبد الهادي نشرت في نشرة مؤتمر اليوم الواحد بالشرقية.
مقالات نقدية عن بعض قصصه القصيرة للناقد سمير الفيل نشرت بموقع القصة العربية.