يبدأ إعمال حقوق الأشخاص الصم عبر ضمان حصول الأطفال الصم على التعليم بلغة الإشارة باعتبار أن من حقهم الحصول على التعليم الجيد كبقية الأطفال بلغة وبيئة تطلقان إمكانياتهم. ولكن غالباً ما يُحرم الأطفال والشباب الصُم حول العالم من التعليم، بما فيه التعليم بلغة الإشارة نظراً لوجود نقص كبير في المعلمين المدربين جيداً على لغة الإشارة، وفي حالات كثيرة، لا يعرف الآباء أن لأطفالهم حق الذهاب إلى المدرسة وقدرتهم على التعلم إن قُدم لهم الدعم المناسب.
كما يعني نقص الوعي بلغة الإشارة المعاناة في وصول الأشخاص الصُم إلى الخدمات العامة، بما في ذلك الخدمات المكلفة بمساعدتهم. وتقول إحدى النساء الصم إنها عندما زارت منظمة الرعاية الحكومية للحصول على مرجع للاستشارة الوراثية قبل ولادة طفلها، واجهت ما وصفته بأنه “سلوك مهين ومفجع” من عاملة اجتماعية: “غضبت عليّ السيدة التي تعمل هناك. لن أنسى ذاك اليوم. حاولت التحدث معها كتابياً باستخدام ورقة، لكنها بدأت بالصراخ، وفهمتُ أنها كانت تشتمني. بكيت كثيرا”.
وفي العديد من البلدان جرى توثيق كيف تحول حواجز التواصل دون تلقي الأشخاص الصُم حقوقهم الصحية، كصعوبة حصولهم على المعلومات الصحية في صيغة يسهل الوصول إليها مثلاً. إضافة إلى ذلك، عندما يعتمد الطاقم الطبي على أفراد العائلة أو الأصدقاء للتواصل بفعالية مع الصم، يؤثر هذا على حقهم في الخصوصية.
ويمكن أن تكون العواقب مأساوية، فقد ذهب رجل أصم في إحدى البلدان الأفريقية لإجراء اختبار فيروس نقص المناعة البشرية، لكن لم يتمكن موظفو العيادة من التواصل معه بلغة الإشارة، أجرى الطبيب له اختبار الدم، وأراه ورقة تقول: “أنت مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية”، وطلب منه المغادرة قبل أن يتلقى أية مشورة أو دعم بلغة يفهمها.
وتقول امرأة صماء في أوغندا إنها لم تتمكن من التواصل مع الممرضات بفعالية خلال الولادة. لم تكن تدرك أنها تلد توأماً وتوقفت عن الدفع بعد ولادة الطفل الأول. أضافت: “كانت الممرضة وقحة جداً معي، ولم تكن تعرف لغة الإشارة فلم تستطع حتى أن تطلب مني دفع التوأم الآخر. ولم تكن ترشدني، في توفي أحد التوأمين”.
إن تعذر الوصول إلى الرعاية الصحية هي إحدى العقبات التي تواجهها النساء الصم اللواتي تعرضن للعنف. ففي الهند، حيث تواجه النساء الصم مخاطر العنف الجنسي بدرجات مرتفعة وقد لا يستطعن طلب المساعدة أو إيصال ما يتعرضن له من انتهاكات، أو قد يكن أكثر عرضة للاعتداءات لعدم قدرتهن على سماع ما يحدث في محيطهن. كما تعاني ضحايا العنف الصُم خلال تنقلهم في قنوات خدمات دعم ضحايا الاعتداء الجنسي والنظام القضائي.
على الحكومات توفير الوصول إلى تفسير مهني للغة إشارة في استخدام الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية أو التعليم أو نظام العدالة، بالتشاور مع الأشخاص الصم وضعاف السمع والمنظمات التي تمثلهم.
في نظام السجون، يحق للمذنبين الصم أيضاً الحصول على تسهيلات معقولة تلبي احتياجاتهم. في أستراليا، من بين 14 سجناً 3 منها فقط لديها تسهيلات مناسبة للسجناء الصم للاتصال بأسرهم عبر مكالمات الفيديو، فتتسبب حواجز الاتصال بسوء فهم مع الموظفين ومشاعر عزلة بين السجناء، وتقوّض القدرة على الحفاظ على الروابط الأسرية التي ستساعد السجناء على الاندماج في المجتمع بعد إطلاق سراحهم.
في أوقات النزاع والنزوح وحالات الطوارئ الإنسانية الأخرى، تتفاقم الحواجز التي يواجهها الصم. الأشخاص الصم الذين تمكنوا من الفرار من العنف ووجدوا ملجأ لهم في مخيمات النازحين معزولون ولديهم إمكانية محدودة لتلقي المساعدات. يقول رجل أصم سوري عمره 24 عاماً، كان في مخيم قرب سالونيك باليونان، إنه نادراً ما كان يغادر خيمته طوال أشهر لأنه لم يكن لديه سماعة بعد أن تضررت خلال رحلته إلى اليونان.
ينبغي للعديد من مجموعات الإغاثة بذل جهود أكبر لتلبية احتياجات الأشخاص الصم والتأكد من توفر المعلومات والخدمات بلغة الإشارة.
(بتصرف) من المصدر:
منظمة حقوق الإنسان الدولية