تطرقنا في العدد السابق لأهم المبادئ والفنيات التي يرتكز عليها العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول مع عرض نماذج تطبيقية للجلسات التي تتم بين المرشد والمسترشد. وسنسلط الضوء خلال هذا العدد على المكونات العامة للعلاج، جلسة تحديد الأهداف والخطوات العلاجية، كيف يختلف العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول عن الطرق العلاجية الأخرى وكذلك بنية ومكونات الجلسة الإرشادي.
أولاً ـ المكونات العامة للعلاج قصير المدى المرتكز على الحلول:
بالنسبة لمعظم المعالجين النفسيين بما فيهم معالجو العلاج قصير المدى يتكون العلاج من المحادثات وفي العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول هناك ثلاثة مكونات اساسية تربط بين هذه المحادثات.
أولاً ـ المحادثة حول الموضوعات العامة ومنها المحادثات المرتكزة على الأشياء التي تهم المسترشد، ما هي رؤيته التي يفضلها للمستقبل، الحالات الاستثنائية، نقاط القوة، المنابع الداخلية المرتبطة بالرؤية المستقبلية، استخدام المقياس الرقمي، استخدام مقاييس الدافعية والثقة بالنفس على إيجاد الحلول، ثم المتابعة المستمرة مع المسترشد بالمقياس الرقمي لمعرفة مدى التقدم تجاه هذه الرؤية المستقبلية.
ثانياً ـ المحادثة العلاجية الخاصة بعملية إعادة البناء أو تشكيل المعاني الجديدة وهو ما تمت الاشارة إليه في الجزء السابق. في هذه المحادثة يسأل المرشد الأسئلة الموجهة نحو الحل حول الموضوعات العامة المشار إليها في الفقرة السابقة ويقوم بالبناء على والربط بين ما يقوله المسترشد.
ثالثا ـ المرشد يستخدم مجموعة من ردود الفعل ويستخدم تقنيات الأسئلة التي تساعد المسترشد على بناء رؤية واضحة للمستقبل الذي يتمناه وهو ما يتم بناؤه على خبرات النجاح السابقة ونقاط القوة والمنابع الداخلية ومن ثم تحويل هذه الرؤية إلى واقع حقيقي.
ثانياً ـ جلسة تحديد الأهداف:
إن جلسة وضع أهداف محددة وملموسة وواقعية هو أمر هام في العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول. حيث تصاغ الأهداف وتتضح معالمها خلال المحادثة الموجهة نحو الحلول وتدور حول ما يريده المسترشدون أن يكون مختلفاً في المستقبل وبالتالي يقوم المسترشدون بتحديد الأهداف في العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول والأهداف المفيدة هي:
- الأهداف القابلة للملاحظة وذات المغزى الشخصي.
- الأهداف توضح بشكل ايجابي ماذا يجب أن يفعل المسترشدون بدلاً من ماذا يجب أن لا يفعلوا.
- الهدف يصاغ بشكل سلوكي كأول خطوة صغيرة.
- الأهداف ضمن قدرات المسترشدين.
- الأهداف تكون جديدة ومختلفة.
يجب أن تكون الأهداف سلوكية يستطيع المسترشد ممارستها بشكل اعتيادي (Lee, Sebold, & Uken, 2003; Lee, Uken, & Sebold, 2007). حالما يتم البدء بوضع الأهداف، يركز العلاج على الحالات الاستثنائية المرتبطة بالأهداف، والتدرج بشكل منتظم نحو كيفية اقتراب المسترشدين من تحقيق الأهداف أو الحلول. وإعادة بناء الخطوات المفيدة التالية للوصول إلى المستقبل المفضل لديهم.
ثالثاً ـ كيف يختلف العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول عن الطرق العلاجية الأخرى؟
العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول هو الأكثر شبهاً للنماذج المرنة المبنية على أساس الكفاءة مثل بعض المقابلات المكونة من التعزيز والتحفيز. من منظور النفس الايجابي. هناك أيضاً بعض أوجه التشابه بين العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول والعلاج السلوكي المعرفي. على الرغم من أن العلاج السلوكي المعرفي يحدد فيه المعالجون التغيرات والمهام بينما في العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول يشجع المعالجون المسترشدون للقيام بالمزيد من السلوكيات المتوقعة مسبقاً أو اختبار السلوك الذي هو جزء من وصف المسترشد لأهدافه. العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول يركز على السلوك والوصف والسياق الاجتماعي ويظهر أوجه الشبه للموجة الثالثة من العلاجات السلوكية ولكن العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول لا يعتمد على وجه التحديد نفس النظريات وتغير التقنيات كجزء من عمليات التغيير. وأيضاً يشبه العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول بعض الشيء العلاج بالسرد فكلاهما يأخذ موقفاً من علم الأمراض وكلاهما يركز على المسترشد ويعملان لخلق وقائع جديدة كجزء من المنهاج. العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول هو الأكثر اختلافاً من حيث الفلسفة الكامنة والافتراضات مع أي مناهج أخرى كتلك التي تركز في المقام الأول على الماضي بدلاً من التركيز على الحاضر أو المستقبل.
ميزة أخرى تميز العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول عن الطرق الأخرى هي نظرته إلى التقييم، فخلافاً لنماذج العلاج الأخرى التي تنظر للمختصين بأنهم يملكون الخبرة بالتشخيص وتنظر للمسترشدين على أنهم هدف للتقييم فان التقييم في العلاج المرتكز يركز على المسترشدين على أنهم المحكمين الذين يقيمون أنفسهم باستمرار وماذا يريدون و ما الحلول الملائمة للمشكلة للوصول للمستقبل المرغوب و ماهي أهداف العلاج و ما نقاط القوة والمنابع الداخلية التي يمكن للمسترشد استخدامها للوصول إلى المستقبل المرغوب، ما هو الأمر الذي ربما يساعد في عملية التغير بالإضافة لكيف نحفز المسترشد ليغير الواقع؟ وما هي السرعة التي يريد بها للتغيير أن يحدث؟
رابعاً ـ بنية ومكونات الجلسة الإرشادية
الجلسة الإرشادية إيجابية تركز على الحل:
واحد من أهم الجوانب في العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول هو التوجه العام والموقف الخاص الذي يتخذه المرشد. فالموقف العام هو إيجابي، ومشبع بالاحترام والأمل. وهناك افتراض عام بأن الأشخاص لديهم مصادر قوة يمكن الاستفادة منها باستمرار لإحداث التغيير. وبل أكثر من ذلك فهناك اعتقاد قوي بأن معظم الناس لديهم القوة والحكمة والخبرة اللازمة لإحداث التغيير. وهو على عكس مما تفترضه المناحي العلاجية الأخرى حيث ترى أن الخبرات السابقة تشكل “مقاومة” للتغيير، مثال: (أ) فالأشخاص في العادة يستخدمون ميكانزمات دفاعية ويعبرون عن رغباتهم الحقيقية بحذر وببطء شديد، (ب) أو أن من الأخطاء التي يقوم بها المرشد مثلاً تقديم بعض التدخلات العلاجية التي لا تتناسب مع موقف المسترشد .إن كل ما يتبع في جلسات العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول يعطي انطباعاً عاماً بالمشاركة بدلاً من الهرمية، فكما تمت الإشارة سابقاً فـإن دور المرشد في العلاج القصير المدى هو التوجيه والقيادة من خلف المسترشد فالعلاقة بين المرشد والمسترشد لا يوجد بها خصام لا بل هي علاقة تعاونية.
البحث في الحلول السابقة:
المرشدون في العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول يعلمون أن معظم الاشخاص قد حلوا في وقت سابق العديد والعديد من المشكلات ولكن في زمن سابق أو في مكان آخر أو موقف مختلف وقد تكون المشكلة عادت للظهور من جديد.. ومفتاح الحل هنا أن الشخص قد حل هذه المشكلة في وقت سابق ولو لمدة قصيرة.
البحث عن الحلول الاستثنائية:
حتى إن لم يكن لدى المسترشد حلول سابقة للمشكلة يمكن أن يعبر عنها ويكررها فإن معظمهم لديهم أمثلة لبعض الحالات الاستثنائية ونعني بها الأوقات التي كان يتوقع أن تحدث فيها المشكلة ولكنها لم تحدث والفرق بين البحث عن الحلول السابقة والبحث عن الحلول الاستثنائية صغير لكنه مهم. فالحلول السابقة هي الحلول التي تمكن المرشد من الوصول إليها ولكن لسبب أو لأخر لم يتابع تطبيقها أو لم يتذكر الاستفادة منها وتطبيقها أما الحالة الاستثنائية فهي شيء يحدث بدلاً من حدوث المشكلة ومن دون قصد المسترشد أو ربما حتى فهمه.
يتبع في العدد القادم
المراجع
- الدليل الإرشادي للعمل مع الأشخاص – الإصدار الثاني
- جمعية العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول
المشاركون
- Janet Bavelas
- Peter De Jong
- Cynthia Franklin
- Adam Froerer
- Wallace Gingerich
- Johnny Kim
- Harry Korman
- Stephen Langer
- Mo Yee Lee
- Eric E. McCollum
- Sara Smock Jordan
- Terry S. Trepper
ماجد محمود سامي عبد العاطي
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة، دولة الامارات العربية المتحدة
متحرك: 00971561187097
- اختصاصي تخاطب ومشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد (من مارس 2008 وحتى الآن).
- حاصل على ليسانس آداب وتربية، قسم علم النفس، جامعة عين شمس عام 1999 ـ 2000 بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بترتيب الثالث على القسم.
- دبلوم مهني علم النفس المدرسي والتعلم العلاجي عام 2000، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير امتياز، الأول على الدبلوم.
- دبلوم خاص في علم النفس عام 2002 جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير جيد جداً.
- دبلوم مهني في التربية الخاصة عام 2003، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم الصحة النفسية، تقدير عام جيد جداً.
- دبلوم أمراض التخاطب، كلية الطب، جامعة عين شمس (2002 ـ 2007) قسم الأنف والأذن والحنجرة وحدة أمراض التخاطب.
- عضو بلجنة المقابلات المركزية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- عضو اللجنة المكلفة بإعداد وتطوير نظام تقييم العاملين بالمدينة.
- عضو اللجنة الفنية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- مؤسس مجلس التخاطب بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومشرف المجلس للعام الدراسي (2010 ـ 2011).
- مكلف سابقاً بالإشراف ومتابعة بيت الشباب التابع لمركز الشارقة للتوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.