يشير تعبير ما وراء أو ما بعد المعرفة Metacognition إلى (دراية المرء بالعمليات المعرفية الخاصة به أو أي شيء ذي صلة بها) (فلافيل Flavell، 1976) ويعرف في العادة بأنه (تفكير المرء بخصوص تفكيره). ولا شك أن رقي مهارات التفكير ما وراء المعرفي يرتبط بالتعليم المتميز. وفيما يعمد بعض الطلبة إلى تطوير المهارات ما وراء المعرفية من جانبهم وبجهودهم فإن طلبة آخرين يحتاجون إلى التعليم المباشر.
وتشير النظريات ما وراء المعرفية إلى أن مفهوم ما وراء المعرفة يشمل جانبين: الأول (معرفة مفهوم ما وراء المعرفة) والثاني (تنظيم مفهوم ما وراء المعرفة) (أنظر: شرو Schraw وموشمان Moshman، 1995). ويشمل الجانب الأول معرفة المرء عن نفسه بصفته متعلماً والمعرفة باستراتيجيات التعليم وكذلك المعرفة حول دوافع استخدام استراتيجية معينة وتوقيت استخدامها. ويشمل الجانب الثاني القدرة على تخطيط عملية التعلم والتحكم بها وتنظيمها وتقييمها. وبمقدور المعلمين أن يتبنوا استراتيجيات تعين الطلبة على تطوير مهاراتهم التلقائية أو بمقدورهم أيضاً أن يستخدموا استراتيجيات توجه الطلبة للتفكير ما وراء المعرفي بخصوص محتويات المواد الدراسية (أي يفكروا مثل الشخص المحترف ويتعاملوا مع المشاكل مثل المحترفين في إطار دراستهم).
منهج عام لتبني استراتيجيات ما وراء المعرفة
- ركز على تدريس المهارات ما وراء المعرفية. حدد الفرص التي يمكنك بموجبها تبني استراتيجيات معينة لتدريس المهارات ما وراء المعرفية لدى تصميم المادة الدراسية. وربما تقرر، على سبيل المثال، تضمين الاستراتيجيات ما وراء المعرفية في الواجبات المطلوبة من الطلبة أو إدخالها في الامتحانات الفصلية. ويتعين عليك أيضاً أن تقرر متى تركز على المهارات التلقائية ومتى تركز على توجيه الطلبة للتفكير ما وراء المعرفي بخصوص محتويات المادة الدراسية.
- كن واضحا بشأن تدريس المهارات ما وراء المعرفية. تحدّث عن المهارات ما وراء المعرفية مع الطلبة وأبدأ بتعريف مفهوم ما وراء المعرفة وبيّن كيف أن تطوير المهارات ما وراء المعرفية أمر مهم للطلبة أثناء دراستهم الجامعية وبعد التخرج. وإن أردت أن تجعل المادة الدراسية تبرز بعض المواضيع والعلاقات أو وجهات النظر المتعارضة زوّد الطلبة بخارطة طريق خاصة بك أو أستخدم نشاطات مثل خارطة الأفكار Concepts Map وتعينهم على تحديدها بأنفسهم. بمعنى آخر لا تفترض أن الطلبة سوف يتوصلون إلى تحديد العلاقات تلقائياً والتي ربما تكون واضحة لك.
- لا تبالغ في الأمر. حدد احتياجاتك الفعلية ودع الفرص الأخرى للآخرين. أما الطلبة فسوف يشعرون بالإرباك إذا ما تم تضمين سائر الاستراتيجيات أو معظمها في المادة الدراسية التي تدرسها. والكثير من الاستراتيجيات الآتية تعتمد على مقالة كيمبرلي تانر Kimberely Tanner، 2012، الموسومة (تطوير مفهوم ما وراء المعرفة لدى الطلبة).
الاستراتيجيات التعليمية الرامية لدعم المهارات التلقائية
- شجع الطلبة على تحديد أهدافهم. على المعلم أن يحث طلبته على التفكير ملياً بالأسباب التي تدفعهم للمشاركة في المواد الدراسية والدرجات التي يتطلعون للحصول عليها وكيفية التخطيط لتحقيق مثل هذا الهدف، فعلى سبيل المثال يمكن تنظيم الطلبة في مجموعات تتبادل الأفكار فيما بين أعضائها للحصول على درجة A في هذه المادة أو تلك.
- ساعد الطلبة على التوقف أحياناً واجراء عملية تقييم أثناء دراستهم. أطلب من الطلبة أثناء دراستهم التوقف المؤقت لدقيقة أو دقيقتين للتفكير بما يقومون به في تلك اللحظة (أي أخذ الملاحظات والمشاركة بفعاليات غير تلك المتعلقة بواجباتهم والتهيؤ لموضوع دراسي آخر). بعد هذا التوقف الجزئي المحدود يمكن للطلبة طرح بعض الأسئلة.
- حث الطلبة على التفكير بكيفية تحضير المادة الدراسية. في بداية المحاضرة أعرض العبارة الآتية للطلبة: (كيف حضّرت المادة الدراسية لمحاضرة اليوم؟). أطلب من الطلبة أن يكتبوا إجاباتهم وأن يضعوها بصيغة خيارات حيث أن مثل هذه الإجابات المختلفة تمكّن الطلبة من التفكير بالاستراتيجيات التي لم يفكروا فيها من قبل. بيّن للطلبة توقعاتك فيما يتعلق بالمشاركة الصفية وأهمية ذلك لتعليمهم.
- شدد على أهمية التعليم مقابل الحصول على الإجابة الصحيحة. بعد أن يتم طرح سؤال ما على الطلبة أعطهم بعض الوقت لتدارس كيفية الوصول إلى الإجابة التي يتم اختيارها وسبب استبعاد إجابات أخرى ومدى ثقتهم بإجاباتهم الخ. أتبع ذلك بتوضيح الأسباب التي دفعتك للطلب منهم إنجاز المهمة المكلفين بها.
- أستعن بمغطّي المحاضرة Lecture Wrapper. وهي استراتيجية تسبق الفعالية وتعقبها سواء كانت الفعالية تجري داخل الصف أو تكون بشكل واجب في البيت أو اختبار ما. ومثل هذه الاستراتيجيات تتسم بالأهمية لأنها تساعد الطلبة على التحكم بالعملية التعليمية والتفكير بها. ويمكن في هذا الشأن أن تشدد في بداية المحاضرة على استراتيجية إصغاء فاعلة مثل كيفية أخذ الملاحظات على سبيل المثال. وفي نهاية المحاضرة أطلب من الطلبة تقديم أهم ثلاث أفكار إذ أن المعلومات المباشرة سوف تساعدهم على التحكم بتعليمهم.
الاستراتيجيات الخاصة بالاختبارات القصيرة والامتحانات الفصلية
- أطلع الطلبة على الصيغة المعتمدة للاختبارات والامتحانات. إن إعانة الطلبة على معرفة الاختبارات والامتحانات المتوقعة يفيدهم في التخطيط لدراستهم. أطلب من الطلبة مناقشة تأثير صيغ الأسئلة على استراتيجيات الدراسة (دوتكي وآخرون Dutke et al 2010). أوجز النقاط التي يتوصلون إليها وسلط الضوء على أهم جوانبها.
- أطرح أسئلة تتعلق بالممارسة وحث الطلبة على تقييم مدى استعدادهم لأداء الامتحانات الموجزة من خلال التقييم الذاتي المتكرر. وضح للطلبة أن الكثير منهم يقللون من شأن حصيلتهم المعرفية وأنهم يعتمدون في تقييمهم لمدى الاستعداد لأداء امتحان موجز ما إلى مقدار الوقت الذي أمضوه في الدراسة. ولا شك أن الطلبة الذين يقيّمون أنفسهم بأنفسهم أثناء دراستهم سوف يطورون فكرة أكثر دقة عن تحصيلهم الفعلي.
- قبل إجراء الامتحان الموجز أطلب من الطلبة تحليل نماذج من أسئلة الامتحانات الموجزة. أعط الطلبة أسئلة امتحانية لغرض الممارسة على أن تمثل هذه الأسئلة الصيغة المتبعة بالأسئلة التي سوف يتعاطون معها في الامتحانات الفعلية.
- أستخدم المغطّي الخاص بالامتحان. هذه الاستراتيجية تحث الطلبة على التفكير ملياً بثلاثة أنواع من الأسئلة:
- كيف كان استعدادك لأداء الامتحان؟ أعط الطلبة عدداً من الخيارات لانتقاء الإجابة المناسبة (على سبيل المثال: أميل إلى قراءة ملاحظاتي عدة مرات أو أكملت الأسئلة الخاصة بالفعالية أو ابتدعت خارطة أفكار). مثل هذه الخيارات ربما تساعد أولئك الطلبة الذين لا يعرفون سوى الاستراتيجيات التي يستخدمونها.
- ما الأسئلة الصعبة التي أجبت عنها؟ هل ثمة أخطاء ارتكبتها في الامتحان؟ شجع الطلبة على البحث عن الأنماط (على سبيل المثال الاختبارات متعددة الاختيارات؛ هل وجدوا الأسئلة التي تعتمد على التطبيق أكثر صعوبة من الأسئلة الواقعية؟).
- ج. ما الأسلوب المغاير الذي سوف تلجأ اليه استعداداً للامتحان القادم؟ أطلب من الطلبة أن يخططوا بخصوص كيفية استخدام هذه المعلومات وهم يتهيؤون للامتحان التالي. أكد على أهمية أستخدام التجارب السابقة من أجل التخطيط للتجارب المستقبلية.
استراتيجيات الواجبات المدرسية
- أستخدم مغطّي الواجبات المدرسية. في حال تكليف الطلبة بأي واجب دراسي أطرح عليهم سؤالاً يثير التقييم الذاتي بهدف توجيه انتباههم نحو المهارات التي يحتاجونها لإنجاز ذلك الواجب. ولدى تسليم الواجب الدراسي أطرح أسئلة متابعة تحث الطلبة على التفكير بمهاراتهم فضلاً عن تقديم وصف عن كيفية استخدام مثل هذه الخبرة للتخطيط للواجبات المستقبلية. وإذا كان مثل هذا الواجب على سبيل المثال يشمل حل عدد من المشاكل اسأل الطلبة عن مدى قدرتهم على حل تلك المشاكل بالسرعة والسهولة المحتملتين.
- أستعن بأسئلة مثيرة للتفكير لدى تسليم الواجب الدراسي. أطلب من الطلبة كجزء من الواجب أن يقيّموا العملية التي تبنوها لدى إكمال الواجب.
- أطلب من الطلبة التفكير حول معلوماتهم المتعلقة بالواجب الدراسي. بعد إعادة الواجب الدراسي للطلبة بعد تقييمه أطلب منهم أن يكتبوا كلمة واحدة على الصفحة الأخيرة من واجبهم الذي تم تقييمه يلخص شعورهم حول الدرجة التي حصلوا عليها ثم أطلب منهم أن يكتبوا ملاحظات موجزة مستفيدين من الكلمة التي كتبوها. من ناحية اخرى قدّم تعليقاتك وأطلب من الطلبة تقييم درجاتهم استناداً إلى تلك التعليقات. بعدها أعلن الدرجات عبر الأنترنت بعد أن يقدم الطلبة تقديراتهم المكتوبة (ويب Webb 1997).
استراتيجيات تعليمية لتعزيز التفكير ما وراء المعرفي حول محتوى المادة الدراسية
- أجر امتحاناً تشخيصياً موجزاً في وقت مبكر من الفصل الدراسي. تساعد الامتحانات التشخيصية الموجزة Quizzez الطلبة على تحديد معرفتهم السابقة وكذلك توجيه اهتمامهم. ضمّن الامتحان أسئلة تحث الطلبة على التفكير بخصوص تعليمهم (تانر Tanner 2012).
- أعمد إلى صياغة التفكير ما وراء المعرفي بوضوح تام. اشرح للطلبة عملية التفكير بصوت عال وأنت تبيّن الخطوات التي تنفذها لدى التعاطي مع مهارة ما تقوم بتدريسها (مثل كيفية البحث عن مقالة منشورة في مجلة ما أو كتابة ملاحظة أو تقرير موجز أو حل مشكلة فيزيائية ما أو الاطلاع على ما كتبه أقرانك… الخ). وتحدث بشكل خاص عن كيفية اتخاذك القرار في البدء وماذا تعمل حين تكون غير متأكد من عملك أو حين تتوقف عن العمل لسبب ما وكيفية إعادة النظر في عملك وتدقيقه وكيف تعرف أن المهمة قد انتهت. تذكر أيضاً أن الكثير من تلك المهارات التفكيرية قد أصبحت آلية من خلال سنوات الخبرة العديدة وأن الطلبة ما يزالون يطورون مهاراتهم.
- أستخدم خارطة أفكار. تفيد خارطة الأفكار في إظهار العلاقة بين المفاهيم أو المواضيع. وبمقدور الطلبة ان يعملوا بهذا الشأن لوحدهم أو على شكل مجاميع بهدف خلق خارطة أفكار توضح العلاقات فيما بين مواضيع المادة الدراسية أو المفاهيم. ويمكنك أن تعطي الطلبة خارطة أفكار كاملة إلى حد ما وأطلب منهم أن يستكملوا النواقص فيها خلال المحاضرة (أو تكليف الطلبة بها بصفة واجب بيتي)، أو أطلب منهم أن يبتدعوا خارطة أفكار حتى يبينوا معرفتهم المسبقة لموضوع ما.
- أطلب من الطلبة تحديد النقاط الأكثر تشويشاً أو الأكثر تشويقاً أو ذات الصلة. في هذه الفعالية يقوم الطلبة بتحديد الأفكار المطروحة في محاضرة ما أو درس القراءة الذي يجده الطلبة معقداً أو مشوقاً على نحو خاص. ومثل هذا الأمر لا يعين الطلبة على الانهماك بالمادة الدراسية فحسب إنما يخلق جواً مناسباً ربما يشوبه الإرباك.
- أربط هدف واجب بيتي ما بأهداف المادة الدراسية والمهارات الاحترافية. لدى تكليف الطلبة بواجب بيتي ما أطلب من الطلبة أن يفكروا بدواعي اختيارك لمثل ذلك الواجب وكيفية ارتباطه بتطويرهم المهني.
المصدر:
مركز تدريس الجودة – جامعة واترلو Waterloo University (كندا)
https://uwaterloo.ca/centre-for-teaching-excellence/teaching-resources/teaching-tips/metacognitive
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.