تسجل الشريعة الإسلامية سبقاً في تعاطيها وتناولها لحقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة؛ على نحو لا يملك المرء إلّا أن يرفع القبعة له وينحني إعجاباً به ويقلب كفيه تعجباً منه. وإذا ما أردنا أن نستبين سبيل ذلك التناول الحضاري وذاك التعاطي التقدمي مع حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، فإنه لا بد من تحري موقف الشريعة الغراء من المبادئ العامة لحقوق الإنسان التي قامت عليها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك الموقف الذي تتخذ الشريعة من بعض النقاط الخلافية التي ثارت أثناء صياغة تلكم الاتفاقية في أروقة الأمم المتحدة. وهذا ما نتصدى لبيانه حالاً:
أولاً ـ موقف الشريعة الإسلامية من المبادئ العامة
لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
1 ـ احترام الكرامة وحفظها والاستقلالية الفردية وحرية الاختيار.
لعله من نافلة القول إن الشريعة الإسلامية قد عنيت وحثت على حفظ الكرامة الآدمية واحترامها بغض النظر عن هيئة أو حالة صاحبها الجسدية. ففضلاً عن الآيات الكريمة التي تدل على تكريم الخالق سبحانه وتعالى للإنسان عموماً وتفضيله على سائر المخلوقات، فإن الارتقاء بالإنسان بوصفه قيمةً يجسدها سلوكه واتجاهاته في الحياة بغض النظر عن شكله أو هيأته أو إعاقته، لبرهان ساطع على أن احترام الكرامة من أولويات الشريعة الغرّاء التي لا تحتاج إلى كبير عناء للتدليل عليها وتأصيلها.
أما الاستقلالية الفردية وحرية الاختيار، فإنها من دلائل وسمات تكريم الخالق عز وجل للإنسان الذي جعل مخيرا في شؤون حياته بدءً من قمة الاعتقاد، إذ لا إكراه في الدين بعد أن قامت الحجة على الناس وتم البيان والتبيين، انتهاءً بالأمور المتعلقة بالمعاملات، فللشخص أن يختار وأن يتخذ القرار طالما كان ذلك ضمن الضوابط والحدود الموضوعة لكل مسألة، تلك الضوابط والحدود التي لا تقلل أو تحد من حرية الاختيار أو الاستقلالية الفردية، إذ شأنها في ذلك شأن القواعد والضوابط القانونية التي نعرفها جميعاً الموضوعة لكفالة عدم الجور على حقوق وحريات الآخرين ولضمان استقرار المجتمع وأمنه. والشاهد هنا، أنه لم يرد في الشريعة لا من قريب ولا من بعيد أن من ضوابط الاختيار وشروط الاستقلالية الفردية أن يكون الشخص المتمتع بها من غير ذوي الإعاقات، ولا يقدح في ذلك وجود بعض الضوابط والأحكام الخاصة بعوارض الأهلية التي لا تنفي المبدأ بل تأكده وتعززه كما سيأتي بيانه لاحقا. ضمن هذا المفهوم، فإن الشريعة الإسلامية كفلت للشخص حرية اتخاذ القرار والاختيار في ما يراه مناسباً بغض النظر عن شكله أو هيأته أو حالته الصحية.
ولعل المثالان الآتيان يوضحان بما لا يدع مجالاً للشك أن الشريعة الغرّاء قد اعترفت للأشخاص ذوي الإعاقة بحرية الاختيار واحترمت استقلاليتهم الفردية في أجلى صورها وفي أشد المواقف حسماً وحساسية. فمن الثابت سنده أن بعض الصحابة من ذوي الإعاقات المرخص لهم بصريح نص الكتاب القعود عن الجهاد، قد اختاروا أن يجاهدوا وأن لا يأخذوا بالرخصة. وما كان من الشارع الحكيم إلا أن احترم هذا الاختيار وأقره. فقد استأذن عمرو بن الجموح عليه رضوان الله، النبي صلى الله عليه وسلم، في الخروج للجهاد في معركة أحد رغم أنه مٌعفى من ذلك لوجود إعاقة جسدية لديه حيث كان من ذوي الإعاقة الحركية إذا كان لديه “عرج” في إحدى قدميه، فما كان من الرسول عليه السلام إلا أن احترم هذا الاختيار فأذن له فخرج وجاهد واستشهد في هذه المعركة.
والمثال الآخر، هو مشاركة الصحابي الجليل عبد الله، أو عمرو، بن أم مكتوم؛ وهو من ذوي الإعاقات البصرية حيث كان كفيفا، في معركة القادسية إذ استأذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الخروج فأذن له فخرج وجاهد وحمل الراية واستشهد هناك عليه رضوان الله.
إذا كان الشارع قد صرح للصحابة من ذوي الإعاقات بممارسة الجهاد وهو أكبر الأعمال خطورةً وحساسيةً إذ يتعلق به مصير الأمم، ورغم وجود العذر المعفي الذي وضعه الشارع نفسه، وذلك احتراماً لحق هؤلاء الصحابة الكرام في الاختيار واتخاذ القرار، فإن التعلل بأحكام الشريعة لتضييق من هذا الحق يغدو جلي البطلان واضح الوهن.
2 – عدم التمييز:
إن القضاء على التمييز وتحقيق المساواة كان ركيزة الدعوى إلى الدين الجديد في عصر كان فيه التمييز على أساس العرق واللون والانتماء القبلي يشكل قوام النظام الاجتماعي في تلك الآونة. وهذا ما جعل الفئات المضطهدة المميز ضدها أكثر مسارعةً للدخول في الدين الحنيف لما وجدوا فيه من قيم ومبادئ تمس همهم وتلتقي مع تطلعاتهم إلى حياة يتمتعون فيها بكل ما يتمتع به غيرهم من حقوق وحريات على أساس من المساواة، دون أن يكون لأحد فضل على الآخر إلا بالعمل الصالح وما يقدمه لخدمة المجتمع. وإذا كانت هذه هي القاعدة العمة في عدم التمييز وترسيخ المساواة في المجتمع المسلم، فإن مكافحة التمييز على أساس الإعاقة له من المساحة في النصوص الشرعية وسير السلف والتابعين، ما يجعل المرء يسلم دون تردد بسبق الشريعة الغرّاء في هذا المجال، ذلك أن آيات الذكر الحكيم حافلة بالأوامر والنواهي المتعلقة بحظر التمييز على أساس الإعاقة أو الحالة الجسمانية، ولعل النهي الوارد عن اللمز والتنابز بالألقاب، لدليل قاطع على ما نقول، وإن المكانة التي حظي بها الكثير من الصحابة والتابعين من ذوي الإعاقات لشاهد على أن الضابط لدى الشارع الحكيم في ممارسة الحقوق والتمتع بالحريات والتحمل المسؤوليات، إنما هو ضابط الكفاءة والعلم والإخلاص في العمل، وليس للإعاقات أو الحالة الصحية مكان أو دور يذكر في هذا المقام.
3 ـ تكافؤ الفرص:
إن المساواة بين الناس هي رديف تكافؤ الفرص، ومن هذا المنطلق، فإن الشريعة الإسلامية من الشرائع التي تحض على المساواة، إذ أن المعيار المعتبر شرعاً وبالإضافة إلى ما تقدم ذكره، لممارسة الحقوق والتمتع بالحريات التي كفلها الشارع؛ هو إيمان الشخص واعتقاده بهذه الحقوق والحريات وعدم التعسف في استخدامها. ولعل في جعل الشارع من إتقان العمل معياراً تنضبط عنده أهلية الشخص ومقدرته على القيام به دون إعمال أو تحكيم صور وقوالب نمطية مسبقة عن قدرات الناس ومقدرتهم كما هو الحال في التشريعات العربية المعاصرة، لدليل آخر على إدراك الشريعة الغرّاء لمبدأ تكافؤ الفرص في أجلى صوره وأكملها.
4 ـ الدمج:
لم تميز الشريعة الغرّاء الأشخاص ذوي الإعاقة بأحكام خاصة تعزلهم أو تقصيهم عن الحياة الاجتماعية أو المشاركة في مناحيها كافةً على أساس من المساواة مع الآخرين، وإذا كانت المؤسسات والمراكز الخاصة الانعزالية التي تضم الطلبة وغيرهم من ذوي الإعاقات، قد انتشرت انتشار النار في الهشيم خصوصا في دولنا النامية، فإن الشريعة الإسلامية لم تعرف نظام الفصل المعمول به في العديد من المؤسسات ذات الطابع الإيوائي. ولا يقدح في هذا ما عرفه الإسلام من نظام الحجر الصحي في حالات محددة موقوتة بزمن استمرار العارض أو الوباء الصحي وزواله. فحضه صلى الله عليه وسلم على الفرار من المجذوم درأً لتفشي العدوى، وكذلك أمره عليه السلام صحابته والناس بعدم دخول أو مغادرة الأرض التي تفشى فيها الطاعون، إنما يرسي قواعد الحجر الصحي في أضيق أطره بحيث جعل منه استثناءً مقيداً بحالات بعينها ومرهونا بمدى دوام تلك الحالات. ومما يؤكد هذه الصفة الاستثنائية للحجر الصحي؛ قوله صلى الله عليه وسلم: “لا عدوى ولا طيرة”.
وإذا كان الإسلام يحصر الممارسات الانعزالية في أضيق الحدود حتى في حالات الحجر الصحي حرصاً على تكامل المجتمع وتفاعل أفراده، فما بالك بالإعاقة التي نظر إليها الإسلام على الدوام على أنها اختلاف طبيعي لا يحول دون انخراط أصحابها في المجتمع وتحملهم لمسؤولياتهم وتمتعهم بحقوقهم وحرياتهم على أساس من المساواة مع الآخرين. وفي هذا المقام، فإنه يمكن الجزم أن الشارع الحكيم لم يورد قط ما يحض أو يشجع على فصل الأشخاص ذوي الإعاقة عن محيطهم الاجتماعي أياً كانت إعاقتهم، بل إن العكس هو الصحيح، إذ أن مخالطة ومعاملة الأشخاص ذوي الإعاقة وتعلم معهم ومنهم، هو الأصل والدارج في المجتمع الإسلامي. وفي سيَر علماء المسلمين من أمثال عبد الله بن أم مسعود والترمذي وغيرهما من علماء الفقه والأدب والشعر وسائر العلوم الأخرى بالإضافة إلى ما سبق ذكره من أمثلة، لخير شاهد على النظرة الاجتماعية الشاملة الدامجة للإعاقة وشؤونها التي تبناها وطبقها الإسلام في مختلف عصوره أيما تطبيق.
5 ـ التهيئة البيئية / إمكانية الوصول:
إن في مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لو عثرت دابة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لما لم تصلح لها الطريق يا عمر”؛ لدلالة واضحة على فهم السلف الصالح لمبدأ التهيئة بمعناه الدقيق، فإذا كان الحاكم العام للدولة الإسلامية يخشى سؤال الله له عن عدم تهيئة الطريق للدابة، فما عساه أن يكون الحال بالنسبة للرعية من ذوي الإعاقة، وما سيأتي لاحقاً عن تقديم الترتيبات التيسيرية المعقولة بمعناها الدقيق، يبرهن على فهم وإدراك الشريعة الغرّاء لمفهوم التهيئة بأحلى صوره.
6 ـ المساواة بين الرجل والمرأة:
إن في التاريخ الإسلامي ما يؤكد على حظر التمييز ضد المرأة على أساس الإعاقة فضلا عن أي أساس آخر. ففي قصة السيدة نسيبة عليها رضوان الله، حينما ذهبت تشكي إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من لمز النسوة لها بسبب يدها المبتورة التي فقدتها في معركة أحد، وقيام الحاكم العام للدولة الإسلامية بنفسه أمير المؤمنين، بمخاطبة الناس قائلا: أتعيّرونها وقد سبقها بعضها إلى الجنة، لدلالة على نظرة أسلافنا المتحضرة إلى الإعاقة وأصحابها.
ثانياً ـ الموقف من النقاط الخلافية والمحورية
التي ثارت في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
1 ـ تعريف الإعاقة من منظور الشريعة:
إذا كانت الشريعة الغرّاء كما تبين من السرد السابق، قد سجلت سبقًا في مجال المبادئ والمرتكزات التي تحكم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كما وردت في الاتفاقية التي نحن بصددها، فإن نظرة الشريعة لحالة الإعاقة من حيث تحليلها وتعريف كنهها، لا يقل بحال عما توصلت إليه الاتفاقية وارتضاه أصحاب الشأن أنفسهم في هذا الصدد. فالشريعة الغرّاء لا تنظر إلى الإعاقة بوصفها “خلل” جسماني بمعزل عن العوائق البيئية المحيطة. وإن قراءةً تحليليةً سريعةً لقصة ابن أم مكتوم -وهو صحابي من ذوي الإعاقات البصرية كما أسلفنا- تؤكد هذا المعنى، حيث جاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفيه من الذهاب إلى المسجد لأن الطريق كان وعراً وبه هوام. وهذا الطلب من ابن أم مكتوم عليه رضوان الله، هو بلغة العصر التحليلية، تعللٌ بالعائق البيئي المتمثل في انعدام التهيئة (وعورة الطريق ووجود الهوام)، ونتيجة تداخله مع العامل الجسماني (الإعاقة البصرية)، يجعل من حرية التنقل من البيت إلى المسجد والعكس أمراً عسيراً يجعله في وضع غير متكافئ مع الآخرين من غير ذوي الإعاقة، الأمر الذي قد يؤهله للاستفادة من حكم استثنائي يمكنه من أداء الصلاة في البيت والتخلف عن الجماعة في المسجد. وفي موازنة رائعة بين العائق البيئي والعامل الجسماني، وجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن تداخل العوائق البيئية مع الإعاقة البصرية في هذه الحالة لا يحول دون قيام ابن أم مكتوم رضي الله عنه بالتكليف الشرعي، أي أن هذه الحالة ليست وضعية إعاقة، ومن ثم، وفي تجسيد غايةً في التقدم والرقي، طبّق النبي عليه السلام ذات المعيار المعتمد شرعاً المطبّق على المسلمين كافةً المتمثل بسماع النداء إلى الصلاة من عدمه، فسأله عليه السلام إن كان يسمع النداء، فلما أجاب بنعم، لم يرخص له وأمره أن يصلي في المسجد أسوةً بغيره. إن هذا التحليل لقاطع الدلالة على أن الإعاقة من حيث تعريفها وتحديد ماهيتها التي ينبني عليها تكييف الحقوق والالتزامات والرخص، إنما ضابطها الموازنة بين العوائق البيئية بكافة عناصرها والعوامل الجسمانية وتداخل كل منهما مع الآخر وقياس مدى تأثير ذلك على ممارسة الشخص لحق أو حرية أو قيامه بعمل ما. فالشريعة الإسلامية إذن لا تتبنى معيارا طبياً مسبقاً لتحديد ماهية الإعاقة والحكم من خلاله سلفاً على “قدرات ومقدرة” الشخص، وهذا مسلك غايةً في السمو والشمولية والإنصاف.
2 ـ الأهلية القانونية؛ حقيقة النظرة الشرعية:
كانت الأهلية القانونية وما تزال؛ من أكثر النقاط إثارةً للجدل واللبس لدى العديد من الدول العربية والإسلامية وغيرها. وقد رأينا أن هذه الدول تفسر النص الخاص بالأهلية القانونية الوارد في المادة 12 فقرة 2 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بأنه ينصرف إلى أهلية الوجوب وليس إلى أهلية الأداء. والحجة الأساسية التي كان يسوقها أعضاء الوفود العربية في هذا الصدد ترتكز على فهم خاص غير دقيق لنصوص الشريعة الغرّاء التي تتعلق بالقوامة والوصاية والأحكام الخاصة بعوارض الأهلية وموانعها بوجه عام، بل إن المرء بوسعه أن يستشف وجود أسباب أخرى وراء هذا الموقف تعود إلى التفكير والاتجاه النمطي السلبي المستقر في ذهن المجتمعات العربية وغيرها عن الأشخاص ذوي الإعاقة. ولا أدل على ذلك من الموقف الذي اتخذته هذه الدول أثناء صياغة الاتفاقية الذي عبرت عنه في متن الحاشية المحذوفة من نص المادة (12) من الاتفاقية والذي كان يشير إلى أن هذه الدول تفهم الأهلية القانونية المنصوص عليها والمقصودة في متن المادة إنما هي أهلية الوجوب وليست أهلية الأداء، ثم عاودت هذه الدول تأكيد موقفها هذا أثناء اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتبني نص الاتفاقية من خلال مذكرات تفسيرية تتضمن محتوى الحاشية ذاته، إذ جاء التفسير الضيق غير المنصف وكما أسلفنا، لمصطلح الأهلية القانونية الوارد في الاتفاقية عاماً ليشمل الإعاقات بأنواعها كافةً رغم أن الحديث من قبل هؤلاء المتحفظين كان يدور في بدايته حول الإعاقة النفسية والذهنية. إن مثل هذا التعميم يبرهن تماماً على تأثير الصورة النمطية المستقرة في أذهان وضمائر رضيت بما ألفت عليه أسلافها في هذه المسألة، دون أن تحكّم ضوابط الشريعة الغرّاء على صحيحها وأصولها.
وإذا ما أردنا مناقشة المسألة من الوجهة الشرعية الصحيحة، فإنه يلزم في البداية أن نتجرد من الفهم والقناعات الشخصية التي لا تستند إلى أساس علمي او شرعي بل إلى مفاهيم موروثة رسختها عادات وتقاليد وإعلام غير ذو اطلاع أو خبرة في مجال الإعاقة. إذن، فإن الفيصل في هذه القضية هو التحليل المنطقي الصحيح للنصوص والأحكام الشرعية ذات العلاقة. والمسألة المراد بحثها الآن تتركز في سؤالين أساسيين:
الأول ـ هل اعتبر الشارع حقاً أن الإعاقة بإطلاقها، تعد من عوارض الأهلية أو موانعها كما جاءت به الحاشية المحذوفة والبيانات التفسيرية المشار إليها آنفا؟
والسؤال الثاني هو: في حال وجود عارض ما طرأ على الشخص، هل هذا يعطي لصاحب الوصاية أو القوامة حق اتخاذ القرار نيابةً عمن هو تحت ولايته بشكل مطلق، بحيث يكون من الناحية الواقعية أصيلاً وليس نائباً في تصرفاته وقرارته؟
أما السؤال الأول، فحاشا وكلا أن يكون الشارع الحكيم قد اتخذ هذا الموقف من الأشخاص ذوي الإعاقة أياً كانت إعاقاتهم، بل إن ما تضمنه التاريخ الإسلامي من مواقف تشهد برفعة هذه الشريعة في معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة على أساس من المساواة التامة، ليجعل المرء يجزم بأنه لو حكّمت الحنيفة السمحاء في هذه القضية لكانت أكثر إنصافاً وعدلاً من أي وثيقة أو قانون آخر. وكفانا دليلاً على ذلك، منزلة ابن أم مكتوم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا علمنا أنه عليه السلام كان يعهد إلى هذا الصحابي الجليل بولاية المدينة أثناء خروجه عليه السلام منها فيتولى الصلاة بالناس والقضاء فيما بينهم وإدارة شؤون المسلمين كاملةً، الأمر الذي يعني أنه كان عليه رضوان الله؛ مُعترَفاً له بأهلية الحكم والولاية العامة وهي من أعلى مراتب الأهلية القانونية كما هو معلوم للجميع، دون أن يكون لإعاقته البصرية أثر سلبي مانع أو مقيد في هذا الصدد. إذا كان هذا هو مسلك النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من ذوي الإعاقة، فما بال أقوام في عصرنا هذا يظنون أنهم قد بلغوا من الحكمة ما لم يبلغه غيرهم فيتجاوزون صحيح الدين في هذه المسألة وهم به متعللون. والتاريخ زاخر بسيَر الرجال والنساء من ذوي الإعاقات الذين مكّن لهم الشارع ما مكّن لغيرهم، لأن الإعاقة والحالة الجسدية ليست مما هو معتبر شرعاً في التمتع بالحقوق وجوباً وأداءً، أو في تحمل الالتزامات تبعةً ووفاءً.
أما السؤال الثاني، فيبدو أكثر دقةً ويحتاج إلى مزيد تجرد وموضوعية. في الواقع لا مراء في أن أهم مبررات الولاية بأنواعها المختلفة، هو حرص الشارع على مصلحة من أصيبت أهليته بعارض ما يمنعه من التصرف بشكل كامل الاستقلالية بحيث يحتاج إلى مساعدة ودعم غيره للقيام بذلك. إذن، فنقطة الحسم هي مصلحة من شرعت من أجله القوامة أو الوصاية. ويبقى السؤال، ما هو الضابط الذي تتحدد عنده هذه المصلحة؟ ولا يكفي للإجابة على هذا التساؤل إسناد الأمر إلى القاضي بوصفه المرجعية في هذه المسألة، إذ أن القاضي نفسه يحتاج إلى معرفة هذا الضابط وكنهه ليقوم بإعماله على الوجه الصحيح. وأياً كان المعيار الذي تنضبط عنده مصلحة من هو تحت القوامة أو الوصاية، فإنه لا بد من مراعاة نقطتين أساسيتين:
الأولى تتعلق بالأوامر والنواهي الشرعية، بحيث يكون التصرف الذي يقوم به القيّم أو الوصي منسجماً مع هذه الأوامر والنواهي، وهذه مسألة لن نخوض غمارها هنا لتشعبها وخروجها عن مستلزمات هذا البحث.
أما النقطة الثانية، فتتعلق بتوجهات وخلفيات ومعتقدات من تفرض عليه القوامة أو الوصاية. إذ لا ينبغي للقيّم أو الوصي أن يتصرف بوصفه أصيلا، بل نائباً ووكيلاً أُسند إليه تنفيذ حقيقة ما يريده الأصيل فيما لو لم يصبه عارض الأهلية. وبناءً على ذلك، وفي حالات الإصابة بأحد عوارض الأهلية، فإنه يتوجب على الوصي أو القيّم والقضاء أن لا يألو جهداً في محاولة استقراء مكنون إرادة الشخص بكل وسيلة متاحة، فإذا تعذر عليهم ذلك، فعلى النائب أن يضع نفسه في مقام وظروف وبيئة من هو تحت ولايته في كل مرة يعتزم فيها القيام بتصرف أو عمل ما لحساب هذا الأخير، ثم يقرر على هدي من ذلك، نوع وكيفية التصرف القانوني المزمع اتخاذه، فإذا كان ينسجم مع رغبات الأصيل المفترضة وميوله ومعتقداته وبيئته وتوجهاته قبل الإصابة بعارض الأهلية، كان التصرف صحيحاً معبّراً عن مصلحته الافتراضية. وحتى إذا كان الشخص قد ولد مصابا بأحد عوارض الأهلية، بحيث يتعذر الوقوف على حقيقة سابق معتقداته وتوجهاته، فإن وسطه البيئي وخلفيته العامة التي تستنبط من محيطه الأسري والعائلي والمجتمعي، تنبئ عن التوجه المفترض للشخص فيما لو كان عارض الأهلية هذا منتفياً عنه. والأمثلة المتصورة التي توضح هذه الحالة كثيرة، منها: أن يكون شخص قد دخل في غيبوبة عميقة لا رجعة منها، وطلب الأطباء من ذويه السماح لهم بسحب أجهزة الإبقاء على الحياة على فرض أن القانون الوطني يبيح هذه الممارسة، فإنه لا يجوز إعطاء الموافقة على هذا التصرف إذا علم أن المريض كان من المعارضين لهذه المسألة من مبدئها، فإن تعذر الوقوف على رأي خاص به حول هذه القضية، يرجع إلى مذهبه الديني ومعتقداته الاجتماعية ومسلكه وما إذا كانت جميعها تدل على أن من كان مثله يتقبل هذه الفكرة ويقرها، أو أنه يرفضها لكونه كان دائماً يعزو انتهاء الآجال ووهب الحياة إلى الله جلّ عُلاه وما قدره وقضاه. ومثال آخر لمن ولد مصاباً بإعاقة نفسية أو ذهنية شديدة، فإن من كان مثله يمكن افتراض ميوله وتوجهاته في مسألة ما، من خلال خبراء علم النفس والاجتماع الذين يمكنهم بواسطة أساليب علمية منهجية سبر أغوار الشخص والوقوف على أقرب الاحتمالات لرغباته الحقيقية وميوله، فالهوايات والمسلك الشخصي وغيرها، تعد مؤشرات تنبئ عن توجهات ومكنون صاحبها، وإذا أضيف إليها العناصر الأخرى المتعلقة بالبيئة والأسرة السابق ذكرها، فإن الحديث عن المقاربة بين التصرف بالنيابة عن الشخص وتحقيق رغباته وميوله يغدو أمراً منطقياً له ما يدعمه ويثبّت حجته.
والأمر يبدو أكثر سهولةً في حالات الإعاقة النفسية والإعاقة الذهنية عموما، فبالإضافة إلى خلط الكثيرين بين الإعاقات الذهنية والإعاقات النفسية، يظن هؤلاء أن الأشخاص من ذوي الإعاقات ذهنيةً كانت أو نفسية؛ يعدون فاقدين للأهلية القانونية على إطلاقها، دون أن يميزوا بين مختلف درجات الإعاقة وتنوعها. فالإعاقة الذهنية وفقاً للخبراء والعاملين في الميدان، قد تقف فقط عند حد صعوبة التعلم التي لا تأثر على أهلية الشخص لا من قريب ولا من بعيد. وقد تكون الإعاقة الذهنية متوسطةً لا تنعدم معها الأهلية وإنما قد يحتاج صاحبها إلى نوع متخصص من المساعدة والدعم حتى يصل إلى ما يوافق ميوله ورغباته، وهذا ما يتبعه المتخصصون بالفعل في مختلف الدول. وقد تكون الإعاقة شيءً آخر غير الإعاقة الذهنية المعروفة لدى الناس، ومن ذلك، التوحد الذي نجهل عنه أكثر ما نعرف، والأشخاص المصابون به يبدعون في مجالات معقدة كالرياضيات والموسيقى والفنون بمختلف أنواعها، فهل يمكن التسليم بانعدام أهلية مثل هؤلاء لمجرد اعتقادات وقناعات شخصية لا تجد لها سنداً من شريعة أو منطق؟
وأخيراً فإن ثمة حجة دامغة تقوم على أصحاب الاتجاه المقيد والسالب للأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، فحواها أن الله عز وجل، قد ذكر في محكم تنزيله ما يفيد أن المصاب بعارض الأهلية يمكنه القيام بالتصرفات القانونية ليس فقط النافعة، بل الدائرة بين النفع والضرر، ففي آية الدين من سورة البقرة، يأمر الله عز وجل الولي بأن يملي بالحق إن كان الذي عليه الدين “سفيهاً أو ضعيفا”، ف”السفيه إذن يستدين ويساعده وليه بالحق لإتمام هذا التصرف، والمساعدة بالحق تتحقق بتحري مصلحة من يحتاج إلى المساعدة والدعم وفقاً لسياق الظروف والأسباب والغايات التي من أجلها يستدين. فكيف والحالة هذه يريد أصدقاؤنا أصحاب الاتجاه الآخر أن يعاملوا الأشخاص ذوي الإعاقات ومهما كانت إعاقتهم بأقل مما يعامل به “ذو الغفلة” أو “السفيه” أو الصبي المميز!
3 ـ التعاون الدولي من منظور الشريعة:
لعل حض الشارع الحكيم المسلمين على طلب العلم ولو في الصين، بالإضافة إلى ما درج عليه المسلمون الأوائل من تبادل الخبرات والثقافة عن طريق الترجمة والبعثات التجارية، ناهيك عن الحض الصريح من الله عز وجل على التعارف بين الشعوب؛ لتأكيد واضح على دعم الشريعة الإسلامية لمبدأ التعاون الدولي خصوصاً في المجالات التي تواجه الأمة فيها نقصاً معرفياً أو تقنياً أو غيره، ومع ذلك، فإنه لا ينبغي بحال أن يتخذ نقص المعرفة أو الخبرات في مجال ما، ذريعةً للتقاعس عن القيام بما تفرضه المعاهدات والمواثيق والنصوص القانونية بشتى أنواعها من التزامات على عاتق الدولة. وفي هذا المقام، فإن الدولة وفقاً لمقتضيات الشريعة، مطالبة بالاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين حتى وإن كانوا مخالفين لها في العقيدة والمعتقد، وذلك بغرض الوقوف على ما وصل إليه الآخرون وتبنيه وتطويره والبناء عليه بما يحقق المصلحة العامة المتمثلة هنا في تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو أمر ولا شك يندرج في مجمل المصالح المعتبرة واجبة التحقيق لدى الشارع الحكيم.
4 ـ اللغة والمصطلحات وموقف الشريعة منها:
إن الأدب القرآني والنبوي يظهران بجلاء أهمية تحري الدقة في اللغة الاصطلاحية المستخدمة للتعبير عن الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم وقضاياهم. فمن جملة ما روي عنه عليه الصلاة والسلام في هذا الشأن، أمره لصحابته أن لا يقولوا عن الشخص ذي الإعاقة النفسية الشديدة “مجنون”، وإنما يقولوا مصاب. ولم يكن من مسلكه عليه السلام أن ينادي أحدا بإعاقته بل كان ينتقي من الألفاظ أكملها ومن الألقاب أجملها لينادي بها صحابته جميعاً بمن فيهم ذوي الإعاقات، ومن ذلك قوله عليه السلام لابن أم مكتوم كلما التقاه في الطريق: “مرحبا بمن عاتبني به ربي”، لما كان قد نزل في شأن هذا الصحابي الجليل من عتاب رقيق للنبي عليه السلام في سورة عبس. والواقع إنّ الأمثلة كثيرة يضيق المقام عن استصحابها، إلا أنها تدلل جميعا على أدبيات غايةً في الرقي والاحترام في تناول الإعاقة والتعامل والتخاطب مع المعنيين بها.
ثالثاً ـ موقف الشريعة من المفاهيم والمصطلحات الجديدة:
1 ـ الترتيبات التيسيرية المعقولة:
إذا كانت الشريعة الغرّاء قد سجلت سبقاً في العديد من الأمور ذات الصفة الفنية العالية في مجال الإعاقة، فليس مستغرباً أن تكون قد عرفت الترتيبات التيسيرية المعقولة بأدق معانيها وأجلى صورها المتمثلة في تعديل ومواءمة الظروف البيئية المادية والزمانية والسلوكية وغيرها لتمكين الشخص ذي الإعاقة من ممارسة حق أو حرية ما أو لتمكينه من الوصول إلى الخدمات على أساس من المساواة مع الآخرين.
فمن حيث الترتيبات التيسيرية المعقولة الخاصة بالزمان، فإن ابن أم مكتوم عليه رضوان الله، كان يرفع الآذان الثاني لصلاة الفجر، وكان يصعب عليه التثبت من لحظة بزوغ الفجر حيث كان ينتظر حتى يخبره أحد السابلة بذلك فيقول له: “أصبحت أصبحت”، فيرفع الآذان إذ ذاك. وعملاً بمبدأ تعديل الظروف البيئية لتوافق متطلبات الإعاقة بما يحقق الاستقلالية في أداء العمل وعلى أساس المساواة مع الآخرين؛ فقد أوكل إليه عليه رضوان الله رفع الآذان الأول بدلا من الثاني كي لا يحتاج إلى انتظار من يخبره ببزوغ الفجر وكي يؤدي عمله بدقة وباستقلالية تامة في تطبيق فريد بالغ الروعة لمبدأ الترتيبات التيسيرية المعقولة في شقه المتعلق بتهيئة الظروف من حيث الزمان.
أما عن تقديم الأنماط الأخرى من الترتيبات التيسيرية المعقولة، فإن الدولة الإسلامية قد بلغت في ذلك مرتبةً عظيمةً لم تبلغها أي دولة في عصور مضت، بل لم تبلغها الكثير من الدول حتى وقتنا الراهن. ففي عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، درج أولوا الأمر على تخصيص قارئ ومرافق لكل شخص من ذوي الإعاقات البصرية يدفع مرتبه من بيت المال. وهذا المسلك له أكثر من دلالة وأثر. فمن الناحية الفنية، أدرك المسلمون أن المساواة في الحقوق تقتضي تقديم ما يزيل العوائق البيئية ويمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم والتمتع بحرياتهم الأساسية على أساس من المساواة مع الآخرين، وهذا هو صلب وكنه الترتيبات التيسيرية المعقولة التي كما أسلفنا، تتعلق بتقديم ما يلزم لإزالة العائق البيئي المادي أو المعنوي بهدف تحقيق المساواة التامة وتكافؤ الفرص بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم.
أما الدلالة الثانية لهذه الممارسة المتقدمة من جانب الدولة الإسلامية، فتتمثل في كون تكلفة هذه الترتيبات تجب على نفقة بيت مال المسلمين أي على الخزينة العامة للدولة، مما يعطيها صفة المرفق العام الذي تضطلع الدولة بتوفيره بوصف ذلك من مستلزمات تمكين المواطنين أو فئةً منهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم بشكل متساوي مع غيرهم، وهذا التكييف يطابق طبيعة الالتزام بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تعتبر هذا الأمر من عناصر الحق ومستلزماته، وفي الوقت نفسه، فإن إضفاء صفة المرفق العام على هذه الترتيبات، سوف ينأى بها عن التوجه الخدماتي الرعائي، ويرتقي بها إلى مصاف المنظور الحقوقي الشمولي.
2 ـ التهيئة البيئية وإمكانية الوصول من منظور شرعي:
إن ما تحتويه كتب الفقه الإسلامي وسيَر السلف من أحكام وقرائن وممارسات دالة على أهمية آداب الطريق وإماطة الأذى عنه، إضافةً إلى ما عرف عن خلفاء المسلمين في مختلف العصور من اهتمام بتمهيد السبل والطرق، إنما ينبئ عن فهم مترسخ ورؤية عميقة لأهمية تهيئة البيئة المادية للناس كافةً. وفي مجال الإعاقة، فقد رأينا كيف أن المسلمين أدركوا التهيئة الخاصة بالوصول إلى المعلومات لذوي الإعاقة البصرية، وكذلك التهيئة المادية فيما يخص حقهم في الحركة والتنقل كما سبقت الإشارة. ولا يبالغ المرء إذا زعم أن مقولة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب السابق الإشارة إليها حول خشيته من أن يُسأل عن عثرة الدابة لعدم تهيئة الطريق لها، تعد دستوراً في مسألة التهيئة العامة بمعناها الواسع الدقيق.
وفي الختام، فإننا نذكّر بأن الله تبارك وتعالى قد اختار لحمل أولى رسالته السماوية والتبليغ عنها، نبياً لديه شكل من أشكال الإعاقة، ألا وهو موسى عليه السلام الذي كان يتلعثم في الكلام، وهذا ما يعرف بإعاقة التخاطب أو التواصل. وفي ذلك بلاغة ودلالة لا يقوى دليل على دحض حجتها في البرهنة على مكانة الأشخاص ذوي الإعاقة ووجوب معاملتهم بما يليق بهم ومساواتهم مع غيرهم في الحقوق والواجبات في ظل بيئة مهيئة خالية من العوائق بمختلف صورها، حيث يتحقق تكافؤ الفرص والدمج الكامل وتزول أشكال التمييز كافةً، لتصبح الإعاقة من مظاهر الاختلاف الطبيعي بين البشر شأنها في ذلك شأن الاختلاف في اللون واللغة والمظهر.
باحث متخصص في الشؤون القانونية وحقوق الأشخاص المعاقين أحد المشاركين في صياغة نص الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين.
يحمل درجة الدكتوراه في القانون الجنائي من جامعة الإسكندرية (2002)، من مؤلفاته كتاب بعنوان: «الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة»، صدر عن دار النشر الجديدة للنشرالإسكندرية في العام نفسه.
عمل منسقاً لمنطقة الشرق الأوسط للحقوق وكسب التأييد، منظمة هانديكاب إنترناشونال، عمان الأردن، وعضواً في مجلس أمناء المركز الوطني في الأردن.