تطرقنا في الأعداد الثلاثة السابقة إلى الدليل الإرشادي للعلاج القصير المدى المرتكز على الحلول وأهم المبادئ والفنيات التي يرتكز عليها مع عرض نماذج تطبيقية للجلسات التي تتم بين المرشد والمسترشد، المبادئ والفنيات التي يرتكز عليها العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول مع عرض نماذج تطبيقية للجلسات التي تتم بين المرشد والمسترشد، وكيف يختلف العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول عن الطرق العلاجية الأخرى وكذلك بنية ومكونات الجلسة الإرشادي.
وسوف نسلط الضوء في هذا العدد من (المنال) وفي الجزء الأخير من الدليل على أسئلة المقياس الرقمي في جلسات العلاج قصير المدى، والحالات الاستثنائية وبناء الحلول.
أولاً – أسئلة المقياس الرقمي:
سواء قام العميل باختيار الأهداف بشكل مباشر أو من خلال الإجابة عن سؤال المعجزة. فإن الخطوة التالية والهامة في العلاج قصير المدى هي تقييم وضع المسترشد الحالي. هناك عدة أسئلة متاحة ومفيدة تستخدم مع المقياس الرقمي. ففي الجلسة الأولى يمكن طرح سؤال (على مقياس من 0 إلى 10) ما هو مدى استعداد المسترشد لفعل شيء ما للوصول إلى المستقبل الذي يتمناه؟ الإجابة على هذا السؤال تعكس تقييم مدى دافعية المسترشد للتغيير. كما يمكن استخدام المقياس الرقمي (من 0 إلى 10) لتحديد مدى ثقة المسترشد للوصول إلى وتحقيق أهدافه؟ كما يمكن ان يستخدم المرشد المقياس الرقمي في سؤال المعجزة على مقياس (من 0 إلى 10) حيث نعني بالصفر أول جلسة حضرت فيها إلى هنا و10 نعني بها أول يوم بعد حدوث المعجزة… إين هي الأمور الآن؟
هناك ثلاثة مكونات رئيسية لهذا التدخل. أولها أنه أداة للتقييم. هذه الأداة حين تُستَخدم في الجلسة يشترك المرشد والمسترشد في حوار لقياس مدي التقدم الذي أحرزه المسترشد. وثانياً تعطي انطباعاً واضحاً أن تقييم المسترشد لنفسه هو أكثر أهمية من تقييم المرشد له. وثالثاً يعتبر المقياس الرقمي أداة تدخل قوية في حد ذاتها حيث ترتكز على الحوار حول الحلول والحالات الاستثنائية السابقة وتؤكد على التغييرات الجديدة التي تحدث. مثل رصد التغييرات التي حدثت قبل الجلسة الأولي وهنا سوف نعرض لثلاثة احتمالات يمكن أن تحدث بين كل جلسة وأخرى.
في حال كانت الدرجة ارتفعت للأعلى على المقياس الرقمي فإن المرشد سوف يحصل على تفاصيل وأوصاف الأشياء التي اختلفت للأفضل وما هو الاختلاف ومدى القدرة على إجراء هذه التغييرات. يمكن للمرشد أن يقدم إطراء للمسترشد خلال الجلسة لما حققه من إنجاز وكذلك يمكن أن يضيف فقرة للتعليق على ذلك عندما يقدم ملخص للجلسة. فهذا يدعم ويرسخ هذه التغيرات ويلفت نظر المسترشد للمبدأ الخاص (أبذل المزيد من نفس الشيء الناجح).
وفي حال أن الأوضاع استمرت كما هي مرة أخرى يمكن للمرشد أن يقدم إطراءً للمسترشد على هذا الحفاظ والثبات على الأوضاع وعدم ترك الأوضاع والأمور تسير للأسوأ ويمكن السؤال (كيف أمكنك أن تحافظ على الأوضاع كما هي وألا تتجه للأسوأ؟). فمن المثير للاهتمام عدد المرات التي من شأنها أن تؤدي إلى وصف التغيرات التي قاموا بها، وفي هذه الحالة مرة أخرى يمكن للمرشد أن يكمل ويدعم ويشجع أكثر من تكرار التغييرات.
ثانياً – الحالات الاستثنائية وبناء الحلول
المرشد في العلاج القصير المدى يقضي أغلب الجلسة مستمعاً بانتباه لحديث المسترشد عن أهدافه وحلوله السابقة والحالات الاستثنائية. وعندما تظهر هذه الأشياء سالفة الذكر فإن المرشد يوضحها بإظهار الاهتمام والتأكيد عليهم. وعلى المرشد بعد ذلك إبقاء الحديث حول الحلول في الصدارة دائماّ. هذا بطبيعة الحال يتطلب مجموعة كاملة من المهارات المختلفة عن تلك المستخدمة في العلاجات التقليدية الأخرى التي تركز على المشكلة. ففي حين أن المرشد الذي يستخدم منحى حل المشكلة يكون تركيزه على ما هي الأشياء التي سببت المشكلة ولماذا هي مستمرة؟ فالمرشد في العلاج قصير المدى يكون تركيزه على ما يقوله المسترشد من حلول والأشياء الممكن الاعتماد عليها لإحداث تقدم.
ثالثاً – أسئلة التأثير
في حال أشار المسترشد إلى أن المشكلة ما زالت لا تتحسن. فإن المرشد يسأل في العادة بعض الأسئلة وهي (أسئلة التأثير) مثال لها: كيف أمكنك إدارة الوضع حتى تمكنت من منعه من التفاقم؟ أو هذا الوضع يبدو صعباً كيف أمكنك إدارة الوضع للتكيف مع هذه الدرجة؟ يعقبه وقت للاستراحة ثم متابعة الجلسة مرة أخرى.
هناك عدد من نماذج العلاج الأسري شجعت المرشد على أخذ استراحة عن الاقتراب من نهاية الجلسة. وعادة ما تتضمن الاستراحة على المحادثة بين المرشد وفريق من الزملاء أو فريق الإشراف الذين يحضرون الجلسة والذين يقدمون الملاحظات والاقتراحات إلى المرشد. وفي العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول يشجع المرشدين على أخذ استراحة عند الاقتراب من نهاية الجلسة. ففي حال كان هناك فريق عمل يكون دوره إعطاء تغذية راجعة للمرشد ويعد قائمة بالإجراءات للمسترشد ولجميع أفرد الأسرة بعض الاقتراحات للتدخل بناء على نقاط قوة المسترشد وحلوله السابقة والحالات الاستثنائية. وإذا لم يكن هناك فريق عمل متاح فإن المرشد سوف يأخذ فترة الاستراحة أيضا ليجمع أفكاره ويعد الإطراءات ويقترح بعض الأفكار والحلول لتجربتها. وعندما يتابع المرشد الجلسة من الممكن أن يبدأ بتقديم الإطراءات.
رابعاً – الواجبات المنزلية والتجارب
تستخدم أغلب نماذج العلاج النفسي الواجبات والمهام لترسخ وتُثبِت التغيرات التي ظهرت خلال الجلسة وفي أغلب الأحيان المرشد هو من يقوم بإعطاء هذا الواجب. غالباً ما يختار المرشد أن يعطي هذا الواجب قبل نهاية الجلسة ليقوم المسترشد بالتجارب خلال الفترة التي تفصل بين الجلسات. وتستند هذه الواجبات على شيء يقوم به المسترشد بالفعل كالحالات الاستثنائية وأفكاره ومشاعرة وهو ما يساعده للانتقال والوصول إلى أهدافه. وفي ذلك إتباع لنفس الفلسفة الأساسية للعلاج قصير المدى وهي أتباع ما يصدر من المسترشد أفضل من اتباع ما هو قادم من المرشد. وهذا صحيح لعدة أسباب..
أولاً ـ ففي العادة إن ما يأتي من المسترشد سواء مباشر أم غير مباشر فهو مألوف ومعروف بالنسبة له. واحدة من الأسباب الرئيسية لعدم إنجاز الواجبات المنزلية في النماذج العلاجية الأخرى أنها غريبة ودخيلة على الأسرة وبالتالي تأخذ المزيد من الوقت والتفكير للعمل على إنجازها (يعتقد في العادة وجود “مقاومة”).
ثانياً ـ المسترشدون في العادة هم من يحددون لأنفسهم ما هو الأصلح لهم (من خلال الحلول السابقة) أو ما هو الشيء الذين يريدون فعله؟ وفي كلتا الحالتين السابقتين الواجبات المنزلية مرتبطة بشكل وثيق بأهداف المسترشد وحلوله.
ثالثاً ـ عند يقوم المسترشد بوضع الواجب المنزلي فإنه يقلل من الميل الطبيعي للمسترشد لــ (مقاومة) التدخلات الخارجية مهما كانت هناك نية أو عزم حقيقي لتحقيقها مع العلم أن العلاج القصير المدى لا يركز على مقاومة المسترشد بل على العكس فهو يراها ظاهرة طبيعية يستخدمها الأشخاص للحماية والتحرك ببطء نحو التغيير ولا يراها دليلاً على وجود شيء مرضي.
وفي النهاية بالتأكيد كلما وضع المسترشد الواجبات المنزلية كانت هناك فرص أكبر لتحقيقها ونجاحها.
المراجع
- الدليل الإرشادي للعمل مع الأشخاص – الإصدار الثاني، جمعية العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول
المشاركون
- Janet Bavelas
- Peter De Jong
- Cynthia Franklin
- Adam Froerer
- Wallace Gingerich
- Johnny Kim
- Harry Korman
- Stephen Langer
- Mo Yee Lee
- Eric E. McCollum
- Sara Smock Jordan
- Terry S. Trepper
(انتهى)
ماجد محمود سامي عبد العاطي
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة، دولة الامارات العربية المتحدة
متحرك: 00971561187097
- اختصاصي تخاطب ومشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد (من مارس 2008 وحتى الآن).
- حاصل على ليسانس آداب وتربية، قسم علم النفس، جامعة عين شمس عام 1999 ـ 2000 بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بترتيب الثالث على القسم.
- دبلوم مهني علم النفس المدرسي والتعلم العلاجي عام 2000، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير امتياز، الأول على الدبلوم.
- دبلوم خاص في علم النفس عام 2002 جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير جيد جداً.
- دبلوم مهني في التربية الخاصة عام 2003، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم الصحة النفسية، تقدير عام جيد جداً.
- دبلوم أمراض التخاطب، كلية الطب، جامعة عين شمس (2002 ـ 2007) قسم الأنف والأذن والحنجرة وحدة أمراض التخاطب.
- عضو بلجنة المقابلات المركزية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- عضو اللجنة المكلفة بإعداد وتطوير نظام تقييم العاملين بالمدينة.
- عضو اللجنة الفنية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- مؤسس مجلس التخاطب بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومشرف المجلس للعام الدراسي (2010 ـ 2011).
- مكلف سابقاً بالإشراف ومتابعة بيت الشباب التابع لمركز الشارقة للتوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.