الإشراف التربوي كمفهوم هو جميع الجهود المبذولة للتأثير على أداء المعلم من أجل تحسين التعلم. فالإشراف عمل تعليمي يضع المعلم أمام حقائق جديدة وتدريبي يدربه على مهارات جديدة وتنسيقي يحركه فى إطار خطة منظمة موضوعة بالتعاون معه وتغييري لإحداث التغيير فى سلوكه وسلوك المتعلمين واستشاري يقدم مقترحات وبدائل للحلول.
الإشراف التربوي عملية تساعد المعلمين على امتلاك القدرات لتنظيم تعلم الطلاب بشكل يحقق الأهداف التربوية عرفه بوردمان بأنه (المجهود الذي يبذل من المشرف التربوي لاستثارة وتنسيق وتوجيه النمو المستمر للمعلمين فى المدرسة فرادى وجماعات وذلك لكي يفهموا وظائف التعليم فهمآ أحسن ويؤدوها بصورة أكثر فاعلية حتى يصبحوا أكثر قدرة على استثارة وتوجيه النمو المستمر بكل طالب نحو المشاركة الذكية العميقة فى بناء المجتمع).
المفهوم الحديث للإشراف التربوي:
إن الزيارات الصفية للمعلمين في صفوفهم وما يسبق تلك الزيارات وما يعقبها من لقاءات ومناقشات تدور بين المشرف التربوي والمعلم تعد الأسلوب التقليدي للإشراف التربوي ويشكل المشرف التربوي وما يتمتع به من براعة وكفايات إشرافية تتصل بتخصصه وخبراته محور العملية الإشرافية التقليدية
- أما اليوم فصار المفهوم الحديث للإشراف التربوي عملية فعالة قادرة على تحسين نوعية التعلم والتعليم في غرفة الصف. وهو عملية ديناميكية ديموقراطية تؤكد على القيادة الحيوية العلمية المستنيرة وهدفه الرئيسي هو إدراك القيمة الكامنة في الفرد لكي يتمكن من مساعدته على استثمار كل ما يملك من مهارات ومعارف.
- لقد أكدت المفاهيم الحديثة للإشراف التربوي على الاهتمام بكل جوانب العملية التربوية فهو عملية تعاونية تشخيصية تحليلية علاجية مستمرة يتم من خلالها التفاعل البناء والمثمر بين المشرف والمعلم بهدف تحسين عمليتي التعليم والتعلم.
- أكد المفهوم الحديث للإشراف التربوي على الاهتمام بالجانب الإنساني للمعلم وأصبح التوجيه والإشراف عملية تعاونية يشارك فيها المعلم بصورة إيجابية فعالة في وضع الأهداف والتخطيط والتنفيذ والتقويم.
تعريف وايلز للإشراف التربوي الحديث: عملية قيادية إنسانية شاملة هدفها تقويم وتطوير العملية التربوية والتعليمية والعمل على تحسينها برعاية وتوجيه مستمر لجميع أطرافها وعناصرها وإبراز مفاهيم الاحترام لها من خلال التأثير والتأثر بينهما والاعتراف بقيمة الفرد بكونه إنسانآ لبناء الثقة المتبادلة بين المشرف التربوي والمعلم وصولاً إلى تحقيق حالات الابتكار والإبداع في هذا المجال.
وهكذا صار التغيير في الدور الإشرافي الجديد قد قلل من قيمة الزيارات الصفية المفاجئة وأصبح يحدد موعدها مسبقاً فلا يفاجأ المعلم بها كما أصبحت عملية تقويم المعلم تهدف إلى تطوير أدائه وليس محاسبته فهو المسئول الأول عن تقويم نفسه وفق معايير محددة تتفق عليها مع الإشراف سلفاً وبالتالي أصبح المعلم والمشرف ينطلقان من إطار فكري موحد في النظر إلى ما يجرى داخل غرفة الصف.
النظريات الإشرافية
1 ـ نظرية إشراف الإدارة العلمية الكلاسيكية
يعتبر المعلمون أدوات لتنفيذ الخطط والبرامج المعدة إعدادا متقنا وبأنظمة تعليمية جاهزة يسعى فيها المشرفون التربويون إلى التأكد من ان المعلمين قائمون بتنفيذ مهامهم حسب ما صمم وخطط لها من خلال عمليات الضبط والمراقبة والمحاسبة على الكفاءة بالعمل في جو تسوده علاقة رئيس بمرؤوس
2 ـ نظرية إشراف العلاقات الإنسانية:
من خصائصها
- الاهتمام بالحوافز المعنوية
- الاهتمام بالتنظيم غير الرسمي
- توسيع قاعدة المشاركة
- دمج التخطيط بالتنفيذ
- النظرة للإنسان نظرة متفائلة
واهتمت بمفاهيم مثل ديناميات الجماعة والإشراف الديموقراطي والمفاهيم السلوكية للدافعية ولكن ما يؤخذ على هذه النظرية وجود مغالاة في تقدير أهمية العوامل النفسية والإنسانية والروح المعنوية , وكذلك أن الاهتمام المبالغ فيه بالعلاقات الإنسانية سيترتب عليه نوع من التراخي والإهمال وضعف المخرجات , ويقال عن تلك الحركة التي نادت بتلك النظرية إلى أنه تحول إلى إشراف متساهل ومتسيب أدى إلى إهمال كبير من جانب المعلمين حتى صار المشرفيين لم يعد بوسعهم التأثير على المعلمين إلا من خلال كسب الصداقات وبناء العلاقات الشخصية.
3 ـ نظرية إشراف الإدارة العلمية الجديدة:
كانت رد فعل معاكس لحركة نظرية العلاقات الإنسانية وأكدت على أهمية وضع الأهداف بصورة واضحة وبصياغة سلوكية واضحة وعلى إجراءات تقويم الحاجات التربوية وعلى تحليل النظم وأنظمة التخطيط الرشيدة كالإدارة بالأهداف ومن اهم خصائصها:
- التعريف الواضح للأهداف الرئيسية والفرعية
- الاختيار المنظم للخطة الأقل كلفة بين البدائل الممكنة لتحقيق الأهداف
- تطوير برامج لتنفيذ الخطط
- ما يؤخذ على هذه النظرية أنها افتقرت تماماً إلى الإيمان بقدرات المعلمين الفردية وبرغبتهم في العطاء
4 ـ نظرية إشراف المصادر البشرية:
وليم لوسيو تحدث عن وجهة نظر ثالثة تدعى وجهة نظر المراجعين وعرفت فيما بعد بالإشراف القائم على المصادر البشرية، عبر هذا الاتجاه عن نظرة أعمق للحاجات الإنسانية ولإمكانات الإنسان ورضاه وأكد أن السعادة والمعنويات والرضا ليست أدلة مناسبة في نظرية المصادر البشرية بل الكفاءة الفردية والالتزام والمسؤولية الذاتية، والقيادة في هذا الإشراف الجديد تكون مساندة وداعمة وليست مباشرة ومتعالية.
نظرية الإشراف القائم على المصادر البشرية تستند على افتراضات تفاؤلية عن طبيعة الجنس البشري وهي توفر أساس أقوى مما توفره نظرية الاتجاه التقليدي.
تفترض أن لكل تصرف إداري أطار فلسفي يستند إليه المدير وبذلك تصبح الفلسفة التي يعتمدها رجل الإدارة هي محددا أساسياً للسلوك الإداري. أما سلوك الأفراد في المؤسسة يكون بصيغة استجابة لسلوك الإدارة وهكذا تصبح فلسفة الإدارة عاملاً متحكماً بالسلوك التنظيمي.
خصائص النظرية
- تهدف إلى أن يتبنى المشرف التربوي ممارسة اتخاذ القرارات بالاشتراك مع المعلمين وهذا يؤدى إلى فاعلية المؤسسة مما يؤدى إلى زيادة رضا المعلم وتكوين اتجاهات إيجابية لدى المعلمين نحو العملية التربوية وتحقيق التكامل بين الأفراد والمؤسسات وحاجات المعلمين وإنجازاتهم كما هو الحال بين المعلمين والمدارس والطلاب وغرفة الصف.
- يري أنصار هذه النظرية أن الأوضاع المدرسية القائمة على إدارة المصادر البشرية ربما تؤدى إلى حياة أفضل للمعلمين وبدلاً من اعتبار رضا المعلمين هو الهدف الرئيسي كما في نظرية إشراف العلاقات الإنسانية، في إشراف المصادر البشرية يركز على خلق الأوضاع اللازمة للعمل الناجح كوسيلة لزيادة رضا المعلمين وتعزيز الثقة بالذات.
- تؤكد هذه النظرية على أن نمو الفرد يتوقف على إنجاز المهمات التي تعتبر ذات قيمة بالنسبة إليه وبما ان المحفزات هو عوامل ترتبط بالمهمة فهي ضرورية للنمو لأنها توفر المثير السيكولوجي الذي يستطيع الفرد به تفعيل ذاته نحو إحتياجات تحقيق الذات.
- أن ممارسة المشرفيين التربويين لعملية اتخاذ القرار التشاركي وفقآ لنظرية إشراف المصادر البشرية يأتي من اعتقادها بأن هذا الأسلوب يزيد من احتمالية نجاح المؤسسة وزيادة فعاليتها ونتيجة لذلك سيشعر المعلمون بالرضا، فالرضا هو نتاج العمل الناجح.
السلطة الإشرافية
إن نوع الممارسات الإشرافية مرهون بنوع السلطة التي تحكمها وأن تغيير الممارسات يعنى تغيير السلطة المستندة عليها
- فعندما ينظر إلى التعليم انه مهنة تعتمد على ممارسته على البحث ونضج الخبرة وتحليل المواقف والالتزام بفضائل المهنة وتكون عندئذ مصادر السلطة لما يعمله المعلمون داخلية وجوهرية
- اما عندما ينظر إلى التعليم انه مجال فني تعتمد ممارسته على مجموعة من الأنشطة الروتينية وعلى معلمين بحاجة إلى التوجيه المستمر والمراقبة الدائمة وفى هذه الحالة تكون مصادر السلطة لما يعمله المعلمون خارجية تعتمد على إجراءات إدارية.
أ ـ السلطة في الإشراف التربوي التقليدي
عبارة عن خليط من السلطات البيروقراطية والشخصية والتقنية تتفق مع اللوائح والتعليمات الناظمة للعمل ومن هذه السلطات:
1 – السلطة البيروقراطية
البيروقراطية هي ليست نظاماً إدارياً صرفاً ولكنها نمط للتفكير وقواعد وإجراءات عمل صارمة وعلاقات رسمية لا شخصية وأخيراً سلوكيات وقيم عمل
فى هذا النوع من السلطات الإشرافية المنتمية للإشراف التربوي التقليدي نجد ان القيادة المتمثلة في الإشراف تعمل على سيادة القواعد والإجراءات والعمل على استقرار طرق العمل بطرق تصبح معها تلك القواعد والإجراءات هي الغاية في حين يكون الأفراد العاملون هم الوسيلة
2 – السلطة الشخصية
يقوم هذا النوع من السلطة على خبرة المشرف ودرايته القيادية في استخدام الأساليب المحفزة للعمل بالإضافة إلى مهارات أخرى يمتلكها في التعامل مع الافراد وفى ظل هذه القيادة الإشرافية يفترض ان يكون لدى المعلمين شعوراً بالارتياح وأن يكون لديهم الاستعداد للاستجابة لعملية الإشراف والامتثال لرغبة المشرف الذي يتخذ العلاقات الإنسانية مصدراً رئيساُ لسلطته
إن المشرف الذي يمتلك شخصية مؤثرة تستند إلى خبرة مهنية وإطلاع واسع ومعرفة دقيقة بالعمل ومتطلباته إلى جانب القدرة على الإقناع سيكون تأثيره في المعلمين أعمق وأشمل وسينتج عن جهده مهارات يكتسبها المعلمون ويحافظون عليها وستكون استجاباتهم له ذاتية ناتجه عن الثقة بالمشرف والإعجاب بشخصه والانقياد لعلمه وتجربته وخبرته وهذه السلطة تحدث أثاراً إيجابية في المعلمين.
وقد أكدت دراسة هونستين وجود درجة إيجابية عالية من الارتباط بين الرضا الوظيفي عند المعلمين وبين سلطة المشرف القائمة على الخبرة والسلطة القائمة على سحر الشخصية مما كان له أثر إيجابي على جانب العلاقات الإنسانية في المؤسسة.
3 ـ السلطة التقنية ـ عقلانية
تعتمد هذه السلطة على بيانات مدعمة بالمنطق والبحث العلمي ويتوقع من المعلمين أن يعملوا وفق هذه المواصفات التي تضعها هذه السلطة والتي في ضوئها تعد انها حقيقة والتعامل معها يكون بحسب هذه الرؤية
تعتمد البحث العلمي كأحد أهم الأدوات المعتمدة لمعرفة أفضل الممارسات الإشرافية والتعليمية
يكون دور المشرف هو إدراكه لكيفية تحفيز المعلمين وتشجيعهم على التغيير النابع من الإرادة الذاتية
ب ـ السلطة في الإشراف التربوي الحديث
يرتكز الإشراف التربوي الحديث على سلطتين رئيسيتين هما السلطة المهنية والسلطة الأخلاقية:
1 – السلطة المهنية
تقوم السلطة المهنية على خبرة المعلمين الفنية وقدراتهم المهنية وأنهم يأخذون هذه الخبرات ويعتمدونها من خلال المواقف التعليمية المدعمة بقاعدة معرفية واسعة
وظيفة المعلمين في تلك السلطة هو استخدامهم حكمتهم في المواقف التعليمية وأن يختاروا ما يناسبهم من المعرفة النظرية وأن يخلقوا بالنتيجة المعرفة المهنية التي يحتاجونها
يسعى المشرف من خلال هذه السلطة إلى إقامة نوع من الحوار بين المعلمين يعمق في نفوسهم القيم المهنية ويعزز ممارستهم التعليمية باعتقادات ملائمة وبهذا تكون مهمته توفير الدعم والمساعدة وتهيئة فرص النمو المهني لهم
2 ـ السلطة الأخلاقية:
هي السلطة المستمدة من المكون الأخلاقي والقيمي للمجتمع الذي توجد به المؤسسة التعليمية، وفى هذه السلطة يسعى المشرفون إلى تحديد إطار من القيم والمعايير التي تحكم سلوك الأفراد وتسعى لتعزيز قيم الزمالة ـ الإنتماء ـ المراقبة الذاتية ـ الإصرار على النجاح وبهذا يقل اعتماد المشرف على الضبط الخارجي ويزيد الاعتماد على المخزون الوجداني لدى المعلمين وشعورهم بالالتزام الذاتي نحو واجباتهم.
ومن خلال هذا التطور النوعي في الإشراف التربوي تزداد قدرة المعلمين على تدبير شؤونهم وتصبح المعايير والقيم سواء المستمدة من السلطة المهنية او الأخلاقية بديلاً لما يسمى بالإشراف المباشر على المعلمين وتكون حريتهم في هذا الجانب على قدر كبير من الأهمية.
المصدر:
كتاب الإشراف التربوي واتجاهاته المعاصر للمؤلف الأستاذ الدكتور طارق عبد احمد الدليمي 2015
محمد عبد المنعم قشطة
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة – الإمارات العربية المتحدة
هاتف: 056 – 2855575
- بكالوريوس خدمة اجتماعية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية كفر الشيخ بمصر 2006.
- الدبلوم المهني في رعاية الفئات الخاصة جامعة كفر الشيخ بمصر 2008.
- دبلوم صعوبات التعلم بجامعة عين شمس طنطا مصر 2016.
- أخصائي اجتماعي سابقاً بوزارة التربية والتعليم بمصر لمدة سنتين.
- معلم تربية خاصة بمركز الشارقة للتوحد بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من 2010 إلى 2018).
- مشرف تربوي بفرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالذيد (من 2018 حتى الآن).
- المشاركة في لجنة تقييم مسابقة التقنيات المساندة ATEDOCOM وحضور تدريب عملي في كوريا الجنوبية حول التقنيات المساندة.