يعرف عن الإرشاد باللعب أنه طريقة شائعة الاستخدام في مجال إرشاد الأشخاص ذوي الإعاقة على أساس أنه يستند إلى أسس نفسية وله أساليب تتفق مع مرحلة النمو التي يمر بها الشخص منذ الطفولة وبما يتناسب معه وأنه يفيد في التعليم وفي عملية تشخيص المشكلات وفي علاج الاضطراب السلوكي. ويفترض في الإرشاد باللعب أن الطفل يقوم وهو يلعب بعملية لعب أدوار يعبر فيها عن مشاعره ومشكلاته لأنه ليس كالكبار الذين يمكنهم عمل ذلك بالكلام والتعبير.
أسس الإرشاد باللعب:
يقوم الإرشاد باللعب على أسس نفسية لها أصولها في ميادين علم النفس العام وعلم نفس النمو وعلم النفس العلاجي فاللعب بصفة عامة هو أي سلوك يقوم به الفرد دون غاية علمية مسبقة. وتحاول نظريات اللعب تفسير لماذا لابد أن يلعب الأشخاص في كل الأعمار فنجد منها نظرية الطاقة الزائدة التي تعتبر اللعب تنفيساً ضرورياً للطاقة الزائدة عند الفرد وهناك النظرية الغريزية التي تقول إن اللعب يستند إلى أساس غريزي فهو نشاط ضروري لتدريب وتهذيب الغرائز والدوافع مثل المقاتلة والعدوان وهناك نظرية التلخيص التي تفترض أن الطفل وهو يعوم ويحفر الكهوف ويتسلق الأشجار في لعبه إنما يلخص ما كان يعمله أجداده بل يلخص تاريخ الجنس البشري كله وهناك نظرية تجديد النشاط بالتسلية والرياضة كشيء ضروري بعد التعب والإجهاد في العمل.
ونحن نعلم في علم نفس النمو أن اللعب يكاد يكون مهنة الطفل ويعتبر أحد الأساليب الهامة التي يعبر عنها الطفل عن نفسه ويفهم عن طريقها العالم من حوله وهو أيضاً نشاط ضروري في كل الأعمار ولكنه يختلف في مراحل النمو المتتالية ففي الطفولة المبكرة يكون بسيطاً وعضلياً وفردياً ثم يتجه إلى المشاركة الجماعية مع أصدقاء اللعب ويشاهد اللعب الإيهامي، ويتميز لعب الذكور عن لعب الإناث فالبنت تدلل عروستها كما تدلل الأم طفلها والذكر يلعب بالطائرة والصاروخ كما يتعامل معها الرجال وفي الطفولة المتأخرة تظهر بعض الألعاب الجماعية ثم تظهر الهوايات وتبرز الميول والاهتمامات وفي المراهقة المبكرة تبدأ المباريات واللعب الاجتماعي والترفيه وتتضح روح الجماعة وفي المراهقة الوسطى والمتاخرة يظهر التمسك بقواعد اللعب.
وفي علم النفس العلاجي نجد أساساً متيناً يقوم عليه الإرشاد باللعب فاللعب حاجة نفسية اجتماعية لابد أن تشبع واللعب مخرج وعلاج لمواقف الإحباط في الحياة اليومية فالطفل الذي لايختاره أقرانه في موقف قيادي قد يجد مخرجاً في وضع لعبه في صف ويقودها ويتولى الموقف القيادي الذي أفتقده، واللعب نشاط دفاعي تعويضي فالطفل الذي يفتقد العطف والاهتمام داخل المنزل يعوض ذلك عن طريق اللعب مع رفاق يحبونه ويهتمون به خارج المنزل واللعب الإيهامي المفرط يدل على فشل التوافق مع الحياة الواقعية واللعب يعتبر تمثيلاً صادقاً يعوض متاعب الأطفال.
حجرة اللعب:
تخصص حجرة اللعب في عيادة أو مركز الإرشاد حجرة أو حجرات للإرشاد باللعب تضم لعباً متنوعة الشكل والحجم والموضوع وتمثل الأشخاص والأشياء الهامة في حياة الأطفال والتي توجد في مجالهم السلوكي وتعتبر بمثابة مثيرات مدروسة لسلوك الطفل. ولقد تخصصت الكثير من الشركات العالمية كما في اليابان مثلاً في صناعة لعب الأطفال المدروسة علمياً بحيث تناسب النشاط الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للأطفال في كافة الأعمار.
ويلاحظ أن اللعب والأدوات التي توجد في حجرة اللعب يجب أن تكون غير قابلة للكسر ولا تكون غالية الثمن. ومن أمثلة اللعب: التي تضمها حجرة اللعب الدمى والتماثيل التي تمثل أعضاء الأسرة ورجال الشرطة والسلطة، واللعب التي تمثل الحيوانات والطيور، والقطع التي تمثل مواد البناء وقطع الأثاث المنزلي والأدوات المنزلية وقطع قماش التي تمثل الملابس والمفروشات ولعب تمثل وسائل المواصلات المتنوعة ولعب تمثل الأسلحة المختلفة علاوة على أحواض الرمل والماء والدلاء والجواريف وطين الصلصال والأقلام والألوان وورق الرسم وبعض الأقنعة والأدوات الأخرى التي يألفها الطفل مثل الأرجوحة والكراسي والمناضد المناسبة للأطفال.
استخدام اللعب في التشخيص:
يمكن دراسة سلوك الطفل عن طريق ملاحظته أثناء اللعب بهدف تشخيص مشكلاته ومن المهم أيضاً ملاحظة سلوك الطفل أثناء اللعب خارج حجرة اللعب وخارج جلسات الإرشاد حين يعود الطفل إلى بيته وأسرته.
ويلاحظ أن الطفل المضطرب نفسياً يسلك في لعبه سلوكاً يختلف عن أقرانه، فالطفل عادة يعبر رمزياً أثناء لعبه عن خبراته في عالم الواقع ويعبر الطفل المضطرب نفسياً عن مشكلاته وصراعاته وحاجاته غير المشبعة وانفعالاته المشحونة أثناء لعبه وهو يسقط كل ذلك على الدمى واللعب وهذا يسهل تشخيصها.
أثناء اللعب الجماعي والتفاعل الاجتماعي مع الرفاق ومع الدمى يمكن معرفة الكثير عن المشكلات وأسبابها وخاصة في العلاقات الاجتماعية بصفة عامة والأسرية بصفة خاصة.
يستفيد المرشد من الكثير مما يلاحظه على سلوك الطفل أثناء اللعب مثل سن رفاق اللعب ومدى الاستمتاع باللعب والحالة الانفعالية أثناءه وتحديد الشخصيات في اللعب ومدى ظهور دلائل الابتكار مع تحديد درجة السواء والاضطراب في كل حالة.
وقد تستخدم بعض اختبارات اللعب الاسقاطية كوسيلة هامة في التشخيص ومن الأمثلة وضعية مارجريت وتقنين بوهلر وتتكون من لعب صغيرة كالدمى والحيوانات والبيوت والأشجار والأسوار والعربات… الخ ويمكن أن تكون بها قرية أو مدينة أو مزرعة أو حديقة حيوان أو غابة أو مطار… الخ واختبار المشهد أو المنظر، ووضع جيرد مجموعة من اللعب والدمى يمكن ثنيها وتمثل شخصيات لها اتصال بحياة الطفل وكذلك على عدد من الحيوانات الأليفة والمفترسة والأدوات… الخ مما يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته ورغباته الشعورية واللاشعورية (سيد غنيم وهدى برادة 1964).
استخدام اللعب في الإرشاد:
يلجأ المرشد إلى اللعب كطريقة هامة لضبط وتوجيه وتصحيح سلوك الطفل. ويستخدم اللعب لدعم النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي المتكامل المتوازن للطفل فهو يقويه جسمياً ويزوده بمعلومات عامة ومعايير اجتماعية ويضبط انفعالاته.
اشباع حاجات الطفل:
مثل حاجاته إلى اللعب نفسه حين يلعب وحاجته إلى التملك حين يشعر أن هناك أشياء يمتلكها وحاجته إلى السيطرة حين يشعر أن هناك أجزاء من بيئته يسيطر عليها وحاجته إلى الاستقلال حين يلعب بحرية ويعبر عن نفسه بالطريقة التي يفضلها هو دون توجيه من الآخرين.
فرصة التعبير والتنفيس الانفعالي:
عن التوترات التي تنشأ عن الصراع والإحباط ويظهر ذلك عندما يعبر الطفل عن مشكلاته وهو يتعامل مع اللعب حركة وكلاماً وحين يكرر مواقف تمس مشكلاته الانفعالية ويعبر عن انفعالاته ويفرغها. وقد يجد الطفل أثناء لعبه حلاً لصراعاته وحتى مشكلاته، فمثلاً في بعض الأحيان قد يهمل الطفل دمية تمثل شخصاً معيناً أو يرفضها أو يحطمها… الخ. وهذا كله له أهمية بالغة في فهم انفعالاته وتنفيسها (Moser & Moser 1963) لتحقيق أغراض وقائية وذلك مثلاً عن طريق تقديم الطفل وإخباره بميلاد طفل جديد حتى نتقي شر ردود الفعل المعروفة حين يفاجأ بهذا الميلاد.
ويحتاج الإرشاد باللعب إلى مرشد ذي شخصية وقدرات تناسب التعامل مع الأطفال ويحتاج إلى تدريب خاص ونحن نعرف أن العمل مع الأطفال يحتاج إلى فهم وصبر وحساسية ومرح وشعور بالوالدية وقد يشرك المرشد الوالدين أو غيرهما من أفراد الأسرة أو أعضاء هيئة التدريس في المدرسة أو رفاق الطفل في جلسات الإرشاد باللعب. (ويلاحظ أن المرشد قد يصبح موضوعاً لطارئ التحويل الموجب أو السالب وهنا يتصرف مستغلاً التحويل بما يساعد الطفل ثم يحلل التحويل ويضع الأمور في نصابها).
أساليب الإرشاد باللعب:
يكوّن المرشد العلاقة الإرشادية المناسبة مع الطفل ويهيئ مناخاً نفسياً ملائماً يسوده التقبل ويصحب الطفل إلى حجرة اللعب ويتبع المرشد أحد الأساليب الآتية في الإرشاد باللعب:
اللعب الحر:
وهو غير محدد تترك فيه الحرية للطفل لاختيار اللعب وإعداد مسرح اللعب وتركه يلعب بما يشاء وبالطريقة التي يراها دون تهديد أو لوم أو استنكار أو رقابة أو عقاب وقد يشارك المرشد في اللعب وقد لا يشارك وذلك حسب رغبة الطفل وقد يتخذ المرشد موقفاً متدرجاً فيكتفي أول الأمر بملاحظة الطفل وهو يلعب وحده ثم يشترك معه تدريجياً ليقدم مساعدات أو تفسيرات لدوافع الطفل ومشاعره بما يتناسب مع عمره وحالته.
اللعب المحدد:
وهو لعب موجه مخطط وفيه يحدد المرشد مسرح اللعب ويختار اللعب والأدوات بما يتناسب مع عمر الطفل وخبرته وبحيث تكون مألوفة له حتى تستثير نشاطاً واقعياً أو أقرب إلى الواقع ويصمم اللعب بما يسبب مشكلة الطفل فمثلاً في حالة حدوث مشكلة أسرية لطفل قروي تتكون اسرته من والديه وإخوته الستة من الجنسين وآخرهم طفل وليد بالإضافة إلى جديه تعد الدمى التي تمثل هؤلاء جنساً وعدداً وتعد كذلك الأدوات التي تمثل المنزل القروي والبيئة القروية من حيوانات وأشجار… الخ، ثم يترك الطفل يلعب في مناخ يسوده العطف والتقبل وغالباً يشترك المرشد في اللعب وهو حين يفعل ذلك يعكس مشاعر الطفل ويوضحها له حتى يدرك نفسه ويعرف امكاناته ويحقق ذاته ويفكر لنفسه ويتخذ قراراته بنفسه.
اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي:
هناك بعض الحالات التي يستخدم فيها اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي فمثلاً في حالات الخوف من حيوانات معينة يمكن تحصين الطفل تدريجياً بتعويده على اللعب بدمى هذه الحيوانات في مواقف آمنة سارة متدرجة ومتكررة حتى تتكون إلفة تذهب بالحساسية والخوف مبدئياً ويمكن أن يلي ذلك زيارات لحديقة الحيوان لمشاهدة هذه الحيوانات في استرخاء دون خوف.
وفي النهاية يمكننا اعتبار الإرشاد باللعب أنسب الطرق لإرشاد الطفل، ويمكن الاستفادة منه تعليمياً وتشخيصياً وعلاجياً وحركياً في الوقت نفسه، كما أنه يتيح خبرات نمو بالنسبة للطفل في مواقف مناسبة لمرحلة نموه، وتعطي فرصة للطفل للتعبير الاجتماعي في شكل نموذج مصغر لما في العالم الواقعي الخارجي، كما يتيح فرصة التنفيس الانفعالي ويخفف عن الطفل التوتر الانفعالي وأخيراً يمثل فرصة لإشراك الوالدين والتعامل معهما في عملية الإرشاد.
المصادر
- احمد عمر سليمان الروبي. القدرات الإدراكية الحركية للطفل (النظرية والقياس)، مدينة نصر: دار الفكر العربي، 1995.
- أمين أنور الخولي، أسامة كامل راتب. نظريات وبرامج التربية الحركية للأطفال، ط1، القاهرة: دار الفكر العربي،2007.
- غسان محمد صادق وآخرون. أصول التربية الرياضية في مرحلة الطفولة المبكرة، بغداد: مطبعة التعليم العالي، 1989.
- فخرية جميل الطائي. لعب الأطفال ومستلزماته التربوية والنفسية، بغداد: مطبعة الأديب، 1981.
- مازن عبد الهادي. مؤشرات النمو البدني والتطور الحركي لأطفال العراق بعمر (25 ـ 36 شهراً) أطروحة دكتوراه، كلية التربية الرياضية، جامعة بغداد، 1996.
- Wade Boykin. The Effect of Movement Expressiveness in Story Content and Learning Context on the Analogical Reasoning Performance of African American Children. Department of Psychology and CRESPAR / Capstone institute, Howard University. 2002.
ماهر محمد ماهر عبد الله زهران
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة
هاتف متحرك: 00971581565080
البريد الإلكتروني: [email protected]
- حصلت على بكالوريوس التربية الرياضية جامعة المنصورة في مصر بتقدير عام جيد جداً 2013 وعلى ماجستير في نفس التخصص سنة 2016 ـ 2017، وتمهيدي دكتوراه في التربية الرياضية 2017 ـ 2018 بنفس الجامعة.
- قمت بنشر بحث علمي متخصص بمجلة علوم التربية الرياضية بجامعة المنصورة 2016. ونشر بحث علمي متخصص في المؤتمر العلمي الأول لكليات التربية الرياضية بجامعة المنصورة 2015 ـ 2016.
- أعمل حالياً معلم رياضة في مركز مسارات للتطوير والتمكين التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- حاصل على الرخصة الدولية في تدريب كرة القدم (c) من الاتحاد الافريقي لكرة القدم وشهادة من مركز تطوير الأداء الجامعي باجتياز برنامج التعرف على طاقة الجسم.
خبراتي العملية:
- حكم طاولة في الإتحاد الإماراتي للبوتشيا 2018.
- مدرس تربية رياضية لمدة سنتين بمدرسة الإمام محمد عبده بالمنصورة، مصر.
- حكم كرة قدم بالاتحاد المصري من 2013 حتى الآن.
- مدرب (عام) للفريق الأول لكرة قدم بنادي الأمير الرياضي مدة سنتين.
- مدرب كرة قدم بنادي الأمير الرياضي مدة سنة واحدة.
- لاعب كرة قدم سابقاً بنادي المنصورة الرياضي بالمنصورة في مصر.
- لاعب كرة قدم سابقاً بنادي كهرباء طلخا الرياضي بالمنصورة في مصر.
- المشاركة في العديد من المعسكرات.
- مدرب لياقة بدنية لمدة سنتين في مركز لياقة جامعة المنصورة.