تهتم تلفزيونات العالم العربي كلها ببرامج الأطفال، ولكن هذا الاهتمام ليس بالقدر الكافي الذي يخدم قطاع الأطفال الذين تصل نسبتهم إلى %48من مجموع سكان الوطن العربي،
وهذا النقص ليس في الكم فقط ولكن في الكيف أيضاً، فهذه البرامج ما زالت تعتمد على الطرق التقليدية في القصة »الحدوتة« والحيوانات التي تتكلم، في حين يتعرض الطفل من خلال »الدش« إلى القنوات الغربية التي تبث برامج متميزة للأطفال.
والأمر الأكثر غرابة أن معظم برامج الأطفال التي تقدمها التلفزيونات العربية يتم انتاجها في الخارج ونستوردها لنذيعها على أطفالنا بما تحمله من قيم وتقاليد غريبة على مجتمعاتنا وكأننا غير قادرين على انتاج برامج أطفال هادفة تعلم الأطفال شيئاً وتتناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه.
وتؤكد الدراسات أن الطفل العربي من أذكى أطفال العالم حيث تصل نسبة ذكائه إلى 90 درجة قبل سن الخامسة، وتبدأ هذه النسبة في التناقص بعد ذلك نتيجة لعدة أسباب منها المناهج الدراسية وبرامج التلفزيون المخصصة للأطفال والتي لا تراعي قواعد التربية السليمة ولا تعتمد على تنمية ذكاء الأطفال، وإنما تركز على جعله مجرد متلق سلبي للرسالة التي تبثها المذيعة وبذلك يتوقف نمو الطفل بل انه يتضاءل أمام أسلوب التلقين الذي تعتمد عليه المدرسة ووسائل الإعلام.
كما أن نوعية البرامج المقدمة للأطفال تعد مشكلة أخرى فأغلبيتها برامج ترفيهية تعتمد على اضحاك الطفل، ولا تهتم بتعليمه، كذلك أغلب هذه البرامج تحتوي على أفلام الكارتون والتي أثبتت الدراسات أنها خطيرة جداً حيث أن فيلماً واحداً من أفلام الكارتون يحتوي على ستة أضعاف العنف المقدم في أي برنامج آخر، وبذلك فالطفل عندما يصل لسن الثانية عشرة من عمره يكون قد تعرف إلى حوالي عشرة آلاف ساعة عنف من خلال البرامج المقدمة له في التلفزيون، وهو ما يؤثر سلباً على شخصيته فيصبح أكثر عنفاً واتجاهاً للجريمة بسبب ما يشاهده في هذا الجهاز الخطير.
وفي محاولة للوصول للشكل الأمثل لبرامج الأطفال العربية يقول الأستاذ «عبد التواب يوسف» كاتب الأطفال: إن برامج الطفل يجب أن تعالج مشاكله وتقترب منه وتتحدث بلسانه حتى المذيعـة يجـب أن يكـون شــكلها طفولياً لا تعتمد على وضع كميات كبيرة من الماكياج على وجهها، ودائماً تحاول التقرب للطفل بشتى الطرق والوسائل، وعليها أن تحاول الوصول إلى عقليته.
كذلك يجب أن تهتم هذه البرامج بتنمية ذكاء الطفل ولا تعتمد على أسلوب التلقين ومعاملة الطفل على أنه غبي، وعلى القائمين على هذه البرامج أن يعلموا أن الطفل العربي من أذكى أطفال العالم، وعلينا أن نتعامل معه من خلال هذا المنظور فنمنحه الفرصة لكي يفكر ويعبر عن رأيه دون أي تدخل منا.
كذلك يجب ألا تعمد برامج التلفزيون على غرس الأنانية في الطفل كما يحدث الآن، فأغلب البرامج المقدمة للأطفال تعتمد على الصراع والمنافسة وإذا كان هذا الأسلوب مناسباً للمجتمعات الغربية فهو أسلوب غير مناسب لمجتمعاتنا العربية التي يعد التعاون وحب الآخرين أهم قيمها التي يجب أن نغرسها في أبنائنا.
ومن القلب أقول.. آه يا تلفزيون.. آه.. أين برامج الأطفال التي تعلم صغارنا كيف يتعاملون مع أقرانهم العاديين! كيف نخلق فيهم منذ نعومة أظفارهم أن المعوق أخ لنا وصديق وجار وقريب يجب علينا أن نمد إليه يد المساعدة.. هل عجزت أقلام من يكتبون للأطفال أو من يستوردون برامج الأطفال عن تقديم برامج خاصة بالطفل المعوق تدربه وتؤهله وتساعد أسرته على كيفية التعامل معه!!