الباحثون والممارسون والقائمون على الخدمة الاجتماعية مدعوون للخروج من ثوب الماضي، وألا يكونوا سجناء وأسرى الماضي في الخدمة الاجتماعية، إنها مرحلة من مراحل التطور التقليدية الطبيعية لأي مهنة أو علم، وعلينا ألا نتمسك بالماضي وننشده ونظل نحاكيه لأننا لن نستطيع مواكبة الحاضر بوقائعه والمستقبل المنشود بطموحاته، ولكن يجب أن نستلهم من تاريخ الماضي العزم الجديد لنماذج جديدة مبتكرة لرعاية الإنسانية ونتطلع مع التغيرات العالمية الجديدة، ونفكر عالمياً ونمارس محلياً، ونعطي لأفكارنا الانطلاق بواقعية مع عالم الواقع اللاعقلاني ومستقبلياته.
ولابد من التعاون المثمر لإيجاد اختصاصي اجتماعي دولي وبمواصفات فريدة ومؤهلة، يمارس في سوق العمل الدولي ـ وهو نمط سوق العمل الدولي ـ يجيد لغات الشعوب الأخرى، ويدرك التضاريس الثقافية والقيمة للشعوب، وينطلق في ممارساته معتمداً على الحقوق الإنسانية العالمية لتحقيق مجتمع المساواة، والأمن والسلام الاجتماعيين.
الخدمة الاجتماعية لا تتعامل فقط مع عائدات وآثار التغيرات العالمية الجديدة ولكن قيادة هذه التغيرات وتوجيهها بوعي محسوب وكفاءة، والتحكم في اتجاه هذه التغيرات وسرعتها وقوة تأثيرها، الخدمة اجتماعية يمكنها التعامل مع الثنائيات المتناقضة والتوفيق بينهما، بين العولمة والمحلية، وترسم الرعاية الإنسانية، وتحدد مستقبل البشرية، إننا نتطلع بشغف لهذا الممارس المهني الدولي.
وتشير التقارير عن الخدمة الاجتماعية حول العالم إلى وجود اتفاق بين المهتمين حول:
- توجد الخدمة الاجتماعية المنظمة في أغلب دول العالم ولكن بطرق مشتتة، بالرغم من أنها على مستوى العالم تشترك في المثير كمهنة، وأن مبادئها الاخلاقية واحدة.
- تحتل الخدمة الاجتماعية في الدول النامية مكانة ضعيفة بسبب الصورة العالقة في الأذهان نحو هذه المهنة، بمعنى أن الخدمة الاجتماعية في هذه المجتمعات غير مواكبة لواقع هذه المهنة.
- يوجد تخوف عام في الدول المتقدمة بأن الخدمة الاجتماعية ربما تكون في خطر نوعاً ما، يتمثل في البيروقراطية وسيطرتها على المهنة.
إن التوازن بين مستويات الممارسة المهنية يعزز النمو المهني في العالم واهتمامات الخدمة الاجتماعية الدولية وتطورها كمهنة عالمية تتعامل مع المتغيرات العصرية الدولية، بالرغم من أن معظم الاختصاصيين الاجتماعيين يفتقرون إلى المعرفة بالأنشطة والبرامج التي يقوم بها زملاؤهم في العالم.
إن مستويات الممارسة المهنية الثلاثة هي كالتالي:
- المستوى الاول: الاختصاصيون الاجتماعيون الممارسون في المستوى المحلي والتعامل مع شريحة كبيرة من السكان وهم يمارسون في بيئة صعبة ونحن بحاجة إلى عدد كبير منهم.
- المستوى الثاني: الاختصاصيون الاجتماعيون القادرون على ربط وتحليل البرامج المحلية وتدريب الممارسين في المستوى الأول والإشراف عليهم.
- المستوى الثالث: الاختصاصيون الاجتماعيون القادرون على ربط وتحليل البرامج والمواقف المحلية بالموقف الدولي الشامل والكلي، وتزويد الممارسين في المستوى الثاني بالمادة العلمية والمعارف المطلوبة، وهؤلاء عددهم قليل.
ولا يمكن إحداث التوازن المطلوب لمهنة الخدمة الاجتماعية إلا بوجود ممارسين مهنيين في المستويات الثلاثة. وهذا يعكس حاجة ملحة للتبادل الدولي بما يؤدي للانفتاح على الآخر وتطور ونمو المعرفة المهنية، ويشارك الاختصاصيون الاجتماعيون في مؤتمرات دولية أكثر من ذي قبل، وتنتشر البحوث والدراسات والكتب العلمية عن الخدمة الاجتماعية انتشاراً واسعاً أكثر من قبل، بما يساهم بشكل أو بآخر في تعزيز ودعم التبادل الدولي، ونقل الخبرات بين الممارسين المهنيين في كل أنحاء العالم.
المرجع:
كتاب الخدمة الاجتماعية الدولية للدكتور طلعت مصطفى السروجي
عميد كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان السابق
قسم الخدمة الإجتماعية بمركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية