لم أشعر يوما أنني حبيسة الكرسي المتحرك.. بل طائرة به
كانت تحلم وهي صغيرة أن تصبح طبيبة عظام لتعالج أي طفل مصاب بالشلل مثل حالتها، فمنذ نعومة أظافرها وهي تؤمن بأن الشخص المعاق ليس معاق الجسد وإنما معاق الفكر، كما تؤمن أيضاً بأن الله لم يخلق البشر عبثاً، وخلق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومعهم الإحساس الكبير بالتحدي، وترى أن كل إنسان مسؤول عن ذاته وعن إسعادها بتحديد الأهداف والإصرار على تحقيقها، تخطت عراقيل كثيرة وضعت فى طريقها، ولكنها لم تستسلم، وقبلت التحدي حتى تفوقت فى العلم والرياضة والسياسة أيضاً.
الدكتورة جهاد إبراهيم، نائبة بالبرلمان المصري، ومدرس مساعد بكلية الآداب جامعة عين شمس، لقبها المفضل هو (باعثة الأمل للملايين) ورسالتها في الحياة نشر الحب والسلام في العالم كله، تعشق رياضة السباحة، فهي النفس الذي تتنفسه، وحصلت فيها على عدة بطولات على مستوى الجمهورية والمحافظات آخرها ميداليتان في بطولة الجمهورية عامي 2010 و2013، وتعشق الطموح حد كرهها لليأس والتواكل.. كان لنا معها هذا اللقاء.
بدأت د. جهاد حوارها قائلة: شلل الأطفال الذي ولدت به غير مجري حياتي إلى الأفضل، وكان أقوى دافع لي للتفوق في كل المراحل الدراسية، وذلك من خلال مساعدة أسرتي، وخاصة والدتي التي علمتني منذ البداية أنه ما حدث لي هو اختبار من الله سبحانه وتعالى، وأنها إرادة الله التي لا نستطيع الاعتراض عليها، فنشأت وأنا على يقين من حب الله لي، وكانت والدتي تعاملني كأي طفلة عادية، مع تكثيف جرعات الحب والدفء الأسري لتعوضني عن إعاقتي، وكنت أقوم منذ صغري بقضاء الواجبات المنزلية مع أخواتي الثمانية وإعداد الطعام وأنا جالسة على الكرسي المتحرك الذي لم أشعر يوماً واحداً أنني حبيسة هذا الكرسي، بل كنت أشعر أنني طائرة به.
وتتذكر لحظة دخولها المدرسة لأول مرة قائلة: أصعب موقف كان عدم قدرتي على الوقوف عندما دخل المدرس الفصل، وسألني باستخفاف وسخرية، هل ما زلتي نائمة حتى الآن؟، فهمس له أحد الزملاء بأنني معاقة، كم كانت تقتلني هذه الكلمة، وفى نفس الوقت كانت حافزاً قوياً لي للتحدي وإثبات أنني لست معاقة، وأنني لا أقل عن بقية زملائي سواء داخل الفصل أو خارجه، فتفوقت منذ السنة الأولى في الدراسة، وكنت دائماً أنال ترتيب الأولى على المدرسة، ودخلت الثانوية العامة شعبة علمي علوم، وكنت أحلم أن أصبح طبيبة عظام وأعالج أي طفل مصاب بشلل الأطفال، وحصلت على 92% وكانت كلية الطب في ذلك الوقت تقبل أعلى من ذلك، فكانت هذه هي الصدمة الأولى في حياتي وشعرت وقتها أن حلمي مات، وأنني طوال هذه السنوات من التحدي والكفاح لم أستطع تحقيق ما أتمناه.
وتضيف: والدي أقنعني بدخول كلية التربية، وعندما ذهبت لتقديم أوراقي، تم رفضها وقالت المسؤولة أنني غير لائقة طبيٌاً، فكانت هذه هى الصدمة الثانية لي، ولم أجد أمامي إلا كلية الآداب بنات، ودخلت قسم علم اجتماع بالرغم من أنه بعيد كل البعد عن دراستي العلمية، ولحظة دخولي الكلية قابلتني عقبة أخرى، وهى عدم وجود مصاعد لحضور المحاضرات التي كانت فى أدوار عليا بالكلية، فكنت أجلس في الحديقة يومياً انتظر انتهاء اليوم الدراسي لنقل المحاضرات من زميلاتي اللاتي لم يتأخرن عني في أي لحظة، وشملنني بكل الحب والاهتمام، والحمد لله كنت محبوبة منهن جميعاً، وظللت هكذا إلى أن رأتني مديرة الجداول، فقامت بنقل كل المحاضرات إلى الدور الأرضي مراعاة لظروفي، ومنذ ذلك اليوم أحببت علم الاجتماع وواظبت على حضور جميع المحاضرات، وجاءت امتحانات الفصل الدراسي الأول واجتزتها، وكنت الأولى على الدفعة، وحافظت على تقديري في بقية سنوات الدراسة، وكان الميلاد الحقيقي لي عند حصولي على الليسانس وتعييني معيدة في الكلية، ثم حصولي على الماجستير بتقدير امتياز في الخدمات الصحية التي تقدم للفقراء في ظل الخصخصة، فأصبحت مدرساً مساعداً في الكلية، وأدرس حالياً للحصول على الدكتوراه في آليات الدعم المقدمة للفقراء من قبل الدولة.
وتستكمل د. جهاد: تفوقي الدراسي لم يمنعني من ممارسة الرياضة، فذهبت إلى مركز علاج طبيعي فشاهدتني هناك خبيرة ألمانية، وقالت لي إنك تستطيعين ممارسة السباحة، وبالفعل تعلمت السباحة، وأصبح ما حرمت منه في الواقع أحققه في الماء، كما أصبحت أجري وأتحرك، وتفوقت في السباحة وحصلت على بطولات متعددة وميداليات كثيرة وعلى كأس مصر أيضاً.
وفى نهاية حديثها تقول د. جهاد: إننا كأشخاص ذوي إعاقة نعاني بالفعل من عراقيل كثيرة، لذلك أبذل مجهوداً كبيراً بصفتي نائبة بمجلس النواب المصري لكي نضع التشريعات والقوانين التي تزيل هذه العراقيل وتعمل على تحسين حياة كل شخص ذي إعاقة، لأكون عن حق باعثة أمل من تحت قبة البرلمان لكل شخص ذي إعاقة، وأملي أن تتغير نظرتنا لأنفسنا ونظرة المجتمع لنا، وأن يكف الإعلام عن إظهار الأشخاص ذوي الإعاقة في الأفلام والمسلسلات وهم يبيعون المناديل الورق، في إشارات المرور، فلا يصح التقليل من شأننا وإمكاناتنا، فالمعاق ليس معاق الجسد وإنما معاق الفكر.
- محرر صحفي ـ جريدة الأهرام
- مشرف صفحة (صناع التحدي) الخاصة بذوي الإعاقة
- البـريد الإلـكتـروني: [email protected]
- الهاتف المحمول: 01001012767
من عام 2001 وحتى 2011
- – أعمل محررا صحفيا متخصص فى مجال تكنولوجيا المعلومات (مجلة لغة العصر)
من عام 2011 وحتى 15 يونيو 2012
- – أعمل محررا صحفيا للشئون الدينية (جريدة الأهرام اليومية – القسم الديني)
من 15 يونيو 2012 وحتى الآن
- – أعمل مشرفا على صفحة (صناع التحدي) المهتمة بشئون الأشخاص ذوي الإعاقة (جريدة الأهرام اليومية).
الجوائز
- جائزة نقابة الصحفيين المصرية عن أحسن قصة إنسانية عام 2005
- المركز الثاني بجائزة الصحافة العربية عن فئة تكنولوجيا المعلومات عام 2008
- شهادة تقدير من نقابة الصحفيين المصرية في فرع التحقيق الصحفي عام 2008
- رشحت لجائزة الصحافة العربية عن فئة الصحافة الاستقصائية عام 2011
- جائزة نقابة الصحفيين المصرية عن أحسن قصة إنسانية عام 2014
- جائزة (مصطفي أمين) أفضل قصة إنسانية عام 2016