كما تعلمون جميعاً إن فيروس كورونا المستجد هو سلالة جديدة من الفيروسات التي تصيب الرئتين والجهاز التنفسي، وقد أصاب هذه الفيروس المجتمع بنوبة من القلق وتسبب في بث الخوف في أوساط المجتمع، ولا سيما أولئك الذين يصفون بأنهم (أشخاص قلقون).
وبدأنا الآن جدياً نشاهد العزل الاجتماعي أو محاولة تقليل التجمعات بجانب الحجر المنزلي، وقد أصبحت حقيقة ماثلة في هذه الأيام، أن الكثير من الأطفال التزموا منازلهم لعدة أسابيع من دون الإعلان عن موعد محدد لنهاية ذلك، فإذا كنت والد لطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد فإن ذلك يعني إضافة المزيد من التوجس والقلق وذلك بسبب تداخل أوقات مهامك الحياتية.
فالتوحد يعتبر حالة تستدعي الإنتباه في هذا الأوان، ولها امتدادها وتأثيرها مثل التأثير العاطفي في بعض الأحوال، والصعوبة في طرق التواصل المعتادة، وضرب من الشعور الحسي والحساسية واستخدام الحركات المتكررة (السلوكيات المتكررة) للتعبير عن العواطف الجياشة تجاه أمر ما.
قد يحدث تغيير في نمط الحياة اليومية بالنسبة لطفلك وذلك بسبب تفشي هذه الفيروس. إن الانتقال من مرحلة لمرحلة يعتبر أمراً عصيباً وصعباً لكثير من الأطفال ذوي إضطراب طيف التوحد، في ظل هذه الظروف، فأنت ربما تواجه بعناد من طفلك، فكيف يمكنك التعامل مع مثل هذه الحالات في ظل هذه التغيرات الطارئة والأوضاع الراهنة داخل منزلك؟
هنا سوف أورد لكم بعض الحلول اليومية لهذا الموضوع:
أولاً ـ حاول التأقلم مع الوضع الجديد وتعامل معه كما هو
في مثل هذه الأوقات تطرأ تغيرات كثيرة على أرض الواقع، فمن السهل تغيير نمط الحياة اليومية، ابدأ بتغيير قواعد الحياة العامة، مثل وقت المشاهدة، وقت النوم، وقت تناول الوجبات الخفيفة أو أي شيء أخر، فكل ما أطلبه منك هو تطبيق ذات الجدول اليومي بصفة دورية. قم بضبط وقت الاستيقاظ، وقت الغداء، (نفس الوقت الذي يوافق زمن الغداء في المدرسة) بجانب وقت التلفاز وموعد النوم. وحاول قدر الإمكان تقليد الجدول المدرسي لطفلك، فضلاً عن قيامك بتضمين أنشطة معينة خلال الجدول المذكور.
أصبح من المألوف رؤية أطفالنا يستمتعون باستخدام جهاز iPad أو التلفاز أو الكمبيوتر، ولكن مع ذلك، يجب الالتزام بالوقت المحدد. فيمكنك وضع جدول في مكان واضح والالتزام به، يتم من خلاله تحديد وتخصيص الأوقات والفترات لكل نشاط ويجب الالتزام به يومياً. وعليك تنظيم الوقت وتخصيص وقت للراحة لك ولطفلك حتى لا تشعر بالإرهاق والتعب.
مع كل ذلك، التزم بنظامك الجديد، حتى يتمكن طفلك من التعود عليه في ظل هذه الوضع غير المألوف. وهناك جانب اخر ومهم جداً وهو عدم شعورك بالضجر، ويتطلب إجراء هذه النمط من المستحدث آلية خاصة في التعامل، حيث لا تكثر من التعليمات ولا تبالغ في الإطراء (أجعله يكون مألوفاً، وذا فائدة قدر ما تستطيع).
ثانياً ـ إضفاء طابع الإيجابية
كما لا تنسى وأنت تلتزم بهذا الجدول، أن تخلق جواً من الإيجابية والمرح مع طفلك طوال الوقت، فحاول أن تستغل الوقت الإضافي وجعله أكثر إمتاعاً. فإنه من الطبيعي أن ً بالإرهاق لكونك الوالد والمعلم والمعالج في نفس الوقت. ويمكنك مشاركة ابنك بعض الأنشطة المنزلية، مثل وقت للخبز معا، ومشاركته لعبة الطاولة وإشراكه في إعداد الطعام. يجب علينا جميعاً الاستفادة القصوى من هذا الوقت مع عائلاتنا في المنزل. هو فعلاً أمر غير مألوف، ولكن الضرورة اقتضت ذلك، هناك خياران لشعورك بذلك ولإدراك هذا الواقع، أولهما إن الموضوع ليس جيداً كما يجب، أو أنه جيدً بما يكفي أو حتى ممتع.
ثالثاً ـ حاول التخلص من القلق والملل
إذا ساورك القلق بأن طفلك بدأ يعاني أو يشعر بالملل بشأن هذ النمط الجديد أو شعرت بالقلق من انتشار هذا الفيروس، فإنه الوقت الملائم للاستجمام، قم بعمل بعض الرياضة مثل: اليوغا، أو رياضة المشي للتغلب على القلق.
حاول الابتعاد عن مصادر ومحفزات القلق قدر الإمكان، تجنب مناقشة موضوع كم شخص أصيب او كم هي الإحصائية الحالية للمرضى وأشياء من هذا القبيل أمام طفلك، فإذا كان هناك تساؤل من طفلك، أجب قدر السؤال ولا تستفيض في الحديث وتعرض إحصائيات، ولا تحاول أن تشارك ما تشعر به من توجس. فإجابة مقتضبة تكفي لإرضاء طفلك.
أخيراً، نحن بشر جبلنا على الطبيعة، وكثير منا تعود على نمط يومي من السلوك الحياتي، ويتوجس من تغيير ذلك النمط اليومي، ومن هنا أتمنى لكل الآباء الصحة والعافية وأطلب منهم الدعاء والصبر، بينما نحن نتخطى هذه المرحلة الحرجة في غضون الأسابيع المقبلة.
بقلم د. ليذ ماتيس Dr. Liz Matheis
المصدر:
https://themighty.com/2020/03/covid-19-autism-routine-disruption/
- [email protected]
- باحث ومترجم، مهتم بالقضايا الاجتماعية والعمل الإنساني ومناصرة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة.