أصبح التعلّم الذاتي شكلاً من أشكال عمليّة التعلّم الحديثة. لا يعني ذلك أنّه حلّ محلّ التعلّم التقليدي بالطبع، إلاّ أنه مع ذلك عزّزها محرزاً بذلك نتائج رائعة بحقّ. فقد أثبت التعلّم الذاتي فعاليته كونه مريحاً وسريعاً لا سيّما مع ظهور شبكة الإنترنت. فقد أصبح بالإمكان تعلّم أي شيء من خلال بحث بسيط على جوجل، أو عن طريق مشاهدة فيديو على يوتيوب، أو ببساطة من خلال قراءة تعليمات الاستخدام. هكذا أصبح التعلّم الذاتي هو الشكل الحديث من عمليّة التعلّم الذي يسلّح الأفراد بمختلف المهارات المرتبطة بوظائفهم، تخصصاتهم أو حياتهم بشكل عام. إلاّ أنه مع ذلك قد يكون عملية صعبة أيضاً حتّى على أذكى الطلاّب، نظراً لما يحتاجه من انضباط والتزام.
وفي حال كنت لا تزال تشعر بالارتباك حول ما إذا كان التعلّم الذاتي هو الطريقة الأمثل والأنسب لك، إليك بعضاً من أهمّ مميزات هذا النوع من أنواع التعلّم
- تطوير مهارات حلّ المشكلات
يساعدك التعلّم الذاتي على تحديد المشكلات والمبادرة في الحال بالبحث عن حلّ مناسب لها بمفردك. قد يكون ذلك من خلال سؤال زملائك أو عن طريق البحث على شبكة الإنترنت أو أيّ سبيل آخر. في كلّ الأحوال، فهذه العقبات والتحديات التي تواجهك خلال عملية التعلّم، لا تقضي على دافعك لإتمام ما عليك، وإنّما تمنحك فرصاً جديدة لتتعلّم شيئاً جديداً بما يتناسب مع سرعتك ووقتك. ليس هذا وحسب، فالتعلّم الذاتي يمكّنك أيضاً من اكتساب مهارات البحث النشِط عن الحلول بدلاً من انتظار قدومها إليك على طبق من ذهب. ومع الوقت ستصبح أكثر قدرة على التكيّف مع التغيّرات من حولك.
- عملية تخلو من الضغط والتوتر
يركّز التعلّم الذاتي على العمليّة التعلّمية أكثر من تركيزه على مخرجات التعلّم. فضلاً عن أنّ المتعلّم لا يواجه أي ضغوطات أثناء التعلّم، حيث يمكنه تعلّم ما يشاء في الوقت الذي يشاء وأن يستغرق الفترة الزمنية التي تناسبه في ذلك. فالهدف النهائي هو تحقيق نتائج مُرضية بغضّ النظر عن الفترة أو الأسلوب المستخدم في التعلم. ولهذا السبب بالذات، نجد أنّ المتعلمين ذاتياً أكثر قدرة على استيعاب المعلومات من الأشخاص الذين يتعلّمون بطريقة تقليدية. ذلك لأنهم يختارون ما يتعلّمون بأنفسهم ويحدّدون الفترة الزمنية تبعاً لجدولهم الزمني الخاص.
- اكتساب مهارات أخرى أثناء التعلّم
أثناء عملية التعلّم الذاتي، يستطيع المتعلّمون اكتساب مهارات أخرى ذات أهمية عظمى، مثل إدارة الوقت، أو تقييم الذات، أو مهارات وضع الأهداف. وهي مهارات يمكن تطبيقها في مختلف المجالات الحياتية الأخرى. ويعود السبب وراء تطوّر هذه المهارات لدى المتعلّمين ذاتياً أكثر من غيرهم لحاجتهم إلى اكتساب هذه المهارات أثناء عملية التعلّم بعكس ما يحدث في التعلّم التقليدي الذي قد لا يحتاج لمثل هذه المهارات.
- إضفاء معنى خاصّ لعملية التعلّم
ينبثق التعلّم الذاتي من الرغبة الشخصية لاكتساب معرفة جديدة. وتدفعه الحاجة إلى العثور على معلومات جديدة حول موضوع ما ومن ثمّ استخدام هذه المعلومات لتحقيق هدف محدّد. لذا فالمتعلّم ذاتياً يمتلك هدفاً واضحاً حول ما يتعلّمه، وغالباً ما يستفيد ممّا يتعلّمه في تحقيق هذا الهدف، ليس هذا وحسب، فهذه العملية تدفع المتعلّم إلى الغوص والتعمّق أكثر في البحث، ونتيجة لذلك تكتسب العملية التعلّمية معنىً خاصّاً، لم يعد التعلّم فقط لأجل التعلّم، وإنما عملية ممتعة ومسلية ذات معنى للمتعلم، تقوده للوصول إلى نتائج محمودة ومُرضية.
- تحفيز الفضول
يأتي جزء كبير من التعليم لإرضاء قدر معيّن من الفضول، فالتعلّم يحدث بشكل تلقائي عندما يكون هناك شعور بالفضول تجاه شيء ما. وهو أمر نادراً ما يحدث في عملية التعلّم التقليدية التي تعتمد على قوى خارجية (متمثّلة في المدرسيّن وأولياء الأمور) بدلاً من الاعتماد على فضول الطالب كقوّة دافعة له. أمّا في عملية التعلّم الذاتي، فالفضول هو المحرّك الأساسي للعملية، الأمر الذي يجعل منها تجربة مسلية وممتعة، بل مغامرة تمكّنك من توسيع آفاقك وقدراتك وتعلّم الكثير من الأشياء الجديدة بنجاح.
- المرونة في اختيار وسيلة التعلّم
دروس مصوّرة على يوتيوب، مؤتمرات عبر الإنترنت، كتبٌ أو محاضرات مباشرة… جميعها وسائل مختلفة للتعلّم، ويمكنك اختيار ما يناسبك منها. هذا ما تتيحه لك عملية التعلّم الذاتي، فالخيار متاح أمامك لاستخدام ما تشاء من وسائل تعلميّة مناسبة لك، بدلاً من أن تقتصر العملية على أسلوب واحد فقط متاح للجميع دون الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الشخصية بين المتعلّمين كما هو الحال في التعلّم التقليدي.
- كيف أطوّر مهاراتي في التعلّم الذاتي وأستمتع بعملية التعلّم
على الرغم مما يبدو عليه التعلّم الذاتي من أنّه عملية سهلة وممتعة، إلاّ أنه في كثير من الأحيان يحتاج إلى مهارات محدّدة قد لا يتمّ التطرّق إليها خلال العملية التقليدية للتعلّم. فكيف يمكنك إذن أن تكتسب هذه المهارات لتحقق أفضل المخرجات من التعلّم الذاتي؟
فيما يلي بعض الوسائل لتحقيق ذلك:
- كن فضولياً
بحسب دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا، أكّد الباحثون أنّ الفضول يجعل أدمغتنا أكثر تقبّلاً للتعلّم. وعندما تكون فضولياً، ستصبح عملية التعلّم أكثر متعة وإفادة. كذلك فقد نشرت مجلة هارفارد للأعمال مقالاً وضّحت فيه أنّ الموظفين الفضوليين حول أعمالهم هم في الغالب أكثر إبداعية بنسبة 30% من غيرهم، وأقل تأثراً بالتوتر والضغوطات، كما أنهم يمتلكون مهارات تواصل أفضل من غيرهم. وحتى توقد في داخلك شعلة الفضول للتعلّم، ابدأ بسؤال نفسك أسئلة من هذا القبيل: لماذا يتوجّب عليّ اكتساب معرفة أكثر حول هذا الموضوع؟ لماذا تعدّ هذه المعلومة ذات فائدة لي؟ كيف يمكنني استخدام هذه المعرفة في خلق تغيير من حولي؟ كلّما أجبت عن أسئلة كهذه، زاد فهمك للغاية من عملية التعلّم، وازداد معها فضولك لتزداد رغبتك في معرفة المزيد، ومن دون أن تشعر سيتحوّل التعلّم من واجب إلى عادة إيجابية تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من روتينك اليومي.
- ضع أهدافاً واضحة ترغب في الوصول إليها
كما هو الحال مع المعلّم الذي يضع خطة تدريسية تهدف إلى مساعدة الطلاب على اكتساب مهارات معيّنة مع نهاية الدرس، فالتعلّم الذاتي بحاجة إلى وضع أهداف واضحة أيضاً. حينما تحدد أهدافك من وراء عملية التعلّم، ستصبح أكثر قدرة على تقييم تقدّمك ومعرفة ما إذا اكتسبت المعرفة التي كنت تسعى إليها. ليس هذا وحسب، فوضع أهداف تعلّم واضحة سيُتيح لك إمكانية وضع منهجية محدّدة للتعلّم تمكّنك من تحقيق النتائج التي تطمح إليها.
- حدّد مصادر التعلّم التي تناسبك بذكاء
حينما يتعلّق الأمر بالتعلّم الذاتي، فالمصادر المتاحة لا تعدّ ولا تحصى بعكس عملية التعلّم التقليدية التي تقتصر على وسيلة واحدة فقط في غالب الأحيان. ونظراً لسعة وكثرة المصادر المتوفرة في عملية التعلّم الذاتي، يصبح أمر اختيار المصدر الصحيح والموثوق أمراً صعباً، لذا، احرص على اتباع النصائح التالية عند اختيار مصدر التعلّم المناسب:
كن مشكّكاً في كلّ شيء، وتأكّد من مصدر كلّ معلومة قبل اعتمادها، خاصّة إن كنت تبحث عبر الإنترنت، فهذه الشبكة تضم كمّاً هائلاً من المعلومات، وليست كلّها صحيحة. استخدم محرّكات البحث الخاصة بالمتعلمين مثل Google Scholar أو World Cat والتي تتيح لك الوصول إلى المقالات والكتب الأكاديمية الموثوقة بدلاً من المعلومات المضلّلة والغامضة واللجوء إلى مواقع مختلفة ومتعددة للتعلم، جرّب منصات التعليم الإلكتروني التي تقدّم في الغالب العديد من الدورات عبر الإنترنت التي تمّ إعدادها في أرقى الجامعات العالمية، ممّا يضمن جودتها وموثوقيتها.
- حدّد الطريقة التي ترغب في تقييم نفسك بها
بعكس عملية التعلّم التقليدية التي تتضمن الاختبارات والامتحانات لتقييم التقدّم الذي يحرزه الطلاب، نجد أنّ التعلّم الذاتي يفتقر إلى هذا الجانب. ومن دون تقييم التقدّم المحرز، لن يكون لعمليّة التعلّم أيّ قيمة حقيقية. حتى تتغلّب على هذه الثغرة، ابدأ بوضع نقاط محدّدة ترغب في تغطيتها أثناء التعلّم، وحدّد الوقت الذي تريد أن تستغرقه في ذلك، ثمّ ضع لنفسك مقاييس تشير إلى مدى تقدّمك. قد تتيح لك بعض مصادر التعلّم وسائل لتقييم إنجازك، كالاختبارات وأوراق العمل، فلا تتردّد في الإجابة عنها لتشكّل فكرة حول أدائك وتقدّمك.
- اصنع شيئاً ممّا تعلّمت
إن تعلّمت شيئاً ما، ولم تستخدم ما تعلّمته في حياتك اليومية، فسوف تمحي هذه المعلومات على الأرجح من عقلك بعد بعض الوقت. لذا احرص دوماً على أن تصنع شيئاً ممّا تعلّمته. قد يكون ذلك مجسّماً لآلة درست عنها، أو فيديو توضيحياً، أو خريطة عقلية أو حتى ملخّصاً لما تعلّمته. المهم ألاّ تكتفي بالحصول على المعلومة ثمّ إلقائها في ذاكرتك دون الاستفادة منها في حياتك.
إذن، أي وسائل التعلّم تفضّلون؟ التعلّم الذاتي أم التعلّم التقليدي؟
وما هي المعارف التي قد ترغبون في معرفة المزيد عنها بمفردكم؟
المرجع:
https://www.for9a.com/learn/category/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.