تعد الإعاقة الذهنية من اكثر فئات الاعاقة انتشاراً، ووضح جلياً في الآونة الاخيرة الاهتمام بهذه الفئة بصفة خاصة على كافة المستويات، كما تجرى في الوقت ذاته العديد من الدراسات والأبحاث على المستوى العالمي والاقليمي والوطني عن سبل تطوير طرق تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية لمساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم – قدر المستطاع – ليسهموا في نهوض وتطور مجتمعاتهم حسب قدراتهم.
ويعد النشاط الرياضي المدرسي هو أحد أهم وأقصر وأنجع الطرق لتعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية بسبب الآثار الجسمية والنفسية والاجتماعية الايجابية التي تعود عليهم عند ممارسة النشاط الرياضي المبرمج تحت إشراف معلمي التربية البدنية الخاصة المؤهلون، حيث أن الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية يستطيعون ممارسة معظم الرياضات التي يمارسها الاشخاص غير المعاقين مع تعديل بعض القوانين أو الأدوات لتتوافق مع إمكاناتهم وقدراتهم، باستثناء بعض الألعاب المحظورة والتي ثبت أنها قد تتسبب أو تصيبهم بأذى.
وقد يلاحظ المتتبع للحركة الرياضية انتشار رياضة الأشخاص ذوي الاعاقة الذهنية في المملكة العربية السعودية على كافة المستويات، والإنجازات المشرفة التي يحققونها باسم الوطن في مختلف الرياضات والتي تستحق الاحترام والتشجيع.
وإسهاماً منا في توعية المجتمع والعاملين في هذا المجال ليتحقق الهدف الذي نسعى إليه جميعاً وهو دمج هذه الفئة وإشراكها قدر المستطاع في مجتمعها المحلي. يسعدني ان اتقدم بهذه المقالة التي تتضمن بعض المعلومات الأساسية عن الأشخاص ذوي الاعاقة الذهنية والنشاط الرياضي لهم سائلاً الله العلي القدير أن ينفع بهذا العمل المتواضع وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
الإعاقة الذهنية ـ التعريف
تعرف الإعاقة الذهنية بأنها حالة عدم اكتمال النمو العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزاً عن التكيف مع الآخرين مما يجعله دائماً بحاجة إلى رعاية وإشراف ودعم الآخرين.
ويعد الشخص معوق ذهنياً استناداً إلى المعايير التالية:
- مستوى القدرة الذهنية (نسبة الذكاء) دون الـ 70 درجة تقريباً.
- وجود قصور في جانب أو أكثر من المهارات التكيفية.
- ظهور الحالة قبل عمر 18 سنة (حسب الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي AAMR).
نسبة انتشار الإعاقة الذهنية في المجتمع:
من الصعوبة تحديد نسبة انتشار الإعاقة الذهنية في المجتمع، وذلك للأسباب التالية:
- الاتفاق على تعريف من هم الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية.
- طريقة جمع المعلومات في الدراسات المسحية.
إلا أنه ظهرت دراسة تفيد بأن النسبة العالمية للإعاقة الذهنية هي 2.33% من عدد السكان.
الخصائص الجسمية والحركية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية:
تشمل الخصائص الجسمية صفات عده مثل الطول والوزن والتوافق الحركي والحالة الصحية العامة والبنية الجسمية، وهذه الخصائص عادة تعتمد على الوراثة بالإضافة إلى أن وجود الأشخاص المعوقين ذهنياً في بيئات اجتماعية وثقافية واقتصادية فقيرة يساعد في تعرض الشخص لكثير من الأمراض أو يساهم في تكوين عادات صحية غير سليمة تؤثر على كفاءة الشخص المعوق الجسمية ونموه. (الخطيب، 1992).
ويميل معدل النمو الجسمي والحركي للمعوقين ذهنياً إلى الانخفاض بشكل عام، وتزداد درجة الانخفاض بازدياد شدة الإعاقة، فالمعوقون ذهنياً أصغر في حجمهم وطولهم من أقرانهم غير المعوقين، وتعتبر حالات الإعاقة الذهنية المتوسطة والشديدة من أكثر الحالات التي يبدو ذلك واضحاً على مظهرهم الخارجي، وتصاحب درجات الإعاقة الشديدة في غالب الأحيان تشوهات جسمية خاصة في الرأس والوجه، وفي أحيان كثيرة في الأطراف العليا والسفلى. كما أن الحالة الصحية العامة للمعوقين عقليا تتسم بالضعف العام مما يجعلهم يشعرون بسرعة الإجهاد والتعب، وحيث أن قدراتهم على الاعتناء بأنفسهم أقل وتعرضهم للمرض أكثر احتمالاً من غير المعاقين، كذلك فإن متوسط أعمارهم أدنى من الأشخاص غير المعوقين. (القريوتي، الصمادي، السرطاوي، 1995).
ويلاحظ ان الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية الشديدة والمتوسطة يحتاجون إلى مزيد من الرعاية والاهتمام، كما أن التعرف عليهم يكون سهلاً وذلك بسب المظاهر الجسمية الواضحة التي تميزهم، أما بالنسبة لحالات الإعاقة الذهنية البسيطة فلا توجد خصائص جسمية تميزهم عن أقرانهم غير المعاقين، فالمعوقون ذهنياً بدرجة بسيطة يشبهون غير المعاقين في الوزن والطول والحركة والبلوغ الجنسي، وعلى الرغم من التشابه في النمو الجسمي عند المعوقين ذهنياً وغير المعاقين، والتداخل بينهم في الخصائص الجسمية، لكنهم يعانون من معوقات جسمية أكثر من غير المعاقين، ومن هذه المعوقات قصور السمع والبصر، وضمور العضلات وتيبسها والصرع والشلل الدماغي، وغيرها.
الخصائص السلوكية والنفسية:
يستند وصف الخصائص المتعلقة بالجوانب السلوكية والنفسية للمعوقين ذهنياً على الدراسات والبحوث المقارنة بينهم وبين نظرائهم من غير المعوقين. ولا يمكن تعميم الخصائص على جميع الأشخاص المعوقين ذهنياً حيث أن كل فرد يعتبر (حالة خاصة) (مرسي، كمال 1996).
التعلم والذاكرة:
أكثر مظاهر الخصائص وضوحاً أن الأشخاص المعوقين ذهنياً تنقصهم المقدرة على التعلم مقارنة مع نظرائهم من غير المعوقين في نفس المستوى العمري. حيث أنه كلما زادت شدة الإعاقة كان من الصعب على الطفل المعاق ذهنياً الانتباه للمثيرات من حوله وخاصة إذا كان هناك أكثر من مثير واحد في الوقت نفسه، وعادة ما يكون الانتباه والمتابعة لفترة قصيرة، ومن المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن الأشخاص المعوقين ذهنياً وبشكل عام يحتاجون إلى إتقان المهارات الوظيفية اليدوية قبل أن نتوقع منهم إتقان المهارات التعليمية كما أنهم يحتاجون وقتاً أطول من الأطفال الآخرين لتعلم مهارة ما. وتشير الدراسات إلى أن الذاكرة في المدى القريب لدى الأطفال المعوقين ذهنياً تكون ضعيفة فيما تكون أفضل في المدى البعيد.
تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية للمهارات الرياضية:
يتعلم الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية المهارات الرياضية كالأشخاص غير المعاقين ما عدا في الأمور التالية:
- يتعلمون أبطأ.
- لا يحتفظون بالمهارات التي تم تعلمها لوقت طويل.
- يحتاجون إلى تجزئه المهارة الواحدة إلى مهارات صغيرة مركزة.
- بحاجة إلى مساعدة جسمية في أكثر الأحيان.
- يحتاجون إلى تعزيز مباشر أكثر من أقرانهم غير المعاقين.
الفوائد التي يمكن أن تعود على الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من ممارسة النشاط الرياضي:
ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية للرياضة تعود عليهم بفوائد عديدة منها:
- من الناحية الجسمية: رفع مستوى اللياقة البدنية – زيادة درجة التوافق العضلي العصبي – رفع مستوى كفاءة القلب والأوعية الدموية – زيادة القدرة على التحمل.
- من الناحية الذهنية: فهم ومعرفة القوانين وخطط اللعب – زيادة الثقة بالنفس – الاعتزاز واحترام الذات.
- من الناحية الاجتماعية: العمل ضمن إطار الفريق – التعامل مع زملاء وأفراد قد يكونون من غير ذوي الإعاقة الذهنية – رؤية الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية لإنجازاتهم – التفاعل مع أعضاء المجتمع.
الاشخاص ذوو متلازمة داون وعدم استقرار اتلانتو المحوري:
تشير الدراسات إلى أن أكثر من 15% من الأشخاص ذوي متلازمة داون لديهم إصابة في الفقرات رقم (1، 2) من العمود الفقري، ويحظر على هؤلاء ممارسة ألعاب كـ: سباحة الفراشة، الغوص، الوثب العالي، الجمباز الفني (الترامبولين) – الدحرجات، التزلج، أو أي مهارة يتطلب أدائها ضغط على الرأس والرقبة.
(قوانين الألعاب الصيفية للاولمبياد الخاص – النسخة 2003)
الرياضات المحظورة على الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية:
هناك مجموعة من الرياضات المحظورة على الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والتي ثبت أنها قد تتسبب لهم
أو تصيبهم بأذى وهي:
- في ألعاب القوى: الرمح – رمي المطرقة – القفز بالزانة – الوثب الثلاثي.
- في الألعاب المائية: الغطس.
- في الجمباز: الترامبولين.
- جميع رياضات الاحتكاك: الفنون العسكرية – المصارعة – الجودو – الكاراتيه – الملاكمة – كرة القدم الأمريكية.
- ألعاب الرماية والمبارزة بالسيف. (قوانين الألعاب الصيفية للاولمبياد الخاص – النسخة 2003)
المنظمات الرياضية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية:
– الاتحاد الدولي لرياضة الأشخاص المعاقين ذهنياً ومقره المملكة المتحدة: www.inas-fid.org
– الاولمبياد الخاص الدولي ومقره الولايات المتحدة الأمريكية: www.specialolympics.org
المراجع:
- الخطيب، فريد (1992) الوجيز في تعليم الأطفال المعاقين عقلياً.
- القريوتي، يوسف.الصمادي، جميل.السرطاوي، عبد العزيز (1995). المدخل إلى التربية الخاصة
- مرسي، كمال (1996) مرجع في علم التخلف العقلي.
- قوانين الألعاب الصيفية للاولمبياد الخاص، نسخة (2003).
المصدر:
- علم النفس الرياضي، د. محمد السيد عسكر
- موقع الإدارة العامة للتربية الخاصة: http://www.se.gov.sa
أ. فهد ناصر القباع
معلم تربية بدنية خاصة – تعليم حائل، المملكة العربية السعودية