قابلت ديفيد مؤخراً من خلال محادثة ودية على تويتر. كان شابا لطيفا جميلا ومرحاً.. فبعد فترة من التواصل معه على تويتر أخبرني أنه ظن أنني جميلة ومرحة أيضاً. حتى أنه اعترف لي بخوفه عندما أخبرته عن إعاقتي الجسدية الشديدة ـ متلازمة فريمان شيلدون ـ التي جعلت عظام ذراعي وعضلاتها لا تستجيب.
وقد أجريت أكثر من 26 عملاً جراحياً لتصحيح المفاصل. الجنف وعضلات الأرجل.. قد تدهش من القوة التي أصبحت عليها ذراعي بعد عشرين سنة من استخدام الووكر (walker) فهما تبدوان كعضلتين ضخمتين من الفولاذ لكن بشكل مصغر وممتلئتان نمشا.
كانت المرة الأولى التي امتلك فيها الشجاعة لأساله أن يجيب من وجهة نظره كرجل على سؤال لطالما أزعجني خلال فترة المدرسة الثانوية عندما كنت أنظر إلى الفتيات وكيف أن الشباب يتوددون إليهن بسهولة..
السؤال: لماذا يعارض أغلب الرجال إقامة علاقة حب أو حتى الاقتراب منها مع امرأة معاقة؟
أجاب: إن الرجال كسولين..
في البدء كان رده الصادق مفرحا.. لأنه كان إنسانا على درجة عالية من الأخلاق وبقدر كاف من الانفتاح علي ليقول الحقيقة كما هي بدلا من محاولة استرضائي ومعاملتي كدمية هشة قابلة للكسر وقد بدا جوابه حسنا لدرجة عدم التصديق ومن المحتمل أن يكون السبب في أن شعوري بالارتياح لم يدم طويلا.
حسنا الصدق جيد إذا كان يتضمن الحقيقة. فكلما فكرت في جوابه عن الكسل (والذي كان جوابا كسولا حينذاك.. ساخرا) بدا لي الأمر وكأنه قطعة من الحلوى التي يحبها الأطفال والتي تبدو مغرية بشكلها.. وعندما تستمر بمضغها لفترة كافية فإنك سوف تجد نفسك فجأة وقد وصلت إلى قلبها الحامض.
المجاملات مغلفة بالسكر. هي مديح غير صادق.. تهرب من الإجابة. لكن ديفيد لم يكن يحاول خذلي بلطف بقدر ما كان يحاول التملص من مأزق سؤالي.
إنه العقد الأول من القرن الحادي والعشرين… لماذا لا يزال الرجال ينظرون إلى المرأة المعوقة كمخلوق ضعيف.. محجوزة في سريرها طوال النهار. عديمة الجدوى. وتعتمد في كل صغيرة وكبيرة من حاجاتها على الآخرين. غير قادرة على العمل والمشاركة؟!
النساء المعوقات موجودات في كل مكان وحيثما ترغبها أن تكون كل ما عليك فعله هو التوقف عن الطلب منها مجاراتك في العدو. نحن نساء حقيقيات. نعيش الحياة.. ننمو بقوة.. لسنا غريبات.. نملك نفس الأمنيات.. نفس العواطف والرغبات (وحتى اللحظات الحميمية) والحاجات كنساء سليمات البنية.
لقد رأيت نظرات الشبان إلي ـ وأنا هنا لا أتكلم عن نظرات الإعجاب والإغراء ـ بل عن نظرات تجعلني أشعر وكأنني نوع غريب من الطفرات.
في بعض الأحيان يصعب علي تصديق أنني قد لا أملك فرصة للحب في العالم الحقيقي! ربما أنا مختلفة لكن لا أزال أغفو وأحلم أن رجلا يراني أنا ولا يرى فقط إعاقتي! لم أفهم أبدا سبب هذا الصوت في داخلي بينما هناك ملايين النساء يحلمن بالشيء نفسه!
هناك فكرة خاطئة حول أن الحب وإقامة علاقة عاطفية ليست من ضمن حاجات المرأة المعوقة! هذه الفكرة هي أبعد ما تكون عن الحقيقة!
فقد سمعت الكثير من الأعذار على مر السنين بينما أنا مقصاة عن الحب. وهذه بعض مما كان يقوله الرجال عن إمكانية مواعدة امرأة معوقة مثلي!
وماذا أود أن أرد عليهم.؟
أنا جد كسول لأن أقيم علاقة معها: وتعني: ألن يكون من الأسهل لي أن أجد فتاة شقراء سليمة الجسد!
هيا هل تتوقع مني أن أصدق أن نفس الشباب الذين يلعبون بالكرة ويتلقفونها بأرجلهم أمام جمهورهم هم رجال كسولين؟ إذا كنت تهتم لأمر شخص فإنك تستغرق وقتا طويلا لكي تفهمه تماما. وسوف تلقي بكسلك وراء ظهرك وستخبرك والدتك أن الجهد الكبير ينتج تقدما كبيرا!
أنا لن أتساءل للأبد لان ذلك سيدفع بالرجال للهرب بالاتجاه المعاكس.. لكن ماذا لو بادلتني الابتسام بدلا من رؤية نظرة مزعجة ترتسم على وجهك؟ كما لو أنني أحاول بجنون جعلك تتجرد من ثيابك أمام العامة؟ حتى إنني لن أكون بوارد دعوتك للغداء إلا إذا وثقت بقدوم هذا اليوم الرائع!
أنا فقط أسالك ألا تقصيني ببساطة،حيث أنني الفتاة الوحيدة التي يمكن بسهولة تجاهلها، فقط اعط نفسك فرصة.
بالتأكيد يمكنك أن تتواعد مع أية فتاة جميلة. لكن هل هذه الجميلة تملك كل شيء آخر!
أنا أخاف أن أكون بجوارها! وتعني: هل التقيت بنصفي الآخر؟ هل ستدعوني للخروج؟
إذا كنت تخاف أن تكون إلى جواري. فإن قبولك لامرأة ترتدي حذاء عالياً ليزيد طولها عن أربعة أقدام يعني أن لديك مشاكل كثيرة أكبر من المشاكل التي أعاني أنا منها! ويمكن أن أحيلك إلى أخصائي!
حسنا يمكن أن أكون مصدر خوف في كرسي المدولب والتي هي للأسف قد تكون أكبر مني. نعم أنا صريحة ومباشرة وصعبة المراس قليلا!
لكنني أجد أن هذا أحيانا قد يخيف شخصا ما بطريقة تجعل الأمور أكثر إثارة وتدفعك لمعرفة الآخر بشكل أكبر بالإضافة إلى أنني أكثر هدوءا وتواضعا ممن قابلت.. حقيقة لا داعي للخوف من وجودك بقربي!
هل سأكون قادرا على الاهتمام بها؟ وتعني كم من الجهد سيكلفني وجود امرأة كهذه إلى جانبي!
لقد عشت وتحسنت بفضل 26 عملا جراحيا ومئات من حالات الدخول الى المشافي للمعالجة! وسيكون بإمكاني الاهتمام بك. ولن يشكل ذلك عبئا علي أو يكون مصدرا للخوف. فأنت عندما تحب شخصا لن يكون هذا صعب حقا!
عندما كنت في السابعة عشرة من عمري كتبت قائمة بمواصفات الشخص الذي أرغب الارتباط به كزوج. فقد أردته أن يكون حساسا ويمتلك روح الدعابة. (رغباتي هذه لم تتغير) والمفاجأة أنه لا يوجد مكان في القائمة التي كتبتها يقول: من سيقبل بتلبية كل حاجة من احتياجاتك على حساب نفسه؟ فإعاقتي لم تكن مشكلة آنذاك بالنسبة لي ولا تزال كذلك حتى الآن.
هل ستكون قادرة على.. هل تعرف! وتعني هل سأعيش حياة عزوبية معها!
ما هذا..؟ ببساطة يمكنك أن تذكر الحياة الزوجية..! لأنها ليس شيئا لم اسمع به من قبل! يمكنك ان تسترخي! لا لم أقرر أن أصبح راهبة وأكرس حياتي للعزوبية!
هل سيتمكن أصدقائي وعائلتي من التغاضي عن إعاقتها؟ وتعني هل تخجلني إعاقتها؟
لست طبيبة نفسية. لكن واضح جدا وشفاف ومفضوح هذا السؤال! وإذا أردنا أن نكون صادقين فإن أصدقاءك وعائلتك ليسوا هم حقا من يجب أن تقلق بشأنهم. وعلى الأغلب لن تهتم بما سيقولونه.. إذا كنت حقا ستقلق حيال خجلك مني.. ابتعد فورا.
هل سأكون قادرا على الخروج معها أمام الجميع؟ انظر إلى الفقرة التي قبلها.
أولا: شكرا جزيلا لك.. قبل وجودك في حياتي لم أر أبدا ضوء النهار من قبل. فقد فتحت عالما جديدا كاملا أمامي.
وربما أنت محق.. ما كان يجب علي الخروج معك أمام الجميع. ربما كان من الأفضل لي البقاء في غرفتي طوال الوقت أتفرج على جمال العالم الخارجي من نافذتي لأنني لا أريد أن أخيف أحدا حقا.
لكن الحقيقة هي أنك عندما تعيش في قلب أحدهم ستكون فخورا بأن ترى العالم من خلاله.
لقد توفي والدي منذ ست سنوات. ولقد رأيت تلك النظرات في عيني أمي عندما ترى صوره. ثمة ابتسامة ترتسم على وجهها كما لو أن يوم زفافها قد انتهى لتوه.
ألا يجدر بكل شخص أن يشعر بتلك السعادة الرومانسية! لا تنخدع.. أنا امرأة مستقلة كليا. لكنني لا أزال أرغب في رؤية أحدهم يجلس يوما ما على شرفتي..
فكل أعذار العالم لن تمنعني من الأمل في إيجاد الشخص المناسب. لكني لا أزال أتألم عندما أرى شبانا رائعين يرفضونني فقط لأنهم يرون في إعاقتي حاجزا لأية علاقة معهم.