ترى الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما يكونون في المدرسة، لما للبيئة المدرسية من أجواء تتاح للأطفال للتفاعل مع أقرانهم في حل المشكلات التعليمية وتبادل الخبرات ووجهات النظر، وفرصة للتعلم التعاوني واكتساب المعلومات من طفل لآخر، عدا عن دعم التواصل الانفعالي والاجتماعي بين الطلبة وتنمية المفردات اللغوية ومهارات التفاعل الاجتماعي.
وإذا كان هذا الأمر ينطبق على عموم الطلبة، فالأمر لا يختلف كثيراً عند الطلبة أصحاب الهمم، وخاصة المدمجين منهم في مدارس التعليم العام، فالبيئة المدرسية هي فرصة لجسر الفجوات في القدرات عند الطلبة، والتعرف على التنوع في أنماط القدرات البشرية وتقبلها واعتبارها جزءاً طبيعياً من نسيج المجتمع، الأمر الذي يساهم في تقبل أصحاب الهمم في البيئات المجتمعية الأخرى خارج السياق التعليمي.
إن تأثير إغلاق المدارس خلال جائحة كوفيد 19 يظهر بشكل أكبر على الطلاب ذوي الإعاقة الذين قد يواجهون صعوبة في الانتقال إلى المدرسة بعد فقدان فرص التعليم وجهاً لوجه، وقلة فرص التفاعل الاجتماعي واللغوي مع أقرانهم، والاحتكاك الجسدي والانخراط مع البيئة المحيطة بمكوناتها المادية والبشرية، ناهيك عن حرمانهم من الخدمات العلاجية المساندة مثل العلاج الطبيعي والوظيفي والعلاج اللغوي واستشارات دعم الصحة العقلية، الأمر الذي يتطلب من المدرسة مراجعة احتياجات كل طفل من خلال برنامج التعليم الفردي قبل عودته إلى المدرسة، وتقديم الخدمات حتى لو بشكل افتراضي.
إن الاستعداد لعودة الطلبة أصحاب الهمم إلى المدارس سواء وفق النظام التعليمي عن بعد أو أنظمة التعليم الأخرى، يتطلب نشر الأدلة الارشادية والتوعوية للهيئات التعليمية والإدارية ولأولياء الأمور حول التعامل مع نمط التعليم الجديد، بما يضمن سلامة الطلبة والعاملين من جهة، وبما يحقق أقصى قدر ممكن من الفائدة التعليمية والاجتماعية والتواصلية للطلبة من ذوي الإعاقة، بحيث لا يتم استبعادهم من حقهم في التعليم أسوة بأقرانهم ضمن بيئات أقل تقييداً قدر الامكان.
ومن العناصر التي تحتويها الأدلة التوجيهية والتي تعتبر ذات أهمية ما يلي:
الصحة والسلامة:
- وضع خطط تضمن تعليم الطلاب ذوي الإعاقة في البيئة الأقل تقييدًا وبجانب أقرانهم من غير ذوي الإعاقة إلى أكبر حد ممكن، بحيث يتم تحقيق التوازن بين الاندماج من جهة والسلامة من جهة أخرى.
- تحديد آليات إعادة فتح المدارس بطريقة تحافظ على سلامة وصحة الطلاب والمعلمين والموظفين، مع إتاحة الفرصة للاختيار من بين عدة خيارات تعليمية مناسبة للطلبة.
- · تقييم حالات الطلبة بشكل فردي، والأخذ بالاعتبار الطلبة أصحاب الهمم الذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة أو تنفسية، ومن ثم تحديد أسلوب وشكل النظام التعليمي المناسب لهم بالتعاون مع أولياء أمورهم.
- ضمان قدرة الطلبة أصحاب الهمم على اتباع التدابير الاحترازية، وخاصة ذوي الاعاقات الذهنية والتوحد والحركة الزائدة، عبر تدريبهم على هذه الاجراءات ومراقبة مدى اتباعهم لها.
- وضع الخطط التي توفر الإرشادات للطلاب سواء كانت افتراضية أو شخصية – وتوفر فرصًا مفيدة لتلبية احتياجاتهم الاجتماعية والانفعالية.
حسن التخطيط والتنظيم:
- التخطيط للعملية التعليمية الجديدة في ظل الجائحة بالتعاون مع أصحاب المصلحة من أولياء أمور وطلبة، ومعلمين وهيئات إدارية، لتحقيق التوازن بين احتياجات الجميع، وطرح خيارات نظم التعليم المتوفرة.
- مرونة الخطط التعليمية بحيث تستجيب للتطورات في الحالة الصحية العامة، وسرعة الاستجابة للمتغيرات الطارئة بحيث يكون للخطط القدرة في التأقلم مع أنظمة التعليم والتغيير فيها تبعاً لاحتياجات الطلبة والحفاظ على سلامتهم.
- رسم النظم والتعليمات الجديدة والواضحة سواء الموجهة لأولياء الأمور والطلبة، أو الهيئات التعليمية والإدارية، وضمان وصولها إليهم قبل فترة كافية، وتدريبهم عليها.
إعادة صياغة نظم التعليم والتعلُّم:
- ردم الفجوة الرقمية عبر تزويد الطلاب ذوي الإعاقة بالوصول المتكافئ إلى التعليمات والمعارف عبر الإنترنت من خلال الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة والتقنيات المساعدة المناسبة أسوة بأقرانهم.
- توفير الدعم اللازم والبنية التحتية، وأنظمة المساءلة لتلبية احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة وإبقائهم على المسار الصحيح.
- اتاحة نظم التعليم المناسبة للطلبة على اختلاف قدراتهم، بحيث تضمن التوازن بين انخراطهم مع البيئة الاجتماعية المدرسية واحتياجاتهم الصحية وسلامتهم الشخصية.
- تفريد عملية التعليم بناء على خصائص وقدرات الطلبة أصحاب الهمم واحتياجاتهم، وذلك عبر الخطط التربوية الفردية، مع مراعاة أنماط التعليم المناسبة لكل حالة على حدة، وتحديد أنماط الدعم ووسائله في المنزل وخارج النظام المدرسي.
دعم الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور:
- تقديم التدريب للمعلمين ووضع الخطط التي تشجع على زيادة التواصل والتعاون مع الأسر من أجل توفير أقصى وصول للطلاب ذوي الإعاقة، خاصة التعليمات والخدمات الموضحة في برامج التعليم الفردي.
- وضع خطط لتقديم الدعم للطلاب والموظفين الذين يعانون من الصدمة أو أي ظرف من الظروف الحياتية التي تنتج عن الأزمات، وتلبية الاحتياجات الصحية العقلية أو الجسدية أو الاجتماعية أو العاطفية.
- إيلاء عناية واهتمام خاصين لتحديد ما إذا كانت صعوبات الطالب ناتجة عن إعاقة، أو نتيجة فقدان التعليمات أو الصدمة التي تعرض لها أثناء إغلاق المدرسة والعزل المنزلي. لذلك يجب أن تكون المدارس جاهزة لتقديم الدعم أو الخدمات المناسبة في الحالتين كلتيهما.
- توفير التدريب الملائم لأولياء الأمور حول نظم التعليم الجديدة سواء كانت في الدوام المدرسي الكامل أو المنزلي أو المزدوج، بحيث يتمكنوا من القيام بدورهم المساند في المنزل، مع القدرة على استخدام التقنيات الحديثة الداعمة لعملية التعليم.
- دعم تواصل أولياء الأمور والطلبة والمعلمين عبر المجموعات البؤرية التي تحتضن تبادل الأفكار والتجارب التعليمية، ونشر النماذج الناجحة في التعليم في ظل الأزمات.
- الاستثمار في موارد أكثر قوة، والتطوير المهني، ودعم المعلمين الذين يبذلون جهودهم لتوفير إرشادات قائمة على الأدلة ودعم الطلاب ذوي الإعاقات، خاصة في بيئة التعلم الافتراضية، والطلبة الذين يواجهون عقبات أثناء كوفيد 19.
- ابتكار نظم التواصل الاجتماعي والشخصي بين الطلبة، والأنشطة اللامنهجية بشكل افتراضي، بما يضمن سلامة العلاقات الصفية المدرسية وتطويرها واستثمارها في دعم نمو الطلبة الانفعالي.
نظم التقييم والانتقال:
- تطوير آليات التقييم لتناسب احتياجات وقدرات الطلبة، بحيث تعتبر نتائجها انعكاساً حقيقياً للتطور الحاصل في مهارات الطلبة أصحاب الهمم جراء العملية التعليمية.
- إعداد البرامج التي تضمن انتقال الطلبة من بيئات تعليمية لأخرى بناء على التقييم المتكامل الذي يعتبر الوالدان جزءاً أساسياً منه، بحيث تمكّن الطلبة من الانتقال السلس والآمن من مرحلة تعليمية لأخرى أو بيئة تربوية لأخرى.
وأخيراً، سواء تم توفير التعليم في البيئات الصفية أو الافتراضية أو غيرها من نظم التعليم، فإن المهم في الأمر أن يحظى الطلبة أصحاب الهمم بحقهم في التعليم في ظل الأزمات والجائحات أسوة بأقرانهم، مع توفير فرص التفاعل والاندماج في البيئات الأقل تقييداً قدر الامكان، دون أن تكون الأزمات وسيلة لتبرير تدني جودة التعليم المقدمة لأصحاب الهمم، بل أن يتم بذل قصارى الجهود ليحظى أصحاب الهمم بجودة التعليم التي يستحقونها أسوة بأقرانهم.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011