المقصود بالتأهيل السمعي اللفظي؟
برز مفهوم التأهيل السمعي اللفظي نتيجة التطورات العلمية والتقنية التى حصلت في مجال معالجة الضعف السمعي، إذ كان لابد للأساليب التأهيلية والعلاجية أن تتماشى مع هذه التطورات التقنية والعلمية. وقد أتاح تطور المعينات السمعية وعمليات زراعة القوقعة السمعية الفرصة للعديد من الأطفال ضعاف السمع للاستفادة من هذا النوع من التأهيل. ومع استخدام المعينات السمعية القوية ومن خلال عمليات زراعة القوقعة السمعية أصبح بإمكان غالبية الأطفال الذين لديهم ضعف سمعي السماع والتواصل بشكل لفظي مع الآخرين، وهذا هو مبدأ التأهيل السمعي اللفظي.
ويرى أنصار مبدأ التأهيل السمعي اللفظي أن الاعتماد على السمع واستخدام الكلام في التواصل هي السبل التي ستساعد الأطفال ممن لديهم ضعف سمعي على الاندماج في المجتمع والنظام التعليمي بشكل فعال. وفي العالم العربى يكتسب هذا المبدأ أهمية إضافية نظراً لغياب البدائل المناسبة كلغة الإشارة مثلاً، إذ لا توجد حتى الآن لغة إشارة موحدة ومنظمة يمكن أن يعتمد عليها ضعاف السمع في التعلم أو التواصل مع الآخرين.
ويجب التنويه هنا إلى أن أسلوب التواصل السمعي اللفظي هو ليس الوسيلة الوحيدة للتواصل فيما يخص ضعاف السمع، إذ أن هنالك أساليب أخرى كأسلوب التواصل الكلي الذي يشجع استخدام الإشارة وقراءة الشفاه والكتابة وكل ما هو متاح من أجل التواصل مع الآخرين. كذلك يوجد أسلوب التواصل عن طريق لغة الإشارة، ولكن كما ذكرنا فإنه لا توجد لغة إشارة موحدة في العالم العربي كما هو الحال بالنسبة للغة الإشارة الأمريكية ASL، وغالباً ما يتم اختيار أحد هذه الأساليب (التواصل الكلي أو لغة الإشارة) عندما لا يتم تحقيق استفادة من استخدام المعينات السمعية أو عندما لا يستطيع والد الطفل ضعيف السمع التكيف مع متطلبات برنامج التأهيل السمعي اللفظي.
متطلبات نجاح برنامج التأهيل السمعي اللفظي
يعتمد نجاح برنامج التأهيل السمعي اللفظي على توافر البيئة السمعية المتاحة وطريقة استخدام البرنامج العلاجي ومشاركة الأهل.
البيئة السمعية:
في برنامج التأهيل السمعي اللفظي يتم الاعتماد على الاستماع من أجل تعلم اللغة الكلامية. عن طريق السمع وليس النظر، ومن الطبيعى أن يتم التدريب في أفضل الظروف السمعية لتسهيل الاستماع إلى المعلومات وبالتالي تسهيل عملية التعلم. ويتم تعزيز ظروف الاستماع عن طريق :
- الجلوس بجانب الطفل (جهة الأذن الأفضل (
- التحدث بشكل قريب من المعين السمعي أو جهاز القوقعة السمعية الذي تمت زراعته.
- التحدث بشكل طبيعي (عدم الصراخ أو الهمس).
- تقليل الصوت أو الضجيج الموجود في الخلفية (المكيف، التلفاز، وغيرها).
- استعمال أنماط كلامية غنية بعناصر التنغيم والإيقاع والتعبير (مثال: صوت حزين،
- صوت فرح، صوت غاضب، وغيرها).
- استخدام اسلوب الابراز السمعي Acoustic Highlighting) تمييز الكلمات غير
- المفهومة عن بقية الجملة عن طريق لفظها بصوت أعلى أو بنغمة مختلفة).
البرنامج العلاجي:
غالباً ما تكون جلسات التأهيل السمعي اللفظي تشخيصية وإرشادية حيث يتم استخدام هذه الجلسات لتقييم التقدم والمهارات التى أحرزها كل من الطفل ووالديه. وتكون هذه الجلسات فردية بحيث تمكن الأخصائي من تقييم الاحتياجات الخاصة بكل أسرة وطفل على حدة. ويمكن إجراء هذه الجلسات في أي مكان كالعيادة أو المدرسة، وتتم الاستعانة بألعاب الطفل نفسه أو بالمجسمات الصغيرة من أجل خلق جو يساعد على عمل محادثة كلامية مع الطفل عن طريق السمع.
في معظم برامج التأهيل السمعي اللفظي تكون مدة الجلسة ساعة أو ساعة ونصف أسبوعياً، لذا تعتبر مشاركة الأهل هى الأساس لنجاح البرنامج التأهيلي. ومن خلال التشجيع والإرشاد يكسب برنامج جش للتأهيل السمعي اللفظي (جرس) الوالدين الثقة بالنفس التى تمكنهم من تطبيق الأساليب والاستراتيجيات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة.
يقوم أخصائي التأهيل السمعي اللفظي بالتوضيح والإرشاد وتدريب الأهل من أجل مساعدة طفلهم على تحقيق أقصى استفادة من قدراته السمعية. كما يمكن إشراك الطفل في جلسات علاجية جماعية من أجل تحقيق أهداف محددة كتحسين أساليب التواصل مع أقرانه وغيرها من الأهداف.
وبالعمل كفريق يقوم أخصائي التأهيل السمعي اللفظي والوالدان بوضع الأهداف التى يجب العمل على تحقيقها في المنزل. والأهداف للأطفال الأصغر سناً تتضمن اللعب بالمجسمات وعمل الأنشطة المنزلية اليومية، أما الأهداف بالنسبة للأطفال الأكبر سناً فتتضمن سرد القصص وتطوير مهارات الكلام والاستماع بوجود الضجيج أو تعلم مواضيع ذات علاقة بالمنهج الدراسي.
كل هذه الأهداف والتى تعتمد على المرحلة التطورية للطفل، والعمر السمعي والمهارات السمعية يتم استهدافها من خلال اللعب والأعمال الروتينية اليومية والأنشطة الموجهة والأناشيد.
مشاركة الأهل:
تبنى فلسفة التأهيل السمعي اللفظي على وجهة النظر القائلة إن الأطفال يتعلمون الكلام بشكل أسهل عندما يشاركون في أنشطة ذات معنى وفي جو طبيعي ومريح ومع أشخاص يرتاحون لهم (أي في المنزل مع الوالدين)، لذا يقوم الوالدان في جلسات التأهيل السمعي اللفظي بالمراقبة والمشاركة من أجل تعلم ما يلي :
- توفير النماذج الأفضل لطريقة التحدث مع الطفل من أجل تحفيز الاستماع واللغة والأنشطة التواصلية في المنزل وذلك حتى يقوم الآخرون بتقليد هذه النماذج.
- التخطيط لإدخال الاستماع والكلام واللغة والتواصل في الأنشطة الروتينية اليومية.
- التواصل مع الأخصائيين كشركاء في العملية العلاجية.
- إعلام الأخصائي باهتمامات الطفل وقدراته.
- القدرة على فهم المعاني المرتبطة بمحاولات الطفل التواصلية الأولى.
- تطوير أساليب للتعامل مع التحديات السلوكية التى قد تطرأ.
- تسجيل ومناقشة التقدم الذي تم إحرازه.
- فهم الأهداف المرحلية والأهداف الطويلة المدى في الخطة العلاجية.
- اكتساب الثقة بالنفس أثناء التعامل مع الطفل.
- اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة.
- المساهمة في نشر الوعي عن حق الطفل في التواصل بشكل طبيعي مع الآخرين (مثال: تشجيع الآخرين على استخدام الكلام بدلاً من الإشارة مع الطفل).
العوامل التى تؤثر على التقدم :
يتميز كل طفل عن الآخر وكل عائلة عن الأخرى بأنماط تعلم وحياة مختلفة. لذا يختلف مستوى تطور مهارات الاستماع والتواصل من طفل إلى آخر وغالباً ما يعتمد التقدم على عدد من العوامل فيما يلي بعضها :
- عمر الطفل عند اكتشاف مشكلة السمع.
- كلما كان الاكتشاف في المراحل المبكرة كانت فرصة التحسن أفضل.
- سبب أو نوع الضعف السمعي.
- درجة الفقدان السمعي.
- مدى فاعلية المعين السمعي أو جهاز القوقعة السمعية الذي تمت زراعته.
- مدى فاعلية الخدمات السمعية (برمجة المعينات السمعية وعمل قوالب الأذن وغيرها).
- الحالة الصحية للطفل.
- الحالة العاطفية لأسرة الطفل.
- مستوى مشاركة الأهل.
- مستوى مهارة أخصائي التأهيل.
- مستوى مهارة الوالدين.
- أسلوب تعلم الطفل.
- درجة ذكاء الطفل.
- مدى تعاون الأشخاص المحيطين بالطفل (الأصدقاء، الأهل، ….)
المراجع
برنامج جش للتأهيل السمعي اللفظي (جرس) Jish aural /oral rehabilitation activities & skills
اختصاصي نطق ولغة في روضة الأمل للصم