مرحلة العلاج
تحدثنا في المقال السابق عن بعض اضطّرابات اللّغة المكتسبة وعن التقييم وأهدافه وطرق الحصول على العينة الكلامية وسنحاول في هذا المقال عرض العلاج العرضي للسكتة اللّغويّة واَليات العلاج وإجراءات علاج الحالات الشّديدة الإصابة
أولاً – العلاج:
إن العلاج العرضي للسكتة اللّغويّة يقوم على التّخفيف من حدة الأعراض الظاهرة وذلك يكون من خلال:
- زيادة الطّلاقة.
- زيادة طول الجملة عند المريض وذلك باستخدام الكلمات الوظيفيّة والحركات.
- التّخفيف من مشكلات النّطق.
بعض المرتكزات الّتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء عمليّة العلاج:
- دخول الفص الأيسر من الدّماغ بشكل أساسي في عمليّة التّواصل.
- ضرورة بدء العلاج بجوانب استخدام اللّغة لتمكين المريض من التّواصل بشكل صحيح.
- الطّلاقة التّعبيرية تصاب بشكل واضح في الحالات المتوسّطة والشّديدة من السّكتة الكلاميّة.
وبالتّالي فإنّ أهداف التّدريب العلاجيّة تترتب على النّحو الآتي:
- وضوح الكلام (Intelligibility).
- التّنويع في استخدام اللّغة.
- زيادة طول وتعقيد الجملة وزيادة القدرات النحويّة.
وأثناء التّعامل مع المريض فعلى المعالج ملاحظة ما يلي:
- السلوكيات التّلقائية لدى المريض، فهل هي كلاميّة أم غير كلاميّة؟
- فقدان الصّوت.
- التّنوع في التّنغيم.
- استخدام الإشارات.
- أشكال التّركيبات، فهل هي أسماء أم أفعال… الخ؟
- السّلوك العام داخل العيادة، ومدى تكيفه مع الجلسة، فهل يظهر رغبة في التّعامل والانتباه أم لا… الخ؟
- القدرات السّمعيّة والكلاميّة.
- مهارات المحادثة لدى المريض.
ثانياً – آليات العلاج:
توجد لدينا آليتان للعلاج هنا:
- إعادة الإصلاح (Restitution)، حيث أنّ الهدف الرّئيسي في هذه الآلية هو تقوية وتعزيز اللّغة المتبقية. وذلك بزيادة السلوكيات التّعبيرية من خلال الاستثارة ضمن كلّ الطّرق المتاحة من مثل:
- النّسخ ورسم الأشكال.
- · كتابة الأرقام وكذلك كتابة الأحرف الهجائية.
- إنتاج الكلام وذلك عن طريق:
ـ التّقليد: إعطاء النّماذج.
ـ تكملة الجمل: كأن نعرض على المريض صورة ونقول له هذه الصّورة لــِ …
ـ تكوين الجمل: ويكون ذلك باستخدام الصّور للوصف.
ـ إثراء المخزون المفرادتي لدى المريض. وينصح المعالج بالاستعانة بالقدرات المتبقية لدى المريض والمحاولة لتركيزها وزيادتها.
- الاستبدال (Substitution) والتّعويض (Compensation) وترتكز هذه الآلية على تدريب المريض لتمكينه من استبدال السلوكيات غير المرغوبة بسلوكيات مرغوبة وكذلك تمكينه من التّعويض عما فقده من اللّغة. ويعتبر الهدف الأساسيّ في علاج هذا النّمط من السّكتة اللّغويّة هو إنتاج جملة مقبولة نحوياً وصوتياً واستخدامياً.
عند التّخطيط للجلسة العلاجيّة فعلى المعالج أن يعطي انتباهاً كافياً لثلاثة عناصر:
1 ـ الشكل الفنولوجي
- على المعالج تأسيس عدد من الجمل المكونة من كلمة واحدة حيث أنّ المريض بحاجة ماسة لهذه الجمل لاستخدامها لتأدية وظائف كثيرة من مثل الطّلب، والرّفض… الخ.
- إضافة بعض الكلمات الوظيفيّة لاكتمال جمله.
- تدريبه على الكلمات المألوفة السّهلة. والتّدرج في زيادة طول التّفوه.
2 ـ الشكل النّحويّ:
- التّعامل مع مكوّنات الجملة كالأسماء والأفعال والصّفات بشكل متساوٍ من ثم إدخالها في جملة تدريجياً.
- التّركيز على الوضوح في الكلام أولاً، ومن ثم الاهتمام بالطّول والتّعقيد.
- تجنب تعليم المريض القواعد والأبنية الصّعبة.
- استغلال حاسة البصر وذلك باستخدام الوسائل المساعدة لاستثارة هذه الحاسة واستغلالها.
3 ـ استخدام النّبر والتّنغيم:
- إعطاء نماذج ميسرة تظهر أهمية التنغيم والنبر في الكلام.
السّكتة اللّغويّة المنسوبة إلى منطقة فيرنك (Wernike’s Aphasia):
ويطلق عليها السّكتة اللّغويّة الحسيّة، ويظهر فيها الاستيعاب ضعيفاً مع سلامة في النّطق، غير أنّ الكلام غير منتظم وغير صحيح. وينتج هذا النّوع من السّكتات من عطب في التّلفيفة الصّدغيّة الأولى من الفصّ الدّماغيّ المسيطر، ومن الملاحظ قرب العطب من القشرة الدّماغيّة المسؤولة بشكلِ أساسيّ عن السّمع.
ويمكن تلخيص أعراض هذه السّكتة بما يلي:
- عدم إصابة السّمع في الأغلب.
- إنتاج طليق للكلام مع تنغيم طبيعيّ، ولكنّ كلامهم عبارة عن أبنية فنولوجيّة صحيحة بدون معنى. ويكثر في كلامهم تكرار الأصوات، وتبديل أماكنها، هذا إلى جانب إمكانيّة صحّة البناء النّحويّ (Well-formed Syntactically)، بغض النّظر عن صحّة المعنى.
- التّدني الشديد في درجة استيعاب المريض وذلك تبعاً لشدّة العطب؛ ونتيجة لهذا التّدني في الاستيعاب، فإنّهم لا يتحكّمون بأنفسهم. وقد يصاحب هذه الأعراض ضعف في الإدراك، ومشكلة في إيجاد الكلمات المناسبة. كما ويواجهون صعوبة في القراءة والكتابة.
العلاج:
كثير من أصحاب الخبرات في العلاج يقولون: إن الحالات الشّديدة (Severe) من هذا النّوع لا تعالج، ولكن البعض يخالفونهم الرّأي ويذكرون خبراتهم في المجال وتكمن الصّعوبة أو الاستحالة في العلاج أن المشكلة واقعة في حقل الاستيعاب، وبما أن العلاج هو عبارة عن تعامل يتمّ بين المريض والمعالج، فعل المريض أن يتحلى بالقدرة على تحليل التّعليمات الّتي يلقيها عليه المعالج، وهذا التّحليل للتعليمات يقوم على قدرة الاستيعاب أصلاً.
اقترح بعض الخبراء في هذا المجال إجراءات لتحسين مستوى الحالة. وبدءاً يجب أن نقف على أرضية صلبة من حيث فهم وضع هذا النّوع من المصابين، فإنّهم يواجهون مشكلة صعبة في الاستيعاب وكذلك في الإنتاج لما سبق وذكرناه، إلى جانب الاضطّرابات غير اللّغويّة من مثل الانتباه وتدني القدرة الإنتاجيّة والمشكلات الوجدانيّة. وبالتّالي فإن المعالج يواجه مشكلة في التّعامل مع نوع من الحالات لا توجد كفاية ما يستطيع أن يبني عليها أو يرتكز عليها. ومن هنا فإنّ المشكلة العظمى في العلاج هي تحديد نقطة البداية، من أين يبدأ المعالج؟ وحتّى لا نصل إلى طريق مسدود يخبئ وراءه اليأس، فإنّ هناك شعاراً يتعامل به أصحاب الخبرة وينقلونه إلى المعالجين الأقل خبرة وهذا الشّعار هو: إذا كنت كمعالج لغويّ تعتقد أن استراتيجية ما ستكون مفيدة فاستخدمها، فإنّ أدت ما توقعت فاستمر بها، إلا فابحث عن غيرها دون ملل أو كلّل.
وللقيام بعمليّة التّقييم بهدف العلاج يجب أن تبقى في ذهنك الآتية:
- يجب أن يكون التّقييم مستمراً وذلك لتتمّ متابعة أي تحسن قد يحصل للبناء عليه.
- يمكن للتّقييم أن يكون غير رسمي أي بالاعتماد على قدرات المعالج في التّعامل مع الحالة أو عن طريق استشارة الأهل والأصدقاء والزّملاء.
- يمكن استخدام الاختبارات القياسية عن حصول التّحسن، ذلك إن إجراءها يتطلب قدرات معيّنة لدى المريض.
وممّا يلاحظ على المصاب بهذا النّوع من السّكتات:
- التّدني في قدرتي الانتباه والإدراك، وبالتّالي يجب أن يوضع هذان الجانبان كهدفين رئيسين في بداية العلاج.
- استمرارهم في الكلام غير المفهوم كاستجابة لأقل استثارة.
وهنا يمكن الاستفادة من عمليّة فصل الوظائف في الدّماغ. حيث أنّ بعض المرضى قد يستوعبون الكلام المكتوب للكشف عن القدرات الموجودة عند المريض وذلك باستغلال كلّ الحواس، حيث أنّ نجاحنا في الاستدلال إلى أي قدرة قد يكون طريقنا إلى العلاج.
ثالثاً – إجراءات علاج الحالات الشّديدة الإصابة:
إن هذا الأسلوب في العلاج يهدف إلى تحسين قدرة المريض في الانتباه واستيعاب المعلومات.
- استخدام الإشارات لتحسين الانتباه من مثل حركة اليد، أو ضرب الطّاولة بالقلم.
- استخدام الإشارات والطّرق التّوضيحية المختلفة للكلام من مثل الصّور وغيرها من الوسائل حتّى تصل الأسلوب المريح للمريض ومن هذه الاساليب.
- الاستفادة من الحاسة البصريّة وذلك بكتابة المعلومات وقراءتها من قبل المريض إن كان يعرف القراءة أصلاً.
- استخدام أسلوب التّفاعل شخص لشخص (One to One).
- استخدام التّواصل الكلاميّ كأن تناديه باسمه. مع التّبطيء في سرعة الكلام.
- وكذلك اللّجوء إلى الإعادة والتّكرار لإيصال المعلومة.
وقد تكون العناصر الآتية مفيدة للتعامل مع هذا النّوع من الحالات:
- الإكثار والتّنويع في الأساليب المستخدمة للعلّاج، واللّجوء إلى التّكرار في أكثر من قالب لزيادة القدرة على الاستيعاب عند المريض.
- التّقليل من التّعقيد النّحويّ وذلك باستخدام تراكيب وجمل بسيطة قائمة على تفوهات قصيرة.
- التّركيز على كلمات المحتوى ذات المعنى والمرتبة في جمل بسيطة أكثر من التّركيز على الكلمات الوظيفيّة.
- حاول الاستفادة من أفراد العائلة لقربهم من المريض ومعرفتهم طباعه.
أمّا بالنّسبة لعلّاج الحالات الأقل شدة، فإنّ علاجهم يهدف إلى تحسين قدرتهم على الاستيعاب الكلاميّ (Auditory Comprehension) وكذلك التّعبير الكلاميّ (Verbal Expression) وذلك بالاعتماد على الاستثارة السّمعيّة المكثّفة. وقبل البدء بالعلاج، فإنّه ينتظر من التّقييم أن يقدّم لنا المعلومات الآتية:
- نمط وشدة العجز الاستيعابيّ.
- المتغيرات الّتي من الممكن أن تكون ذات فائدة في العلاج.
- الظروف الّتي تساعد على التّواصل والظروف المعاكسة الّتي تعمل على إعاقة التّفاعل، ومحاولة الاستفادة إلى أقصى درجة من السلوكيات اللّغويّة، وكذلك معرفة الكلمات الّتي يفضلها المريض وتلقى استجابة طيبة منه، ومحاولة البناء عليها.
- التّركيز على الوصف باستخدام مثيرات مختلفة أكثر من تسمية الأشياء.
يتبع في العدد القادم
المرجع المستفاد منه:
اضطرابات التواصل د. وائل أبو جودة
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.