ينتج عن الطلاق تأثيرات ذات ضغوط سلبية على الوالدين والأطفال. ويعتبر الطلاق المسبب الثاني للضغط عند الأطفال بعد موت الوالدان أو طلاق الوالدين، وسبباً للضغوط النفسية على الطفل أكثر من موت صديقه. فقد أجريت دراسة على طلبة مدرسة ثانوية، تضمنت الدراسة «الإيذاء الجسدي» من قبل الآباء، والشعور بعدم وجود من يحبه، بالإضافة إلى ردود فعل الطفل لموت أحد الوالدين وجد أنه لا يختلف كثيراً عن رد فعل الأطفال من طلاق والديه حتى وإن كان الطفل على اتصال بوالديه.
والمشكلات التي قد يواجهها الطفل نتيجة للطلاق تتضمن مشكلات سلوكية، أكاديمية، انفعالية، واجتماعية تؤثر على كل سمات الشخصية للطفل. بالإضافة، فإن هؤلاء الأطفال عادة ما يعانوا من مشكلات سلوكية في المدرسة، وضعف في التحصيل الدراسي، وسوء العلاقات الاجتماعية، والخوف من المدرسة.
يتصرف الأطفال من مختلف الأعمار تجاه طلاق والديهم بطرق مختلفة، فقد يتصرف الأطفال بطرق جديدة لكونهم وصلوا إلى مستويات متقدمة مختلفة. على سبيل المثال فإذا تم طلاق الوالدين وطفلهم في مرحلة ما قبل المدرسة، فإن الطفل يتصرف مثل أطفال أعمار مرحلة ما قبل المدرسة بالضبط. على أية حال، حينما يصل الطفل لعمر 6 ـ 7 ويدخل مرحلة جديدة من التطور، سيتصرف أيضاً مثل أطفال تلك المرحلة بالضبط. هذا مثال ممتاز لكيفية كون الطلاق يحدث كعملية جماعية وليس مجرد حدث فردي. لابد أن يحدث التكيف في كل مستوى متطور. هناك تأثيرات قصيرة وطويلة المدى لطلاق الآباء، إيجابية وسلبية. في القسم التالي، يهتم البحث بالتأثيرات قصيرة المدى لكل مرحلة عمرية، والتأثيرات طويلة المدى الممكنة. قصيرة المدى:
تناقش الباحثون في أي مرحلة يواجه الطفل الصعوبة الأكبر في التكيف مع طلاق الوالدين. فقد وجدت بعض الدراسات أن الأطفال الأصغر سناً يعانون أقل ويتعاملوا أفضل ويهابوا الطلاق أقل من الأطفال لأكبر سناً (والرستين 1984، والرستين، كيللر 1980)، ولكن بعض الدراسات الأخرى وجدت أن الأطفال الأصغر سناً يتكيفوا بصعوبة أكبر من الأطفال الأكبر في وقت حدوث الطلاق. وأشارت نتائج دراسات أخرى أن حالات الطلاق التي تحدث قبل بلوغ الطفل تؤثر وتعتبر خطر كبير على التطور العاطفي والاجتماعي للأطفال مقارنة بغيرهم من الأطفال أكبر سناً (زل، موريسون، كويرو 1993).
بغض النظر عن العمر الذي يعاني فيه الأطفال من صعوبة في التكيف مع الطلاق، فإن هناك بعض التناقض عن حقيقة أن الأطفال يتصرفوا بطرق مختلفة في أعمال مختلفة بالنسبة لطلاق الوالدان. باختلاف القدرات المعروفة في ردود الفعل العزيزية، سلوكيات، ومشاعر عن طلاق الوالدين عند الأطفال
للأعمار المختلفة. أطفال ما قبل المدرسة يتصرفوا باختلاف عن المراهقين، حتى أن هناك اختلافات في ردود الأفعال بين أطفال السادسة وأطفال التاسعة في العمر. سوف نلخص هذه الاختلافات في ردود الأفعال للأطفال في خمس مراحل للطفولة (الرضع، الأطفال في أعمار تعلم المشي، مرحلة الحضانة، أطفال المرحلة الابتدائية، أواخر المرحلة الابتدائية والمراهقين).
االرضع وحديثو التعلم للمشي:
إن الأطفال في عمر السنتين هم أقل مجموعة عمرية تعرضت للدراسات الميدانية. وبالتالي فإن معرفة تأثير الطلاق عليهم قليل جداً. لكن تأثيره عليهم غير مباشر.
ردود فعل متطابقة للأعمار المختلفة للأطفال لطلاق الوالدين
- حديثو الولادة والرضع (2 ـ 5 سنة) تأخر في الكلام، والشعور بالغربة أثناء زيارة الأب أو الأم غير الحاضنين، أصبحت أجواء المنزل أقل تعارفاً وأقل تحفيزاً على إقامة علاقات اجتماعية.
- مرحلة الحضانة (3 ـ 5 سنة) ارتباك في الهوية، وأفكار لا عقلانية، الشعور بالذنب واللوم. تراجع في النمو، قلق تفريقي (التصاق بالبالغين)، زيادة العدوانية، انخفاض التواصل بين الطفل والبالغين والتحفيز المعرفي، انخفاض القدرة العقلية والتحصيل في الدراسة.
- أطفال المرحلة الابتدائية (5 ـ 9 سنة) حزن عميق، آمال لإعادة لم الشمل، والخوف من إمكانية الاستغناء عنهم، ورفض (الطعام ـ المال… الخ). وانخفاض التحصيل، ومستويات أقل عن أقرانه في المهارات الاجتماعية والتعارف، وزيادة العنف والتمثيل.
- أواخر المرحلة الابتدائية (9 ـ 12 سنة) غضب عارم، حزن، كآبة، زيادة الاندفاع مثل (الكذب، الغش، السرقة) مشاعر بالوحدة والعزلة، شكاوى نفسية، الخوف من المدرسة.
- المراهقون (12 ـ 18 سنة) أكثر اعتماداً على نفسه، مشاعر كآبة تتبعها العزلة، غضب، بعض الأوقات مصحوب بعنف، خسارة التحكم في النفس يؤدي إلى استقلال غير ناضج أو إشراق أقل ينتج عنه زيادة التصرفات الخطرة.
يؤثر الطلاق كثيراً على الأب الحاضن أو الوصي. ويتأثر تطور الطفل الجسدي والمعرفي والاجتماعي والعاطفي بقدرة الوصي الأول بإعطاء بيئة محايدة ومحفزة للطفل. إذا لم يكن الطفل قادراً على إعطاء هذا الطفل نتيجة لمشاعر الاكتئاب التابعة للطلاق أو الغضب من الطرف الآخر، فإن تطور الطفل سيعاني من تأثيرات مرضية.
الرؤية مع الوالد/ الطرف غير الحاضن للطفل هامة للغاية، بسبب مستوى التطور المعرفي لهم، فإن عدم رؤية الأب لمدة أسبوع قد تتسبب في مشاعر قلق وغربة ناحية الأب غير الحاضن، الزيارات العديدة القصيرة هي المفضلة عن زيارة واحدة طويلة في الأسبوع. الزيارة ذات طابع التكرار المرتفع متعلقة بمستويات أعلى للتأثير ناحية الآباء بواسطة الأطفال. أنماط الزيارات القصيرة متعلقة بالتأخر في التحدث للأطفال.
تختلف بيئة منزل الأطفال الطلاق إلى حد ما عن بيئات المنازل للأطفال من عائلات متصلة. الأمهات المتزوجات تمد الأطفال بأجواء محفزة ومعرفية وأكثر اجتماعية عن الأمهات المطلقات، حتى لو كانت الأم تعمل بالخارج.
وعلى أية حال، هذه الاختلافات ـ في المدى القريب ـ لم توجد لتؤثر على القدرة العقلية، بسبب الأبحاث المحدودة في هذه المنطقة، مطلوب معلومات أكثر لتوضيح تأثيرات الطلاق على أجواء المنزل بالنسبة للرضع وحديث التعلم.
ما قبل المدرسة:
الأطفال من سن 3 سنوات إلى 5 سنوات تقريباً يعتبرون أطفال ما قبل المدرسة (حضانة).
قد يذهب بعضهم إلى دار الحضانة، لكن يبقى الآخرون في المنزل مع أب واحد كل الوقت، فإن نقاش التأثيرات الناتجة عن الطلاق لأطفال ما قبل المدرسة هو مركز عن أي مجموعة عمرية أخرى تمت مناقشتها.
أكثر الأبحاث المكثفة عن تأثيرات الطلاق على أطفال ما قبل المدرسة تمت بواسطة والرستين وكيللر (1975). هذا البحث سوف تتم مناقشته هنا بالتفصيل.
34 طفلاً في سن الحضانة تمت دراستهم بعد طلاق والديهم.
كان كل الأطفال مهتمين بواسطة والديهم أن ينموا بطريقة طبيعية بعد الطلاق، ولم يحتاج أحد لعناية نفسية. وتمت مقابلة العائلة من أربع إلى ست مرات خلال أسبوع، ومرة أخرى بعدها بعام. وهنا تم تقسيم الأطفال لثلاث مراحل عمرية داخل مجموعات فرعية.
أصغر أطفال الحضانة في هذه الدراسة (أعمار 2.5 ـ 3.25 سنة) تمت ملاحظتهم وملاحظة تجاوبهم مع الطلاق بتغيرات سلوكية ملحوظة، متضمنة التأخر في استعمال الحمام، زيادة في التوتر، الصراخ، البكاء، الخوف، قلق من الفراق، مشاكل بالنوم، ارتباك بالهوية، سلوكيات عدائية، الاعتماد على أشياء انتقالية، نوبات هياج، بعض الأطفال أصبحوا متملكين للألعاب بينما آخرون تم استثمارهم بسلوكيات جيدة وإعطاء هدايا لوالديهم. الأطفال الذين يعانون من العنف هم هؤلاء الأطفال الذين لم يتلقوا أي تفسير لرحيل الأب. لاحظ الآباء اختلاف في جودة لعب الأطفال. في العام التالي، التأخر، زيادة في العنف، الخوف، والسلوكيات التملكية اختفت مع أغلبية الأطفال. العديد من الأطفال الآن أثبتوا حاجتهم العظمى للبالغين، يحتاجون لمسك الأيدي والجلوس على الإقدام وفي أحضان الأشخاص الذين قابلوهم للتو. أطفال هذا العمر والذين يواجهون أقصى صعوبة للتأقلم والاستمرار في العام التالي هم هؤلاء الأطفال الذين استمر ذووهم في القتال بنفس المستوى ونفس الدرجة التالية للطلاق والذين لم يستطع الأب، الطرف الحاضن أن يمدهم بالعون أو المساندة.
المجموعة المتوسطة لأطفال ما قبل المدرسة (أعمار 3.75 ـ 4.75 سنة) لم يثبتوا تأخراً مثل الأطفال الأصغر، وأقل من نصف الأطفال في هذا العمر أظهر أي نوع من التأخر على الإطلاق. لم يصبح الأطفال أكثر بكاءً وصراخاً وهياجاً وخوفاً، (بل إنهم أيضاً أظهروا مستوى مرتفعاً من السلوكيات العنيفة. هؤلاء الأطفال يبدون مرتبكين من فقدان أحد الوالدين، ويحاولون بجهد أن يتأكدوا من الفقد. يعتقد الكثير من الأطفال الآخرين أنهم قد يخسروا الأب الثاني أيضاً، واضطراب الهوية الشخصية، والقلق من هذه الناحية يمكن إثباته.
هؤلاء الأطفال يظهرون أيضاً مشاعر قوية لتأنيب الذات، كما ثبت في لعبهم ولغتهم. في السنة التالية، أغلبية الأطفال كانوا أسوأ مما كانوا عليه بعد الطلاق مباشرة. الأطفال الذين ساءت حالاتهم أظهروا زيادة في الشعور بالقلق، والوحدة في تدبر الذات، حزناً عظيماً، وزيادة في الاحتياجات، مع زيادة في الرغبة في الاتصال الجسدي مع البالغين.
في النهاية، المجموعة الكبرى للأطفال ما قبل المدرسة (أعمار 5 ـ 6) أظهروا زيادة في القلق والعنف، وزيادة في الصراخ، والتقلب المزاجي، ونوبات الهياج والقلق من الفصل، التعبير عن مشاعر الحزن والحنين للطرف الآخر غير الحاضن لمن أجروا معهم المقابلة.
خلال السنة التالية للمتابعة، فإن الأعراض لطفل من كل 3 أطفال ساءت منذ أول لقاء. هذه الصعوبات تم توضيحها في صعوبات المدرسة، تقارير معنونة بأسماء من المدرسة أشارت إلى عدم ارتياح عميق، أحلام يقظة، عدم التركيز، التعلق بالمدرسين، وعلاقات اجتماعية ضعيفة وكانت تلك السلوكيات ـ بلا شك ـ تؤثر على قدراتهم للتعلم.
تبعاً لمستواهم في النمو العقلي والمعرفي، قد يختبر أطفال ما قبل المدرسة كمية كبيرة من الاضطراب فيما يخص طلاق والديهم، وقد يسبب لهم هذا الارتباك عدم استيعاب لأسباب انفصال الوالدين. ولا يستطيع أطفال الحضانة أيضاً أن يميزوا بين الخيال والحقيقة، وبالنسبة لهم، فإن هواجسهم وخوفهم من الذنب، الهجر وحتى الصلح والاتفاق تبدو حقيقية وتسبب قدراً كبيراً من القلق والضغط.
وأيضاً تبعاً لمستوى نموهم، قد يعبر أطفال الحضانة عن مشاعرهم بطرق عملية أكثر منها لفظية، لأنهم غير قادرين على التعبير عما يريدوه بالفعل وعما يشعروا به ويفكروا فيه بالكلمات. والأطفال في هذا العمر قد يشعرون بدرجة هائلة من الشعور بالذنب. ولأنهم مازالوا إلى حد ما أنانيين ومحبين للذات في داخلهم، فإنهم يشعرون أن كل الأحداث بدرجة ما متعلقة بأفعالهم وسلوكياتهم. إنهم لم يكتسبوا بعد الفهم الواضح لعلاقة السبب والأثر، خاصة عندما يتعلق الأمر بشيء اجتماعي. وقد يشعر الأطفال بالاهتمام بموضوع كونهم غير محبوبين، أو الأسوأ وهو عدم إمكانية حبهم لرحيل أحد الوالدين. في هذا العمر، عندما يكره الأطفال شيئاً أو شخص ما، أو يعتبرونه «سيئاً»، فإنهم يبتعدون جسدياً عنه. ولم يروا أن ابتعاد أحد الوالدين جسدياً كإشارة إلى كونهم مكروهين أو «سيئين». التأخر هو رد فعل شائع وفوري لأطفال الحضانة الذين تطلق ذووهم، خاصة للمهارات المكتسبة، مؤخراً. هذا دليل شائع وملموس أكثر في استعمال الحمام، ولكن قد يتضمن أيضاً زيادة في استعمال أشياء الحماية (بطانية ـ دبدوب ـ مص الإبهام… الخ).
عادة ما يعاني أطفال الحضانة من مخاوف مكثفة بعد رحيل أحد الوالدين من المنزل لأطفال الحضانة، العائلة والوالدان هم مركز الكون بالنسبة لهم، وإذا رحل أحد الوالدين، ففي أغلبهم قد يرحل الآخر أيضاً. إنهم يعانون من صعوبة في فهم مرور الزمن، وبعض الأيام قد تبدوا لهم مثل الدهر كله (تيبر 1992). هذه المخاوف تنبع من الفروق الروتينية عن الأب الحاضن والافتراق طويل المدى عن الوالد غير الحاضن.
إن الخوف السابق للاقتران النهائي عن طريق الهجر من كلا الوالدين. قد يظهر متمثلاً في رغبة قوية لعدم ترك المنزل، أو أن يصبح حزيناً عند رحيل الوالد. وقد يحدث هذا حتى عند ذهاب الطفل إلى مكان كان يستمتع فيه بالماضي؛ بيت الجدة، مدرسة حضانة وألعاب…. الخ). أطفال ما قبل المدرسة الذين تطلق ذووهم يزيد عندهم معدل القلق أثناء النوم. فقد لا يرغب الطفل بالنوم، وقد يعاني من الأرق، وقد يرغب آخرون في النوم مع الطرف الحاضن (لنموهم من الهجر)، وزيادة في الكوابيس والتبول اللاإرادي.
قد تتأثر التنشئة الاجتماعية أيضاً بطلاق والدي أطفال ما قبل المدرسة، حيث يظهر الأخيرون زيادة في العنف تجاه الوالدين، الأشقاء ومن في سنهم، قد لا يلعبون أيضاً مع الأصدقاء من سنهم (نظرائهم)، والأشقاء، وقد يفضلون قضاء الوقت وحدهم. وقد وجد أن الأطفال من العائلات ذات الوالد الواحد يعانون من مستوى منخفض من الشخصية الاجتماعية عن نظرائهم من العائلات ذات الوالدين في أعمار دخول المدرسة. وقد يوقف بعض الأطفال الأنشطة الجماعية وألعاب الآخرين، بينما أطفال آخرون قد يهتمون أكثر في أن يصبحوا جيدين، ويعاقبوا أطفال آخرين لعدم الطاعة، أو يصبحوا نمامين. وبالتالي هذه السلوكيات تجعل هؤلاء الأطفال غير مرغوب فيهم باللعب من الأطفال الآخرين وأطفال الطلاق في هذا العمر يعبرون أيضاً عن اهتمام أقل بالعلاقات الاجتماعية عن غيرهم من الأطفال.
تتأثر وظائف وطباع أطفال الحضانة بعد الطلاق كثيراً بطباع الطرف الحاضن، لأن العائلة ما زالت هي المجموعة المبدئية للتنشئة الاجتماعية لهؤلاء الأطفال. وقد وجدت دراستان أن أجواء المنزل لهؤلاء الأطفال المقيمين مع أمهات مطلقات هي أقل معرفة وأقل تحفيزاً على الاجتماعيات عن منازل أطفال الحضانة للعائلات المتصلة.
قد يعاني أطفال الحضانة من تأخر في التطور المعرفي بعد الطلاق، حيث وجد (أجونك 1976) أن الكمية الكلية لتواصل الطفل والبالغ لها تأثيرات هامة على نمو الأطفال العقلي. وعموماً، مع الطلاق تأتي إيضاحات أقل لاتصال البالغين بالطرف غير الحاضن الذي لم يعد يعيش مع الطفل، ومع الطرف الحاضن الذي زاد أهل منزله وبالتالي زادت مسؤولياته. ووجد أن أطفال الحضانة من منازل ذات طرف واحد من الآباء يعانون من درجات أقل في الاختبارات الفرعية الشفهية ونسب أولية. ولاحظ المدرسون أن هؤلاء الأطفال أصبحوا أكثر عدائية، وأكثر قلقاً وخوفا،ً ويعانون من عدم تركيز شديد.
بالإضافة إلى ذلك، وجد جيوديوبالدي وبيري (1984) أن الأطفال من عائلات ذات الوالد الواحد(الأب، أو الأم) يعانون في سن المدرسة من قدرات أكاديمية أقل عن الأطفال من العائلات ذات الوالدين، بغض النظر عن الحالة الاقتصادية والاجتماعية. في الحقيقة ـ وفي هذه الدراسة، فإن وجود والد واحد كان هو أقوى وأهم عائق بين التنافس الأكاديمي المتنوع في سن دخول المدرسة. وأيضاً وجدت دراسة أخرى أن أطفال الطلاق الموجودون في يوم رعاية لا يسجلون درجات أقل في القدرات العقلية عن أطفال المنازل المتصلة، بل في الواقع وفي بعض الحالات يسجل أطفال الطلاق درجات أعلى.
وجدت دراسة بيري جيوديوبالدي (1984) فروقات أكاديمية فقط، ولم تجد فروقات في القدرات العقلية لأطفال الطلاق بالمقارنة مع العائلات المتصلة. وفي دراسة آدافر وكروست مان (1980)، تم ربط التأخر العقلي بوضع أطفال الحضانة في البرنامج، والذي زاد من حجم اتصال الطفل والبالغ. وتشير الدراستان كلتاهما إلى أن الطلاق وحده لا يؤثر سلباً على التطور العقلي لأطفال الحضانة، ولكن قلة حجم الاتصال بين الطفل والبالغين الذي يلي الطلاق هو الذي قد يسبب هذا. إجمالاً، فإن أكثر ردود الأفعال شيوعاً لأطفال الحضانة بالنسبة لطلاق والديهم هو الارتباك العقلي والمعرفي متضمناً لوم الذات، وتأنيب الضمير، وتأخر مراحل التطور، وزيادة العنف، الصراخ، والتعلق بالبالغين.
إن قلة الاتصال بين الطفل والبالغين قد تبدو نتاجاً لقلة التحفيز المعرفي والعقلي والذي قد يسبب ـ بالتالي ـ قلة الدرجات العقلية والإنتاجية.
أطفال المرحلة الابتدائية المبكرة
تتراوح أعمار أطفال المرحلة الابتدائية بين 5 ـ 9 سنوات. ويظهر البحث عامة أن رد الفعل الأولي على الطلاق لأطفال هذه المرحلة العمرية هو الحزن. يستطيع أطفال هذه المرحلة أن يعبروا عن مشاعرهم بالكلمات أكثر، وقد يتكلمون عن حزن عميق لفقدانهم أحد والديهم. ثم قد يبكون بلا سبب واضح. العديد من المعتقدات اللاعقلانية هي شائعة مع تلك المرحلة العمرية، والاعتقاد الشائع لأطفال تلك المرحلة هو أن الطلاق لا يحتمل، وأن أوهام الرجوع ولم الشمل تكون شائعة. بالإضافة إلى جانب آخر يحتاج أطفال تلك المرحلة إلى شخص ما ليلقوا عليه باللوم قد يظهرون غضباً عارماً على أحد الوالدين لرحيله، أو على الآخر بسبب «إلقائه» للطرف الآخر خارج المنزل. أطفال المرحلة الابتدائية قد يهابون إمكانية عدم وجود طعام وبضائع كافية لإعانة الأسرة، ولهذا قد يأكلون بشراهة. ويعاني أطفال تلك المرحلة أيضاً من خوف عميق وهم من الإحلال، أن والدهم سوف يذهب ويتزوج بأخرى وينجب طفلاً آخر.
ويظهر أطفال تلك المرحلة تأخراً وقتياً في الأداء المدرسي؛ المرحلة الابتدائية هي الوقت حينما تكون الصعوبات، وقد وجدت العديد من الدراسات أن أطفال الطلاق يحصلون على متوسط درجات منخفضة بدرجة ملحوظة في الصف عن الأطفال من العائلات المتصلة. ومما يثير الدهشة، ما توصل إليه بيير (1989) من عدم وجود فروقات معينة بين هاتين المجموعتين في امتحان المهارات الأساسية.
وفي دراسة على الأطفال اليونانيين، وجد انخفاضاً في الأداء الأكاديمي لأطفال الطلاق الذين يعانون من القلق، على الرغم من أن معدل الطلاق في تلك البلاد غير مرتفع كما هو في الولايات المتحدة، فإن تأثيرات الطلاق على الأطفال من تلك الجنسيات مماثلة للتأثيرات الضارة التي وجدت في الأداء الأكاديمي مع الأطفال الأمريكيين.
وبالنسبة لأطفال المرحلة الابتدائية، فإن نظراءهم يصبحون ذوي أهمية في حياتهم الاجتماعية. وحتى تصل إلى هذه النقطة فإن العائلة هي الوحدة الأساسية للتنشئة الاجتماعية، ونجد أيضاً أن بداية المدرسة تزيد من الدائرة العلاقات الاجتماعية للطفل.
يبدو أطفال الطلاق كما لو كانوا في عيب كبير عندما يبدؤون العلاقات مع أقرانهم. ووجدت العديد من الدراسات أن أطفال الطلاق يحظون باقتراحات أقل إيجابية وأكثر سلبية من أقرانهم فيما يختص بتمارين القياس الاجتماعي في الفصل.
وإجمالاً، فإن ردود الفعل الرئيسية لأطفال الطلاق في المرحلة الابتدائية المبكرة هي حزن جارف ومعتقدات لا عقلانية متضمنة آمال الرجوع ولم الشمل، الخوف من عدم توافر الطعام الكافي والمال أو المتطلبات المادية الأخرى، الخوف من الإحلال «ببديل» ـ أطفال آخرين ـ والحاجة للوم شخص ما على الطلاق. بالإضافة إلى ذلك يميل هؤلاء الأطفال لنيل درجات أقل عن أطفال المنازل المتصلة، ولكن لا توجد فروقات دائمة، مستمرة في الأداء العقلي.
واجتماعياً، يحظى أطفال الطلاق في المرحلة الابتدائية على نسب أقل من المدرسين ومن الأطفال فيما يتعلق بالقدرات الاجتماعية والشعبية، تتضمن المشكلات السلوكية التمثيل وزيادة العنف.
أطفال المرحلة الابتدائية في الفترة النهائية:
أعمار المرحلة النهائية من الفترة الابتدائية تتراوح بين 9 ـ 12 عاماً بينما يكون لرد الفعل الأولى للأطفال الأصغر هو الحزن، فإن رد الفعل الأولي لأطفال نهاية المرحلة الابتدائية هو غضب عارم على أحد الوالدين أو كليهما بسبب الطلاق. قد يصبح الطفل «منفلتاً أخلاقياً» على والده أو والدته لتصرفهم بتلك الطريقة غير الأخلاقية وغير المسوؤلة. وأطفال هذا العمر لا يبدؤون الثورة عادة على قيم الوالدين والقيم الأبوية، بل في الواقع يتبنون ويتبعون وجهات نظر والديهم أكثر من الأطفال في أي مرحلة عمرية أخرى، لكونهم فخورين جداً بوالديهم وعائلاتهم وخاصة والديهم. وعندما لا يتبع الأشخاص الذين يعلمونهم قواعد العدل والصواب والخطأ فإن هذا يغضب الأطفال.
هناك أيضاً شعور بالحزن والغضب من فقدان الاتصال العائلي لأطفال تلك المرحلة. هذا الشعور بالاكتئاب يبدو أكثر وضوحاً في زيادة مستوى النشاط عن الأطفال الأصغر الذي يظهر عندهم زيادة في نسبة الكسل والبلادة بسبب الاكتئاب، فإن أطفال تلك المرحلة قد يعانون من صعوبة التحكم في تلك النوبات والتي كانت من قبل تحت السيطرة. وقد يميل أطفال تلك المرحلة إلى الزيادة في الكذب، والغش أو السرقة، هذه التغيرات السلوكية قد تحظى بتأثيرات إضافية على كل من التنشئة الاجتماعية والقدرات الأكاديمية لأطفال الطلاق.
رد فعل آخر هو الشعور بالوحدة والعزلة وافتقاد الهمة والقوة من جانب الأطفال. وقد يتبع هذا فقدان الهوية والذي يعتمد على كونك جزءاً من عائلة متصلة. قد يجلب هذا الشعور بالخزي الخجل وعدم القدرة على مشاركة هذه المشاعر والهموم مع الزملاء، مما يؤدي إلى زيادة في الشعور بالوحدة والعزلة والشعور بافتقاد القوة في المواقف قد يؤدي أيضاً لزيادة التحكم الخارجي.
أطفال تلك المرحلة يعانون من المشكلات نفسها التي يعاني منها أطفال المرحلة الابتدائية المبكرة، حيث أظهرت بعض الدراسات أن أطفال تلك المرحلة العمرية هم الأكثر تأثراً بسلبية فيما يتعلق بانخفاض الأداء المدرسي.
الأطفال الأكبر سناً في المرحلة الابتدائية والذي تطلق ذووهم بدأوا أيضاً في إظهار صعوبات نفسية، ويشكون أيضاً من المرض والألم أكثر من أطفال العائلات المتصلة. إنهم يقضون وقتاً أطول في غرفة الطبيب عن غيرهم من الأطفال، ومشاعر الخسارة يتم التعبير عنها عادة عن طريق الرجفة، عدم الراحة، فقدان الشهية، زيادة نسبة العاطفة، غثيان، إسهال، مغص، صداع، تبول متكرر، وتشنجات لا إرادية، خرس اختياري، رهاب ليلي أو سلس البول،… هذه الأعراض النفسية قد تحدث لعدة أسباب متضمنة كنتيجة عدم قدرة الطفل على التعبير عن الذنب، الخوف أو مشاعر الغضب، والبكاء لجذب الانتباه كآخر سبيل لجمع الوالدين معاً ثانية. عادة عندما يكون الطفل مريضاً، قد يتصل الوالدان ويتفاهمان بدون عراك لاهتمامهم بالطفل. وهذا هو الدافع عادة للطفل لشعوره بالمرض. قد تنبع هذه الشكاوى من زيادة القلق، لأن الأطفال في هذا العمر يميلون إلى تحمل المسؤولية «الاهتمام» بأحد الوالدين أو كليهما وقد يشعر الأولاد بالضغط لكونهم الآن «رجل المنزل»، وقت تحاول البنات أن تكون أفضل صديقة أو محل ثقة أمها، أو زوجة بديلة لأبيها.
رهاب المدرسة هو مشكلة أخرى قد تلاحظ كتأثير على أطفال الطلاق عندما يصبحون في السنوات الأخيرة للمرحلة الابتدائية. أحياناً، قد لا يرغب الأطفال بالحضور إلى المدرسة لاهتمامهم وانشغالهم بكونهم مهجورين من قبل الطرف الحاضن عندما يكونون في المدرسة. وقد ينشغلون أيضاً بمعاناة الوالد في المنزل وحده، ويشعر الأطفال برغبة عارمة في الاعتناء بهذا الوالد.
وإجمالاً، أطفال الفترة النهائية في المرحلة الابتدائية يعانون من مشاعر غضب عارم، اكتئاب، وحدة وعزلة بعد طلاق الوالدين، ويظهرون أيضاً زيادة في العاطفة والاندفاع متمثلة في الكذب، الغش والسرقة. يحصل هؤلاء الأطفال أيضاً درجات أقل عن أطفال العائلات المتصلة، وقد يظهرون المشاعر السلبية عن طريق زيادة الشكوى النفسية ورهاب المدرسة.
المراهقون:
تتراوح أعمار المراهقين بين 12ـ 18 سنة. وعموماً قد يظهر المراهقون تقبلاً أقل بعد الطلاق عن الأطفال الأصغر. إنهم أكثر استقلالاً، وقد يفرقون أنفسهم عن مشكلاتهم العائلية، ويركزون على مستقبلهم. وقد يكون ظاهر الأمور مضللاً، فإن زيادة الاستقلال قد تسمح للمراهقين بإظهار مشاعرهم السلبية بطرق أكثر خطوة عن الأطفال الأصغر، ويميل المراهقون إلى إظهار مشاعر اكتئاب جارفة، وأحياناً أفكاراً انتحارية أو هموماً، وقد ينعزلون عن الزملاء، ويفقدون الطموح للخطط المستقبلية التي وضعوها من قبل. رد فعل آخر هو الغضب العارم، والذي يظهر أحياناً في هجمات عنيفة عند الأطفال بدون تاريخ سابق عن العنف.
قد يشعر بعض المراهقين بالخيانة بسبب الطلاق. لأنه يجلب التفكير فيما إذا أمكن أن يتزوجوا ويظلوا متزوجين وعن قيمة والديهم وبالتالي قيمتهم هم أنفسهم. قد يكون هناك قلق أيضاً عن كيفية توفير نفقات الجامعة وعما إذا كانوا يستطيعون الذهاب إلى الجامعة. ويكبر معظم المراهقين باستقلالية ونضج، وأحياناً بمشاعر استقلال دائم قد يؤدي إلى خسارة التحكم مما يؤدي إلى معاقرة الخمر وتناول المخدرات وزيادة العلاقات الجنسية أو السلوكيات العنيفة.
ويميل أطفال الطلاق عادة لأن يصبحوا أنشط جنسياً في مراحل عمرية مبكرة وأكثر ميلاً لتناول المخدرات. ويميلون بالمقارنة مع أطفال العائلات المتصلة إلى التورط بأعمال إجرامية في سن المراهقة. وقد يشعر المراهقون بالخيانة من الطلاق، ويقلقون في أي مكان يقضون إجازاتهم فيه، ويشعرون بالذنب من أنه ربما يجتمع الوالدان معاً ويكونا غير سعداء من أجل الأطفال،.. وعادة ما تكون ردود أفعال الأطفال البالغين غير متوقعة للآباء المطلقين، مسببة زيادة في الضغط في المواقف المحرجة.
وإجمالاً، المراهقون (وعادة أطفال الطلاق البالغون) يحظون بمشاعر اكتئاب والتي تتمثل في العزلة عن الأصدقاء والأنشطة والغضب الذي يتمثل في العنف. فقد يعانون أيضاً من فقدان التحكم نتيجة للاستقلال غير الناضج أو خسارة الإشراف المتمثل في ممارسة سلوكيات أكثر خطورة كتناول الخمر والمخدرات والعلاقات الجنسية المتعددة (الزنا) وسلوكيات غير قانونية.
تأثير الطلاق على المدى الطويل:
تواجد التأثيرات طويلة المدى للطلاق في اختلاف كبير. فبعض الأطفال يحققون نجاحاً جيداً، والتأثيرات إذا وجدت تكون صغيرة. ولكن بعض الأطفال الآخرين يحملون عبئاً طوال الحياة بسبب طلاق والديهم، ويؤثر هذا على العديد من جوانب حياتهم الفردية والتكاليف الاجتماعية لتأثيرات المدى البعيد والتي تتمثل في نسب أعلى للتسرب من الدراسة والإنجاب بدون زواج وزيادة إمكانية الطلاق في زيجات أطفال الطلاق.
ويظهر الدليل المناقض فيما إذا كان أطفال الطلاق يميلون بنسب عالية إلى الإصابة بمشكلات الصحة العقلية عن أطفال العائلات المتصلة. فقد وجدت دراسة أن أطفال الطلاق هم أكثر ميلاً للذهاب إلى الأطباء النفسيين، ففي دراسة طويلة المدى على 131 طفلاً من أطفال الطلاق، وجد المحققون أنه خلال 5 سنوات بعد الطلاق، فإن أكثر من طفل لكل 3 أطفال عانى من اكتئاب حاد إلى معتدل، وأظهرت دراسات أخرى طويلة المدى تقريباً أن طفلاً لكل 3 أطفال من أطفال الطلاق عانى من صعوبات نفسية. وبمتابعة تحقيق محلي واسع آخر لتأثيرات الطلاق على الأطفال وجد أن الآثار بعيدة المدى تتضمن أداء أضعف للأطفال عن غيرهم من العائلات المتصلة فيما يتعلق بتنوع كبير من تقييمات الصحة العقلية متضمناً (بعد حساب مستوى الذكاء) مشكلات سلوكية كلية، تحكم داخلي أقل، نسب منخفضة بمجهود العمل، سعادة منخفضة، وصعوبة أكثر في الانتباه في متوسط 4 ـ 6 سنوات بعد الطلاق، أكثر من ?80 من المراهقين في مستشفيات عقلية و?60 من الأطفال في عيادات نفسية قد مروا بتجربة الطلاق مع والديهم.
هناك أيضاً آثار طويلة المدى على أطفال الطلاق في المدارس، ويزيد شغفهم بالاحتفاظ لرجوعهم للخدمات التعليم الخاص بسبب العجز عن التعلم، أو العرض على طبيب المدرسة النفسي.
ويحظى أطفال الطلاق بنسب عالية في الغياب عن أطفال العائلات المتصلة. وقد أشارت دراسة واحدة إلى أن الأطفال المقيمين مع أمهات مطلقات كانوا أكثر بخمس مرات عرضة للاستبعاد أو الفصل من المدرسة بين المدرسة الابتدائية والثانوية. ووجدت دراسة أخرى أن أطفال الطلاق يعانون بنسبة أكبر من خطر التسرب من المدرسة. ولسوء الحظ، أظهرت معظم الدراسات أن هذه التأثيرات السلبية على أطفال الطلاق تكون من النوع طويل المدى،… ?30 من كل أطفال الطلاق مروا بمرحلة ملحوظة من انخفاض درجاتهم في الفترة التي تلي الانفصال. كانت هذه الإحصاءات ثابتة حتى فترة 3 سنوات تالية على الأطفال، ويميل الأولاد لإظهار الآثار بعيدة المدى، خصوصاً في الجانب الأكاديمي.
وأظهرت دراسة أخرى أنه بعد 8 سنوات من الانفصال الزوجي، فإن أطفال الطلاق عانوا من صعوبات في التكيف في المدرسة عن أطفال العائلات المتصلة. (?34 بالمقارنة بـ ?20) ووجد التحليل التجميعي أن الأشخاص الذين تطلق والداهم عندما كانوا أطفالاً حصلوا على تعليم أقل من الأطفال الذين ظل والداهم متزوجين. وقد تكون الآثار طويلة المدى بسبب حقيقة أن الأطفال يفتقدون للمهارات الأساسية، ويستمرون في المرور بمشكلات في مناطق تتطلب اكتساب تلك المهارات.
على الرغم من عدم وجود فروقات في الاستعداد، فإن الفروقات الإنجازية التي وجدت عادة أكبر وفي مناطق هامة للتعليم. على سبيل المثال، إذا ما حدث الطلاق أثناء وجود الطفل بالمرحلة الابتدائية، فإن هؤلاء الأطفال يظهرون فروقات واضحة عن الأطفال الآخرين في الإنجاز اللغوي بين كل الإنجازات، وإذا حدث الطلاق قبل دخول الطفل إلى المرحلة الابتدائية، فإن درجات الإنجاز للطفل تنخفض بالمتوسط بين أطفال العائلات المتصلة وأطفال الطلاق بالمرحلة الابتدائية.
أحد التفسيرات الممكنة للصعوبات طويلة المدى للطلاق تتضمن العلاقة الدائرة بين سلوك الأطفال والوالدين. مؤقتاً، فإن السلوكيات غير المرغوب فيها من قبل الأطفال بعد الطلاق يمكن أن تسرع من الأبوة والأمومة غير الفعالة، والتي ستؤدي إلى قلق من ناحية الأمومة في اكتئاب وحكم مسبق بعدم الكفاءة وإمكانية زيادة السلوكيات السلبية من قبل الأطفال. ويزيد هذا من الضغط على الأم ويؤدي إلى زيادة عدم فاعلية الأمومة والتي تبدأ ـ بالتالي ـ الدائرة كاملة مرة أخرى.
تفسير ممكن آخر للصعوبات طويلة وقصيرة المدى هو القدر الهائل من عدم النظام مع التغييرات المنزلية. قواعد المنزل، المهام، وتغير الجداول الزمنية وقد تصبح تلك الأشياء غير منتظمة. هناك أيضاً نقص في عدد البالغين في المنزل لإكمال المسؤوليات لإدارة المنزل.
هناك بعض التأثيرات الإيجابية طويلة المدى لطلاق الوالدين. حيث أظهرت الدراسات أن بعض أطفال الطلاق يكبرون مع حساسية أكبر لتعقيدات العلاقات الإنسانية وقد يكونون أكثر حساسية لمشاعر الآخرين وبالتالي امتلاك قدر أعظم من التعاطف. أيضاً يلاحظ أن أطفال الطلاق أكثر نضجاً واستقلالية من الأطفال الآخرين لتحمل مسؤوليات أكثر في المنزل (مثل الاهتمام بأشقاء أصغر وأعمال المنزل) بالإضافة إلى كون أطفال الطلاق أقل ارتباطاً بالقواعد/ الأدوار الجنسية التقليدية المسجلة، لأنهم يروا والديهم يقومون بالأعمال التقليدية للجنس الآخر.
الوصاية:
عندما يحظى طرف واحد بالوصاية الفردية على الطفل، فسوف تقع على هذا الطرف مبدئياً مسؤولية رعاية هؤلاء الأطفال، بينما قد يستمر الطرف الثاني في امتلاك حق الرؤية. على الرغم من أن الأطفال في الوصاية عادة ما يكونون في رعاية الأم، فإنه لا يوجد دليل على أن وصاية الأم تمكن الطفل من التكيف أفضل من الأطفال الذين يكونون تحت رعاية الأب. إنه التكيف للطرف الحاضن الذي يمثل أفضل تنبؤ لتكيف الطفل، بغض النظر عن جنس الحاضن. ولهذا، قرارات الوصاية لابد أن تؤخذ بعد تقييم نفسي مفصل لأفضل اتصال بين الأب/ الأم والطفل خاصة في فترة الخلاف على الطلاق.
بعض الأطفال يوضعون في وصاية مشتركة، حيث يشارك الوالدان في المسؤوليات الأولية للعناية بالأطفالو ويعطي الأطفال تحت الوصاية المشتركة درجات أعظم للخبرات الإيجابية خلال الثلاثة شهور السابقة عن أطفال الوصاية مع الأم فقط. فقد أعطى الأولاد تحت الوصاية المشتركة خبرات أقل سلبية وكل أطفال الرعاية المشتركة أعطوا درجات أعلى في تقدير الذات. وكما قرر عدد من الأطفال والآباء فإن الأعراض النفسية لم تختلف بين ترتيبات وصاية الأم والوصاية المشتركة.
الفروقات النوعية:
كمية كبيرة من النقاشات دارت حول ما إذا كان الأولاد أم البنات هم الأكثر تأثراً بسلبية الطلاق. وقد وجدت بعض الأبحاث أدلة أن هناك فروقات نوعية، بينما وجدت دراسات أخرى عدم وجود فروقات. وما زال آخرون يجدون فروقات نوعية، مفضلين نوعاً آخر في مراحل النمو المختلفة.
على سبيل المثال، وجدت أبحاث كثيرة أن الأولاد يعانون من صعوبات قصيرة المدى عن البنات، ولكن هؤلاء البنات يعانين أكثر على المدى البعيد (بيوهلر، ليج 1992، كنوف بيشوب 1997).
ويقول كنوف وبيشوب (1997) في ملخص لآثار الطلاق على الأطفال «هناك دليل محدد ومستمر أن الأولاد يعانون من مشكلات أكثر بسبب الطلاق عن البنات خلال فترات النمو العاطفي ـ الاجتماعي العام والقدرة العقلية والأكاديمية».
ووجد كيللر ووالرستين (1976) عدم وجود فروقات نوعية. وبالرجوع إلى 27 دراسة وجد أن الفروقات النوعية ليست موحدة (أظهرت 16 دراسة تأثيرات أكثر سلبية على الأولاد، 5 دراسات أظهرت العكس، 6 دراسات أظهرت عدم وجود اختلافات نوعية ـ زاسلو 1988). إضافة إلى أنه يتم اكتساب الفروقات النوعية أكثر عندما يكون الأطفال مقيمين مع أمهات لم يتزوجن ثانية.
ملخص:
من الصعب تحديد مستوى التركيز / القوة الذي قد يحدث فيما يتعلق بالآثار قصيرة وطويلة المدى والتي تلي الطلاق.
لقد ساعدتنا الأبحاث على فهم أفضل لردود الفعل التقليدية للأطفال في الأعمار المختلفة،.. حديثو الولادة والرضع يتأثرون بالطلاق طبقاً لتأثر الحاضن الأول لهم، ويتعلق التطور الطبيعي المستمر للطفل بتكيف وتقبل البالغين للطلاق. يتأثر أطفال الحضانة مبدئياً بتأخر في المهارات التعليمية الأولية.
على سبيل المثال: احتياجاتهم للحفاظات بعد اكتمال تعلم استخدام الحمام والتحكم فيه، زيادة الاعتماد على متعلقات الأمان، ارتباك عقلي (مثل عدد كبير من الأفكار اللاعقلانية)، زيادة العنف، والتعلق بالبالغين. ويتأثر أطفال المرحلة الابتدائية من طلاق الوالدين في صورة حزن عظيم. ويميلون إلى انخفاض أدائهم المدرسي، وصعوبات اجتماعية. أطفال نهاية المرحلة الابتدائية يعانون من غضب ولوم لأحد الوالدين أو كليهما بسبب الطلاق مع مشاعر وحدة وعزلة والشكاوى النفسية ورهاب المدرسة. ويتفاعل المراهقون مع طلاق الوالدين بمشاعر اكتئاب، تتمثل في قلقهم على مستقبلهم وقدرتهم على الزواج والحفاظ على هذا الزواج. وتحكم أقل بالمشاعر متمثل في إمكانية تناول المخدرات، وعلاقات جنسية متعددة، ارتكاب الجرائم.
وتتضمن الآثار طويلة المدى لكل الأطفال زيادة التعرض لصعوبات في الصحة العقلية، وصعوبات طويلة المدى مع الدراسة وقلق فيما يخص مستقبلهم، وحساسية أكبر للعلاقات الإنسانية، وزيادة في النضج.
أستاذ العلاج النفسي المساعد في قسم الإرشاد النفسي، جامعة دمشق كلية التربية،
حصل على الدكتوراه في العلاج النفسي في جامعة القاهرة عام 1998.
يشغل حالياً رئيس قسم الإرشاد بكلية التربية بجامعة دمشق،
له العديد من الكتب العلمية في مجال الإرشاد والعلاج النفسي أهمها
- علم النفس المرضي
- العلاج النفسي
- علم النفس الاجتماعي
- علم النفس ومهارات التواصل الإنساني
- مشكلات الأطفال المراهقين
كما له أيضا العديد من البحوث المنشورة في المجلات العربية
- المحكمة. في كتابه الجديد
- سيكولوجية الطفل الرافض للمدرسة
الخوف المرضي من المدرسة), يتناول الدكتور العاسمي مشكلة الخوف من المدرسة: School Phopia وهو أحد مخاوف الطفولة الذي جذب الكثير من الانتباه والاهتمام، ليس لكونه معيقاً لنمو الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية والانفعالية فحسب، بل لكونه خوفاً حقيقياً وتجنباً صارماً لا يزول مع مرور الوقت في كثير من الأحيان.