اعداد: هشام محمد كتامي
شعب التولتك عًرف منذ آلاف السنوات بجنوب المكسيك بالحكمة حيث تجمعوا في مدينة ” تيوتوكان ” مدينة الأهرام القديمة الواقعة قرب مدينة ” مكسيكو سيتي “, وكانت المعرفة الخاصة بهم تتوارثها أجيال لمئات السنوات مستترة بسريتها، والآن” دون ميجل ريز ” أحد ذرية التولتك يشارك هذه التعاليم والحكمة مع الآخرين.
كل شيء في الوجود هو تّجل للخالق والإدراك البشري ما هو إلا نور يدرك وجود النور الإلهي, والمادة مرآة تعكس الضوء وتكون صورًا منه.
الحلم هو الوظيفة الأساسية للعقل الذي يحلم طوال الأربع وعشرين ساعة، فهو يحلم لكنه مستيقظ، كما يحلم والعقل نائم، لكن الفرق عندما يكون مستيقظا هناك إطار مادي يجعلنا ندرك الأشياء بطريقة خطية أحادية البعد، بينما في النوم ليس لدينا هذا الإطار فالبشر يحلمون طوال الوقت.
ولدنا جميعًا ولدينا القدرة على الحلم, ومن عاشوا قبلنا علمونا بالطريقة التي يحلم بها مجتمعنا, والحلم الخارجي له قواعد هي جذب انتباه الطفل وإلقاء هذه القواعد في عقله, فيستخدم هذا الحلم الآباء والأمهات والمدارس والدين حيث يعلموننا كيف نحلم.
باستخدام انتباهنا تعلمنا الواقع بأكمله: كيف نتصرف في المجتمع, ما نؤمن به وما ليس كذلك, ما هي الأشياء المقبولة والمرفوضة والجيدة والسيئة, وغيرها من المفاهيم والقواعد المتعلقة بالعيش في العالم.
استئناس البشر” هي عمليه نتعلم فيها كيف نحيا وكيف نحلم, هي تنقل معلومات الحلم الخارجي إلى الحلم الداخلي, فيتعلم الطفل في البداية الأسماء مثل “ماما” و”بابا” ويوما بعد يوم نتعلم الكثير, ويتم الاستئناس بالثواب والعقاب, حيث عندما تخالف القواعد نعاقب وعندما نتماشى معها نكافأ, وسرعان ما يصيبنا الخوف أن نعاقب أو لا نكافأ.
المكافأة تمنحنا شعورًا رائعًا فنستمر في القيام بما يرغبه الآخرون حتى نحضَ بها, فنبدأ بالتظاهر بأشياء على خلاف من طبيعتنا لنكون جيدين بالنسبة للأشخاص الآخرين, لنصبح في النهاية أشخاصًا مغايرين لحقيقتنا, حيث نتحول إلى نسخة من معتقدات آبائنا ومجتمعنا وديننا.
عملية الاستئناس لها من القوة الشديدة بحيث في مرحلة من حياتنا لا نحتاج إلى من يقوم باستئناسنا فلا نحتاج للأب ولا للأم أو المدرسة وغيرها لتًمارس هذه العملية معنا, فقد أصبحنا مخلوقات ذاتية الاستئناس بحيث أصبحنا مدربين جيدين لأنفسنا عليها, نستخدم نظام المعتقدات نفسه فنعاقب ونكافأ أنفسنا.
قاضينا الداخلي ” يستخدم ما يرد في كتاب القواعد فيصدر أحكامه على كل ما نفعله ومالا نفعله، ما نفكر فيه ومالا نفكر فيه، ما نشعر به ومالا نشعر به, وفي كل مرة نخالف ما في كتاب القانون يقول القاضي أننا مذنبون, ويحدث هذا عدة مرات في اليوم طوال سنوات حياتنا.
هناك ” الضحية “وهو جزء منا يستقبل هذه الأحكام ويتحمل اللوم والذنب والخزي، هو ذلك الجزء الذي يقول لنا مثلًا ” أنت لست جيد بما يكفي” ” لست ذكيًا أو جذابًا بالقدر الكافي”.
أي شيء يتعارض مع القانون يمنحك شعور الخوف, وأي شيء يتعارض مع ما تؤمن به يُشعرك بعدم الآمان, ولأن كل شيء في كتاب القانون صحيحًا هذا هو السبب الذي يجعلنا نحتاج إلى قدر كبير من الشجاعة حتى نتحدى معتقداتنا التي اتفقنا عليها جميعًا, فنشعر بالذنب واللوم عندما نخالفها, فنظام معتقداتنا هو ” كتاب القواعد ” الذي يحكم أحلامنا الشخصية الموجودة في عقولنا, ويؤسس القاضي في عقولنا أحكامه عليها, ويصدر أحكامه لتعاني الضحية العقاب, لكن الأحلام لا تنطوي على العدل, فليس منه أن ندفع ثمن الخطأ عدة مرات بدلًا من مرة واحدة, فالكائن الوحيد الذي يدفع ثمن خطئه آلاف المرات هو الإنسان.
فكل مرة نتذكر ما اقترفنا فنحكم على أنفسنا مرة أخرى, ونكتشف من جديد إننا مذنبون لنعاقب أنفسنا, وهكذا نعيد الكرة.
نظام معتقداتنا – كتاب القانون – خاطئ والحلم بأكمله يقوم على قانون زائف ف 95% من المعتقدات في أذهاننا ما هي إلا أكاذيب, فنحن نعاني منها لأننا نؤمن بها.
الحلم الجمعي غالبًا هو كابوس, فنحن نرى معاناة البشرية في العالم وغضبهم وانتقامهم وعنفهم وظلم لاحد له, الخوف هو ما يتحكم في الحلم الخارجي.
نبحث نحن البشر عن الحقيقة والعدالة والجمال لأننا نفتقد إليها في نظام معتقداتنا, ونستمر في البحث عنها والتنقيب بينما كل ما نبحث عنه موجود في داخلنا, فليس هناك حقيقة لنكتشفها, ففي أي مكان توجد الحقيقة, لكن نظام الاتفاقيات والمعتقدات التي نؤمن بها تسبب عمى عيوننا عن رؤية هذه الحقائق.
في عملية الاستئناس نُكون صورة لماهية الكمال, فنحاول أن نكون جيدين بما فيه الكفاية, وحتى نُرضي من يحبوننا ويتقبلنا الجميع, فنرسم صورة للكمال غير حقيقية بالتالي لن نكون أبدًا – جيدين – إن نظرنا لهذا الأمر من هذا المنظور.
ولأننا لسنا مثاليين نقوم برفض ذواتنا, فبعد انتهاء عملية الاستئناس لا نسامح أنفسنا لأننا لم نعد جيدين بما يكفي بالنسبة للآخرين وبالنسبة لأنفسنا حيث لا تتفق مع صورتنا الخاصة عن المثالية والكمال, فتنتابنا مشاعر الخزي والإحباط ونشعر أننا مزيفون نرتدي أقنعة اجتماعية مزيفة حتى لا يلحظنا الآخرون, ونحقر أنفسنا لمجرد إرضائهم, بل نؤذي أنفسنا حتى يتقبلوننا, فتجد مثلًا بعض المراهقين يتناولون المخدرات للهروب من رفض مراهقين آخرين لهم, بينما المشكلة في الأساس أنهم لا يتقبلون أنفسهم لأنهم يرفضون ذواتهم فهي في حقيقتها ليست ما يتظاهرون به, فالبشر بشكل عام يعاقبون أنفسهم على الدوام لعجزهم أن يكونوا على شاكلة معينة, التي يجب أن يكونوا عليها.
لا يوجد من يسئ إلينا قدر إساءتنا لأنفسنا, فثلاثية القاضي والضحية ونظام المعتقدات يجعلنا قادرين على ذلك, والقّدر الذي نتحمله من إساءتنا لأنفسنا هو نفسه القدر الذي نتحمله من أي شخص آخر, أننا نحتاج إلى حب الآخرين وتقبلهم لكننا لا يمكننا أن نحب ونتقبل أنفسنا, فكلما زاد حبنا لأنفسنا قلت إساءتنا لها, فالإساءة للذات تنبع من رفضها, ورفضها ينبع من صورة الكمال وفشلنا الدائم في الوصول إليها.
هناك آلاف الاتفاقيات التي عقدتها مع نفسك ومع غيرك, فيها ما تؤمن به وما تشعر وما تتصرف, والنتيجة هي شخصيتك, وهناك العديد من الاتفاقيات التي تجعلنا نعاني وتدفعنا للفشل, وهي ما يحكم حياتنا, لذا فنحن بحاجة لتغييرها.
يتبع في العدد تصنيف الاتفاقيات الأربع ،،،
المرجع:
- كتاب من الاتفاقيات الأربع، للمؤلف: دون ميجيل ريز. مكتبة جرير، الرياض 2014. التلخيص بواسطة ماجد علي المزين
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.