اعداد: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة
لم يكن سهلا أبداً تقبل الأهل فكرة زواجي بذات إعاقة على كرسي، واجهنا رفضاً قوياً من أهلي وأهلها، واعتبروا ذلك هراء وغير ممكن ولا يمكن أن يتم، وإذا تم لا يمكن أن يستمر أو ينجح، راو ذلك ورفضوه بدافع الحب لنا.
قرار الزواج من فتاة ذات إعاقة!
هذه كانت البداية في التفكير بحياة زوجية وعلاقة لمشوار حياة (ياسر الصهباني) من ذوي الإعاقة الحركية صنع من قصة حبهما مع (صباح محمد) وهي من ذوات الإعاقة الحركية (شلل نصفي) وتستخدم كرسي متحرك، مثالاً لقصص التضحية والدفاع عن الحب الصادق العفيف يقول: (الصهباني) متحدثاً للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة (عانيت أنا و(صباح) الآمرين في هذه المرحلة لكننا في الوقت ذاته تعاملنا بحكمة، فبقدر إصرارنا كنا مهذبين معهم وتم الزواج)
بهذه العبارات التي تثبت أن الشخص ذي الإعاقة إنسان كغيره يريد أن يحظى بحياة ملؤها الحب والمودة والاستقرار في عواطفه، وهذا لا يتأتى إلا بوجود من يقاسمه هذا الحب من خلال علاقة زوجية طرفاها محبان جمعتهما عاطفة الحب والقناعة بقدرات كل منهما وهو الأمر الذي قد لا يصل إلى أحساس ومشاعر الآخرين كما يرى معاقون.
ويضيف (الصهباني): (خضنا تجربة ليست سهلة ولم تكن الظروف كلها مهيئة، هناك مصاعب كبيرة واجهتنا، تعثرنا كثيراً، وها نحن بعد مرور عشر سنوات صرنا أكثر حكمه وأكثر خبرة وأكثر صلابة في مواصلة الطريق وأثمر عن ذلك ان رزقنا بثلاثة أبناء).
(صباح محمد) زوج ياسر الصهباني أرجئت ذلك الى جهل تقبل المجتمع للإعاقة ولقدرات المعاق فلم يكن هناك تقبل لفكرة الزواج من الأهل والأقارب، وتقول: (لقد واجهنا الرفض الشبه تام لمسالة الزواج ولم يكن من السهل القبول من باب خوفهم علينا وعلى مستقبلنا متجاهلين حق المعاق في تكوين أسرة وأبناء ليكونوا سند وعون للأبوين في المستقبل وكسر حاجز الخوف والقلق لدي الكثير من المعاقين عندما يرون نموذجا فعليا في ارض الواقع)
إبراهيم المنيفي وهو من ذوي الإعاقة البصرية (كفيف) لا يرى مانعاً في ارتباط الشخص ذي الإعاقة من فتاة تحمل نفس الإعاقة على أن يكون الزواج عن حب وأن يكون صادقاً ومنضبطاً بتعاليم الدين وعاداتنا المحافظة، الأمر الذي عايشه إبراهيم وكان ارتباطه بشريكة حياته نتاج لذلك فيقول إبراهيم: (زوجتي من ذوات الإعاقة البصرية رغم أني كنت معارض للزواج من ذات الإعاقة ولم أواجه رفض من مبصرات بل كان العرض من الأسرة بالزواج من مبصرات إلا أن الحب أقوى من ذلك كله لكنه كان حباً عاقلاً في الوقت نفسه).
ويصف إبراهيم بعض المعوقات التي واجهته أثناء إقباله على الزواج بقوله: (بالنسبة لزواجنا لم يكن سهلاً على الإطلاق فرغم موافقة الوالدين والأخوة إلا أنني كنت أشعر أن موافقتهم هي لإرضائي فقط وثقتهم باختياراتي، كما عبروا لي عن ذلك، إلا أنه كانت هناك معارضة شرسة من بعض الأقارب وصلت حد التحريض ومحاولة وضع عقبات في حياتي تجاوزتها بفضل الله).
وبالمقابل وجد إبراهيم القبول والتشجيع من زملاءه المكفوفين وهو ما خفف عنه كثير من عبارات التهكم والسخرية من البعض الآخر، ما خلق لدية تحدي بان يستمر ويثبت انه من الممكن الزواج بين أفراد الشريحة الواحدة وأن يكون ذلك الزواج مثالياً ويشار إليه بالبنان حسب قوله.
لماذا يفضل الشاب ذو الإعاقة الزواج من فتاة ذات إعاقة؟
يرى (الصهباني) انه من الممكن نجاح مثل هذا النوع من الزواج شريطة أن تكون نوعية الإعاقة الحركية غير متجانسة تماماً (كلاهما على كرسي متحرك) الكفيف بكفيفة و أصم مع صماء أيضا ويقول ( لا انصح بمثل هذا الارتباط لأنه لا يستقيم به الأمر ويجب في كل ما ذكرت أن يكون أحد الزوجين يستطيع المشي، او أحدهم يستطيع الكلام، أو احدهم يرى، وأنا أشجع أكثر على الزواج الذي يكون أحد الزوجين غير معاق هذا النوع من الزواج هو زواج يحقق فرصة نجاح كبيرة، مع مراعاة العوامل الأخرى طبعا وفكرة الزواج عموما هي فكرة مقدسة ومسؤولية كبيرة والارتباط بمعاقة هي أكثر مسؤولية تحتاج إلى تروي وتأمل وقناعة حقيقية وليس مجرد نزوات عابره تنتهي بشكل سيء).
أما (المنيفي) يرى غير ذلك فيقول: (اخترت من نفس الإعاقة بدافع الحب فقط حينها، وكنت أستطيع الزواج من أي فتاة بحكم شخصيتي وموقع أسرتي بالنسبة للتصنيف الاجتماعي، إلا أنني بعد التعرف على خطيبتي التي أصبحت زوجتي وجدت أن الإعاقة البصرية ميزة أخرى كان يجب أن أنتبه لها، لا أقول هذا كحيلة دفاعية بل عن قناعة وتجربة ومقارنة بغيري ممن تزوجوا من مبصرات، فالمبصرة لن تفهمني كمن تشاركني أبسط تفاصيل إعاقتي، أيضاً عندي قناعة أن معايير الجمال عند المكفوفين تختلف عن معايير الجمال عند المبصرين ولا أريد زوجة تعتقد أني لا أقدر بعض مواصفات الجمال أو تعتقد يوماً حتى في قرارة نفسها أنها مجبورة لأنها تزوجت من أعمى).
وبحسب واقع تجربة الزواج التي خاضها (المنيفي) منذ أكثر من سنتين ليرزق بمولوده البكر منذ أشهر فيوجه النصح بقوله (أنصح بالزواج من نفس الشريحة إلا في حالات محدودة مثل أن يعرف الطرفان قدرات بعض، وأن يعي الطرفان أنهما سيواجهان صعوبات إضافية عليهما مواجهتها بكل ثقة ومعنويات عالية، وأيضاً ستكون لذلك الحب ضريبة من الجهد والتعب المضاعف وبشكل عام فمن ذاك الذي لا يتعب في هذه الحياة.
ما هي الأسباب والدوافع؟
وحتى يتسنى لنا معرفة أي الرأيين أقرب إلى الصواب، وكلا يمثل وجهة نظر صاحبه، لابد لنا في المركز الإعلامي (MCPD) طرح هذا الموضوع على ذوي الاختصاص لمعرفة لماذا يفضل أغلب ذوي الإعاقة الزواج من نفس الإعاقة.
الدكتور لطف حريش أستاذ علم النفس ونائب عميد التعليم المستمر بجامعة ذمار يقول حول هذه الظاهرة: (زواج المعاق بالمعاقة وخاصة كمثال المعاق الحركي من معاقة حركيه والمكفوف من مكفوفة، النظرة النفسية في ذلك هي التوافق والتناغم والتكيف والانسجام الذي قد يحدث بين ذوي الإعاقة وبالتحديد لنفس الإعاقة فمثلا نظرة المعاق حركياً وأفكاره تتمحور في أنه إن تزوج معاقة حركياً ستكون أكثر قرباً منه بل وملازمة له ومصاحبة له على طول الوقت، لأنها تعاني نفس أو شبة معاناته كذلك تتوازى على مسار واحد مشكلاته واهتماماته مع مشاكلها واهتماماتها، فهم إلى حد ما متشابهون صحياً ونفسياً وعقلياً ولغوياً وسلوكياً وتعليمياً).
وحول ما إذا كان الزوج من ذات إعاقة أخرى مخالفة لنوع إعاقته كيف يكون الوضع يقول الدكتور (حريش) فضلا عن أنه إذا تزوج من معاقة تعاني من إعاقة أخرى مخالفة لإعاقته نظرته بأنه سيضيف إلى إعاقته إعاقة أخرى مختلفة، بالتالي ستزداد الحياة عبئا وثقلا عليهم سواء من حيث القدرة على التفاهم والتعاون فيما بينهم إلى جانب تفاقم المشكلة عليهم من حيت الدعم والمساعدة من قبل المحيطين بهم أو من يعولهم أيضا النظرة الدونية والقاصرة من قبل الشخص المعاق لنوع الإعاقة الأخرى المختلفة عن إعاقته.. فكل منهم ينظر إلى الإعاقة المخالفة لإعاقته نظره خاطئة وسلبيه.
النظرة المجتمعية السائدة!
ويرجع الدكتور (لطف حريش) جهل أفراد المجتمع إلى قصورهم المعرفي وعدم وعيهم بدينهم وقيمهم ومبادئهم الإسلامية جعلتهم أي أفراد هذا المجتمع ينظرون إلى المرض النفسي بوصفه وصمه مجتمعيه ,فما بالك بنظرتهم للأشخاص ذوي الإعاقات، التي زادت في بعض الأسر اليمنية هذه النظرة حتى وصلت إلى أن يعاملوا ابنهم المعاق معاملة مختلفة عن بقية أخوته من حيث العديد من الحقوق ومنها التعليم والتنشئة والتربية والنظرة له على أنه يشكل عبأ عليهم، بل وأحيانا يعتقدون أنه لعنة السماء عليهم وينتظرون كيف يمكن أن يخلصهم الله منه، ويظل بعيدا عن دمجه في كل حياتهم الاسرية اليومية، كل ذلك جعل الأشخاص ذوي الاعاقة يرضون ويقتنعون بالمضي والسير في حياتهم فيما بينهم حسب قوله.
زواج الشباب من غير ذوي الإعاقة بفتيات ذوات إعاقة أو العكس
وبالمقابل أثار كل ذلك تساؤلات منها هل هناك في المجتمع من يرغب بالزواج من ذوي الإعاقة ارتئينا أن نبحث في المركز الإعلامي (MCPD) على مثل هكذا تجارب ووجدنا العديد منها واحد هذه التجارب الناجحة تحدث لنا، (منصور محمد فلينه) وهو مدرس بمدرسة المستقبل للصم يقول (منصور) بداية إقبالي بالاقتران بفتاة صماء كانت بداية تحدي وكسر للعادات والتقاليد المتوارثة، والد زوجتي قبل بطلبي أولا بالزواج وهذا أول نجاح لي، أسرتي عارضت معارضة قوية وخاصة من إخواني ثم الوالد رحمة الله عليه، ومع إصراري تم الزواج والعيش بحرية وأمان كانت تجربتي بالزواج زرع الثقة للزوجة رغم إعاقتها ومن عوامل الثقة معرفتي بلغة الإشارة ساعدتني علي نجاح زواجنا تعتبر أفضل تجربة نجاح وخاصة مع فتاة صماء بشرط دون تدخل الأسرة، ولنا أبناء متعلمين استطعنا تربيتهم أفضل تربية وهم يتمتعون بصحة جيدة يقول: منصور أكثر شي كان يخاف منه الأهل أن يكون لنا أبناء صم وبحكم إيماني بالله ومعرفتي انه من تزوج من صماء لا يكون لديه أولاد صم أبدا إلا من هو أصم وأبكم ولديه أخ أخر أصم وأبكم يكون لديه أولاد صم وهذه موجودة في كثير من الأسر التي نعرفها.
ويشير معاذ خذيف إعاقة حركية (الزواج من الموضوعات الحرجة والشائكة للأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين، فالرجل ذي الإعاقة يواجه أكثر من مشكلة منها عدم قبول الأسر بارتباط بناتهم بشخص معاق رغم عدم وجود أية عوائق حقيقة تمنع هذا الشخص من الزواج ويكون هذا الرفض مبنياً على الشكل العام للمعوق وهذا ما حدث لي شخصيا أثناء تقدمي لخطبة إحدى الفتيات فتم رفضي لإعاقتي.
ما هي الاتجاهات النفسية التي يكونها ذوي الإعاقة عند الإقبال على الزواج؟
يقول الدكتور (لطف حريش) انه من الطبيعي من جانب نفسي أن يفكر بل ويتوجه الشخص المعاق للبحث حول أن يتزوج من امرأة غير معاقة، لان تفكيره ودوافعه أشبه بالشخص غير ذي الإعاقة الذي لا يميل ولا يرغب إطلاقا من الزواج بأمره معاقة.
الاتجاهات النفسية التي يكونها الأشخاص ذوي الإعاقة نحو بيئتهم الاجتماعية أقصد المجتمع الخارجي، هي تكاد تكون اتجاهات نفسيه سلبيه، لما يلاحظون ويعرفون من ابتعاد وعزوف المجتمع عنهم وعن قضاياهم ومشاكلهم واحتياجاتهم، وكذا عدم دمج المجتمع الأشخاص ذوي الإعاقة بحياة المجتمع مهنيا وتعليميا وثقافيا واجتماعيا ونفسيا واقتصاديا وغير ذلك الأمر الذي جعل الأشخاص ذوي الإعاقة يجزمون ويعتقدون أن هذا المجتمع لا يريدهم، ومنه لم ولن يرغب هذا المجتمع بالزواج من وإلى الأشخاص ذوي الإعاقة.. فاكتفوا الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعاطي مع حياتهم الزوجية فيما بينهم دون أن يعرضوا أنفسهم للمهانة والرفض والإذلال من قبل المجتمع.. كل ما سبق من عوامل هي حول الشخص المعاق(الذكور) فما بالك بالنساء المعاقات، فمعاناتهن تزيد ومعضلاتهن تتفاقم أكثر والعقبات التي تواجههن تتوسع وتستشرى بكثير جدا.
إذن زواج الأشخاص ذوي الإعاقة وان بدا لدى البعض أمراً يحتاج إلى شروط أو ضوابط أو قد تواجهه بعض الإشكاليات، نقول عديدة هي التجارب الناجحة التي تغير كل تلك النظريات الخاطئة، وعلينا جميعاً أن نساهم في مساعدتهم عن طريق نشر الوعي في المجتمع المحيط بنا، وتخليص مجتمعنا من تلك النظرات التي يرمقون بها الأشخاص ذوي الإعاقة، فهم ليسوا بحاجة لمشاعر الشفقة والمعاملة الخاصة المؤلمة، بل إلى وقفة صادقة وفاعلة تشد من أزرهم وتقف معهم بالدعم المعنوي والنفسي الذي يعينهم على تحقيق رغباتهم وأمانيهم وأهمها هو الزواج والاستقرار وهو ما أشارت إليه المادة 23 التي دعت إلى احترام البيت والأسرة من الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.