اعداد: خديجة أحمد محمد بامخرمه
سنحاول في هذا المقال تعريفكم بمعنى الاستدامة وسنتطرق لمراحل تطور مفهوم الاستدامة والتنمية المستدامة خلال القرن ال 20 وبداية القرن 21 واهداف التنمية المستدامة و مؤشرات أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية 2019.
تعريف الاستدامة والتنمية المستدامة :
المعني اللغوي للإستدامة في معجم الصحاح والمنجد ، في مادة استدام هي دوم أي ( دام ) الشيء ، يدوم ، وديمومة ، ودوما أدام الشي جعله دائما ، استدامة الشيء يعني استمرار الشيء ودوامه وقد ظهر مفهوم الاستدامة منذ بزوغ فجر الإسلام ببعثة الرسول ﷺ ففي القرآن الكريم قوله جل في علاه : ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61] ، ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 129].
ولِعِظَمِ مكانة العمل ذكره القرآن الكريم مقرونًا بالإيمان في أكثرمن سبعين آية من آياته، وقد حثَّ الإسلام على العمل، وأعلى من شأنه وبيَّن أهميَّتَهُ، فحياةُ الإيمان بدون عملٍ هي عقيمٌ؛ كحياة شجرٍ بلا ثمرٍ، وإذا كان المعنى اللغوي يفيد بطلب دوام الشيء .. فإن ذلك محال في الدنيا لقوله سبحانه وتعالى ( لا إله إلى هو كل شيء هالك إلا وجهه ) القصص 88 ، وهذا المبدأ يعني أن جوهر الاستدامة في الحياة الدنيا سبيل إلى استدامة الآخرة وخلودها وهذ لا يتأتى إلى بإعمار الأرض بما يعود علينا وعلى البشرية بالنفع والخير.
في السنة النبوية الشريفة يتجسد المعنى في خلق الله الإنسان وأوجده في هذه الحياة لأجل تحقيق أمور ثلاثة هي جوهر وجوده ووظيفته على الأرض، وهي عبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس، وفي ذلك الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) رواه أحمد والبخاري ومما يستفاد من هذا الحديث العظيم أننا لابد أن نعلم أن العمل لا ينقطع أبداً حتى تقوم الساعة ،
وحيث يدور المضمون حول نفس العنوان الذي أتطرق إليه والمغزى منه والذي أصبح مثلاً مشهوراً بين الناس .. حيث تقول القصة أو الحكاية .. (أنه يُحكى أن كسرى أنوشروان ملك الفرس كان يتنزه في ضاحية عاصمته، فشاهد فلاحاً عجوزاً قد علت سنه، وشاب رأسه، وغارت عيناه، ووهنت قواه، وتقوس ظهره، وكان يغرس فسيلاً، فوقف كسرى بجانبه مأخوذاً بنشاطه فقال له : يا هذا كم أتى عليك من العمر؟ قال: ثمانون سنة، قال: أفتغرس فسيلاً بعد الثمانين؟ ومتى تأكل ثمره وهو لا يثمر إلا بعد عدة سنين؟ فأجاب الفلاح:(زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون)
ولو تأملنا جيداً فيما يحثنا عليه ديننا الحنيف على هذا الجانب الهام نجد أنه دعانا بكل فخر واعتزاز إلى الاعتناء بهذه الأرض والحرص عليها لزراعتها وغرسها لنستفيد منها وحتى لا تصبح قاحلة .. ومن ذلك ما يروى عن الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال:(ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة) .. وغيرها من تلك الروايات الأخرى التي تبين مدى أهمية ومنزلة الزراعة في الإسلام والأجر العظيم الذي يناله ذلك الشخص جراء عمله، ولا ننسى أن هناك توجيهاً ربانياً يدعونا جميعاً الى ضرورة استصلاح الأرض وضرورة العمل للإنسان حيث وهبه صحة الأبدان والقدرة على الإنتاج وذلّل له الارض وسهّل له سبل إحيائها وضمان استدامتها
ومن هذا المنطلق فإن ما أردت التركيز عليه هنا تحديداً القول بأنه يجب علينا أن نعتمد على أنفسنا .. وألا نتكاسل عن زراعة الارض وغرسها .. ولا نقول إن عصرنا يختلف عن عصر أجدادنا وآبائنا ونتواكل على الآخرين .. فنحن أولى من غيرنا في زراعة أرضنا .. والحفاظ على تربتها صالحة نقية دون أن يصيبها أي خطر يهددها أو ربما يلوث مغروساتها وثمارها
ومما سبق تأكيد للتوجه الرباني والسنة النبوية في تعزيز كرامة الإنسان وتحقيق عمارة الأرض بالعمل الصالح الذي هو أساس الحياة المستدامة في جميع مجالات الحياة ،
وتعريف الاستدامة اصطلاحا تُعرفُ بأنّها الحفاظُ على نوعيةِ الحياة من خلال التأقلم مع البيئة واستغلال الموارد الطبيعيّة لأطول مدى زمنيٍّ ممّا يساعدها في المحافظة على استمرار الحياة وتعاقب أجيالها
والاستدامة تمثل ثقافة وسلوكاً إنسانياً وهي في جل قضاياها مرتبطة بالوعي المجتمعي الذي يجب أن يتبناها كأسلوب حياة ولماذا أصحبت من الأولويات في كافة المجالات الحياتية؟؟؟؟
ولخص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المفهوم الحقيقي للاستدامة بقوله: “إننا نولي بيئتنا جُل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا.. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض للمحافظة عليها، وأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط وتركوا ما تجدُ فيه الأجيال القادمة مصدراً ونبعاً للعطاء»، مقولة تعكس وعياً فطرياً بأهمية الحفاظ على الموارد
واستخدم مصطلح الاستدامة منذ ثمانينيات القرن العشـرين أول ما استخدم بمعنى الاستدامة البشرية على كوكب الأرض وهذا مهد إلى التعريف الأكثر شيوعا للاستدامة والتنمية المستدامة حيث عرفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في 20 آذار 1987: “التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة المعيشة المستدامة هي في الأساس تطبيق الاستدامة في اختيار نمط الحياة والقرارات. مفهوم واحد فقط للمعيشة المستدامة الذي يعبر عن تلبية الاحتياجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحالية دون المساومة على هذه العوامل للجيل القادم ، وتم تعريفه كالتالي
التنمية المستدامة هي التي تلبي احتياجات الحاضر دون أن تؤثر في قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها
مراحل تطور مفهوم الاستدامة والتنمية المستدامة خلال القرن ال 20 وبداية القرن 21
http://www.cpas-egypt.com/pdf/Madiha_abd_elsattar/Ms.c/002.pdf
أهداف التنمية المستدامة
إن مبدأ أهداف التنمية المستدامة هو “ضمان عدم ترك أي شخص في الخلف” وهو أساس خطة وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030
https://www.arabstates.undp.org/content/rbas/ar/home/sustainable-development-goals.html
تعتبر أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر ، التي تم اعتمادها في عام 2015 كجزء من خطة التنمية المستدامة للعام 2030 وخريطة طريق مشتركة لجميع البلدان من أجل تحقيق التقدم في المجالات بالغة الأهمية لكل من البشر وكوكب الأرض .
و أهداف التنمية المستدامة هي خطة عالمية ومتكاملة غير قابلة للتجزئة . بمعنى آخر من المتوقع أن تعمل جميع البلدان في سبيل تحقيقها ، مع مراعاة ظروفها ، وقدراتها ، وأولوياتها الوطنية المختلفة . من المتوقع أن تسعى جميع البلدان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة كلها ومن خلال التعهد بعدم ترك أي شخص في الخلف ، والتزام البلدان بتسريع التقدم لأولئك الذين في الخلف بعد.
والتصميم لجعل العالم يتحول إلى أصفار في العديد من جوانب الحياة المتغيرة ، بما في ذلك الفقر المدقع والجوع عدم المساواة والسلام والعدل ، والجميع بحاجة للوصول إلى هذه الأهداف الطموحة. لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كل سياق .
مؤشرات أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية 2019
يصف تقرير مؤشر أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية لعام 2019 التقدم الذي أحرزته بلدان المنطقة العربية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويشير إلى المجالات التي تتطلب تقدماً بوتيرة أسرع. يمكن تفسير درجات وتصنيفات مؤشر أهداف التنمية المستدامة بحسب الهدف كنسبة مئوية من الإنجازات المتحققة،
يتكون مؤشر أهداف التنمية المستدامة من 105 مؤشر أداء لكل منها درجة من 0- 100 ولون إشارة المرور (أخضر ، أصفر ، أحمر ) وكل لون إشارة يرمز للأداء ومدى تحققها في كل دولة من دول العالم التي وقعت على الالتزام بتحقيق الأهداف وعددهم 193 ، ومنهم 22 دولة في المنطقة العربية
وفيما يلي نتائج مؤشرات أهداف التنمية المستدامة لدول المنطقة العربية
ويلاحظ في الجدول اعلاه رقم (1) نتائج مؤشرات أهداف التنمية المستدامة لدول المنطقة العربية لعام 2019 حيث برزت خمس دول كقيادات إقليمية بمجموع 65 درجة أو أكثر مما يعني انها قد قطعت حوالي ثلثي الطريق لتحقيق اهداف التنمية المستدامة ، وهذه الدول هي الجزائر والإمارات العربية المتحدة والمغرب وتونس والأردن . وثلاثة بلدان تخلفت عن الركب حيث حققت أقل من 50% من أهداف التنمية المستدامة وهي : جزر القمر واليمن والصومال ، ستحتاج هذه البلدان إلى جهود هائلة على الصعيد المحلي ومن الشركاء الإقليمين والدوليين لضمان عدم ترك أحد خلف الركب ، ولم تظهر فلسطين لأول مرة على مؤشر أهداف التنمية المستدامة ، ولكن نظراً لانخفاض البيانات المتوفرة ، فإنها لم تحصل على درجة إجمالية على المؤشر وفق تقرير مؤشر ولوحات متابعة أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية 2019
ويوضح الجدول رقم ( 2) نتائج لوحات متابعة أهداف التنمية المستدامة في بلدان المنطقة العربية مع بيان توضيحي لعدد الأشخاص الذي يعيشون في كل بلد ، وتشير المؤشرات في المنطقة العربية والتباين في النسب يرجع للظروف التي تمر بها معظم دول الوطن العربي عموما والتي لها تأثير سلبي على نتائج التنمية في المنطقة، ومع ذلك فإن لوحات متابعة أهداف التنمية المستدامة لا تشير إلى وجود ارتباط كبير بين درجة التنمية المستدامة للبلد والظروف التي تمر بها ، ولكن من المهم مراعاة الاختلافات الضخمة في عدد السكان ، ففي عام 2019 بلغ مجموع سكان ال 22 دولة عربية 431 مليون نسمة ، وهناك 11 دولة ويبلغ عدد سكانها أكثر من 10 مليون نسمة مجتمعة تضم 89% من سكان المنطقة العربية . تمثل مصر وحدها 23% من إجمالي سكان المنطقة
المصدر
- تقرير مؤشر ولوحات متابعة أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية 2019
- https://s3.amazonaws.com/sustainabledevelopment.report/2019/2019_arab_region_index_and_dashboards_arabic.pdf
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة