إعداد : وائل أحمد علام
نشر البحث في المجلة الأسكتلندية لمؤسسات الرعاية الداخلية للأطفال وهي تصدر عن مركز التميز لرعاية وحماية الأطفال ومقره جامعة ستراثكلايد Strathclyde في مدينة جلاسجو في اسكتلندا ، وينتمي البحث إلى عام 2019
ويتناول البحث موضوعاً مهماً خاصة في مواجهة الازمات وهو المرونة ، وهي عامل نفسي هام يدعم الأشخاص في جهودهم للتعامل مع الظروف غير المواتية . وعادة ما يتم دراسة المرونة لدى الافراد ، بينما تعد البحوث حول المرونة داخل المجموعات وفرق العمل أقل تواتراً.
اهتم البحث بدراسة العوامل المؤثرة على مرونة الفريق ، فالفرق المتسمة بالمرونة يمكنها العمل معاً لتفويض الصلاحيات وتبادل الدعم بين أفرادها والسعي لطلب المشورة وتطوير نسق مشترك من المعتقدات وعلاج المواقف الصعبة باستخدام أفضل الإمكانات المتاحة .
وللتوصل للعوامل المؤثرة على مرونة الفريق تم اجراء مقابلات نصف مخططة مع 15 مديراً لمراكز خاصة برعاية الأطفال في أيرلندا الشمال لدراسة مفهوم مرونة الفريق لديهم وللتعرف على ادراكهم وأفكارهم حول كيفية جعل فرقهم أكثر مرونة وقد بحثت المقابلات الأوقات التي كانت الفرق تعمل فيها بأسلوب إيجابي وبناء مع القدرة على علاج الصراعات والتعافي من الظروف غير المواتية ، وقد تم تسجيل المقابلات وتحليلها باستخدام طريقة التحليل الموضوعي ، وقد اشارت النتائج لما يلي :
العوامل المؤثرة على مرونة الفريق :
أولاً – عوامل خاصة بالفريق
- التوظيف: كان الحصول على مرشح مناسب للوظيفة أمراً مركزياً في مساعدة الفريق على الأداء الجيد ، وقد كان لتوفير المعلومات للموظفين الجدد ، وإتاحة الفرصة لهم لمرافقة الزملاء الأقدم ، و فترات الاختبار دوراً هاماً في اختيار أفضل المرشحين ، كما كان هناك تفضيل لمن يمتلكون مهارات متعددة ولكن أعطى المديرون الأولوية لاختيار الأشخاص الذين لديهم شغف بالعمل مع الأطفال والمراهقين وإحداث تغيير إيجابي في حياتهم
- روح الفريق ، الإيجابية : كان لوجود إحساس قوى بروح الفريق تواجد مركزي في تحسين أداء الفريق وتعريز المرونة ، كذلك كان لوجود هدف ومعتقدات مشتركة دور هام في أداء الفريق وفي إرساء أهداف واقعية وقد أشار(9) من المديرين الى العلاقة بين الثقة داخل الفريق وفترة استمراريته ومدة تواجد أعضائه مع بعضهم البعض فالفرق التي أمضت فترات أطول تبدو ذات روابط اقوى وأسس للثقة تطورت بمرور الوقت.
- اجتماعات الفريق : أشار كل المديرين الى أهمية اجتماعات الفريق كمناسبة وحيدة يجتمع فيها معظم أعضاء الفريق معاً وأبدى المديرون احباطهم بسبب عدم قدرة كل العاملين على التواجد في اجتماعات الفريق وهو ما يقلل من مستويات المشاركة والاندماج من كل الافراد كذلك أشارت النتائج لأهمية قيام الفريق بصورة مستمرة بتقييم ما يقوم به من أعمال وتقييم طريقة عمل أعضائه معاً، كما تم التأكيد على أهمية اتخاذ القرارات بصورة جماعية استنادا ًالى احتياجات الأطفال والمراهقين وقد أشار 10 من المديرين إلى حصولهم على استشارات مفيدة من الاختصاصيين النفسيين الاكلينيكيين فيما يخص مرونة الفريق والعمل معاً والتفكير بصورة مختلفة وأكثر ابتكارية
- تطوير الفريق : كان هناك إدراك للعلاقة بين مستويات مرونة الفريق واجتماع الفريق في الأنشطة التطويرية في كل المقابلات ورغم إشارة المديرين إلى صعوبة تحقيق ذلك بسبب ضغوط العمل فقد كان هناك إحساس عميق بالإيجابية التي تنشأ من أنشطة بناء الفريق.
فمفهوم نمو وتعلم الفريق بصورة جماعية كان مركزياً وفي بعض المناسبات كان هناك شعور بان الإيجابية تولدت عن لقاء أعضاء من فرق مختلفة في مناسبات التدريب ومن الاطلاع على أساليب العمل في أماكن أخرى وكان هناك إحساس بان الفرق قد تشعر بعزلة أقل عندما يظهر أن الاخرين يواجهون نفس الظروف ، وأشار المديرون إلى أن تدريب الفرق معاً يساعدهم على التعاون وعلى أن يصبحوا أقل مقاومة للتغيير كما ان أعضاء الفريق استفادوا من اشراكهم في أنشطة تقدرهم كفريق عمل وهو ما يؤدي الى زيادة عوامل المرونة وتحسين الخدمات وقد اعتبرت عروض المواد العلمية والدراسات وسيلة إيجابية لتطوير الممارسات ومنع الركود وتعزيز المرونة .
أكد كذلك (8) من المديرين على أهمية تعزيز ثقافة التطور والتعلم وتحدثوا بشغف عن النمو الإيجابي والتطوير كما تم التأكيد على دور اتخاذ القرار بواسطة الفريق وليس الفرد وعلى اتخاذ استجابات جماعية وعد ذلك القرار الجماعي كمعزز للمرونة داخل الفريق ويرتبط ما سبق بشعور الفريق بضغوط وقلق أقل ، مع تواصل أكبر وأساليب أفضل لحل النزاعات بين الأشخاص.
إن وجود حوار داخلي قوى وداعم داخل الفريق كان ضرورياً عند علاج النزاعات والبحث عن أساليب إيجابية لحلها.
- المراجعة : ربط (14) مديراً بين ممارسات المراجعة وبين إنتاجية الفريق و الممارسات المتمركزة حول الطفل فعندما يقوم الفريق بفهم أكبر لاحتياجات الأطفال فإن استجاباته تكون أكثر اتساقاً مع هذه الاحتياجات .
إن التعقيدات داخل بيئات الإقامة الداخلية تشمل عمليات للتغيير تتطلب تعاوناً وتنسيقاً وتفهماً ، وقد أكد (11) مديراً على مركزية التفهم والاستجابة للاحتياجات المتنوعة للأطفال وكان هناك اعتقاد أن ممارسات المراجعة لكافة جوانب الأداء هي وسيلة ممتازة لفهم وتحليل النزاعات التي تهدد ثبات واستقرار البيئة داخل المؤسسة .
ثانيا – عوامل خاصة بالإدارة
- أسلوب القيادة : تم اعتبار أسلوب القيادة كعنصر أساسي في مرونة الفريق فأسلوب الإدارة الذي يدرك الاحتياجات العلاجية للأطفال والاحتياجات الفردية لأعضاء الفريق كان أمراً هاماً كذلك تم التأكيد على أهمية التواصل بين المديرين وأعضاء الفريق وعلى تأثير ذلك على جودة الفريق ومستوى مرونته ، فدور قائد الفريق معقد ويعد مهمة صعبة تتطلب قيادة على مستويات عديدة والتوقعات من المدير عادة عالية .
وكذلك اشارت النتائج من 14 مقابلة أنه يتوقع من قادة الفرق ونوابهم أن يعرفوا فرقهم جيداً فيعرفوا قدرات كل فرد ونقاط ضعفه وقوته والأشياء التي تحافظ على دافعيته ومتى يكون أعضاء الفرق في أحسن أحوالهم ومتى يعانون ، كذلك على قادة الفرق أن يكونوا على دراسة بالدراسات الحديثة والتغيرات في الأنظمة وان يتحلوا بالذكاء الانفعالي والمسؤولية عن حياة الأطفال.
كما يتوقع منهم أن يكونوا إيجابيين وقادة ملهمين ونماذج قوية للاقتداء بهما ومناصرين لأعضاء فريقهم ، وفي بعض المراكز كان هناك قائد يهتم بالاحتياجات العلاجية وأخر على دراية أكبر بالأنظمة والتشريعات ، وقد نظر إلى ذلك كأمر إيجابي خاصة عندما يدعم كل دور عمل الاخر .
وقد عد أسلوب الباب المفتوح في الإدارة معززاً للمرونة كما ذكر (12) من المديرين، كما تم التأكيد على أهمية دور المبادرات البسيطة مثل تذكر المناسبات الخاصة وأثر ذلك على تعزيز المرونة . وقد كانت إجراءات التعامل مع المشكلات الجماعية بصورة مناسبة وبأسلوب منضبط وداعم أمراً مفضلاً ، كذلك المساعدة في التعافي من الازمات وممارسات المراجعة والتعلم و المساءلة .
- الاشراف : تمت الإشارة إلى أن الاشراف هو وسيلة إيجابية لتعزيز مرونة الفريق وقد ذكر ذلك في كافة المقابلات فهو يوفر فرصة للفريق لمراجعة الجوانب الإيجابية والتحديات الخاصة بالعمل وبصورة متزايدة يستخدم الفريق الأشراف لمناقشة المشاغل الشخصية وتأثيرها على العمل. كذلك اعتبر الاكتشاف المبكر للضغوط الزائدة والتدخل لمواجهتها مهمة أساسية ، إضافة لتوفير مستوى من الدعم الانفعالي للمساعدة على تعزيز المرونة . كما أشارت النتائج إلى أن شعور الفريق بالتقدير وبأن احتياجات أعضائه الشخصية والروحية والانفعالية يتم تقديرها يؤدي الى احتمالية كبيرة لان يشعر الفريق بالقدرة على الاستجابة للأطفال بصورة مشابهة
- التواصل : كان التواصل عاملاً مركزياً فقد عد تواجد التواصل الفعال المخطط و الداعم والأمين بمثابة الاوردة داخل المؤسسة وقد تم التأكيد على وجود رابط محتمل بين مشاعر الأطفال بالأمن وبين جودة التواصل المؤسسي .إن عملية تشارك المعلومات ينظر إليها كمحور لتطوير مرونة الفريق وشعوره بالتقدير وبأنه مسموع ويعامل باحترام وكرامة . وقد اقر 10 مدراء بالدور الذي يلعبه التواصل الداخلي وغير الرسمي في فهم البيئة . إن التواصل داخل مؤسسة للرعاية الداخلية يمكن أن يكون معقداً وصعباً في ادارته وتنسيقه .
إن انقطاع التواصل يمكن أن يكون له أثر مدمر على الفريق وعلى الأطفال وقد يؤدي لنشوء ثقافة نحن وهم.
وعند حدوث انقطاع في التواصل يشعر أعضاء الفريق بالحيرة والخوف من أن يساء الحكم عليهم. إن عملية اساءة تفسير وجهات نظر أو أعمال أو احكام أو دوافع الاَخرين يمكن أن يكون لها تأثير معطل للمرونة خاصة إذا لم يتم السعي لمناقشتها وحلها .
ثالثاً – العوامل الفردية
إن المراجعة الأولية للبحوث تشير إلى أن الأشخاص المتسمين بالمرونة لا يقودون على الدوام إلى فرق مرنة ولكن (7) من المديرين شعروا أن وجود شخص إيجابي قوي يعمل داخل الفريق يعد مفتاحاً لتقوية بعض الفرق ويحافظ على دافعية الفريق في بعض الأحيان ، وكان لافتاً وجود اجماع على محدودية علاقة الخبرة بذلك ، ففي بعض الأماكن كان الأشخاص من ذوي أكبر الخبرات يلعبون دوراً مدعماً بالنسبة للمؤسسة. وفي أماكن أخرى كان لهم جوانب سلبية ومحفزة للصراع داخل الفريق وكان تفرد وشخصية عضو الفريق عاملاَ جوهرياً بغض النظر عن مدة تواجده داخل بيئة العمل.
أما السمات الأساسية التي تميز الأشخاص الإيجابين داخل الفريق ممن يشجعون ويقودون المرونة فشملت
- الانفتاح والشغف
- المراجعة وفهم العمليات العلاجية
- تعدد المهارات
- الهدوء والتركيز في مواقف الخلاف
- القدرة على رؤية وجهة نظر الاَخرين
- القدرة على تبني التغيير
- الأمانة والمصداقية
- التعاون والاندماج
- فهم الاَثار المترتبة على الصدمات
المرجع :
- Graham,A., Killick ,C.(2019).Developing team resilience to prevent burnout in statutory residential care. Scottish Journal of Residential Child Care,18(3).
Celcis.org/files/3115/7288/0133/developing_team_resilience.
مدير ادارة الخدمات التعليمية و التأهيلية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية
عضو الفريق البحثي -عضو اللجنة العلمية للمؤتمر
متخرج في قسم علم النفس بجامعة عين شمس بالقاهرة
حاصل على ماجيستير علم النفس (مجال الاعاقة الذهنية) عام 2002 من نفس الجامعة .
تدرج في العديد من الوظائف في مجال الاعاقة كالتدريس و التقييم النفسي و الاشراف الفني و الادارة الفنية و تقديم الاستشارات في مؤسسات مختلفة خاصة و غير هادفة للربح .
لديه خبرة تزيد عن 25 عاما من العمل مع الاشخاص ذوي الاعاقة و أسرهم و مع فرق العمل في مؤسسات و هيئات متنوعة في كل من مصر و السعودية و الامارات.