بقلم : آمنة إبراهيم الزعابي
أأنت الاختصاصية النفسية بالمركز ؟
نعم كيف يمكنني المساعدة؟
أريد منك تعديل سلوك ابني ؟
وماذا يقلقك في سلوك ابنك؟
ابني كثير الحركة لا يهدأ أبداً ولا يستقر بمكانه ، لا يستجيب للتعليمات ولا يتوقف عن الحركة ويلهو بكل شيء ، مما أضطر معه لرفع كل الأشياء عنه مخافة من أن يدمرها.
كثيرة هي هذه السيناريوهات التي تحدث معنا بشكل دوري خلال عملنا وكثيرين من أولياء الأمور الذين يشتكون من كثرة حركة ابنهم ومنهم من يجزم بأن لديه اضطراب فرط نشاط وحركة.
للأسف بعض من أولياء الأمور يجهلون خواص نمو طفلهم والتي تعد الحركة والاستكشاف من أهمها في مرحلة الطفولة المبكرة وفي محاولة من الطفل لاكتشاف العالم المحيط به.
هل زادت حركة أبناءنا فعلياً وأصبحت تفوق قدرتنا على تحملها أم أننا أصبحنا نهتم بمقتنياتنا الثمينة من أثاث وتحف أكثر من اهتمامها بترك مساحة كافة لإشباع فضول أبناءنا أو أصبحنا أقل حرصاً على مراعاة الخصائص النمائية لديهم والتي يعد اللعب واللهو والحركة والفضول من أبرزها في مرحلة الطفولة المبكرة.
لربما كان الحرص الشديد من قبلنا على المحافظة على هذه المقتنيات مثيراً لفضول الأطفال، و ردة فعلنا قد تكون دافع للتجريب والتخريب والاختبار وقد يكون الصراخ من جراء اقتراب أحدهم من هذه المقتنيات دافع للفضول.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من منا يحتاج لتعديل سلوك أو بالأحرى تعديل في المفاهيم؟
اضطراب فرط النشاط هو أحد اضطرابات النمو العصبية يحدث في مرحلة الطفولة، ويستمر حتى مرحلة البلوغ بأشكال وأعراض مختلفة. ينتج عن نقص في كمية الموصلات الكيميائية (الدوبامين، النورأدرينالين) ولا يوجد أسباب واضحة ودقيقة حول سبب حدوثه .
هذا الاضطراب يجعل الطفل غير قادر على إتباع الأوامر أو السيطرة على تصرفاته، أو أنه يجد صعوبة بالغة في الانتباه للقوانين وبذلك فهو في حالة إلهاء دائم بالأشياء الصغيرة والكبيرة . و المصابون بهذه الحالة يواجهون صعوبة في الاندماج في صفوف المدارس ، ولا يتقيدون بقوانين الفصل، مما يؤدي إلى تدهور الأداء المدرسي لديهم، بسبب عدم قدرتهم على التركيز وليس لأنهم غير أذكياء وغالبا يعتقد أغلبية الناس أنهم مشاغبون بطبيعتهم.
هذه الحالة تعد أكثر الحالات النفسية شيوعا في العالم، إذ يبلغ عدد المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة حوالي 5% من مجموع شعوب العالم، والنسبة تزيد عن ذلك في الدول المتطورة ويعتقد الباحثون أن تركيبة الدول المتطورة وأجوائها قد تكون سبباَ لحالة قصور الانتباه وفرط الحركة عند شعوبها، اعتمادا على نوع الحضارة وردة فعل الفرد لها. وكثرة المثيرات بها وتعددها.
ويكون هؤلاء الأطفال عادة مفرطي النشاط واندفاعيين ولا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق فقط، حيث يصاب من ثلاثة إلى خمسة بالمئة من طلاب المدارس بهذه الحالة والذكور أكثر إصابة من الإناث، ويشكل وجود طفل مصاب بهذه الحالة مشكلة حقيقية أحياناً للأهل وحتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته ولكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته، ويجب على الوالدين معرفة ذلك ومنح الطفل المزيد من الحب والحنان والدعم .
كما أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من الحالات الشائعة في مرحلة الطفولة والتي يمكن علاجها. وقد يؤثر هذا الاضطراب في مناطق معينة من المخ والتي تختص بحل المشكلات، والتخطيط للمستقبل، وفهم تصرفات الآخرين، والتحكم في الدوافع وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين (AACAP) إلى ضرورة الالتزام بالمعايير التالية قبل تشخيص حالة الطفل على أنها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:
- يجب أن تظهر السلوكيات الدالة على هذا الاضطراب قبل سن الثانية عشرة.
- يجب أن تستمر هذه السلوكيات لمدة ستة أشهر على الأقل.
- يجب أن تعوق الأعراض الطفل إعاقة حقيقية عن مواصلة حياته بصورة طبيعية في مجالين على الأقل من المجالات حياته ، وإذا بدت على الطفل سمات نشاط زائد في منطقة اللعب دون أية أماكن أخرى، فقد لا يكون مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. فالطفل الذي تظهر عليه بعض الأعراض لا تشخص حالته على أنه مصاب بالاضطراب إذا لم يتأثر أداؤه الدراسي أو صداقاته بهذه السلوكيات.
العلاج الدوائي فعَال في السيطرة على الأعراض، ولكن استخدامه لا يغني عن العلاج السلوكي والتربوي. والتشخيص الفارقي للاضطراب مهم جداً ولذلك فإن التشخيص يجب أن يكون على يد طبيب مختص.
وأخيراً قبل الشروع في الشكوى من سلوكيات أبنائنا كان حرياً بنا أن نفهم دوافع سلوكياتهم فلكل سلوك دافع ووظيفة ويجب علينا أن نتساءل لماذا يتصرف ابني بهذه الطريقة ،وما الدافع من جراء سلوكه وتصرفاته ، ماذا يحقق له هذا السلوك وماذا يخدم ؟
فإذا ما عرفنا وظيفة السلوك والتي غالباً لا تخرج عن أربع دوافع رئيسية وهي :( لفت الانتباه للحصول على الاهتمام – الرغبة في الحصول على شيء ملموس – الهروب أو التجنب – والمدخلات الحسية ) سهل علينا معالجة سلوكيات ابناءنا خاصة السلوكيات التي ليست صورة من صور الاضطراب أو ليست اضطراب عصبي يحدث دون حول للطفل ولا قوة و يجب علينا كأولياء أمور العناية بالتالي :
- توفير بيئة آمنة وداعمه للطفل وتوفير مساحة كافية لممارسه نشاطه الحركي والتخفيف من المثيرات المشجعة على الحركة .
- مكافأة الطفل كلما التزم بالهدوء وعدم الغضب أو الثورة عليه نتيجة لتصرفاته بل التعامل معه بهدوء وبيان من يجب عليه فعله في هدوء.
- عدم التركيز على سلوكيات الطفل غير مرغوب فيها، بل التركيز دائماً على سلوكياته المرغوب فيها أو الإيجابية.
- عدم إرغامه على فعل شيء من دون إظهار محفزات ودوافع القيام بهذا الشيء، والبعد عن مقارنة الطفل بغيره، وإشغاله باستمرار وإشراكه دائماً في أنشطة رياضية وفنية.
آمنة الزعابي
اختصاصية نفسية
مدرب معتمد في التنمية البشرية من المجلس الكندي الأمريكي
كوتش لايف معتمد من الاتحاد الدولي للكوتشينج ICF