ترجمة: هاشم كاطع لازم ، بقلم: ويد برادفورد Wade Bradford
ما أفضل طريقة لقراءة الأدب المسرحي؟ ربما تواجه المرء عقبات لدى قراءة نص مسرحي لأنه يشعر وكأنه يقرأ مجموعة من التعليمات ، فمعظم المسرحيات تضم حوارات إلى جانب توجيهات باردة وحذرة. لكن هذا الأمر لا يمنع من أن تشكل المسرحية تجربة أدبية مثيرة للمشاعر.
ولأن الأدب المسرحي يطرح العديد من التحديات فإن قراءته تصبح لهذا السبب مختلفة عن قراءة كل من الشعر أو الفن القصصي. و تجدون أدناه بعض النصائح المفيدة لسبر غور النص المسرحي والإحاطة به قدر الامكان.
القراءة المصحوبة بقلم الرصاص
كتب مورتيمر أدلر Mortimer Adler مقالة بعنوان (كيف تدوّن معلومات على الكتاب) يشير فيها إلى أن قارئ الكتاب ينبغي أن يدون ملاحظاته وردود فعله وأسئلته مباشرة على الصفحة أو في دفتر الملاحظات أذا كان يهدف بالفعل إلى تقبّل النص بسرور. وقد لوحظ أن الطلبة الذين يعمدون إلى تدوين ملاحظاتهم أثناء القراءة يتفوقون على غيرهم في تذكّر الشخصيات والحبكات الفرعية المختلفة للمسرحية. ويرجح أيضا أن يشارك هؤلاء الطلبة بفاعلية في المناقشات الصفية وبالتالي يحصلون على تقييمات أفضل.
ولا يمكن للطلبة أن يدونوا الملاحظات على الكتب التي يستعيرونها من المكتبة أذ لابد من تدوينها في دفتر ملاحظات خاص لهذا الغرض.
- استخدم الفصول أو المشاهد لتنظيم الملاحظات.
- أترك فراغا إضافياً للانطباعات الأخرى التي ربما تنشأ أثناء قراءة المسرحية أكثر من مرة.
تخيّل الشخصيات
تضم المسرحية الكثير من التفاصيل الحية مثلما هو الحال في الرواية على سبيل المثال ، فالكاتب المسرحي في الواقع يعمد إلى وصف شخصية ما بشكل موجز لدى دخولها إلى المسرح ، وبعد ذلك ربما لن يقدم أي وصف لها. لذا يترك الأمر للقارئ لخلق صورة ذهنية متواصلة: هل يشبه هذا الشخص شخصا أخر؟ كيف تبدو الشخصيات؟ كيف تنطق الشخصيات كل سطر من النص؟
نحن نعلم أن الناس غالبا ما يميلون إلى الأفلام السينمائية أكثر من ميلهم إلى الأدب حيث يمكن في هذا السياق ومن خلال الخيال أسناد أدوار محددة لممثلين معاصرين مما يخلق جوا مفعما بالمرح والبهجة. ترى أي نجم سينمائي معاصر يمكن أن يؤدي دور ماكبث أو هيلين كيلر Helen Keller أو دون كيشوت Don Quixote؟ ولعل من النشاطات الصفية الممتعة تقسيم الطلبة إلى عدة مجموعات والطلب منهم كتابة فيلم قصير للمسرحية.
تأمل مكان الحدث المسرحي وزمانه
يسعى المدرسون في المدارس الثانوية وفي الكليات إلى اختيار أفضل المسرحيات الصادرة وفق التسلسل الزمني. ولأن الكثير من المسرحيات الكلاسيكية قد كتبت ومثلت في فترات زمنية مختلفة فمن الأجدر أن يفهم الطلبة بوضوح زمن حدوث القصة المسرحية ومكانها. هنا يتعين على الطالب أن يتخيل الأجواء وكذلك الملابس أثناء عملية قراءة النص ، كما يتعين عليه أن يدرس مدى أهمية السياق التاريخي للقصة.
ويبدو زمان المسرحية ومكانها في بعض الحيان مثل ستارة مسرح خلفية مرنة ، فعلى سبيل المثال تجري أحداث مسرحية (حلم منتصف ليلة صيف) A Midsummer Night’s Dream في العصر اليوناني الذي كانت تسود فيه الأساطير. غير أن معظم أعمال أنتاج المسرحية تتغافل عن ذلك فتعمد إلى إعداد المسرحية في حقبة زمنية مختلفة ، عادة ما تكون انجلترا في الزمن الأيلازيبيثي. وفي حالات أخرى ، مثل مسرحية (عربة اسمها الرغبة) A Streetcar Named Desire يحظى مكان المسرحية وزمانها بأهمية خاصة حيث يتحدد المكان ب (حي نيوأورلينز) New Orleans الفرنسي بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب العالمية الثانية. وعليه يتعين على الطلبة أن يتخيلوا ذلك بعمق أثناء قراءة النص المسرحي.
دراسة السياق التاريخي
يتعين على الطلبة أن يقوموا بعملية بحث للحصول على المزيد من التفاصيل التاريخية إذا وجدوا أن كلا من الزمان والمكان يمثلان عنصرين اساسيين سيما وأن بعض المسرحيات لا يمكن فهمها إلا حين يتم تقييم السياق.
- فمسرحية (قتل طائر محاكي) To Kill a Mockingbird (المعدّلة) تجري أحداثها في عمق الجنوب المضطرب أبان فترة الثلاثينيات من القرن التاسع عشر.
- ومسرحية توم ستوبارد Tom Stoppard الموسومة (اختراع حب) The Invention of Love تتناول القيود الاجتماعية والصراعات الأكاديمية أبان الفترة الفكتورية في انجلترا.
أن الأهمية الكبيرة التي تتسم بها تلك القصص يمكن أن تتلاشى دون معرفة السياق التاريخي ، عليه فأن قيامنا بأجراء بحث مبسط عن الماضي سوف يعيننا على بلوغ مستوى جديد من التقييم للمسرحيات التي يتعين علينا دراستها.
تقمص دور المخرج
هذا هو الجانب الممتع في عملية قراءة النص المسرحي ، فحين يعمد الطالب إلى تخيّل المسرحية فأن عليه أن يفكر تماما مثل مخرج تلك المسرحية. ويعمل البعض من كتاب المسرحية على طرح كم هائل من الحركات المحددة ، غير أن غالبية الكتاب يتركون مثل هذا الأمر إلى شخصيات المسرحية والعاملين المساعدين في المسرحية المعينة.
هنا يطرح السؤال الآتي: ماذا تعمل تلك الشخصيات؟ هنا يتعين على الطلبة أن يتخيلوا الاحتمالات المختلفة. هل يتحدث بطل المسرحية على نحو صاخب أم أنه يهاجم بعنف؟ هل تمكث البطلة هادئة على نحو غريب ومحير وهي تتحدث بتحديقة باردة؟ على القارئ اذن أن يتوصل إلى مثل تلك التفسيرات!
أضف إلى ذلك عليك أن تشعر بالارتياح وأنت تتقمص دور المخرج وتذكّر دوما أن تقييم الأدب الدرامي يقتضي أن تتخيل شخصيات المسرحية وتهيئة المسرح للتمثيل وكذلك الحركات ، وهذا ما يجعل قراءة الأدب المسرحي بمثابة تجربة مفعمة بالحيوية رغم التحديات القائمة.
وبهدف تحقيق الفائدة المرجوة يتعين على الطالب أن يقرأ المسرحية من بدايتها حتى النهاية مع تدوين الانطباعات الأولى. وفي القراءة الثانية أعمل على أضافة التفاصيل المتعلقة بأداء الشخصية ونزعاتها السلوكية والعاطفية. مالون شعر الممثل؟ هل يرتدي ملابسه وفق الموضة أم لا؟ هل جدار الغرفة مغلف بورق الحائط؟ مالون الأريكة الموجودة في الغرفة؟ ما حجم المنضدة؟ إذن كلما توسعت الصورة الذهنية في تفاصيلها أصبحت المسرحية أكثر حيوية على الورق.
المصدر:
https://www.thoughtco.com/tips-for-reading-a-play-2713086
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.