شيخ المؤرخين والمجددين في علم التاريخ 556 ـ 630 هـ = 1160 ـ 1234 م
آثاره في التاريخ
- الكامل في التاريخ
- اللباب في تهذيب الأنساب
- أسد الغابة في معرفة الصحابة
- التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية
هو عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الشهير بابن الأثير الجزري، نسبة لجزيرة ابن عُمر(1) مسقط رأسه، وقد كان كوكبنا أحد ثلاثة كواكب أخوة تركوا بصماتهم أنواراً باهرة مشعة في تاريخ الفكر الإسلامي الأشمل والأكمل،
أما الكوكب الأول فهو الشقيق الأكبر مجد الدين أبو السعادات المبارك (ت 607 هـ = 1210 م) الفقيه والمحدث والمتبحر بعلوم القرآن الكريم واللغة العربية.. ومن آثاره العلمية المضيئة: «جامع الأصول لأحاديث الرسول»، أما الكوكب الثاني فهو الشقيق الأصغر، ضياء الدين أبو الفتح نصر الله (ت 637 هـ = 1239 م) المتضلع بالأدب العربي وصاحب الباع الطويل وعلو الكعب فيه، ومن آثاره الأدبية اللامعة: «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر»، ويبقى الكوكب الثالث أوسطهم وهو مجرتهم وأسطعهم وأشعهم، عز الدين، الذي وضع اسمه قمراً بين أكثر وأعظم الأقمار المنيرة أبداً في علم التاريخ.. والذي تدين لهم الإنسانية بالفضل والريادة في هذا الميدان. وحسب ابن الأثير تألقاً ولمعاناً كتابه الموسوعي، «الكامل في التاريخ» الذي يعد بحق مرجعاً لا غنى عنه للمتخصصين في علم التاريخ، وللمهتمين بهذا العلم من مختلف التخصصات العلمية والمشارب الفكرية والثقافية.. في الشرق والغرب على حد سواء.
شبّ العلاّمة المؤرخ الموسوعي عز الدين في أسرة نبيلة وجيهة ميسورة ومعروفة بتدينها وتقواها، الأمر الذي جعل من جزيرة ابن عُمر أضيق من أن تتسع لطموحات رب الأسرة الكريمة وهامة أبنائه العلمية والفكرية الواسعة العملاقة، فشدّت الرحال ومعها مؤرخنا الكبير قاصدة الموصل وكانت عهدئذ واحة ظليلة فواحة تزدان بصفوة من أهل العلم والفكر والمعرفة، فأخذ يتنقل بين زهور هذه الواحة (الروض المعطار) الغنية بعبقها ورحيقها المختوم، ثم ليحلق بعيداً بجناحيه إلى المنابع في بغداد ليرشف من علمائها أنهارها ورياضها العلمية الأصيلة ما يستوفي ويشبع به نهمه للعلم والدراسة.. ثم ليترك لنا بعد ذلك، من علمه وفضله ـ الذي عرف بهما ـ عسلاً مصفى بلسماً شافياً باقياً لا أحلى ولا أنفع منه..
لا غرو بعد هذا كله أن طوّف ابن الأثير بدمشق وحلب والقدس عالماً زائراً بعد أن أرسى أوتاداً راسخة في مختلف العلوم بعامة وفي علم التاريخ والحديث بخاصة، وقد ظل على وفائه الأمين في كتابة تاريخ أمته والإنسانية حتى وافته المنية في الموصل المدينة التي صاغت ملامح شخصيته التاريخية العملاقة الأولى.
لقد كان ابن الأثير (يرحمه الله) صاحب ثقافة عربية إسلامية أصيلة لا يسبر غورها، وينهض شاهداً على هذا ما وصفه ابن خلكان(2) الذي كان معاصراً له، وحظي غير مرة بمقابلته: «وجدته رجلاً مكملاً في الفضائل وكرم الأخلاق وكثرة التواضع.. فضلاً عن كونه إماماً في الحديث ومعرفته وما يتصل به، حافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة خبيراً بأنساب العرب وأيامهم ووقائعم وأخبارهم لا سيما الصحابة».. وإلى جانب هذا كله، يعتبر ابن الأثير واحداً من أعاظم المؤرخين والكتاب المسلمين، لا يشرك علماء التاريخ معه آخر سوى الطبري(3) (يرحمه الله).
وكما تقدم، فقد ذاعت شهرته ـ على وجه الخصوص ـ في علم التاريخ والحديث، على أن أبقى آثاره الخالدة في علم التاريخ، الذي كتب فيه أربعة أنواع أبدع فيها كلها، ومتفوقاً على أنداده سواء من معاصريه أو من المتقدمين منهم أو المتأخرين في هذا الميدان الواسع..
وفيما يلي تقريظ موجز لمؤلفاته القيمة النفيسة:
- الكامل في التاريخ، ويقع في 21 مجلداً، وقد تعددت طبعاته حتى بات من المتعذر معرفة عددها لكثرتها.. وقد امتاز هذا السفر بالمنهجية والأمانة العلمية الدقيقة، معتمداً في جمع مادته على أمهات الكتب وأوثق المصادر، مظهراً في عمله هذا توازناً بين أخبار وأحداث مشرق العالم العربي والإسلامي ومغربه.. بعد أن استضاء بتجارب ومؤلفات من سبقوه أو من عاصروه من المؤرخين، أمثال الطبري والبلاذري والمسعودي وابن الكلبي، حيث تنكب خطاهم ونهج منهجهم.. فبدأ كتابه بتقديم تاريخ عام، من أول الزمان (بدء الخليقة) حتى عصره، منتهياً به إلى آخر أيامه، تحديداً قبل سنتين من وفاته.. وقد علّل في تصديره للكتاب سبب تأليفه له، ورد ذلك إلى ولهه بعلم التاريخ، ناعياً على غيره من المؤرخين التواريخ المطولة والمملة والمختصرة المخلّة، ومن اشتغل منهم بصغائر الأمور على حساب الهام العظيم من الحادثات.. كما عاب على بعضهم اقتصار مؤلفاتهم على تأريخ عصرهم، فكانوا أقرب إلى التأريخ المحلي منهم إلى التأريخ العالمي.. كما لاحظ على مؤرخي المشرق العربي ما تجاهلوه من تاريخ المغرب العربي، وفي الوقت نفسه، تناسى مؤرخو المغرب العربي أخبار المشرق العربي! وبالجملة، تعتبر موسوعة الكامل في التاريخ من أكثر الموسوعات التاريخية والتاريخ الإسلامي مكانة وشهرة وأشهرها عالمية تميزاً وسمعة.
- اللباب في تهذيب الأنساب، ويقع في 3 مجلدات وهو اختصار لكتاب الأنساب، الذي يقع في 8 مجلدات، لمؤلفه عبد الكريم بن محمد محمد تاج الإسلام أبو سعد السمعاني (ت 562 هـ = 1167م)، ويتضح من اسم الكتاب أن مؤلفه وقفه لعلم النسب، لكن إلى جانب اختصار ابن الأثير للكتاب في 3 مجلدات، كما رأينا، فقد استدرك على السمعاني في مواضع كثيرة وكشف فيه العديد من العيوب والأغلاط، ثم هذبه وأكمله وزاد فيه ما فات على السمعاني في باب الأنساب، حتى غدا كأنه كتابه، وخير شاهد على ذلك أن هذا المختصر هو عمدة الناس ومرجعهم في هذا العلم.
- أسد الغابة في معرفة الصحابة، ويقع في 6 مجلدات (في التراجم) وقد تناول فيه تاريخ الصحابة (رضوان الله عليهم أجمعين) ويعد هذا العمل من الكتب الإسلامية الأثيرة، وقد رتب (التراجم) على أسلوب المعاجم على حروف الهجاء.
- التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية، كتاب متخصص بتاريخ الدولة الزنكية الحافل بمجاهدة الصليبيين، مما يجعله مرجعاً لا غنى عنه من مراجع الحروب الصليبية بعامة (488 ـ 691 هـ = 1095 ـ 1291 م) ومصدراً موثوقاً هاماً (بخاصة) لعصر المجاهد الإسلامي الكبير عماد الزنكي (ت 145 هـ = 1146 م) وابنه نور الدين (ت 570 هـ = 1174 م) فضلاً عن أنه يزودنا بمعلومات طريفة عن الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ونظم الزنكيين على امتداد نفوذهم من مختلف جوانبها..
وبعد، فهذا غيض من فيض من شخصية ابن الأثير (عز الدين) الكبيرة في تاريخنا الذهبي الذي جدد في كتابته منهجاً وأسلوباً وأمانة متناهية في النقل وتحري الصدق والحقيقة على طريقة أهل الحديث.. وحسبه عالماً مؤرخاً كتابه الكامل في التاريخ الذي يعد وبجدارة «دائرة معارف ضخمة في التاريخ العربي الإسلامي حتى سنة (826 هـ = 1230م)» والذي ما زال مرجعاً أميناً للدارسين لعلم التاريخ في الشرق والغرب، مضفياً على صاحبه سمعة علمية وأدبية مستديمة.. من هذا المنطلق تم نقله إلى الفارسية في وقت مبكر من الــقرن (9 هـ = 15 م) وتنبه المستشرقون إلى قيمته وعلو منزلته بين الكتب التاريخية الأخرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر، قام المستشرق السويدي كارل ترنبرغ (ت 1294 هـ = 1877 م) بطبعه ونشره ليخرج في النهاية عام (1293 هـ = 1876 م) في 21 مجلداً. أما المستشرق الفرنسي المعروف البارون سلان (ماك دي ـــ) (ت 1297 هـ = 1879 م) فقد أخذ منه جميع مادته العلمية وثيقة الصلة بالحروب الصليبية وترجمها إلى الفرنسية، ونشرت في باريس سنة (1305 هـ = 1887 م) في مجموعة مؤرخي الحروب الصليبية.. رحم الله ابن الأثير رحمة واسعة وأنزله منازل الخالدين في جنات النعيم.
«ما المرءُ إلا الذي طابت فضائله
والدين زينٌ يزينُ العاقل الفِهما
والعلم أنفَسَ شيء أنت ذاخرهُ
فلا تكن جاهلاً تستورث الندما
تعلم العلم واجلس في مجالسهِ
ما خاب قطٌّ لبيب جالس العِلمَ»
المراجع:
- أو الجزيرة العُمرية كما أسماها السُبكي (ت 177 هـ = 1370 م) في طبقات الشافعية، وهي عهد ذاك قرية صغيرة، وهي اليوم مدينة في تركيا على نهر دجلة (ناحية الموصل في العراق) وسميت بالجزيرة لأن نهر دجلة يحيط بها من ثلاث جهات.. ولعل نسبتها إلى ابن عُمَر يعود ـ كما يرى ياقوت الحموي (ت 726 هـ = 1229 م) في معجم البلدان ـ إلى مؤسسها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي (ت 350 هـ = 961 م).. أما ابن خلكان (انظر الهامش رقم 2 فيؤكد نسبتها إلى عبد العزيز بن عمر بانيها الأول.. للمزيد حول الموضوع انظر الدراسة الرائعة للأستاذ الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور «دراسة حول كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير»، في بحوث ودراسات في تاريخ العصور الوسطى، من منشورات جامعة بيروت العربية، بيروت، 1398 هـ = 1977 م، ص 393 ـ 414 انظر هنا ص 393 ـ 394, وقارن المنجد في اللغة والأعلام، ط، 12 1393 هـ = 1973 م، ص.21 وانظر كذلك الأستاذ الدكتور شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، دراسة في تطور علم التاريخ ومعرفة رجاله في الإسلام، ط 2 في جزئين، دار العلم للملايين، بيروت، 1400 هـ = 1980 م، انظر هنا ج 2 ص 111 وما بعدها.
- أحمد البرمكي (ت 186 هـ = 1282 م) من مؤلفاته معجمه التاريخي ذائع الصيت «وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان». ولد في اربيل (العراق).
- محمد بن جرير أبو جعفر (ت 310 هـ = 923 م) مؤرخ موسوعي طبقت شهرته الآفاق وهو أيضاً مفسر ومقرىء ومحدث، من آثاره الحية «تاريخ الأمم والملوك» و«جامع البيان في تأويل القرآن»، ولد في آمل (طبرستان) (مازندران) انظر المنجد، المرجع السابق، ص 334 و726.
الرتبة العلمية: أستاذ
التخصص العام: تاريخ
التخصص الدقيق: حديث ومعاصر
الجنسيـــة: أردني
تاريخ ومكان الميلاد: حيفا (السنديانة) فلسطين 1944
الحالة الاجتماعية: متزوج، عدد الأبناء ستة
<العنوان :=””>جامعة البتراء، ص.ب 961343، كلية الآداب والعلوم،
قسم اللغة العربية، عمان 11196، الأردن
المؤهلات الدراسية (الأحدث فالأقدم):
ـ دكتوراه (الفلسفة) في الآداب، تاريخ حديث ومعاصر 1983، جامعة مانشستر، قسم الدراسات الشرقية، جامعة مانشستر، مانشستر، بريطانيا
ـ دبلوم الدراسات العليا في الدراسات العربية والإسلامية (السنة التمهيدية للماجستير مقررات) تخصص تاريخ إسلامي، جامعة بيروت العربية، كلية الآداب، جامعة بيروت العربية، بيروت، لبنان 1979
ـ الدبلوم العام في التربية، جامعة بيروت العربية، كلية الآداب، جامعة بيروت العربية، بيروت، لبنان 1975
ـ ليسانس آداب في التاريخ، جامعة بيروت العربية، كلية الآداب، قسم التاريخ، جامعة بيروت العربية، بيروت، لبنان 1974.
عنوان رسالة الدكتوراه
The Development of Reform Concepts in Nineteenth – Century Egypt with Special Emphasis on Shaykh Muhammad Abduh and His Group
«تطور مفهوم الإصلاح في مصر في القرن التاسع عشر مع التركيز على دور الشيخ محمد عبده وأنصاره»
التدرج الوظيفي (الأحدث فالأقدم):
أستاذ (غير متفرغ) في جامعة البتراء الخاصة، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية من 5 اكتوبر / تشرين أول 2008 حتى الآن
أستاذ في جامعة الملك فيصل، كلية التربية، قسم الدراسات الاجتماعية، الأحساء (السعودية) من 1 اكتوبر / تشرين أول 2003 إلى 16 سبتمبر / أيلول 2007.
أستاذ مشارك في جامعة الملك فيصل، كلية التربية، قسم الدراسات الاجتماعية، الأحساء (السعودية) 8 أغسطس / آب 1995 إلى 1 اكتوبر / تشرين أول 2003.
أستاذ مساعد في جامعة الملك فيصل، كلية التربية، قسم الدراسات الاجتماعية، الأحساء (السعودية) من 19 أغسطس / آب 1984 إلى 8 أغسطس / آب 1995.
أستاذ مساعد في جامعة قسنطينة، كلية الآداب، قسم التاريخ، قسنطينة (الجزائر) العام الجامعي 1983/ 1984