إعداد : وائل أحمد علام
نشر البحث في عدد شهر مايو 2021 من مجلة بحوث الإعاقة الذهنية التي تصدرها إحدى الجمعيات البريطانية المتخصصة في الإعاقة الذهنية MENCAP، بالتشارك مع الجمعية الدولية للدراسات العلمية في الإعاقات الذهنية والنمائية.
يرتبط البحث مباشرة بالواقع الحالي لتداعيات جائحة كوفيد19 من منظور الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية، وهو يركز على إدراكات ومفاهيم هذه المجموعة حول آثار الجائحة والإغلاق المصاحب لها على حياتهم كما يتناول البحث آثار كوفيد19 على أربعة جوانب مختلفة هي الوصول إلى المعلومات والخبرات الانفعالية والتأثير على الأوضاع الحياتية والوصول إلى الدعم.
العينة:
بلغ عدد المشاركين في الدراسة 582 شخصاً من ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية بمتوسط عمر 35.6 عاماً وقد أكمل ثلثا المشاركين الاستبيان المطبق بصورة مباشرة، سواء باستقلالية أو بدعم من شخص اَخر بينما تم استكمال بقية الاستبانات من خلال أحد الأقارب أو المتخصصين ممن أجروا مقابلات مع المشاركين ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية وجمعوا معلومات حول تجاربهم الحياتية.
أداة البحث:
تم استخدام استبيان مكون من 16 سؤالاً مغلقاً أُرسلَ عبر البريد الإلكتروني إلى مقدم الخدمة الرئيسي للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية في إسبانيا Plena Inclusion وهي جهة تضم 935 مؤسسة طلب منها توزيع الاستبيان على الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية.
وللوصول إلى مشاركين تدعمهم جهات أخرى وزع الاستبيان عبر مواقع إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ليطبق عبر الإنترنت مع تعليمات بأسلوب القراءة المبسطة، كما وزع الاستبيان على كل المؤسسات التي تعاونت في بحوث سابقة مع فريق البحث بعدد كلي بلغ 1000 رسالة إلكترونية ومع إتاحة تطبيق الاستبيان من خلال مقابلة بواسطة قريب أو متخصص أرفقت تعليمات للتأكيد على أن يعكس الاستبيان رأي المشاركين من الأشخاص ذوي الإعاقة وليس رأي القائم بالمقابلة.
النتائج والمناقشة:
أولاً: فيما يخص الوصول إلى المعلومات حول كوفيد 19 والإغلاق بسبب الجائحة والوصول إلى الدعم، كانت رؤية المشاركين أن وصولهم إلى المعلومات والدعم كان جيداً بصورة عامة.
وفيما يخص الوصول إلى المعلومات، أشار معظم المشاركين لتلقيهم معلومات حول الجائحة بنسبة بلغت 89.5% كما أشاروا لفهمهم هذه المعلومات بنسبة 81 % ممن تلقوا المعلومات.
ويعكس ذلك الجهد الذي بذل بواسطة مقدمي الخدمات في إسبانيا لمشاركة وإتاحة المعلومات سهلة الوصول حول فيروس كورونا المستجد وأساليب مكافحته.
فعلى سبيل المثال، عقد مزود الخدمة الرئيسي Plena Inclusion 20 ندوة لتوفير المعلومات حول الوضع القائم، وطور ثمانين وثيقة بأسلوب القراءة المبسطة، كما قرر المشاركون أنهم تلقوا دعماً للتعامل مع الموقف.
ويذكر في ذلك السياق الاستجابة السريعة للمؤسسات منذ بدء الجائحة مع تطوير قواعد إرشادية للدعم وتكييفها لتناسب سياقات مختلفة.
ثانياً: فيما يخص الخبرات والتجارب الانفعالية:
أشار المشاركون إلى أنهم واجهوا صعوبات انفعالية وصعوبات في الحفاظ على العمل أو الدراسة فأشار 60% منهم إلى أنهم شعروا بالخوف وبقلق أكبر منذ بداية الإغلاق.
وتشير هذه النتائج إلى الحاجة لمزيد من الدعم للتعامل مع الصعوبات الانفعالية وقد يساعد إنشاء شبكات للدعم عبر الإنترنت على مواجهة هذه الاَثار.
وتشير الخبرة المستخلصة في هولندا إلى أن وصول الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية لهذا النوع من الخدمات قد زاد خلال الأسابيع الأولى من الجائحة عندما كانوا أكثر عرضة للشعور بالخوف والقلق من المجهول.
كذلك أشار المشاركون إلى مواجهتهم الانقطاع عن وظائفهم (48 % من الطلاب، 72.7 % من العاملين) وبالنظر إلى العلاقة الإحصائية بين الخصائص الاجتماعية والديموغرافية للمشاركين وبين إجاباتهم، أدرك اليافعون (38.6 %) والطلاب ( 27.2) من ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية صعوبات أكبر في فهم المعلومات حول كوفيد19 كما وجد 25 % من اليافعين صعوبة في فهم سبب الإغلاق.
وتشير تلك النتائج إلى أنه رغم ما تم بذله من جهود فلم يتم نشر المعلومات للجميع بصورة متساوية.
وتشير البحوث إلى استراتيجيات يمكن استخدامها لزيادة الوصول إلى المعلومات، فنظراً لأن الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية يشكلون مجموعة غير متجانسة، يجب أن يتم تطوير صيغ مختلفة من مصادر المعلومات لتناسب مستويات مختلفة من القدرات واحتياجات الدعم وأنماط التعلم.
كما يجب إشراك الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية في تطوير هذه المصادر، ولا بد أيضاً من استخدام الاستراتيجية المناسبة في نشر المعلومات التي تناسب خصائص المجموعة المستهدفة مثل العمر والدافعية وأنماط التعلم.
وقد كان هناك ارتباط ضعيف بين كون المشارك أنثى وبين الشعور بمستويات أعلى من الخوف والقلق.
وفي غيبة الدراسات التي تحلل العواقب النفسية للجائحة على الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية، تتسق هذه النتائج مع البحوث حول الاستجابات النفسية العامة للجائحة والتي تظهر أن النساء أكثر احتمالية لإحراز تكيف أقل مقارنة بالرجال، وهناك حاجة للمزيد من البحوث لفهم المتغيرات المرتبطة بالنوع الاجتماعي التي تؤثر على التكيف النفسي للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية في الظروف غير المواتية.
ثالثا ً: فيما يخص الأوضاع الحياتية:
كانت الظروف المعيشية مرتبطة بدرجة أعلى من القلق خلال الحائجة خاصة لدى 65.1% من المشاركين الذين يعيشون في أماكن الإقامة الداخلية.
إن التحديات الخاصة بمؤسسات الإقامة الداخلية في إسبانيا تساعد في تسليط الضوء على هذه النتائج وقد أشارت المؤسسات التي تقدم هذه الخدمات إلى تعرضها للإنهاك بسبب نقص الموارد اللازمة لمنع العدوى بين العاملين من مقدمي الرعاية والأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية.
وبسبب نقص الوقت اللازم للإعداد ولشرح الإجراءات التي تم اتخاذها ونتيجة لذلك فقد تعرض أشخاص كثيرون من ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية لتغيرات مفاجئة في بيئاتهم، ويشمل ذلك التغيرات في المتخصصين الذين يقدمون الدعم لهم و الأشخاص الذين يعيشون معهم ( بسبب العزل و الحجر الصحي)كذلك تغيرات الروتين الخاص بهم .
إن ذلك يساعد في تفسير حقيقة أن 10% من المشاركين في البحث قد غيروا أوضاعهم المعيشية مع بدء الإغلاق وفي معظم الحالات كان ذلك عبر الانتقال من المؤسسات إلى منازل الأسر.
وتسبب الإغلاق في تعطيل العمل والدراسة، فالنتائج المستقاة من الطلاب كانت لافتة حيث لم يتمكن نصفهم تقريباً من متابعة دراستهم عبر الإنترنت ورغم أن 60% منهم تلقوا دعماً تعليمياً إلا أن الدعم المتخصص انخفض ووقعت مسؤولية وأعباء ذلك على الأسر.
يبرز ذلك العبء الخاص بالأسر في دعم أقاربهم من ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية والنقص في إعداد الأنظمة التعليمية لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية عبر الإنترنت والحاجة للتعاون بين الأسرة والمدرسة في دعم الطلاب.
وكانت هناك علاقة دالة وقوية بين الحاجة إلى طرف ثالث لاستكمال الاستبيان عبر المقابلة وبين الاستجابات التي تعكس نتائج أقل جودة.
وقد يفترض أن ذلك بسبب وجود احتياجات أكبر للدعم لدى الأشخاص الذين احتاجوا لاستكمال الاستبيان عبر المقابلة وهي احتياجات الدعم التي أعاقتهم عن استكمال الاستبيان عبر الإنترنت.
إن هذه الاستجابات تعكس حاجة هذه المجموعة إلى دعم أكبر عند مواجهة المتطلبات التي فرضها الإغلاق بسبب الجائحة.
بحوث مستقبلية
يوفر البحث إشارة إلى موضوعات بحثية إضافية يمكن التوسع فيها، مثل استخدام التكنولوجيا في دعم مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية في البحوث والدراسات الخاصة بهم، كذلك تأثير الجائحة والإغلاق على الأسرة ككل، وتأثير الظروف الأسرية مثل الحالة الاقتصادية على إدراك كل من الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والنمائية ومقدمي الرعاية لهم لآثار الجائحة.
إن ذلك يوفر فهماً أكثر شمولاً للأوضاع ولما يجب اتخاذه من إجراءات لمعالجتها استناداً إلى ذلك الفهم.
Amor,A.,Navas,P.,Verdugo,M.,Crespo,M.(2021).Perceptions of people with intellectual and developmental disabilities about COVID-19 in Spain : a cross-sectional study .Journal of Intellectual Disability Research , 65(5),381-396.Available at https://onlinlibrary.wiley.com/toc/1365278812021/6515
مدير ادارة الخدمات التعليمية و التأهيلية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية
عضو الفريق البحثي -عضو اللجنة العلمية للمؤتمر
متخرج في قسم علم النفس بجامعة عين شمس بالقاهرة
حاصل على ماجيستير علم النفس (مجال الاعاقة الذهنية) عام 2002 من نفس الجامعة .
تدرج في العديد من الوظائف في مجال الاعاقة كالتدريس و التقييم النفسي و الاشراف الفني و الادارة الفنية و تقديم الاستشارات في مؤسسات مختلفة خاصة و غير هادفة للربح .
لديه خبرة تزيد عن 25 عاما من العمل مع الاشخاص ذوي الاعاقة و أسرهم و مع فرق العمل في مؤسسات و هيئات متنوعة في كل من مصر و السعودية و الامارات.