ترجمة: هاشم كاطع لازم ، بقلم ديبورا كاو Deborah Cao
يشاع غالباً أن الترجمة القانونية تتسم بالصعوبة والتعقيد، ومَردُّ ذلك في جوهره يعود إلى أن طبيعة القانون واللغة القانونية تسهمان في صعوبة الترجمة القانونية وتعقيدها.
ويتفاقم الأمر بسبب التعقيدات الناجمة عن التعاطي مع لغتين ونظامين قانونيين أثناء عملية الترجمة.
وتشمل الصعوبات الاختلافات النظامية في الترجمة بجانبيها اللغوي والثقافي.
واللغة القانونية لغة فنية لكنها ليست لغة فنية عامة لكونها ترتبط بنظام قانوني وطني، وبذا تختلف عن اللغة المستخدمة في العلوم الصرفة مثل الرياضيات والفيزياء.
إن القانون واللغة القانونية محددان بنظام، أي أنهما يعكسان التاريخ والتطور والثقافة وفوق كل ذلك قانون نظام قانوني معين.
والقانون بصفته مفهوماً مجرداً يتصف بالشمولية مثلما هو واضح في القوانين المكتوبة ومبادئ السلوك المألوفة في مختلف البلدان.
مع ذلك، تظل النظم القانونية مميزة للمجتمعات التي تشكلت فيها، فلكل مجتمع بنيته الثقافية والاجتماعية واللغوية التي تطورت واستقرت بشكل منفرد في ضوء أوضاعه الخاصة، ثم أن كلاً من المفاهيم والأعراف القانونية فضلاً عن التطبيقات القانونية تختلف من مجتمع إلى آخر مما يعكس الاختلافات في ذلك المجتمع.
وتقتضي الترجمة القانونية الترجمة من نظام قانوني معين إلى نظام آخر.
وعلى خلاف العلوم الصرفة، يظل القانون عبارة عن ظاهرة وطنية حيث أن كل قانون وطني يمثل نظاماً قانونياً مستقلاً له أدواته التعبيرية الخاصة به وبنيته الفكرية الأساسية وقواعد التصنيف والمصادر القانونية والمقاربات المنهجية والمبادئ الاجتماعية، الاقتصادية (سارسيفك Sarcevic ، 1997:13).
ولمثل هذا الأمر مضامينه للترجمة القانونية حين يتم التواصل عبر لغات وثقافات ونظم قانونية مختلفة فالقانون يرتبط بالجانبين الثقافي والتشريعي.
وهناك مختلف النظم والأعراف القانونية مثل القانون الروماني- الجرماني (القانون المدني الأوروبي) والقانون العرفي Common Law اللذان يعتبران أكثر عائلتين قانونيتين تأثيراً في العالم.
في هذا الشأن، يشير كل من ديفيد وبريرلي ( David and Brierley ، 1985) إلى أن لكل نظام قانوني سماته الخاصة وكذلك (المفردات التي تعبر عن المفاهيم وأن قواعده تنظم وفق أنماط معينة وله أساليب للتعبير عن القواعد والأحكام وتفسيرها، وهي مترابطة وفق النظام الاجتماعي نفسه الذي يحدد الطريقة التي يطبق بموجبها القانون وكذلك يحدد وظيفة القانون في ذلك المجتمع).
وبسبب الاختلافات في التطور التاريخي والثقافي فإن من العسير نقل عناصر النظام القانوني في النص الأصلي إلى النظام القانوني في اللغة الهدف (سارسيفك 1997) مما يشكل تحدياً كبيراً للمترجم القانوني من جراء مثل هذا التعارض، أضف إلى ذلك الصعوبات اللغوية التي تصاحب عملية الترجمة بسبب الاختلافات الموجودة في الثقافات القانونية والنظم المختلفة.
وإذا قارنا الترجمة القانونية بصفتها ترجمة فنية بمثيلاتها الأخريات فإنها تعتبر فريدة من نوعها في هذا الخصوص حيث أن كل لغة قانونية هي نتاج تاريخ وثقافية معينين. لذا نلاحظ على سبيل المثال أن لغة الحق الشرعي في اللغة الفرنسية لا يمكن أن تتماشى بالضرورة مع اللغة القانونية الإنكليزية والعكس صحيح تماماً في ما يتصل بلغة القانون عموماً.
ومن الصعوبات اللغوية الرئيسية في الترجمة القانونية غياب التعبيرات المكافئة بين اللغات المختلفة، ومثل هذا الأمر يتطلب قيام المترجم بعملية مقارنة متواصلة بين النظامين القانونيين لكل من اللغة المصدر واللغة الهدف.
وفي إطار الأسلوب القانوني فإن اللغة القانونية تعتبر لغة اختصاصية إلى حد كبير فالتقاليد القانونية والثقافة القانونية لهما تأثير ملموس على الطريقة التي يكتب بها القانون.
من هنا يمكن النظر إلى اللغة القانونية المكتوبة باعتبارها انعكاساً للعناصر الجوهرية لثقافة قانونية معينة مما يجعل المترجم القانوني في مواجهة المضامين ذات الأوجه المتعددة (سميث Smith 1995:190-191).
كما أن التباينات الثقافية تمثل مصدراً آخر للصعوبات التي تميز الترجمة القانونية فالقانون هو تعبير عن الثقافة يتجسد من خلال اللغة القانونية.
وعليه، يتعين على المترجمين القانونيين أن يتغلبوا على الحواجز الثقافية بين اللغة المصدر واللغة الهدف.
ويعلق ويستن Weston (1983:207) على ذلك بقوله: (إن أهم صفة عامة لأية لغة قانونية هي أن جزءاً كبيراً من النص الذي يتعامل معه المترجم يحمل طابعاً ثقافياً).
خلاصة القول: إن وجود ثقافات وتقاليد قانونية مختلفة هو السبب الرئيسي الذي يجعل اللغات القانونية تختلف بعضها عن البعض الآخر ، وهو ذات السبب الذي يجعل اللغة القانونية تختلف تماماً عن اللغة العادية.
المرجع :
https://www.researchgate.net/publication/275330987_Legal_Translation [accessed Feb 18 2018].
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.