بقلم د. مدحت محمد أبو النصر
أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة حلوان
ظهرت فكرة نظام الساعد في مهنة الخدمة الاجتماعية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية منذ ستينيات القرن الماضي، واستخدمت بشكل واضح مع جماعات المسنين والأحداث الجانحين والمرضى والأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي الوقت الحاضر يستخدم هذا النظام أيضاً مع ضحايا الجريمة، وضحايا الانحراف الجنسي والأسر التي لديها مشكلات.
وهذا النظام يستخدم بشكل رئيسي مع العملاء الذين يحصلون على رعاية إعاشية أو مرتبطة بالإقامة، أي الذين يقيمون في المؤسسات للحصول على الخدمة مثل مؤسسات أو دور رعاية المسنين، مؤسسات رعاية الأحداث، مؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة والمستشفيات.
وكلمة (الساعد) جاءت من كلمة المساعدة لأن الشخص أو العميل الساعد يساعد زملاءه من العملاء في مواجهة المشكلات نفسها التي سبق وواجهته وتغلب عليها، ويساعد الاختصاصي الاجتماعي في عمله.
أيضاً كلمة الساعد تشير إلى اليد التي تساعد الآخرين وتمتد لهم بالنصيحة والمعلومة والأمل.
ويقصد بنظام الساعد هو: قيام الاختصاصي باختيار عميل أو أكثر (معاق أو مسن أو مريض أو حدث) حسب مجال الرعاية أو المؤسسة التي يعمل فيها الاختصاصي، ثم يقوم بتدريبه أو تدريبهم على القيام بعدد من المهام نذكر منها:
الاتصال، الإقناع، التأثير، التوضيح، التشجيع، التدعيم، التعديل..
هذه المهام تهدف إلى مساعدة زملائه العملاء.
ولعل قيام العميل (الساعد) بهذه المهام تمثل مساعدة للاختصاصي الاجتماعي في عمله.
والعميل (الساعد) يمثل قناة اتصال بين الاختصاصي الاجتماعي والعملاء، فهو مثل الجسر تنتقل بواسطته أفكار وآراء الاختصاصي الاجتماعي للعملاء، وفي الوقت نفسه تنتقل بواسطته حاجات ومشكلات العملاء للاختصاصي الاجتماعي.
أي أن العميل (الساعد) يجب أن يكون موصلاً جيداً للطرفين، ويسهل عملية الاتصال بينهما، والعميل الساعد هو أداة لتقديم المساعدة للعملاء وهو متطوع يعمل بدون مقابل نظير الجهد الذي يبذله وهو مثل الصديق لكل من الاختصاصي الاجتماعي والعملاء.
ويطلق علماء النفس والإرشاد التربوي على نظام الساعد تسمية أخرى، هي: (الإرشاد من خلال الزميل أو الرفيق) فعلى سبيل المثال، قام كريش بوضع برنامج لإرشاد الزملاء من خلال تدريب عدد من النزلاء في أحد السجون على المهارات الإرشادية والاتصالية بزملائهم، والتدريب أيضاً على قيادة الجماعات وحقق البرنامج نتائج إيجابية اتضحت من سلوك المتدربين أنفسهم، وفي استجابة زملائهم لإرشاداتهم.
ومن الأسباب الرئيسية لظهور نظام الساعد في مهنة الخدمة الاجتماعية نذكر:
- كثرة عدد العملاء بالنسبة للاختصاصي الاجتماعي الواحد، مما زاد من عبء العمل عليه واتساع نظام الإشراف أو التمكن لديه.
- وجود نقص في عدد المهنيين مما يستدعي استكمال هذا النقص بالمتطوعين المدربين.
- العميل (الساعد) ينظر نظرة بسيطة وطبيعية للمشكلات والتعامل مع الآخرين باختلاف نظرة الاختصاصي الاجتماعي المرتبطة بمتطلبات المهنة.
- إيمان مهنة الخدمة الاجتماعية بمبدأ المساعدة الذاتية، بمعنى أن العملاء يجب أن يساعدوا أنفسهم بأنفسهم.
- حرص مهنة الخدمة الاجتماعية على التطبيق الكامل لمبدأ المشاركة بمعنى أن للعملاء الحق في الاشتراك في جميع مراحل عملية المساعدة (الدراسة، التشخيص، العلاج، التقويم).
- إيمان مهنة الخدمة الاجتماعية بأهمية أسلوب المل الفريقي في تحقيق الأهداف بصورة أكثر كفاءة وفعالية، فالاختصاصي الاجتماعي ليس أحادي النظرة، ولا يسفه وجهات نظر الآخرين، بل يشجعهم على إبداء وجهات نظرهم.
- ان أول درس يتم تعليمه لطالب الخدمة الاجتماعية هو أن وجهة نظره لا تمثل إلا جانباً واحداً من الحقيقة والاستفادة من نظام العميل المساعد أحد محاور تطبيق ذلك.
- أثبتت الدراسات العلمية في مهنة الخدمة الاجتماعية وعلم النفس أن أعضاء الجماعة يمكن أن يتأثروا بأحد أعضائها أكثر من استجابتهم للاختصاصي الاجتماعي، وذلك يرجع إلى عدة عوامل، نذكر منها:
- إن هذا العضو متشابه في جوانب كثيرة (مثل المرحلة العمرية، والخصائص الجسمية والعقلية والنفسية) مع زملائه الآخرين في الجماعة. إن هذا العضو يعاني
- تقريباً من نفس المشكلات التي يعاني منها زملاؤه الآخرون.
- مشاعر بعض العملاء السلبية نحو الاختصاصي الاجتماعي مثل: الحساسية، المقاومة، الخوف على سرية معلوماتهم، رفض المساعدة من الاختصاصي الاجتماعي.
ويجدر بالذكر أن تطبيق نظام العميل (الساعد) ليس قاصراً على مهنة الخدمة الاجتماعية، وإنما له استخدامات في مهن أخرى مثل: الطب وعلم النفس وعلم الإدارة، فعلى سبيل المثال ترفع كثير من الشركات شعارات مثل: العميل يدير الشركة، والعميل دائماً على حق، والمراجع هو المدير.
وهذا يعني أن الشركة أو الإدارة يجب أن تضع إرادة العميل فوق إرادتها أو إرادة العاملين بها.
وفي عالم مليء بالمنافسة، فإنه يجب اعتبار العميل هو واضع الخط الرئيسي في أي شركة أو مؤسسة حتى يتم تحقيق المعادلة الصعبة بين جودة المنتج وجودة الخدمة.
أيضاً تتم مراعاة تحقيق الآتي في هذا الشأن:
- وضع نظام للحفاظ الدائم على العملاء.
- محاولة التغلب على معوقات كسب رضا العملاء.
- قياس آراء ورغبات ومشاعر العملاء بشكل دوري وعلمي.
- دعوة العملاء للمشاركة في وضع سياسة الشركة.
يتبع بالعدد القادم
الأستاذ الدكتور مدحت محمد أبو النصر
• أستاذ تنمية وتنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان.
• دكتوراه من جامعة Wales ببريطانيا.
• أستاذ زائر بجامعة C.W.R.بالولايات المتحدة الأمريكية.
• أستاذ معار لجامعة الإمارات العربية المتحدة (سابقًا).
• رئيس قسم العلوم الاجتماعية والإنسانية بكلية دبي (سابقًا).
• عضو تحرير مجلة المنال مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالإمارات.
• مراسل مصر لمجلة المنال (الإمارات) ومجلة تنمية المجتمع.
• نشر العديد من المقالات والبحوث سواء باللغة العربية أو الإنجليزية في مصر وخارجها.
• نشر العديد من الكتب العلمية عن الخدمة الاجتماعية والإدارة السلوكية، وذلك في كل من مصر والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية.
• مَثَّل مصر في المؤتمر الدولي للخدمة الاجتماعية بالسويد في عام (1988م).
• الفوز في المسابقة الدولية لشباب علماء علم الاجتماع في إسبانيا عام (1990م).
• الحصول على منحة المجلس البريطاني في عام (1991م).
• الحصول على منحة هيئة الفولبرايت الأمريكية في عام (1993م).
• الحصول على منحة بحثية من جامعة الإمارات العربية المتحدة في عام (1995م).
• الحصول على جائزة أفضل كتاب في مجال العلوم الاجتماعية من وزارة الثقافة والإعلام بدولة الإمارات في عام (1996م) عن كتاب الخدمة الاجتماعية الوقائية.
مُحكِّم في المؤتمرات العلمية التالية:
1. مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان (مصر).
2. مجلة شؤون اجتماعية (الإمارات).
3. مجلة كلية الآداب، جامعة حلوان (مصر).
مُحكِّم في المؤتمرات العلمية التالية:
1. المؤتمر الدولي السنوي لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان.
2. المؤتمر الدولي السنوي لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم.
3. المؤتمر السنوي للمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة.
أحدث الكتب للمؤلف:
1. اكتشف شخصيتك وتعرف على مهاراتك في الحياة والعمل.
2. بناء وتدعيم الولاء المؤسسي لدى العاملين بالمنظمة.
3. الوظيفة الاجتماعية للأحزاب السياسية.
4. رعاية وتأهيل متحدي الإعاقة.
5. تنمية القدرات الابتكارية لدى الفرد والمنظمة.
6. قواعد ومراحل البحث العلمي.
7. إدارة الجمعيات الأهلية.
8. لغة الجسم، دراسة في نظرية الاتصال غير اللفظي.
9. البرمجة اللغوية العصبية.
10. إدارة اجتماعات العمل بنجاح.
11. إدارة منظمات المجتمع المدني.
12. الإدارة بالحب والمرح.
13. مفهوم ومراحل وأخلاقيات مهنة التدريب في المنظمات العربية.
14. التحرر من أمريكا (مراجعة).
15. الاتجاهات المعاصرة في إدارة وتنمية الموارد البشرية.