تفهم ودعم الشيخة جميلة القاسمي لقضايا الصم والأشخاص ذوي الإعاقة
ساهم في تطوير مهاراتهم الأكاديمية والاجتماعية
بقلم : حازم ضاحي شحادة
خريجو مدرسة الأمل للصم..
لولا دعم مدينة الخدمات الإنسانية.. لما وصلنا إلى هنا
من حق مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أن تُباهي بالإنجازات التي تُسطِّرُها بأحرفٍ من نور طوال مسيرتها منذ 42 عاماً، كما يحق لها أن تفخرَ بما يُحققه طلابها ذوو الإعاقة مهنياً وعلمياً في تأكيدٍ ناصعٍ لنجاحِ استراتيجيتها المرتبطة ارتباطاً وثيقاً باحتوائهم ومناصرتهم وتمكينهم وفق أفضل الممارسات العالمية، في جميع المجالات.
وما تقدمهُ المدينة خدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة في مجال التعليم، نابعٌ من إيمانها الصادق والراسخ بأن ذلك حق من حقوقهم. ودون مبالغة، لم يعد من المستغربِ أن نرى تفوق أبناء هذه الفئة وتميزهم في العديد من المجالات المهنية والفكرية والعلمية إذ أثبتوا قدرتهم على ذلك بعزم وإرادة مكنتهم من سبرِ آفاق جديدة.
قبل شهرٍ تقريباً، كرّمت سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية خريجي الثانوية العامة في مدرسة الأمل للصم التابعة للمدينة مؤكدة أن نجاحهم الدراسي أساسٌ متينٌ لمستقبل واعد.
وفي قراءة متأنية للحدث نستنتج أن هذا النجاح ما هو إلا ثمرة مباركة للجهد والاهتمام والحرص المبذول من قبل المدينة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة (بطريقتهم) وتسخير أحدث التقنيات المساندة والتكنولوجية لتحقيق أفضل النتائج.
سعادة الشيخة جميلة القاسمي اجتمعت مع الطلبة الخريجين بعد تكريمهم، واستمعت لقصص نجاحهم التي واجهوا فيها التحديات وتغلبوا عليها بالعزم والإرادة.
الرجوع إلى مدرسة الأمل كان مفترق الطرق
تحدث الخريج لؤي صالح أحمد عن البدايات في روضة الأمل للصم ثم انتقاله بعدها إلى إحدى مدارس السامعين حيث أكمل دراسته حتى الصف الثامن..
نسبة الفائدة التعليمية التي تحصّل عليها خلال تلك المرحلة.. شبه معدومة..
يعود السبب في ذلك كما أكد لؤي إلى غياب جميع المقومات التي تأخذ (إعاقته) بعين الاعتبار، فلا البيئة الصفيّة كانت مناسبة، ولا التدابير التي قد تساعده على التحصيل الجيد متوفرة، عدا عن أنّ إدارة المدرسة التي كان مُدمجاً فيها ـ وعوضاً عن معالجة الأسباب التي ساهمت في غربته الاجتماعية والتعليمية ضمن فصولها ـ اتهمته بعدم القدرة على الاندماج.
إثر نقاش طويل مع الأسرة، استطاع لؤي أن يقنعها بضرورة وحتمية العودة إلى مدرسة الأمل للصم، فكانت خطوة ممتازة شعر من خلالها بقدرته على التعلم والاندماج..
وكما أكد الخريج الحائز على جائزة الشارقة للتميز التربوي للعام 2021، توفّر مدرسة الأمل للصم له ولزملائه جميع مقومات النجاح..
ففي مدرسة الأمل، يستخدم المعلمون لغة الإشارة واللغة المنطوقة خلال شرح الدروس مما يسهم في وصول المعلومات بالشكل المناسب إلى أذهان الأشخاص الصم وبالتالي القدرة على الفهم والتحليل والإجابة عن الأسئلة..
وفي مدرسة الأمل للصم، لا يقتصر الأمرُ على التعليم وحسب، بل يشملُ الأنشطة الداخلية والخارجية التي دأبت المدرسة على تنظيمها حرصاً على دمج الطلبة وتنمية مهاراتهم الاجتماعية والفكرية حتى اجتياز مرحلة التعليم الثانوية.
وكنتيجة مثمرة لاجتهاده وحرص المدرسة عليه وعلى زملائه في مختلف المجالات، تخرج لؤي في الثانوية العامة ثم التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الشارقة متخصصاً بالإرشاد السياحي ضمن قسم التاريخ والحضارة الإسلامية.
بارقة الأمل
تجربة محمد سالم سعيد صالح خلال سنوات الدراسة الأولى لم تكن أفضل من تجربة لؤي بكثير، فقد واجه العديد من التحديات في التواصل مع الآخرين خارج نطاق الأسرة وخاصة في المركز الذي كان يتعلم فيه.
بارقة الأمل لمعت حين استدلَّ مع الأهل إلى مدرسة الأمل للصم وما أن انتسب إليها حتى تغيرت حياته بشكل جذري.
في المدرسة قابل أصدقائه الصم وتجاذب معهم الأفكار والنقاشات، أما أسلوب التعليم في المدرسة، والذي يواكب أفضل الممارسات العالمية، فساعده كما ساعد أقرانه على التحصيل المعرفي..
ثم كانت الأنشطة التي تنظمها المدرسة خير معين على الاندماج المجتمعي وتعزيز الثقة بالنفس.
وكما تخرج لؤي في الثانوية العامة، تخرج محمد ثم التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الشارقة متخصصاً بالإرشاد السياحي ضمن قسم التاريخ والحضارة الإسلامية.
كنتُ كمن يشاهدُ فيلماً صامتاً
تجربة حمد محمد الكتبي عندما كان في سنوات دراسته الأولى ضمن مدارس السامعين لم تكن مشجعة على الإطلاق.
التواصل مع الزملاء والمعلمين شبه مفقود والتحصيل المعرفي يكاد يكون معدوماً إذ أن البيئة الدراسية لم تكن على أي قدر من تلبية حاجة الأشخاص الصم لمترجم لغة إشارة وغيرها من أساسيات تعليم هذه الفئة من المجتمع.
وقد عبر حمد عن مشاعره حين كان في تلك المدرسة بالقول:
ـ ” كنت كمن يشاهد فيلماً صامتاً”
لكن الأمر لم يقتصر على ذلك..
كان حمد، وفي مرات كثيرة، يواجه التنمر البغيض. ثم أصبح البقاء في تلك المدرسة بمثابة العقاب.
وذات يوم، سمع الأهل عن طريق أحد الأقارب بمدرسة الأمل للصم وما تقدمه من علم ومعرفة للأشخاص الصم.
لم يتردد حمد في الالتحاق بها، وهنا كانت النقلة النوعية التي أثرت حياته بأسرها.
أصبح للحصص الدراسية معنى، فجميع المعلمين يتقنون لغة الإشارة ويستطيعون الوصول بالأفكار إلى عقول الطلبة.
أما الأنشطة المدرسية فكانت بحق خير دليل على اهتمام مدرسة الأمل للصم بجميع التفاصيل التي تسهم بتنمية مواهب وقدرات الطلبة في مختلف المجالات..
تخرج حمد في الثانوية العامة والتحق بـ قسم (علم الاجتماع) في كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
الإصرار على التعلم والنجاح
البدايات الأولى لمحمد لم تختلف كثيراً عن بدايات زملائه من حيث التحاقه في السنوات الدراسية الأولى بمدارس السامعين وعدم القدرة على الاندماج بسبب النقص الكبير في الإجراءات التي تساعد على ذلك كتوفر ترجمة بلغة الإشارة للمعلومات التي يشرحها المعلمون للطلبة والبيئة المدرسية المهيأة..
بعد هذه التجربة غير الناجحة في مدارس السامعين، ارتأت الأسرة أن يمتهن ولدها إحدى الحرف.
لكن خريج مدرسة الأمل للصم والطالب حالياً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة والذي يتخصص ضمن مجال الإرشاد السياحي (قسم التاريخ والحضارة الإسلامية) كان مصمماً على مواصلة تعليمه ووجد ضالته في مدرسة الأمل للصم حيث الاهتمام والتعليم الأكاديمي على يد أمهر المعلمين الذين يتقنون لغة الإشارة.
فخرٌ واعتزاز
الخريجون عبروا عن فخرهم وسعادتهم بمواصلة تعليمهم الجامعي مؤكدين أن هذا الإنجاز ما كان له أن يتحقق لولا الدعم اللامحدود من سعادة مدير عام المدينة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي كما أكدوا أن كلمات الشكر لن تفيها حقها.
وتوجه خريجو مدرسة الأمل للصم بالشكر الجزيل إلى الاستاذة عفاف الهريدي مديرة المدرسة وإلى جميع المعلمين الذين قدموا لهم العلم والمعرفة وساهموا في تطوير مهاراتهم وقدراتهم لا في مجال العلم وحسب بل في مختلف مجالات الحياة.
سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أثنت على عزيمة وإصرار الطلبة الخريجين وحثّت زملاءهم على الاقتداء بهم مؤكدة أن الأشخاص الصم قادرون على تحقيق أحلامهم وتطلعاتهم الفكرية والمهنية بالعمل الجاد والجهد الدؤوب متمنية لهم دوام التوفيق والنجاح في مسيرتهم العلمية والحياتية.
(قام بالترجمة مشكوراً من وإلى لغة الإشارة الأستاذ وائل سمير مترجم لغة الإشارة بمدرسة وروضة الأمل للصم )
بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
صدر له حتى الآن:
المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
(مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية).