فرحانة حافظ عبد الحكيم
“الطالبة الصماء قادرة على التميز وبلوغ أعلى درجات التعليم العالي”
كثيرا ما نسمع نحن غير المعاقين عن قصص نجاح حققها الأشخاص من ذوي الإعاقة في مختلف المجالات العلمية والمهنية والإبداعية وقد ننبهر بما حققوه من إنجازات قد نعجز عن تحقيقها، وتتبادر إلى أذهاننا تساؤلات فضولية عن مصدر عزيمتهم وقوة إصرارهم في تحدي مصاعب الإعاقة وتجاوز العقبات المجتمعية التي تعترضهم
مع الطالبة فرحانة حافظ عبد الحكيم عامر أدركنا أن فضل الوالدين في تربية أبنائهم على طاعة الله عزوجل وتعزيز صفات القناعة والرضا لديهم بما يرزقنا الله في خلقه هي أرقى المقومات الإيجابية التي تمنح الشخص المعاق وغير المعاق الشعور بالسعادة والأمان وتنمي لديه قوة الإرادة والعزيمة ليحقق النجاح والتميز – وصدقت فرحانة لما قالت:” إن المعاق ليس الأصم أو الكفيف… وإنما هو ذلك الشخص الذي لا يعي حكمة الله في كل ماخلق”
فرحانة حافظ عبد الحكيم عامر من مواليد 1988 بالذيد الشارقة، من ذوي الإعاقة السمعية إلتحقت بمدرسة الأمل للصم التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1991 وتخرجت سنة 2009 لتلتحق بجدارة بجامعة الشارقة، وحاليا طالبة متميزة في السنة الثانية بكلية الإتصال تخصص إعلام تصميم وجرافيك، بقوة إرادتها وإصرارها على التميز استطاعت أن تتحدى مصاعب الإعاقة السمعية فأبدعت وأبهرت وأثبتت للجميع أنها قادرة على بلوغ درجات التعليم العالي وتحصيل نتائج مشرفة كغيرها من الطلبة غير المعاقين، وهدفها الأسمى رد الجميل لأسرتها ووالديها على جهودهما في تربيتها ودعمها عاطفيا ومعنويا ومنحها كامل الفرص لتحقق طموحها، وأيضا تسعى فرحانة إلى تغيير الأفكار الخاطئة اتجاه فئة الصم وكسر حواجز الخجل والخوف خاصة عند الفتيات الصم وتثبت للجميع أن كل شخص قادر على تحقيق أهدافه إذا أتيحت له الفرص
فرحانة اسم على مسمى فهي تتمتع بروح معنوية عالية وتفاؤل وحب للحياة بإبتسامة مشرقة لا تفارق وجهها تملك قلبا مؤمنا لم تكسره ظروف الإعاقة بل تجاوزت هذه المشاعر بعزيمة وإرادة لتواكب طموحاتها نحو مستقبل واعد.
فرحانة:”أرجو تعزيز لغة الإشارة لتسهيل التواصل مع الطلبة الصم”
تحدث والد فرحانة السيد حافظ عبد الحكيم عامر إمام مسجد عن دور مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في تقديم أفضل الخدمات لتأهيل الأشخاص من ذوي الإعاقة وقال “أنا أشكر الله عزوجل على نعمته وأوجه جزيل الشكر والعرفان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على دعمه للعلم” ويضيف:” تعجبت في خطابه بجامعة الشارقة لما قال سموه:”إن الجامعة ابنتي أنا ربيتها منذ الصغر” هذه المقولة كانت الحافز الأكبر لتشجيع ابنتي فرحانة على متابعة تعليمها وتحقيق مستوى مشرف”، كما وجه شكره لسمو الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي نائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة مدير عام المدينة على إنسانيتها في مساعدة ومساندة ودعم أبنائنا المعاقين.
تعلمت فرحانة على يد والدها حفظ القرآن الكريم منذ صغرها وهي محافظة على الصلاة وتتميز بأخلاق عالية وتحمل الكثير من المبادئ والقيم الطيبة فهي جدا متعاونة ومتسامحة وطيبة مع الجميع تحدثت عن بعض مطالبها في التعليم وقالت:” أرجو من إدارة الجامعة تعزيز لغة الإشارة وعمل دورات لهيئة التعليم لاكتساب مهارات لغة الإشارة لتسهيل التواصل مع الطلبة الصم” وأضافت أن وجود الأستاذة صافيناز جودة مترجمة لغة إشارة بكلية الإتصال سهل عليها كامل المصاعب التي كانت تواجهها في التعليم الجامعي.
وأشاد الأستاذ الدكتور عبد الله المنيزل عميد شؤون الطلبة بجامعة الشارقة كلية الإتصال بمستوى الطالبة فرحانة وما تبذله من جهود لترتقي إلى تحصيل أعلى وقال:” فرحانة طالبة مثل باقي الطالبات لديها قدرات عالية وتتميز بحس المثابرة والاجتهاد ونحن في الجامعة نحرص على تشجيع هذه الفئة وتوفير كامل مطالبهم ونتعامل معهم بدون تمييز، كما نعمل حاليا على تأسيس جمعية خاصة بالطلبة الصم في الكلية لطرح مطالبهم وتقديم مقترحاتهم ومشاركاتهم في كل ما يهم شؤونهم التعليمية في جامعة الشارقة، ونحن نؤمن بقدراتهم وندعوهم إلى التحلي بالمزيد من الإرادة والتميز”.
ولفت إلى أن هذا الإنجاز يعد نجاحا لدولة الإمارات، نحو تزايد الاهتمام بهذه الفئة، وصولا لتغيير نظرة المجتمع تجاه ذوي الإعاقة ودافعا للمجتمع وللأهل بشكل خاص للاهتمام بتعليم أبنائهم من ذوي الإعاقة، والإيمان بقدراتهم وصولا إلى تحقيق النجاح.
أضافت الدكتورة رشا عبد الله المرشدة النفسية بجامعة الشارقة: “الطالبة فرحانة نموذج يحتذى به وهي قدوة لكل الطالبات الصم، بعزيمتها استطاعت أن تتأقلم مع واقع التعليم الجامعي وبمهارة تجاوزت المصاعب واندمجت في المجتمع الجامعي وكونت صداقات وبرهنت أنها متميزة ومتفوقة من خلال نتائجها المشرفة وهي تطمح للمزيد وبدورنا نسعى إلى تحفيزها ودعمها نفسيا ومعنويا لبلوغ أهدافها” متمنية للطالبة فرحانة المزيد من التقدم والنجاح في رحلتها الجامعية.
والد فرحانة يعرب على فخره الكبير بنجاحها التعليمي ويشجعها على الاستمرار
وقالت نورة عبد الله الزرعوني إختصاصية نفسية ومشرفة الطلبة الصم المنتسبين إلى جامعة الشارقة :”إن إدارة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية تحرص على متابعة الطلبة الصم بعد تخرجهم في كافة الجوانب الإدارية والمالية والتعليمية وأيضا متابعتهم في الجانب الأسري والتواصل المستمر مع مترجمة لغة الإشارة للإطلاع على مطالبهم وإيجاد الحلول لمشاكلهم، وفي هذا الشأن كرمت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي الطالبة فرحانة عبد الحكيم على تحصيلها المتميز في جامعة الشارقة وقدمت لها جهاز كمبيوتر محمول لتشجيعها على الاستمرار بنفس المستوى وتحفيز باقي الطالبات الصم على تحقيق نفس النتائج.
إن نجاح فرحانة يعد ثمرة لجهودها، وجهود مدرسة الأمل للصم وهو ما أكده والدها أب لثلاثة أبناء صم مشيرا إلى الجهد الكبير الذي بذلته ابنته لافتا أنها كانت واثقة من نجاحها، وأعرب عن فخره الكبير بنجاحها ونتيجتها الايجابية كأول جامعية في أفراد العائلة.
وبخطوات العزيمة تتابع فرحانة مسيرتها التعليمية وتسعى لبلوغ أعلى درجات العلم والمعرفة، بأمل أن تصبح مستقبلا إحدى الشخصيات الإعلامية البارزة في المجتمع وتساهم كغيرها في خدمة وتنمية الوطن.