بقلم : أحمد ممدوح ، الصورة من تصميم : نور عبد الحميد الديب
في الثالث ِ من ديسمبر كل عام، تتغير برامج الشاشات لتُعلنَ عن تقديم ِنماذج من التحدي نجح فيها بعض الأشخاص ذوي الإعاقة في مواكبة المجتمع -على الرغم من إعاقتِهم الشديدةِ أو المتوسطة – وهؤلاء الأبطال ليسوا نتاج جهد ليوم ٍواحد أو شهرٍ فقط، لكنَّهم اجتهدوا لسنوات ٍ طويلة كي يصلوا إلى ما وصلوا إليه.
قبل أن ترفعوا الأسئلة وتستفسروا عن أحاسيسهم، وكيف نجحوا؟ وكيف كان المجتمع ُ داعماً لهم في نجاحهم؟ وكيف عبَّروا عن شعورِهم حين نجحوا في التحدي المزعوم! – بدايةً نأسف على كلمة مزعوم، لكن الحقيقة أننا وحدنا – وقبل الاحتفال دعونا نخبركم أن من يضع العراقيلَ هو أنتم، و أن من يقفز فوق السراج ِمخاطراً بكل ِّ شيء ٍ قد يخسر، وربما قد ينجح.
دعونا نخبرُكم عن ليالي البكاء ِالحزينة التي عانى فيها كثيرون من صعوبة ِ ظروف ِالتعليم وإحباطات ٍ داخل المدرسة، ومن كلمة ٍ صدرت فزادت إحساسه بيأسه وفشله، هل نخبركم عن مجهود مضاعف من كل أم وأب ليتقبل المجتمع طفلَهما؟ أم نخبرُكم عن ديون وأعباء مالية ٍ في رقبتنا للغير ولأسرنا – غير قادرين على سدادها – بسبب صيانة أجهزتنا – كم من الأسر استدانت كي ترى طفلَها ذي الإعاقة ناجحاً في عيونكم..
هل نخبرُكم بوجود آلافٍ من الناجحين يعيشون في الظل لا يعلم عنهم أحد ٌ شيئاً ولم يحظوا بفرصة ٍ ليخبروا العالم بما فعلوا وكيف فعلوه
دعونا نعترف ُ أننا نسعى وننهزم وننتصر في معارك لا يعرفُ عنها أحد، وأن البعض َوربما الكثيرون يشككون في إعاقتنا حين ننجح، هل نخبركم عن بحث ِ الإعلام عنا في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة وتجاهلِنا بقيةَ العام؟ نظهرُ في عرض ليصفق لنا الجميع ثم يرحلون، ونظلُ وحدَنا مع العوائق، ويأتي العام القادم كي يصفقوا لآخرين ويرحلوا..
في هذا اليوم، إن كانت لديكم رغبةٌ حقيقية ٌ في خلقِ تغيير أوقفوا الحفلات، غيروا الشعار، لسنا أصحاب تحد ٍ، ولا نرغب أن نكون في تحدٍ، نرغبُ فقط أن نعيش في سلام، فقط في سلامٍ ويسر في المعيشة وتواصل ٍ بشكلٍ جيد.
هل هذا المطلب الأصعب أم المستحيل؟
من حقنا عملٌ يناسب ُ مؤهلاتِنا وقدراتِنا، يليقُ بجهدنا واجتهادنا، من حقنا الوصول لحقوقنا دون معارك مرهقة، من حقنا تيسيرُ الحياة في كلِّ جوانب ِالحياة، الإتاحة ُحق.
دعونا نحتفل بأول محطةِ مترو أنفاق متكاملة يستطيع الأشخاص ذوو الإعاقة استخدامَها باستقلاليةٍ ويسر، من حقنا مطارٌ يستطيع ُأي ُّ شخص ٍ من ذوي الإعاقة الوصول من خلاله بسهولة معتمداً على أجهزته التعويضية.
دعونا نخبرُكم عن خيبتنا في إيجاد من يقف في صفِّنا ضمن أية مواجهة نقابلها.
نصوص ُالقانون ِ واضحةٌ تقرُ الحقوق لكن التنفيذَ يضع ُالعراقيل، وحدنا ندرك ُأن علينا طرق كل ِّالأبواب ِ لعرض ِ مشكلاتِنا والمستمع ُللأسف ليس جيداً.
كتب علينا أن نكونَ من الأشخاص ِ ذوي الإعاقة لكن تذكروا أن ذلك ليس من اختيارنا.
لا بد أن تؤمنوا أننا قادرون.
قدرتنا ليست في أن نهزم صعوبات ِالمجتمع، وعبور العوائق وهزيمة العراقيلِ كما تخبروننا، بل أن نحيا في سلام داخلي ونفسي، قادرون على تقبل ِّأنفسنا من أنفسنا ومن المجتمع ..
قادرون أن نحيا دون ضجيج.
نحيا فقط كي يستمر َالإنسان ُ فينا وتذكروا أننا لا نحلُم بأكثرَ من حياة ٍ كالحياة .
أحمد ممدوح
أحمد ممدوح 36 سنة، من الأشخاص ضعاف السمع
حاصل على بكالوريوس تجارة وبكالوريوس إعلام
يعمل محاسباً في إحدى شركات الاتصالات الكبرى في مصر
مؤسس مبادرة (صوتك ونس) لخدمة الأشخاص الصم وضعاف السمع
متطوع في العمل الانساني من 2004.
مؤسس المبادرة الخيرية (وأنا كمان عاوز اعمل خير) من 2006 إلى 2011.