إعداد : رحاب عبد الحميد حامد
يُعد نهج “السلوك اللفظي” شكلاً من أشكال تحليل السلوك التطبيقي ABA، ويشمل تحليل ب. ف سكنر B.F Skinner’s لهذه المفاهيم في كتابه السلوك اللفظي (1957) حيث أثبت فاعليته مع الأطفال ذوي الضعف في القدرات اللغوية أو المفتقرين بشكل تام لها، بالإضافة إلى كونه يعزز قدرة الطفل على تعلم اللغة الوظيفية، أي أن نهج “السلوك اللفظي” يضيف نهج السلوك التحليلي التطبيقي ABA بهدف تعليم جميع المهارات وبصفة خاصة اللغوية منها فيتم التعامل مع اللغة على أنها سلوك يمكن أن يتشكل ويُعزز، فهو يعطي اهتماماً دقيقاً ليس لما يقوله الطفل فقط ولكن لاستعماله اللغة.
ومن أكبر المفاهيم الخاطئة حول نهج “السلوك اللفظي” هو أنه مفيد للأطفال الذين لا يتكلمون، على النقيض من ذلك هو مفيد للأطفال الذين بإمكانهم التحدث، وهو يشمل جميع أشكال التواصل غير الصوتية بما في ذلك الإشارة أو الايماء أو الكتابة أو حتى الحركات.
ونهج “السلوك اللفظي” يحدّ من نوبات الغضب وباقي المشاكل السلوكية الأخرى لأنه يبدأ بتقييم أي شيء يحبه الطفل ثم يستخدم تلك الأغراض والأنشطة (المعززات لأنها تعزز السلوكيات المرغوبة) بهدف تحفيز الطفل على القيام بالعمل اللازم وبذلك يبدأ التعلم.
ومنذ أن تم تعريف المعززات أصبح الموضوع الرئيسي لنهج “السلوك اللفظي” هو تعليم الطفل كيف يقوم بطلبات محددة وسماها سكينر بالطلب في كتابه السلوك اللفظي.
فبوجود المعززات يمكن للمدرب أن يبدأ عملية التدريس لأن المنهج يتمحور حول الطفل، إذ من المهم أن يكون المدرب محاطاً بجميع معززات الطفل ومنح الطفل هدايا دون طلب أي شيء منه في المقابل، هذه الطريقة ستجعل الطفل يربط صورة “المعلم” بجميع الأشياء الجيدة بدلاً من اعتباره معلماً يطلب منه القيام بمهام غير مرغوب فيها، لذا فإن اقتران صورة الطاولة والمعلمين ومكان العمل بمعززات الطفل هو المفتاح في برنامج السلوك اللفظي والهدف من ذلك هو أن يصبح الطفل محفزاً ومتشوقاً لرؤية مدربه ومكان التدريب.
يتضمن نهج السلوك اللفظي طريقة للتوثيق ومتابعة تقدم الطفل كي نستطيع معرفة موعد الانتقال بين الأهداف والبرامج حفاظاً على تقدم الطفل بشكل عام.
ويُرى أن “السلوك اللفظي ” أفضل نهج تخاطب للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ومتلازمة داون أو غيرها من اضطرابات النمو إذ يسمح للطفل أن يتدخل في طريقة تدريسه من خلال استخدام الأغراض التي يجدها محفزه ثم يتم تقسيم قدرات التواصل الخاصة بالطفل بوضوح إلى وحدات وظيفية مما يجعل من السهل تقسيم لغته وبرمجتها.
يتم التعامل مع اللغة والسلوك في وقت واحد كوجهين لعملة واحدة، بالإضافة إلى تعليم الطفل الطلب وبعض مهارات التعليم الأخرى في بيئته الطبيعية.
وقبل التحدث عن اللغة ونظرياتها المفسرة لها وعناصرها لابد أن نتحدث عن التعزيز الذي كما ذكرنا سابقاً هو محور نهج السلوك اللفظي في التدريب والتعليم مما له من تأثير فعال على تلك العملية، حيث أن الجميع يستجيب للتعزيز سواء كان مادياً أو معنوياً (التصفيق – الابتسامة – الراتب في نهاية الأسبوع …) وغيرها من أشكال التعزيز التي تحفزنا على الأداء والعمل بشكل أفضل ، كذلك الحال للذين يواجهون تأخراً في النمو فهم ليسوا مختلفين عن أقرانهم ممن لا يواجهون التأخر في النمو فعندما يُكافأ على السلوكيات المطلوبة سوف يستجيب بشكل إيجابي وبناءً عليه من المهم تحديد المعززات القوية لكل طفل منذ البداية.
وعلينا الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التعزيز يجب أن يطبق بشكل فردي وأنه قابل للتغير يومياً، لذا يجب أن تكون قائمة المعززات متنوعة وواسعة، فالبعض يحب الحلوى وآخرون يكرهونها وقد يستجيب البعض بشكل جيد للملصقات أو لنظام رمزي مع معززات متأخرة نسبياً في حين يستجيب البعض الآخر للمعززات الفورية بشكل أفضل.
ولابد أن ننتبه لمبادئ التشبع والحرمان عند تطبيق نظام التعزيز، فقد نجد أن البسكويت وهو غالباً المعزز الأفضل بالنسبة للطفل، غير محفز له في بعض الأوقات فسبق وتناول منه كمية كبيرة أحدثت عنده حالة الإشباع.
والآن عندما نبدأ في برنامج السلوك اللفظي VB علينا أن نقوم بتحديد المعززات المفضلة لدى الطفل ووضعها في قوائم مرتبة من الأقوى إلى الأقل سواء كانت أطعمة ومشروبات، أو مقاطع فيديو وأغانٍ صوتية، أو ألعاباً وأنشطة حركية. ومن خلال تلك القوائم نعمل على وجود قائمة مدرجة ضمنها المعززات القصيرة والتي يمكن توفيرها على الطاولة ويسهل التحكم فيها.
تلك المعززات نحصل عليها من خلال استبيان يقدم لولي الأمر كي يكتب معززات طفله في تلك القوائم، وكذلك من خلال ملاحظة المدرب للطفل عن طريق منحه عبوة مليئة بقطع الحلوى وملاحظة ما الذي سيتناوله أو تقديم وعاء رقائق بطاطس وتسجيل الوقت الذي استغرقه في التناول وغيرها من الملاحظات الخاصة بجميع المعززات أو المثيرات التي يجب أن نسجلها بدقة وملاحظة مدى تأثر الطفل بها سواءً بالقبول أو الرفض وطريقته التي عبر بها عن ذلك.
وثمة طريقة أخرى هي وضع المعززات المحتملة على الطاولة وملاحظة الذي اختاره وطول المدة التي يقضيها في اللعب، أما الخيار الآخر هو وضع ألعاب وأطعمة مختلفة في الغرفة ومراقبة تفاعلات الطفل بتدخل أو دون تدخل، وبعد الانتهاء من إعداد جميع القوائم نقوم بتصنيف المعززات كما أوضحنا مسبقاً وفقاً لأهميتها ونستخرج منها قائمة تضم المعززات التي يمكن توفيرها خلال التدريب والقدرة على التحكم فيها.
عملية الاقتران هي الخطوة التالية في البرنامج حيث الجمع بين البيئة والأشخاص والأدوات بمعززات الطفل التي تم تحديدها مسبقاً وتلك العملية مستمرة طوال الوقت لا يتم تحديدها لفترة زمنية معينة فهذا بالتأكيد غير فعال، فلابد من تقوية عملية الاقتران بين مقدم الرعاية أو المدرب مع الطفل طوال الوقت.
إن استخدام المعززات أول خطوة جوهرية في برنامج السلوك اللفظي، ومن المنطقي أن يحتاج الطفل إلى التعامل مع المعلم بتلهف كي يكون مستعداَ للتعلم، وينبغي التأكد من أن البيئة نفسها مقترنة بالتعزيزات.
أول أمر تبدأ به هو أن تطلب من الطفل أن يقول أو يشير إلى رغبته في معزز محدد، ابدأ بأول معزز مفضل لديه كي ترسي قاعدة لعملية الطلب التي ستبدأ العمل بها بمجرد اقتران البيئة بشكل كافٍ بالتعزيز، ويمكنك الرجوع إلى نتاج تقييم سلوكك اللفظي من أجل التوصل إلى بعض المطالب التي سيكون من السهل على الطفل إتمامها والغرض من ذلك أن نظهر للطفل مدى سهولة الحصول على التعزيز مما يجعله حريصاً على التعلم.
المراجع
- كتاب السلوك اللفظي لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ( الذاتوية) د/ محمد رضا السيد (2018)
- تحليل السلوك اللفظي لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ( الكتاب الثاني) د / محمد رضا السيد ( 2020 )
- نهج السلوك اللفظي ( طرق تعليم الأطفال المصابين بالتوحد والاضطرابات المتعلقة به).د / ماري لينش باربرة وتراس راسموسن ترجمة آية مستور ( 2018)
- معلمة تربية خاصة في فرع المدينة بكلباء
- حاصلة على ليسانس آداب – علم نفس و دبلوم علم النفس الإكلينكي
- حاصله على دبلوم تربية خاصة
- باحثة ماجستير في مجال التربية الخاصة