إعداد : اَمنة إبراهيم الزعابي
لماذا الاهتمام بهذا الموضوع ؟!
إن إساءة معاملة الأطفال ظاهرة سلبية وهي واحدة من أخطر الظواهر التي تجتاح أي مجتمع من المجتمعات ولها آثار مستقبلية على الصحة النفسية والعقلية للطفل بوجه عام، والطفل ذي الاعاقة على وجه التحديد، حيث تؤدي الإساءة إليهم غالباً إلى تدهور حالاتهم الذهنية خاصة إذا تعرضوا لها بشكل متكرر.
الكثير من الأبحاث والدراسات، أشارت إلى أن الأطفال من ذوي الإعاقة، هم أكثر الفئات تعرضاً للعنف والإساءة، نظراً لما تشكله هذه الإعاقة من ضغط وتوتر بالنسبة للأسرة والمدرسين، ومقدمي الرعاية والمتعاملين معهم بشكل عام.
كما تشير كثير من الدراسات إلى ارتفاع معدلات العنف الأسري في المجتمع العربي، ورغم ذلك نجد أن الإحصائيات المنشورة عن العنف الممارس ضد الأطفال ذوي الإعاقة لا تشكل كل النسب الحقيقية، لأن المجتمع العربي مجتمع محافظ ومترابط، يهتم بسمعة العائلة، ورد الفعل الاجتماعي على أي تصرف سلبي وغالباً يتم احتواء أي إساءة أو مشكلة قبل أن تصل إلى علم السلطات، ولا تسجل في السجلات الرسمية.
في دراسة لمجموعة من المنظمات ضمن الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ونيوزيلندا، الباحثة في مجال الاعتداء الجنسي ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، وجدوا أن الأطفال ذوي الإعاقة معرضون أكثر من الأطفال الآخرين لخطر سوء المعاملة في المواقف العادية (المنزل، والحي).
وتشير الكثير من الدراسات إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة يتعرضون للاعتداء الجنسي بنسبة تزيد من مرتين إلى ثلاث مرات عن نسبة تعرض الأطفال غير المعاقين لهذا الاعتداء.
كما أظهرت إحدى الدراسات أن 80% من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية قد أفصحوا لدى التواصل معهم بشكل جيد عن تعرضهم لشكل من أشكال الإساءة خلال مراحل حياتهم .
وللأسف، مازالت المجتمعات العربية تخجل من تناول مواضيع التربية الجنسية وحماية الاشخاص ذوي الاعاقة فتناول هذه المواضيع قد يحتاج إلى وقت طويل لتغيير بعض القناعات الفكرية والمجتمعية، لتسمح لمثل هذه الثقافة بالوجود ضمن مناهج تدريس وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة.
إجراءات المدينة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من الإساءة
تواظب مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على توعية المجتمع بقضايا حماية الطفل من العنف عبر مجموعة من المبادرات والإجراءات الهدف منها:
- توعية المجتمع بقضية حماية الطفل من العنف (الاكتشاف، التدخل، الحماية)
- نشر ثقافة حقوق الطفل وكيفية تفادي تعرضه للإساءة من خلال التعرف على حقوقه التي يكفلها القانون والاتفاقيات الدولية.
- تدريب العاملين في مجال الإعاقة على تأهيل الأطفال واكتساب سلوكيات التعامل مع الآخرين لحماية أنفسهم.
- إكساب الأمهات والآباء مهارة تدريب أطفالهم على حماية أنفسهم من الغرباء.
- تثقيف أطفال المدراس الذين تتراوح أعمارهم بين الـ ( 12-14 ) سنة من مستخدمي وسائل التكنولوجيا ( الهاتف والحاسوب ) حول الأمن الإلكتروني .
- تنظيم أنشطة للتوضيح المرئي تتناسب مع أطفال الحضانات وقدرات الأطفال ذوي الإعاقة متمثلة في عروض فيديو ووسائل توضيحية.
- تنظيم برامج تدريبية لأسر الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة وجميع المعنيين بهم لتوعيتهم بمصادر الإساءة، أشكالها، سبل تجنبها، وكيفية التصرف حال وقوعها.
أهم الإجراءات والمبادرات:
- أصدرت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية النسخة العربية من كتاب (هيا بنا نتحدث عن الحياة في عالم فيه عنف) للمؤلف جيمس جاربارينو والذي استضافته المدينة ضمن برنامج تدريبي حضره قرابة 120 اختصاصياً من داخل وخارج دولة الإمارات العربية المتحدة، والكتاب دليل عملي يمكّن المعنيين لاكتشاف آثار العنف والصدمات المؤلمة على نفسية وشخصية الطفل.
- مبادرة حمايتي من العنف مسار وليس شعار ومبادرة طفولة آمنة تنظم بشكل دوري من قبل مركز التدخل المبكر وأقسام وفروع المدينة ويتم من خلالها تقديم (المحاضرات) (الأنشطة) (الفعاليات) بما يتناسب ويتلاءم مع خصوصية الأطفال بشكل عام والأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص.
- تصميم بروتوكول الحماية بواسطة مجلس الاختصاصيين الاجتماعيين التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية. وفيه شرح واف لإجراءات المدينة في حالة تم الكشف عن تعرض أحد منتسبيها للعنف أو الإساءة. إلى جانب دورهم في نشر التوعية عبر المحاضرات والندوات.
- تحويل قانون “وديمة” إلى قصة مصورة صوتية وبلغة الإشارة للطلبة من ذوي الإعاقة.
- تصميم برنامج توعوي تأهيلي للطلبة ذوي الإعاقة البسيطة والمتوسطة يضم وحدات تعريفية عن الإساءة الجسدية والإساءة اللفظية (الوحدات: جسدي ملكي – نوع الجنس – الملابس – لا تلمسني – أنواع اللمسات – أنواع الأسرار – بطاقتي – الأشخاص المألوفون وغير المألوفين).
- تنظيم برامج تعليمية ترفيهية تربوية مبسطة للطلاب ذوي الإعاقة (متوسطة وبسيطة) لتدريبهم على طرق الحماية من الاستغلال الجسدي أو النفسي أو الصحي عبر مجموعة محاضرات وبرامج وأنشطة متنوعة لتعريفهم بما يجب أن يقوموا به في مواقف قد يتعرضون فيها لأنواع من السلوك العدواني مثل (التنمر، التحرش، الضرب، الاستغلال المادي).
- تعنى المدينة بإدراج أهداف خاصة بالحماية من الإساءة ضمن خطط الطلبة التربوية الفردية والتأكيد عليها يومياً.
- انتهاج سياسة التعليم الملطف، وهي من الاستراتيجيات التعليمية التي تم انتهاجها للحد من ممارسات التنفير العقابية المستخدمة في تعديل السلوك كالتصحيح الزائد والوقت المستقطع.
- تصميم الحقيبة التدريبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من الإساءة بهدف تنمية الوعي حولها من خلال إعداد الكوادر الواعية والقادرة على المساعدة وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة والعمل على تمكين المهنيين العاملين عبر المعرفة والإلمام بمفهوم الإساءة وامتلاك الأدوات التي تمكنهم من الكشف عن الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء أو من المحتمل أن يتعرضوا له.
في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية نحن نؤمن أن نجاحنا يكمن في الاضطلاع بمسؤولياتنا وأن رعاية الأطفال ذوي الإعاقة وحمايتهم من الإساءة تستدعي معرفة السياسات والتشريعات المتعلقة بهذه الحماية، وعليه نأمل:
- توحيد كل الجهود كي نقدم للوطن العربي منهجاً علمياً وعملياً شاملاً حول حماية الأطفال ذوي الإعاقة يضم أنشطة تطبيقية ترسخ المفاهيم لدى الطلبة ويعد مرجعاً لكل متعامل مع الطفولة وذوي الإعاقة.
- أن يسلط الإعلام العربي الضوء على حماية الأطفال من الإساءة والعنف وسوء المعاملة، ورصد الانتهاكات ونشرها، والمساعدة على عمليات الدفاع الاجتماعي والوقاية، والاكتشاف، والإبلاغ، والعلاج.
- إدراج إجراءات كيفية التصرف في حالة التعرض للإساءة ضمن مناهج التربية والتعليم وعند تصميم الخطط التربوية الفردية للطلبة ذوي الإعاقة..
- تصميم المناهج العلمية والعملية المتضمنة للأنشطة والتدريبات الموجهة للأطفال بهدف تمكينهم من التصدي أو تمكنهم من التبليغ عن أي ممارسات تسيء لهم وتمس كرامتهم.
- إنشاء وحدات للمعالجات وتصميم بــرامج الإرشــاد النفســي الفــردي والجمــاعي للأطفــال ذوي الإعاقــة، والإرشاد النفسي الأسري لأولياء أمورهم.
المراجع :
- الحقيبة التدريبية حماية ذوي الإعاقة من الإساءة، إعداد آمنة الزعابي 2020
- عبد الله القريطي، وصلاح الخراشي؛ نحو بيئة آمنة ؛ دليل استرشادي لحماية الطفل العربي من الإساءة ؛ الأطفال ذوو الإعاقة: فئات مستهدفة للإساءة.
- التقرير العالمي عن العنف والصحة، جنيف: منظمة الصحة العالمية؛ ) 2022) بالإنكليزية
- صحيفة وقائع عن العنف ضد الأطفال، منظمة الصحة العالمية؛ 2020.
- التكلفـة الاقتصـــــــــــــــاديـة للعنف ضــــــــد الأطفـال، الممثـل الخـاص للأمين العـام للأمم المتحـدة المعني بـالعنف ضــــــــد الأطفال (2015 )
- ديانا. ج إنجلش، مدى تداعيات إساءة معاملة الأطفال، ترجمة محمد السعيد عبد الجواد، دراسة مترجمة منشورة على موقع أطفال الخليج ذوي الاحتياجات الخاصة، 2007، ص 1 ـ 29
آمنة الزعابي
اختصاصية نفسية
مدرب معتمد في التنمية البشرية من المجلس الكندي الأمريكي
كوتش لايف معتمد من الاتحاد الدولي للكوتشينج ICF