إعداد: محمد عبد المنعم قشطة
يمضي معظمنا وقتاَ لا بأس فيه من اليوم في التفاعل والتواصل مع الآخرين، وأشارت العديد من الدراسات القديمة والحديثة إلى أننا نقلل عادة من الوقت الذي نمضيه في التفاعل وجهاً لوجه مع الآخرين.
كما أشارت الدراسات إلى أننا نقلل من أهمية سلوكياتنا كمثير يوجه سلوكيات الآخرين نحونا وبالتالي يؤثر على مدى تحقيقنا لأهدافنا الشخصية أو أهداف المنظمة التي نعمل لصالحها، ولنأخذ على سبيل المثال مقابلات التوظيف التي تهدف إلى الحصول على أكبر قدر من المعلومات عن الموظف المتقدم للوظيفة كي يتم تحديد الشخص الأنسب من المتقدمين لشغل الوظيفة الشاغرة. ولتحقيق هذا الهدف يجب إدارة الحوار بشكل فعال ليتم تشجيع الشخص المتقدم على إعطاء أكبر قدر ممكن من المعلومات المفيدة ذات العلاقة، مع أقل قدر ممكن من المعلومات غير المهمة. هذا الهدف من الممكن ألا يتحقق إذا قام الشخص الذي يجري المقابلة بالتحدث معظم الوقت، كما أنه يمكن ألا يتحقق إذا تم توجيه أسئلة لا تمنح المتحدث الفرصة للاسترسال في الإجابة أو أن يتم إعطاء المتقدمين أسئلة توحي بضرورة الإجابة بطريقة معينة.
مثال آخر هو المفاوضات إذ أن ثمة بعض الأدلة التي تشير إلى أن الكلمات الافتتاحية التي يبدأ بها المفاوض كلامه يمكن أن تؤثر على نتائج المفاوضات وهناك أدلة أخرى تشير إلى أنه في المفاوضات التي تتضمن منافسة يمكن أن يتم فهم التنازلات بطريقة عكسية خصوصاً عندما يدرك الشخص الذي يقدم التنازلات أنه في مركز ضعيف وتصرف بطريقة معينة أثرت على مدى استعداده لتقديم التنازلات.
وضمن جماعات صنع القرار فإن أحد العوامل التي تؤثر على جودة القرار المتخذ هو مدى تشبع القرار بخبرة ومعلومات أعضاء الجماعة، ويمكن أن تتم إعاقة تشبع القرار بالخبرة بسبب أن بعض الأعضاء ذوي الخبرة ينقصهم تأكيد الذات فيشعرون بعدم الثقة بأنفسهم للمبادرة وطرح أفكارهم على الملأ، أو بسبب أن بعض الأفراد ذوي المكانة في الجماعة لا يلتفتون إلى آراء الآخرين ولا يشجعونهم على المبادرة.
الأمثلة الواقعية الحية تشير إلى أن الجماعات التي تشجع أعضاءها على ضرورة استخدام خبراتهم بشكل فعال في المهمات الموكلة إليهم هي جماعات تحصل على مشاركة عالية لصنع القرار مما سينعكس في المحصلة على جودة القرار المتخذ ورفع الأداء الكلي للجماعة
أهمية مهارات التواصل بين الأفراد
من أكثر التعريفات استخداماً لمفهوم الإدارة هو العمل على أنجاز المهمات من خلال الآخرين والسر في نجاح الشخص كمدير هو قدرته على توظيف نفسه في خضم التعقيد داخل المنظمة كشخص موجهٍ لمّاح.
ويشير “مانغهام” في دراسته إلى أن المدير الناجح هو ذلك المدير القادر على قراءة الأفراد المحيطين به وتحديد قدراتهم وإمكانياتهم وكيفية توظيفها بأفضل طريقة ممكنة، وقد يعتقد جميعنا بامتلاكهم لهذه القدرة ولكن يقول مانغهام:
يبدو أن الأشخاص الأكثر نجاحاً يديرون حياتهم الاجتماعية بشكل أفضل مقارنة مع الأشخاص الأقل نجاحاً
مهارات التواصل بين الأفراد كسلوك موجه نحو تحقيق الأهداف:
يتم استخدام مصطلح مهارات التواصل بين الأفراد ضمن تعريفات مختلفة، فقد يحلو للبعض تسمية هذه المهارات بمهارات التفاعل أو مهارات التعامل مع الآخرين أو مهارات الـ “وجهاً لوجه” أو المهارات الاجتماعية أو الكفاء الاجتماعية أو غيرها من المرادفات.
يعرف “أرجايل” الأفراد ذوي الكفاءة الاجتماعية على أنهم أشخاص يمتلكون المهارات اللازمة لخلق آثار إيجابية في الآخرين أثناء تفاعلهم معهم ضمن موقف اجتماعي معين، وقد تكون القدرة متمثلة في إقناع موظف ليعمل بجد أكبر، أو إقناع زبون بشراء شيء معين أو جعله يقدم تنازلاً معين أثناء التفاوض.
وقد عرض “هوني” تعريفاً مشابهاً لما سبق حيث أشار إلى أن مهارات التواصل هي تلك المهارات التي يستخدمها الأفراد في مواقف التفاعل وجهاً لوجه ليعملوا من خلالها على تنظيم سلوكياتهم لتتماشى مع الأهداف التي يبتغونها.
ويؤكد “هوني” في هذا المجال على أن مهارات التواصل ليس لها علاقة بكون الشخص لطيفاً أو قادراً على كسب الأصدقاء إنما بقدرته على تحقيق هدفه فيكون هذا الهدف جزءاً من الهدف الأكبر الذي يسعى إلى تحقيقه.
إن العامل المشترك في التعريفات السابقة هو تأكيدها على ضرورة امتلاك الشخص القدرة على التصرف بطريقة تؤدي إلى تحقيق أهدافه التي يرغبها، ولذلك فمن الطبيعي هنا أن تعرف مهارات التواصل بين الأفراد على أنها سلوكيات موجهة نحو تحقيق الأهداف والتي تستخدم في التفاعل وجهاً لوجه بهدف الحصول على أهداف إيجابية مبتغاة.
يتبع في العدد القادم حول أساليب دراسة مهارات التواصل بين الأفراد
المراجع :
- مهارات التواصل بين الأفراد في بيئة العمل ..جون هيز ترجمة الدكتور مروان طاهر الزعبي – دار المسيرة للنشر والتوزيع
محمد عبد المنعم قشطة
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة – الإمارات العربية المتحدة
هاتف: 056 – 2855575
- بكالوريوس خدمة اجتماعية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية كفر الشيخ بمصر 2006.
- الدبلوم المهني في رعاية الفئات الخاصة جامعة كفر الشيخ بمصر 2008.
- دبلوم صعوبات التعلم بجامعة عين شمس طنطا مصر 2016.
- أخصائي اجتماعي سابقاً بوزارة التربية والتعليم بمصر لمدة سنتين.
- معلم تربية خاصة بمركز الشارقة للتوحد بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من 2010 إلى 2018).
- مشرف تربوي بفرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالذيد (من 2018 حتى الآن).
- المشاركة في لجنة تقييم مسابقة التقنيات المساندة ATEDOCOM وحضور تدريب عملي في كوريا الجنوبية حول التقنيات المساندة.