إعداد : فراس الهنادة
يواجه العديد من الأشخاص في أيامنا هذه الاضطرابات النفسية بمختلف أشكالها وأسبابها وقد لوحظ في الآونة الأخيرة وبسبب كثرة الحروب والنزاعات السياسية ارتفاع كبير في أعداد الأشخاص المصابين بالصدمة النفسية واضطراب كرب ما بعد الصدمة.
سنتناول في مقالنا هذا موضوعات مختلفة تخص الصدمة النفسية وأعراضها وطرق التعامل معها.
ما هي الصدمة النفسية؟
قد يستخدم بعضنا لفظ الصدمة بدلاً من مفهوم الضغوط النفسية وهناك فرق بين اللفظين حيث أن الضغوطات النفسية تتمثل في متاعب الحياة اليومية كالسفر والعمل اليومي وما يصاحبها من أعمال ضاغطة، أما الصدمة النفسية تتمثل في مواقف تعمل على تهديد الحياة ونعجز عن مواجهتها بقدراتنا الخاصة وتتضمن:
- الكوارث الطبيعية.
- الكوارث العائلية.
- الاعتداءات الجسدية مثل الضرب.
ما هو اضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
هو التعامل مع أي خبرات صادمة تؤدي بالفرد إلى الشعور بالقلق الحاد (الخوف والتجنب) والتغيير في جوانب الشخصية والحياة بشكل ملحوظ مثل الموت المفاجئ أو الإساءة.
أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة
- إعادة الخبرات الصادمة: ويبدو هذا في صورة كوابيس وذكريات وتصورات، أو تفاعلات حادة تجاه تذكر الصدمة.
- فرط الاستثارة والتيقظ: ويتضمن مشكلات النوم، التوتر، الغضب وصعوبات في التركيز والشعور دائماً بالوقوف على حافة الهاوية والتوتر العصبي، ومن الممكن أن يتضمن أعراضاً جسدية كتسارع نبضات القلب والتعرق والشعور بالدوار والتنفس السريع.
- تجنب تذكر أحداث الصدمة: ويتضمن محاولة الامتناع عن التفكير او التحدث بشأن الصدمة أو محاولة تجنب أي شعور يعمل على التذكير بها كالابتعاد عن الأنشطة والأشخاص والأماكن التي تستدعي ذكريات الصدمة وتؤدي هذه الأعراض الى الشعور بالوحدة وتجنب الآخرين.
- الخدر الانفعالي: ويظهر في صورة انعدام الاهتمام بالأنشطة التي كانت مهمة من قبل والشعور بالانفصال عن الأشخاص المهمين مع عدم القدرة على تحمل الانفعالات العادية مع افتقاد الإحساس بالمستقبل.
كيف أعرف أنني بحاجة إلى زيارة الطبيب النفسي؟
من خلال تحديد مدى تأثير أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة على أحداث الحياة، على سبيل المثال:
- وجود مشكلات في العمل
- وجود مشكلات في الدراسة
- وجود مشكلات في تكوين العلاقات الاجتماعية
- الشعور بالاكتئاب والحزن بشكل دائم أو عند استخدام أساليب غير سوية للتعامل مع أحداث الحياة مثل تعاطي المواد المخدرة والكحول.
الطرق العلاجية المثبتة علمياً في علاج اضطراب كرب ما بعد الصدمة:
- العلاج المعرفي السلوكي: ويتمثل في التدريب على إدارة السلوكيات، الأفكار والمشاعر بالإضافة إلى التفاعلات البدنية.
- العلاج بالقبول والانفعال: يساعد هذا العلاج في مراقبة الأفراد لأفكارهم وانفعالاتهم فهو لا يركز على تغيير الأفكار والمشاعر بل يؤكد على تغيير السلوكيات، وتبنّي التي تساعد منها على الحياة بشكل أفضل. يستند هذا العلاج على عدة افتراضات منها:
- يمكن مراقبة الأفكار والانفعالات.
- يعمل قبول الأفكار والمشاعر على تخفيف الألم الانفعالي.
- من المهم تحديد القيم في البداية ثم القيام بالأعمال التي تتسق مع هذه القيم.
إدارة القلق:
يعد القلق انفعالاً حاداً يؤثر على فعالية المشاركة في أنشطة الحياة اليومية. ولكن هناك أساليب متعددة للتخلص من انفعالات القلق وهي:
- تهدئة الأفكار
- استخدام الحواس لإدارة القلق.
- التنفس العميق.
كيفية الحصول على الرعاية الصحية المثلى لصحتك النفسية:
التغذية والتدريب:
- صعود السلالم بدلاً من استخدام المصعد
- القيام بالتمدد أثناء مشاهدة التلفاز
- ممارسة المشي مع زملاء العمل
- الوقوف أثناء التحدث في الهاتف
- التشجير في الحديقة
- تنظيف السيارة
- تناول كميات كبيرة من المياه
- تناول كميات كافية من الخضروات والفواكه
- استخدام الفيتامينات اليومية الطبيعية من اللحوم والفواكه
- تخفيف تناول الوجبات السريعة
- ممارسة التدريبات اليومية وكيفية أدائها مثل الوقوف أثناء التحدث في الهاتف
النوم:
يساعد النوم المنتظم على التعامل مع الكوابيس المزعجة وتحسين مستوى الصحة العامة، ومن الأمثلة على عادات النوم الصحية:
- الذهاب إلى النوم في وقت محدد والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً.
- النوم في مكان هادئ
- النوم في غرفة مظلمة تبعث على الهدوء والراحة
- إذا حدث الأرق لا تبقى ممدداً في السرير، قم بعمل محدد بعيداً عن السرير ثم عد بعده إلى النوم
الرعاية الطبية والوقاية:
الاهتمام بالفحص الطبي الدوري مع عدم إهمال أي شعور بالتعب أو الإصابة بأمراض بدنية.
إيجاد معنى للحياة والهدف منها والحصول على المساندة الاجتماعية:
العمل على الاستفادة من الخبرات التي مررت بها ومحاولة الانخراط في المجتمع والحصول على المساندة الاجتماعية من قبل الآخرين، حيث يمكن استخدام أحداث الصدمة بمرونة للاستفادة منها. على سبيل المثال: قيام أحد المحاربين بالمشاركة في مؤتمرات ومنظمات المحاربين المصدومين، فالغاية هي البحث والتوصل إلى معنى وهدف للحياة.
أمثلة على إيجاد معنى للحياة:
- القيام بالأعمال التطوعية
- الانضمام إلى مجموعة الأنشطة الاجتماعية
- الانضمام إلى منظمة أو نادي اجتماعي
- ممارسة العبادات والشعائر الدينية
كيفية الحصول على المزيد من الدعم النفسي:
يحتاج كل فرد منا إلى المساندة الاجتماعية ومشاركة مشكلاته مع المقربين الذين يمكن الاعتماد عليهم في بعض الأمور، غير أن وجود صديق واحد يمكن أن يفهم طبيعة مشكلاتك وعلاقاتك هو أمر كفيل بأن يشعرك بالإنجاز.
إلا أنه قد يكون هناك نوع من عدم الثقة في الآخرين على وجه الخصوص لدى مرضى اضطراب كرب ما بعد الصدمة لذا تعد المساندة الاجتماعية أمراً ضرورياً لدى هؤلاء الأفراد.
قد تكون بعض العلاقات الاجتماعية غير بناءة حيث تحمل بعض النذر التي تنبئك بضرورة إنهائها وهي:
- تقوم أنت بتقديم الدعم ولا يسعى الطرف الآخر لتقديم دعم مقابل لك مهما كانت معاناتك.
- الشعور بالاستفزاز بعد لقائك بالطرف الآخر
- الشعور بقيام الطرف الآخر بالتقليل من شأنك أو إحباطك
- مواجهة التهديدات من قبل الآخرين
عوامل تنبئ بالتخلص من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وعلاجها:
- اجتياز حدث واحد وعدم وجود آخر
- الحصول على الدعم من العائلة والأصدقاء
- الحصول على المعنى في الحياة
- الشعور بالقدرة على مواجهة التحديات والسيطرة عليها
- التعايش مع أنظمة الحياة اليومية
- استخدام الأساليب العلاجية عند ظهور أعراض الاضطراب
في النهاية يجب التأكيد على أن اضطراب كرب ما بعد الصدمة هو اضطراب نفسي قد يؤدي إلى أمراض نفسية وجسدية أخرى خطيرة كالاكتئاب أو أمراض القلب وغيرها، كما أنه كغيره من الاضطرابات، من الممكن التعامل معه والتغلب عليه في حال حصول الشخص على الدعم الطبي والنفسي الجيدين وعن طريق العمل على عيش نمط حياة صحي مليء بالعمل والنشاط الذي يعود بالنفع على الأشخاص والمجتمعات.
المراجع:
كتاب “دليل علمي تكاملي لعلاج الصدمة النفسية واضطراب كرب ما بعد الصدمة”، تأليف: شيلا راجا
ترجمة: الأستاذ الدكتور محمد نجيب أحمد الصبوة ، تاريخ النشر: 2019 ، عدد فصول الكتاب: 4
الاسم: فراس الهنادة
عدد سنوات الخبرة: 7 سنوات خبرة في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
حاصل على بكالوريوس في العلاج الوظيفي من الجامعة الهاشمية في المملكة الأردنية الهاشمية