إعداد : د. روحي عبدات
تحتاج أسر الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المشورة من أجل الإدارة الفعالة للاحتياجات المتنامية لأطفالها، ومن أجل إحداث تغيير سلوكي، وصحة نفسية إيجابية، وحل المشكلات التي تواجههم وتحقيق الفعالية الشخصية واتخاذ القرار. لذا فإن الاستشارة تساعد هذه العائلات على التعامل بشكل فعال مع احتياجات أبنائها المتغيرة بين وقت وآخر مثل الاحتياجات الصحية، التأهيلية، والأجهزة والأدوات اللازمة لهم.
ومن الاحتياجات الإرشادية الأخرى اللازمة للأسر:
- مساعدتها على فهم أدوارهم كآباء وأفراد أسرة، وإدراك العلاقة بين الوالدين والطفل. فذلك يساعد على إزالة الشعور بالذنب.
- المساعدة في التغلب على الاتجاهات السلبية نحو الأبناء (Ali, 2012)
- مساعدة الآباء والأخوة على العمل مع الأبناء والأخوة ذوي الإعاقة ضمن البيئات الطبيعية بما فيها المنازل، من أجل تطوير مهارات العناية الذاتية، التعبير الانفعالي، والتواصل.
- مساعدة الآباء على بناء جسور التواصل الشفوي وغير الشفوي مهما بلغت شدة الإعاقة.
- كيفية إدارة الضغوط الناجمة عن وجود طفل شديد الإعاقة في المنزل.
- تزويد الأسرة بالمهارات اللازمة لتطوير الحزم وحل المشكلات واتخاذ القرار
- توفير المعلومات المهنية حول كيفية اكتشاف شخصيات أطفالهم، وإدارة السلوكيات الشديدة، من أجل إعطاء الأمل للحياة.
أساليب الإرشاد والتوجيه الحديثة المتبعة مع الأسر:
يتم الإرشاد النفسي للأسرة بطرق مختلفة، ولكن أربعة مجالات هي محور كل علاج يتضمن الخلفية والخبرات السابقة، العواطف، الأفعال، والأفكار.
وفقًا لنظرية كارل يونج Carl Jung فإن علاقات الكائن، وتحليل المعاملات جزء من الإرشاد الذي يركز على خلفية الشخص الحديث والتجارب المبكرة والتاريخ. ويساعد الإرشاد في التعامل مع المشاعر، وتحديد الأشخاص لمشاعرهم وفهمها والتعبير عنها وإدارتها. كما أنه يركز على زيادة وعي الفرد بأفكاره وتصوراته وتعديل التفكير السلبي.
ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي Cognitive Behavioral Therapy (CBT) أفضل طريقة لهذا النوع من الاستشارة. أخيرًا، مناهج الإرشاد لأفعال وسلوكيات الشخص (Gorham, 2013).
يمكن تقديم الإرشاد للوالدين من خلال طرق مختلفة تشمل: العلاج السلوكي المعرفي (مزيج من العلاجات المعرفية والسلوكية) وهو مزيج من تحديد الأفكار والعمليات السلبية بالإضافة إلى تعديل المشاعر والسلوكيات السلبية.
قدم Pavlov and Skinner مفهوم الاشراط الكلاسيكي والإجرائي، والتعلم من خلال التعزيز والارتباطات. يركز على المشكلات والسلوكيات الحالية وعلى محاولات إزالة تلك السلوكيات التي يجدها المريض مزعجة (Matson, et al., 2009) كما تلعب الدوافع دورًا رئيسيًا في الاستشارة السلوكية (Gorham, 2013).
كما يستخدم العلاج الأسري (عندما تنبع الصعوبات التي يواجهها الشخص من العلاقات المضطربة داخل أسرته) وعادة يستخدم في علاج الأطفال أو المراهقين أو الشباب. يساعد الوالدين في التغلب على مشاكل علاقتهما بالطفل ((Matson, et al., 2009.
من أهم البرامج التدخلية اللازمة لأسر الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة:
برامج تعليم الوالدين: بهدف إعطاء معلومات واقعية عن الإعاقات الشديدة من حيث أسبابها، كيفية استكشاف المهارات، التعامل معها، معلومات طبية عن الجهاز العصبي والعضلي والعظمي، وظائف الأعضاء، وكيف تتفاعل هذه القدرات مع البيئة المحيطة، كيفية تكييف البيئة لتلبية احتياجات كل شخص.
التدريب على المهارات: ويركز على تعليم الوالدين والأشقاء الإدارة السلوكية والجسدية لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة، وهذا يعتمد أصلاً على تحديد احتياجات الأسرة، نظراً لأن لكل أسرة احتياجات مختلفة تبعاً لطبيعة الإعاقة وشدتها وآثارها على أفرادها (Halle, Horner, & Durand, 2021)
هنا تتفرع برامج التدريب على مهارات العناية بالشخص والإشراف عليه، والمهارات المرتبطة بالخدمات العلاجية المساندة التي ينبغي القيام بها في المنزل باستمرار من تمارين علاج طبيعي ووظيفي وتنمية التواصل.
الإرشاد النفسي/ الاجتماعي:
معظم أسر الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة لديهم قلق مرتفع أكثر من غيرهم على الحاضر والمستقبل، فقد يقلقون بشأن كفاءتهم كآباء وقدرتهم على الاستجابة لاحتياجات أبنائهم، وشعورهم بعدم الكفاية والعجز. قد يشعر بعضهم بالذنب مُحمّلين أنفسهم سببَ الإعاقة، أو قد يكونون غاضبين أو يشعرون بالحزن لأن الخدمات ليست متوفرة أو كافية أو لا تحقق أهدافها، وقد يشعرون بالرفض أو الوصم من قبل الآباء الآخرين أو الأشخاص في الإطار الاجتماعي.
قد يتم الإرشاد النفسي الاجتماعي بشكل فردي، أو يمكن تنظيم الإرشاد الجماعي حول مواضيع محددة يقترحها الوالدان أو من قبل الاختصاصيين. مثل هذه اللقاءات تمنح الآباء الفرصة للقاء آباء يواجهون ذات التحديات أو مشابهة لها، وبالتالي يجعل بالإمكان إيجاد شبكة دعم من الآباء الآخرين الذين يمتلكون التجربة والمعرفة المناسبة.
ويرى Sloper أن هناك عدة نماذج من خدمات الدعم الموجهة للآباء:
- نماذج الموظف الرئيسي: أو (الشخص حلقة الوصل) هو شخص محدد يتوجه إليه ولي الأمر للحصول على المشورة حول أي مشكلة تتعلق بالأطفال. الموظف الرئيسي يحتفظ بانتظام بالاتصال بالعائلة حسب الحاجة، ولديه مسؤولية التعاون مع الاختصاصيين مقدمي مختلف الخدمات وتنسيق الدعم للأسرة، وخاصة الخدمات الأساسية التي تحتاجها الأسرة والطفل والوصول إلى المعلومات والخدمات من الجهات الأخرى.
- نماذج إرشاد الوالدين: العديد من عناصر خدمات الدعم الفعالة المقدمة للوالدين، تركز على العلاقات المتبادلة بين العائلات ومقدمي الخدمات. لذلك فالأمر مهم للغاية من حيث كيف يساعد الاختصاصيون الأسر في التعرف على الموارد المحيطة في المجتمع والاستفادة منها، وتتضمن الإرشاد الفعال، بناء العلاقات؛ التواصل والصدق والوضوح، فهم اهتمامات أسر الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والتي تختلف عن غيرها من بقية الإعاقات، والاستجابة لأولويات الأسرة وأهدافها.
- نماذج شراكة الآباء: وتعتمد على اعتبار الأسرة شريكاً في عملية التأهيل وليست مجرد متلقي للخدمات، لذلك فهي تشارك في التقييم، التأهيل وإعادة التقييم، وتشارك في اتخذا القرار، حيث يتم مساعدتها على استبصار الموقف وفهمه ومن ثم المساعدة على اتخذا القرارات المناسبة للأسرة بشكل عام والطفل ذي الإعاقة الشديدة على وجه الخصوص. وتقوم هذه الشراكة على نموذج تفاوضي ونقاشي مع الأسرة أساسه (إعطاء الوقت اللازم والاستماع والانفتاح والمناقشة) للوصول إلى توافق في الآراء بشأن الاحتياجات والإجراءات.
- نماذج مهارات التأقلم: وتعتمد على فكرة مساعدة الوالدين على التكيف الواعي مع الواقع الحالي، والتقليل من الفترة الزمنية التي تمر بها الأسرة للتأقلم مع حالة الصدمة والحزن وغيرها من مشاعر، والتقبل يساعد الأسرة كثيراً على التكيف مع الذات، والمضي قدماً في خدمة الطفل بدلاً من إضاعة الوقت أو البقاء مطولاً في حالة الحزن.
- ويعتمد هذه النموذج الإرشادي على تدريب الأسرة على: (اتخاذ القرار، مهارات الاتصال، المهارات في الوصول إلى الشبكات الاجتماعية واستخدامها، استراتيجيات المواجهة مثل التصالح مع الذات، الثناء الشخصي، والاسترخاء.
- نماذج الوعي الحقوقي والمناصرة: من الأمور التي يحتاجها الوالدان هي الوعي باحتياجات الأبناء ذوي الإعاقات الشديدة والتي قد تكون أكثر عمقاً من بقية الإعاقات، وهذا يأتي عبر فهم احتياجات الأبناء وطبيعية الخدمات اللازمة لهم. كذلك القدرة على المناصرة الذاتية والدفاع عن حقوق الأبناء، عبر فهم القوانين والتشريعات الدولية، والمحلية، والسياسات المحلية بما في ذلك المبادرات الناجمة عنها في الدولة.
- نماذج مجموعات الدعم الذاتي: على الرغم من التجارب المتنوعة مع مجموعات الدعم الأسري الذاتية، أشار معظم الآباء إلى أن قيمة مجموعات الدعم تكمن في توفير مكان يمكن للوالدين الشعور فيه بالفهم وتبادل المعلومات وجمعها.
لذلك، يفضل الآباء استهداف مجموعات الدعم لأولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقات والاحتياجات المتشابهة، نظراً لأن الاحتياجات تختلف باختلاف شدة الإعاقة، فالضغوط الوالدية التي يمر بها أولياء أمور الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة، تختلف عن الضغوط المترتبة عن غيرها، والتي قد تكون مصادرها خارجية كتوفر برامج التأهيل وجودتها، وتوفر الدعم المادي والأجهزة الداعمة، أو تكون مصادرها داخلية ترتبط بالتحديات السلوكية عند الأطفال وقدراتهم المعرفية أو الجسدية، وشدة احتياجاتهم (Jackson ete al, 2018)
المراجع:
- Halle, J. W., Horner, R. H., & Durand, V. M. (2021). Supporting Families with Children Who Display Severe Challenging Behavior. Research and Practice for Persons with Severe Disabilities, 46(3), 199–207.
- Jackson, J. B., Steward, S. R., Roper, S. O., & Muruthi, B. A. (2018). Support Group Value and Design for Parents of Children with Severe or Profound Intellectual and Developmental Disabilities. Journal of Autism and Developmental Disorders, 48(12), 4207–4221.
- Matson, J. L., Mahan, S., & LoVullo, S. V. (2009). Parent training: A review of methods for children with developmental disabilities. Research in Developmental Disabilities, 30(5), 961–968. Retrieved from http://dx.doi.org/10.1016/j.ridd.2009.01.009
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011