إعداد : سلوى الحصيني
عندما نرغب في الخروج من المنزل برفقة أطفالنا، نلبسهم أزهى الملابس الجميلة، والأحذية التي تحمي أقدامهم من أي أذىً خارجي، وكذلك أثناء تنقلنا في السيارة، نتّبع أفضل إجراءات الأمن والسلامة، وتحيطهم أعيننا من جميع الجهات.
بالنظر من زاوية أخرى، هل فكرنا كيف يكونون في الخارج يوماً ما دون رفقة أحد منّا؟ وهل فكرنا أن الأذى لا يقتصر على شخص غريب أو حيوان متوحش! بل قد يكن الأذى داخل بيوتنا قبل خارجها من قريب أو حبيب!
بعد المقدمة السابقة، هذا المقال سيوضح بعض المهارات المناسبة للوقاية والعلاج من التحرش والإساءة الجنسية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.
ومن الملاحظ أن التوعية الجنسية من أهم الموضوعات التي يجب النظر إليها، وتقديمها لأفراد المجتمع بطريقة تتناسب مع الأعمار والمستويات، في فهم الجنس، والاتجاهات السليمة، وفق التعاليم الدينية التي تساعدهم لحسن التكيف في الحياة.
وأتفق مع “قاري” (2016) حينما ذكرت أن التثقيف الجنسي موضوع لا يتم الحديث عنه كثيراً أو من غير المريح الحديث عنه لأن الأسر تستصعب هذا الأمر لعدم المعرفة بشكل كيفي عن أدق تفاصيله، أو صعوبة النقاش في ذلك بحكم العادات والتقاليد ضمن المجتمع الشرقي تحت المفهوم المحلي الشائع -عيب-
الطفل يحتاج إلى الحنان، وشعور الطفل بأنه محبوب واحتضانه ومداعبته من الأمور الحيوية بالنسبة إليه، وقد لا توجد لدى البعض من أطفال اضطراب طيف التوحد، فالأطفال بحاجة الى خبرة أنهم يملكون القرار عندما يتعلق الموضوع بالجسد كي يحددوا متى يرغبون بالاحتضان والعناق، ومتى لا يرغبون به.
إن الطريق إلى قلب أي طفل سواءً كان من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد أو لم يكن، هو الحلويات والقصص والألعاب، فيستغلها الشخص “المعتدي” بتغرير الطفل وصولاً إلى غايته، حين يندفع الطفل إليه بجهله دون إدراك أن هذا خطر، حيث لا يخفى علينا أن الأطفال يصرخون عندما يشعرون بالألم، ولكن لماذا في كثير من هذه الحالات يصمتون؟
الجواب بسيط وواضح، فعند وجود أفعالٍ أقوى، تضعف القوة الأخرى عن المواجهة أو الصد، ودائما ما يراودنا سؤال كيف نحمي أبناءنا؟
لابد من تعزيز شعور الثقة والإحساس بالمسؤولية، ولتكن هنا علاقة صداقة بين الطفل ووالديه كي يشعر بالأمان في اللجوء إليهم وإعطاء الطفل المعلومة الصحيحة، وتوعيته بأنه قادر على الدفاع عن جسده، وأن يكون حذراً، وإخباره بطريقة تناسب قدراته المعرفية من خلال تعليمه بالصور وربطها بالجمل اللفظية، وأن من حولنا الكثير من الأشخاص الجيدين لكن، في المقابل ثمة فئة من الأشخاص السيئين.
ومن إجراءات الحماية عدم إرسالهم بمفردهم مع السائق، أو تركهم مع الخادمة أغلب الأوقات، وحتى حين يلعبون سوياً كأطفال، لا بد من المراقبة بين الحين والآخر للإشراف على هذا اللعب.
أحيانا، يصل معنى الكلمات المكتوبة بعمقٍ صامتٍ إلى الأطفال، خاصة ممن لا يستطيعون البوح عن مواقف قاسية تعرضوا لها كالتحرش الجنسي.
فعلى سبيل المثال، كانت (س، و) في عمر الـ” 8 سنوات”، وهي من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد البسيط، ترتدي الملابس السميكة، ومعطف الفرو رغم أن الفصل صيف وحار، وغالباً ما تدخل الأم مع طفلتها في جدال حول ذلك، بل يتحول الأمر إلى مشكلة.
وذات يوم، كتبت الأم عبارة على ورقة لاصقة ” من فضلك يا جميلتي، أنا لا أناسبُ هذا الطقس كي ترتديني وأرجوكِ إن تفرحيني ولا تحزنيني، ثمّ قامت بإلصاق الورقة على الملابس، وباب حجرتها، وعلى خزانة الملابس، فما كان من الطفلة حين قرأت القصاصات إلا أن تفاعلت معها فابتسمت ولكن بكت! وعندما حضنتها والدتها وسألتها عن الأمر، ذكرت الطفلة أنها تتعرض في مدرسة الدمج للإساءة.
ختاماً، هذه رسالة لكل من تعرض ابنه او ابنته للإساءة، يتوجب عليكم فعل الإجراء الصحيح، حاولوا أن تتمالكوا أعصابكم رغم صعوبة الأمر، خوفكم وغضبكم مبرران؛ لكن يمكنكم مساعدة طفلكم بشكل أفضل إذا كبحتم مشاعركم قدر الإمكان، واستمعوا باهتمام، لكن لا تسألوا عن تفاصيل! لأنه عندما تكثرون على الطفل بالأسئلة، قد يصمت عن الكلام، حتى وإن كانت لديكم رغبة جامحة بمعاقبة الفاعل المزعوم، قد يسبب هذا التصرف ضرراً للطفل أكثر من الفائدة، ولا بد من التوجه إلى مركز إرشاد متخصص للحصول على الدعم والاستشارة، والسؤال عن الخطوات التي يمكنكم اتخاذها لحماية طفلكم، والقيام بذلك ليس ضعفاً أبداً، بل قوة تكمن في حسن التصرف بعيداً عن العجلة والندم لاحقاً.
المراجع:
- قاري ،عبير.(2016). كيف أحمي طفلي، خفايا العنف الأسري. مدارك للنشر.
- المطيري، فوزية. (2014). طرق سهلة للوقاية من التحرش الجنسي بالأطفال للأمهات والآباء والمربين. دار سماء للنشر والتوزيع.