إعداد: المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة
يواصل “صادق أمين”، 22 عاماً في مدينة تعز جنوب غربي اليمن تحديث نسخة مطورة ومضادة للفيروسات كان قد ابتكرها في العام 2020 لتطبيق التواصل الاجتماعي “واتساب”، كما يعمل باستمرار على إضفاء مزايا جديدة لتلك النسخة والتي حملت اسمه منذ إطلاقها وإتاحتها للمستخدمين لتحميلها من متصفح “ميديا فاير” أو حسابه في تطبيق التليجرام.
وأجرى صادق آخر تحديث للبرنامج في نوفمبر من العام 2022 وجعله متاحاً للمستخدمين في 26 من الشهر ذاته، حيث يحرص على نشر مستجدات التطبيق أولاً بأول عبر مدونته على “بلوجر” أو حساباته المختلفة في وسائل التواصل الاجتماعي التي يظهر من خلالها شغفه بالتكنولوجيا وعالم البرمجة بشكل كبير.
ويقول صادق إن النسخة الأخيرة تحتوي على العديد من الإضافات الجديدة كالقرآن الكريم، والأذكار، وأدعية متنوعة، ومسبحة إلكترونية، إلى جانب خيار إظهار الصورة الشخصية مع الإشعار، وزر لإخفاء أيقونة النص التشفيري وتغيير ألوانه، وإضافة خمسة أشكال جديدة لهيئة العمود العلوي في شاشة المحادثة.
كما حرص على تقديم ميزات أخرى مثّلت رغبة لدى المستخدمين مثل: “التخفي” بحيث يظهر للآخرين بأنه غير متصل رغم تواجده على “الواتس” في ذات الوقت، ومشاركة جهة الاتصال دون مشاركة المعلومات الأخرى المرتبطة بها، توفير خدمة النسخ الاحتياطي في صفحة “الكراش”، والاستماع للتسجيل الصوتي في الخلفية، وتحسين خدمة قراءة الملفات في المسار الجديد لدى التطبيق، والترجمة الفورية للغة العربية والعديد من اللغات، وزخرفة النصوص، إلى جانب تجويد خدمات أخرى وإصلاح المشكلات التي أشتكى منها المستخدمون في النسخ السابقة.
وتظهر المؤشرات أن عدد الأشخاص الذين حمّلوا النسخ السابقة من “واتساب” المهندس صادق أمين من الموقع وصل إلى أكثر من 5000، إلى جانب آلاف المستخدمين الذين قاموا بتحميله من التليجرام ورابط التحميل المباشر، وفق قوله.
ويترجم “واتساب” صادق أمين شغف صاحبه بعالم البرمجة والتصميم وخلفيته المعرفية وتخصصه العلمي في تقنية المعلومات.
قصة كفاح
قصة النجاح التي تباهت بها جامعة “الجند” قبل أيام في حفل التخرج لدفعة تقنية المعلومات التي كان صادق أحد روادها كانت قد بدأت مع صادق منذ وقت طويل حيث أن الصعوبات البيئية وعدم تهيئة الظروف المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة للتنقل والحركة والحصول على الأجهزة التعويضية بسهولة مثّلت تحدياتٍ تجاوزها صادق بإرادة وعزيمة جديرة بالتقدير والاحتفاء.
ينحدر صادق أمين من أسرة بسيطة الدخل إذ تعتمد على مرتب الوالد الذي يعمل في إحدى الجهات الحكومية.
ومن بين عشرات المتنافسين تقدم “صادق” للحصول على فرصة تمثلت بمنحة مجانية في جامعة “الجند” لدراسة تقنية المعلومات، وهو التخصص الذي اختاره صادق عن شغف وهواية في نفس الوقت، وقد تخرج من القسم قبل أيام، لكنه وأثناء دراسته الجامعية كان عصامياً ورغب في أن يكون عوناً لأسرته من خلال التخصص الذي يجيده فعمل على مد جسور من التعاون والاندماج الفاعل مع المجتمع وبدأ بتصميم شعارات وبروشورات وتصاميم مختلفة لمدارس ومؤسسات ومنظمات وشركات مقابل أجر كان يستعين به على دراسته الجامعية بالإضافة لمساعدة أسرته التي يشيد بوقوفها إلى جانبه.
حينما يكون التخصص رسالة
لم ينطلق المهندس صادق أمين من أن التخصص مجرد وسيلة لكسب العيش الكريم وحسب بل أحبه أولاً ثم آمن به كرسالة وخدمة للمجتمع ثانياً، لذلك حاول إيجاد حلول تقنية للعديد من المشاكل التي واجهت مستخدمي النسخة الأصلية من تطبيق “الواتساب” والتي من أبرزها: الاختراقات وهجمات الفيروسات، والحظر، والتهكير، وسرقة البيانات والصور، ومصادرة الحسابات كما يقول للمركز الإعلامي لذوي الإعاقة.
مر إنجاز “واتساب” صادق أمين بعدة مراحل بدأت من التفكير بالمزايا التي يمكن إضافتها إلى البرنامج، والشكل الذي سيتخذه، مروراً بمرحلة التخطيط وتصميم صور البرنامج وأيقوناته، ومن ثم تطويره وإدخال تعديلات على شكله ومظهره الخارجي ومحتواه، والانتقال إلى مرحلة تشفيره ورفعه على مواقع الإنترنت وإتاحته للمستخدمين.
استغرق هذا العمل أسبوعين تقريباً كما أكد “أمين”، معتبراً إياه تجربة ناجحة لافتاً إلى أنه محمي من الفيروسات وآمن ومن الصعب جداً تهكيره.
ويسعى “صادق” للالتحاق بالعديد من الدورات التخصصية في المجال متطلعاً إلى وضع حلول وابتكارات تسهم في خدمة المجتمع من خلال البرمجة.
ويكافح الأشخاص من ذوي الإعاقة في “تعز” وغيرها من مدن البلاد من أجل التغلب على الظروف البيئية التي لا تراعي الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من المجتمع، ومواجهة الأوضاع المادية والمعيشية المتردية، وتخطي الصعوبات التي أفرزتها الحرب منذ اندلاعها في العام 2015 إلى جانب تحقيق أهدافهم وإثبات ذواتهم وتقديم أنفسهم للمجتمع كأفراد فاعلين وقادرين على خوض تجارب متعددة والخروج منها بنجاحات مثيرة للإعجاب، وملهمة للآخرين.