أفكار في مسارات التنمية المستدامة حول كتاب الطفل والإعاقة في الإمارات العربية المتحدة
بقلم : محمد النابلسي
المعايير العربية للقراءة المبسطة
عدم وجود معايير للقراءة المبسطة باللغة العربية، حتم على المدينة ابتكار وثيقة المعايير العربية للقراءة المبسطة، بعد مراجعة أكثر من 20 وثيقة بلغات أخرى، واستشارة عدد من الخبراء، تم اعتماد هذه الوثيقة التي تضع معايير واضحة ومحددة، تجعل من صناعة وثيقة القراءة المبسطة سهلة التطبيق. وهذه الوثيقة متاحة على الموقع الإلكتروني للمدينة: www.schs.ae
بناء القدرات
بالتعاون مع شريك رئيسي، Easy Read Online – المملكة المتحدة، تم تنظيم ورشتي عمل في التواريخ التالية:
• الورشة الأولى: أكتوبر – نوفمبر 2020
• الورشة الثانية: يناير – فبراير 2021
شارك فيها 42 مشاركاً يعملون مع الأشخاص ذوي الإعاقة من عدة دول عربية: مصر، فلسطين، الأردن، الكويت، الإمارات العربية المتحدة. لكن العدد الأكبر كان من الإمارات والعاملين في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
لقد حققت ورش العمل هذه عددًا من النتائج المهمة:
1. تدريب 42 شخصاً على مهارات القراءة المبسطة في بعض الدول العربية.
2.صياغة 32 ملفاً بطريقة قراءة مبسطة وإتاحتها للجمهور من خلال الموقع الرسمي للمدينة. على الرغم من ذلك لا زال لدى بعض المشاركين فجوة ثقة في قدرات الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية وصعوبات التعلم.
ملتقى “ببساطة” أول ملتقى عربي متخصص حول القراءة المبسطة
في العام 2021 نظمت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ملتقى المنال الدوري تحت عنوان “ببساطة” شارك فيه أكثر من 400 شخص من مختلف دول العالم، من البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية مختلفة ومختلف دول العالم. والعالم العربي. حيث عرض أكثر من 20 خبيراً من دول مختلفة وجديدة مثل الأرجنتين ونيوزيلندا وملاوي والعديد من البلدان الأخرى خبراتهم ومعرفتهم وأهمية القراءة السهلة في بلدانهم.
الكتب الدامجة (Inclusive books) والكتب الميسرة (Accessible books)
ولا بد هنا من التفريق بين المصطلحين فالكتب الدامجة ليست نفسها الميسرة.
الكتب الميسرة هي الكتب التي تعتمد على التقنيات المساندة المتناسبة مع طبيعة إعاقة كل شخص وقدراته، مثل طريقة برايل، الكتب الصوتية، أحياناً الترجمة هي طريقة رئيسية للبعض… والقراءة المبسطة.
أما الكتب الدامجة هي الكتب التي تقدم الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري أو الإشارة لها أو تناولها بشكل حقوقي سواء من خلال النص أو الصورة بهدف تعزيز الدمج بين الفئات المتنوعة للمجتمع.
وتندرج تحت هذه الفئة كافة الكتب التي تتناول التنوع كالعرق أو الدين أو الهوية الجنسية.
وعلى سبيل المثال كتاب منقوشة مريم للكاتب نبيهة محيدلي وكتاب (هي، هما، هنّ) للكاتبة نهلة غندور ومذكرات طه حسين الأيام.
ملتقى المنال (التفاحات الثلاث)
ملتقى (التفاحات الثلاث) والذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عام 2014، في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة جمع عدداً من كُتاب ورسامي كتب الأطفال، لتعزيز مفهوم الكتب الدامجة حيث يُعتبر هذا الاتجاه حول اتجاه شمولي يعزز مفاهيم الاحتواء الشامل لكافة فئات المجتمع، ويمهد طريقاً لبناء الاتجاهات الإيجابية حول التنمية المستدامة لدى الجيل الناشئ.
الكتب الدامجة هي الكتب المستدامة
قد يقول قائل إن الطريق للاستدامة والحفاظ على الكوكب هو التوقف عن طباعة الكتب الورقية، والاستعاضة عنها بالكتب الصوتية أو الإلكترونية. وهذا الصراع الحديث حول التقنيات الحديثة لإصدار الكتب سيظل محل نقاش دائر. ولكن الاستدامة الحقيقية تأتي من بناء الاتجاهات الحقيقية لغرس مفاهيم قبول الآخر والتي تعزز مفاهيم التنمية المستدامة، لذا فإن الكتب الدامجة هي الشكل الجديد للكتب المستدامة، ولعل دمج تلك الأهداف في كتب الأطفال قد يمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.
كوكب الأرض يدافع عن نفسه
صدمنا كوكب الأرض في العام 2020 بوقفة حقيقية لنفسه من خلال جائحة كوفيد 19 والتي أقعدت العالم بطريقة استثنائية ربما لم تحدث من قبل بتلك الطريقة الجمعية، وتلك الجائحة كانت طريقة الأرض لرد اعتبارها، وتذكيرنا بأنها قادرة على الرد علينا وعلى استهلاكنا الجائر، وهذا يحول توجه القلق لدينا، فربما يجدر بنا القلق حول استمرارية وجودنا كبشر، أكثر من القلق على كوكب الأرض فهذا الكوكب كفيل بإعادة بناء نفسه بشكل أو بآخر بوجودنا أو عدمه.
غول المكتبة
في ظل الجائحة كتبت قصة الأطفال (غول المكتبة) وهي قصة تدور حول عالم افتراضي ينتصر فيه البناء الإسمنتي الجائر، ولا تجد المساحات الخضراء والمكتبات والمسارح من يدافع عنها سوى الغيلان، التي لا يقترب منها أحد إلا الأطفال.
والمكتبة الوحيدة التي يحرسها الغول ستتعرض للهدم لأن المبنى قديم، ولم يجدوا من يرمم لهم البناء، فنقل الغول الصغير حارس المكتبة مقتنيات المكتبة بالتعاون مع الأطفال إلى الغابة التي يحرسها الغيلان، لتصبح هي المساحة الأكثر أماناً.
من هو الغول؟
في هذه القصة نجد أن الأطفال هم المسؤولون عن بناء المجتمع المستدام، وهي تعتبر مثالاً لتطبيق فكرة دمج اتجاهات التنمية المستدامة في كتب الأطفال، ونقلها مفهوم الاستدامة النمطي والمرتبط بالبيئة ليكون أكر شمولية وعدالة، من حيث تأمين التعليم الجيد الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة والهدف الحادي عشر للمدن والمناطق المستدامة.
الأثر المتبادل
ومن هنا تنشأ علاقة مساري المهني بالمسار الأدبي، فالعمل في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وضعني أمام مسؤولية ترجمة الأفكار والاتجاهات الإيجابية التي تزرعها المؤسسة في أبنائها، مما جعل هذه القصة تحظى بتقديرها من خلال فوزها بجائزة عبد الحميد شومان لأدب الطفل سنة 2020، وقد صدرت في العام 2022 عن دار جبل عمّان ناشرون ورسمتها الفنانة الأردنية أماني اليوسف.
ما المشكلة إذن؟
المشكلة أننا في عالم متسارع تختلط فيه الأوراق، وتتغير فيه المفاهيم بشكل كبير وغير متوقع، وهو ما يجعل هذا الجيل الناشئ في حيرة أمام مواءمة قيمه وعاداته وتقاليد مجتمعه مع مفاهيم التنمية المستدامة، إلى جانب قيم المجتمع الاستهلاكية وتغليب المصلحة الشخصية على كل شيء.
والقائمون على صناعة كتاب الطفل، والعملية التعليمية لديهم الفجوة المعرفية الكبيرة بمفاهيم التنمية المستدامة، وإن وجدت فالصورة النمطية الكلاسيكية لمفاهيم الاستدامة هي الغالبة.
الحكايات القادمة
هذا يضعنا أمام مسؤوليات متعددة، ولعل هذه الأفكار قد تنبثق عنها مجموعة توصيات قد تسهم في تعزيز أهداف التنمية المستدامة بشكل أو بآخر في مجتمعاتنا، وأثرها على المنتج الإبداعي الموجه للطفل، وحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة.
- تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى المعلومات من خلال توفيرها بالطرق الميسرة مثل طريقة برايل والكتب الملموسة ولغة الإشارة والقراءة المبسطة.
- بناء القدرات على إعداد وثائق القراءة المبسطة العربية الموجهة للأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية، والتركيز على إعداد الوثائق التي تضمن وصولهم إلى حقوقهم والخدمات في المرحلة الأولى.
- تنظيم البرامج التدريبية للكُتاب والفنانين حول صناعة الكتب الدامجة الموجهة للأطفال.
- إضافة معيار ملاءمة كتاب الطفل إلى هدف واحد على الأقل من أهداف التنمية المستدامة ومعايير الجوائز العربية الموجهة لأدب الطفل.
- تشجيع البحث العلمي حول القراءة المبسطة Easy to Read في العالم العربي، وحول كتب الأطفال الدامجة.
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”