لو كان الأشخاص ذوو الإعاقة ـ ممن أطلق عليهم في وقت ليس ببعيد مسمى «ذوي الاحتياجات الخاصة» واستبدل قريباً جداً بمصطلح «الأشخاص من ذوي الإعاقة أو الأشخاص المعاقين» ـ قد حصلوا على حقوقهم الأساسية في العلاج والتعليم والتأهيل بما يكفل كرامتهم وكرامة أسرهم فإن واحداً منهم لم يكن ليعترض كثيراً على هذا المسمى أو ذاك خصوصاً إذا لم يتضمن إساءة له أو هدراً لكرامته أو تقليلاً من شأنه… ولم يكن ليهتم ـ بالتالي ـ بما نستعيره من مصطلحات لا علاقة لها بثقافتنا وبيئتنا،. أو يكترث بما يتفتق عنه تفكيرنا من مسميات مبتكرة أكثر ما تصلح عناوين لقصائد نحاول بتنميقها وتفخيمها أن نعوض هؤلاء الأشخاص المعاقين ما لم نعطهم إياه من حقوق هي لهم أولاً وأخيراً!
وغير بعيد ـ في مقابل هذا التردد والتنوع في استخدام المصطلحات والمسميات ـ لغتنا العربية وثقافتنا الإسلامية التي تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية فلا تضيع الدلالات ولا تضل التوجهات.. وقد ورد ذكر الإعاقة والأشخاص المعاقين في القرآن الكريم كما هم عليه صراحة فالأعمى هو الأعمى والأصم هو الأصم وليس ذي الاحتياج البصري أو السمعي.. قال تعالى في سورة الفتح (الآية 17): (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج).
وحتى وإن برزت هناك تسميات في لغتنا العربية لا تنطبق على المسمى بدقة بل قد تعاكسه أحياناً فهي من باب التفاؤل بالخير ودفع الأذى عن المسمى وتمني الشفاء والفوز ـ مثلاً ـ كأن يسمى اللديغ «أي من لدغته الأفعى» سليماً.. أو يقال للصحراء مفازة من الفوز لا من باب تغيير الواقع أو تزييفه.
جوهر الاستخدام السليم للمصطلحات والمسميات استشرفته رئيسة تحرير «المنال» سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وأحاطت بأبعاده وتفاصيله منذ أكثر من أكثر من 12 سنة عندما كتبت في عدد «المنال» 137 لشهر يناير 2000 مقالة بعنوان: «من هو القادر؟» أكدت فيها «أن موضوع المسميات المستخدمة في الإشارة إلى الأشخاص المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة يأخذ حيزاً كبيراً في كثير من المنتديات التي تتعلق بموضوع الإعاقة»… «وقد يستغرق النقاش في هذا الأمر جلّ الوقت المخصص لمناقشة أمور قد تكون أكثر أهمية وإلحاحا».
وترى «أن من المناسب عند الحديث أو التعريف بالشخص المعاق أن يقال: فلان ذو إعاقة ذهنية أو نمائية بدلاً من استخدام مسميات تقلل من شأنه، وكذلك بالنسبة للمعاقين حركياً، لا يجوز استخدام عبارات مثل «حبيس المقعد المتحرك» أو «رهين عكازتيه» أو «سجين الإعاقة» فالمعاق حركياً لا يعتبر الكرسي المتحرك أو أي معين آخر سجناً بل أداة ووسيلة تمنحه الحرية والقدرة على الحركة والانطلاق».
وتنقل رئيسة تحرير «المنال» آراء عدد من الأشخاص المعاقين في موضوع المسميات، يقول هؤلاء: «إننا لا نخجل من كوننا معاقين، وبدلاً من ايجاد مسميات بعيدة عن الواقع نفضل أن يتقبلنا المجتمع كما نحن، وإذا كان لدينا نقص في أحد الجوانب فهناك ما يعوضه في جوانب أخرى.. فقط لا تنظروا إلينا بعين الشفقة ولا تشعرونا بالنقص والدونية واتركوا عنكم البحث عن مسميات خارقة لا تمت إلينا بصلة».
ويبدو أننا قبل أن نستجيب للتوجه العالمي الذي أكدته المعاهدة الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والعربي الذي سبقه حيث أقر مؤتمر القمة العربي (2004) العقد العربي للمعاقين، وكذلك ما نصت عليه معظم القوانين العربية التي استخدمت مصطلح «المعاقين» ترانا قد عدنا إلى مطلب ذوي الإعاقات المختلفة الذين تكيفوا مع إعاقاتهم وتعايشوا معها طوال حياتهم وأمنيتهم أن يتقبلهم مجتمعهم كما هم بكل واقعية وأن يلبي احتياجاتهم التي تفرضها متطلبات إعاقاتهم لا رغباتهم الذاتية.