ملخص:
هدفت الدراسة إلى التعرف على مدى تهيئة بيئة العمل للأشخاص ذوي الإعاقة ومستوى الأداء المهني للموظفين العاملين في مختلف قطاعات العمل الحكومي والخاص بدولة الامارات العربية المتحدة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، قام الباحث بإعداد أداتين للدراسة وهما عبارة عن استبانتين إحداهما للتعرف على مدى تهيئة بيئة العمل، والثانية لقياس أداء الموظفين ذوي الإعاقة، وتم التأكد من صدق الأداتين عن طريق حساب ارتباط الفقرات بالدرجة الكلية لكل أداة، وكذلك عن طريق صدق المحكمين، ومن حيث الثبات فقد تم التحقق منه عن طريق معامل الاتساق الداخلي كرونباخ ألفا والذي بلغ (0.93) للأداة الأولى، و(0.92) للأداة الثانية.
وقد تم توزيع أداوت الدراسة على عينة مكونة من (72) بيئة عمل يعمل بها موظفون من ذوي الإعاقة، وعلى (107) موظف من ذوي الإعاقة، وبعد تحليل استجابات العينة عن طريق الحاسوب باستخدام البرنامج الإحصائي SPSS، تم الإجابة عن أسئلة الدراسة الرئيسية، وفحص فرضيات الدراسة الصفرية، والتي أظهرت نتائجها أن غالبية بيئات العمل التي يعمل بها الأشخاص ذوو الإعاقة هي مناسبة ومعدلة لهم، حيث أن أكثر بيئات العمل تعديلاً هي بإمارة رأس الخيمة ودبا الفجيرة، وأن أداء الأشخاص ذوي الإعاقة في بيئة العمل هو أداء عال ويوفي بمطالب المهن التي يعملون بها، وأن ذوي الإعاقة البصرية والإناث هم الأعلى أداءً.
وبناءً على النتائج التي توصلت لها الدراسة، قدم الباحث مجموعة من التوصيات أهمها: الاهتمام بالتسهيلات اللازمة للمعاقين في بيئات العمل التي يعملون بها، وخاصة تلك المتعلقة بذوي الإعاقات السمعية والبصرية، وخاصة في إمارتي عجمان والفجيرة، وإجراء التعديلات اللازمة على المهنة لتلائم الموظفين ذوي الإعاقة، وتقديم التدريب على رأس العمل لهم.
المقدمة:
أثبت الأشخاص ذوو الإعاقة أنفسهم في بيئة العمل، وبدأت القطاعات الحكومية والخاصة في دول عديدة تشغيل هذه الفئة، بعد عقود طويلة من التردد في خوض هذه التجربة، ولعلَّ مرد هذا التخوف هو الإتجاهات السلبية التي حملتها المجتمعات نحو هذه الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي مفادها عدم قدرتهم على المنافسة وقلة الانتاج، وكلفة التعديلات البيئية اللازمة لهم في أماكن العمل.
لكن هذه النجاحات المتتالية للأشخاص ذوي الإعاقة في أماكن العمل، لا تعني بالضرورة عدم وجود مشكلات لا تزال تواجههم في وظائفهم، ولعل من بين هذه المشكلات التي تؤثر على أدائهم المهني هي المتعلقة بالبيئة المؤهلة، ذات الشروط والمواصفات التي تناسب الموظفين المعاقين تبعاً لإعاقاتهم، إضافة إلى التعديلات الواجب إجراؤها على الأعمال والمهام التي يزاولونها، وسهولة الوصول إلى مكان العمل والتنقل فيه بيسر، والتواصل مع الزملاء والمحيطين.
وتعتبر بيئة العمل المناسبة للمعاقين من حيث عواملها المادية والبشرية، أمراً مساعداً في التكيف والاستقرار المهني، حيث يحتاج المعاق ذهنياً إلى توفر عناصر الأمان والسلامة والمهنية، وإجراء بعض التعديلات على بيئة العمل لتناسبه. ومن أهم العوامل التي تواجه تشغيل الأشخاص المعاقين هي عدم التأهيل والتعليم المناسب لهم، والذي ينسجم مع سوق العمل ومتطلباته المتسارعة التي دخلت فيه عناصر التكنولوجيا، حيث يعتبر الأشخاص المعاقون من الفئات الأقل حظاً في توفير التعليم المناسب لهم، فنسبة الأطفال الذين يكملون خمس سنوات تعليمية في جنوب آسيا هي 57% فقط، أما في شرق آسيا والباسيفيكي فإن نسبتهم هي 85%، وفي منطقة آسيا ومنطقة الباسيفيكي ككل، هناك فقط ما نسبته 5% من الأطفال المعاقين يلتحقون بالمدارس (هيرون وموري، 1997).
ويمثل التشغيل بالنسبة للمعاق قمة العملية التأهيلية ومحصلتها بعد فترة طويلة من التعليم والتأهيل لاكتساب مختلف المهارات المعرفية والمهنية، حيث يساعد التشغيل في تحقيق الشخص المعاق لذاته ونموه النفسي والاجتماعي السليم، وكسب دخل يضمن له مستوى معيناً من المعيشة، والمساهمة في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلده، إضافة لما يحققه التشغيل من ادماج له في مختلف مناحي الحياة ( الزعمط، 1992).
ويصل مستوى البطالة عند الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية الذين هم في سن العمل إلى 58% على الرغم من امتلاك الكثير من هؤلاء الأشخاص القدرة والرغبة في العمل، وقد كان هناك جدل حول حق المعاقين ذهنياً في تساوي فرص التوظيف مع غير المعاقين، لأن هذا الحق في الحصول على العمل لا ينبغي أن يتحول إلى مجرد عملية إلزام لأصحاب العمل دون قناعاتهم بقدرات وحق هذا المعاق في عملية التشغيل، وأن هذا الحق يتضمن تساوي الفرص، وكذلك إجراء التعديلات المعقولة على بيئة العمل، وحق المعاق عقلياً في العمل دون تمييز Weihe & Stanford, 1997) )، ويفيد وايل وستانفورد Weihe & Stanford, 1997) ) إلى أن مستويات البطالة لدى الأشخاص المعاقين تصل إلى مستويات أعلى من غيرهم، حيث تصل في بعض الأحيان إلى 58%.
وتختلف مستويات البطالة بين أنواع الإعاقات، فهي مرتفعة عند الإعاقات الذهنية والمرضى النفسيين، ففي بريطانيا يقدر بأن 75% من المرضى النفسيين الذين هم في سن العمل لا يعملون، ومن أهم أسباب ارتفاع البطالة بين ذوي الإعاقات هو المستوى المتدني من التعليم والتدريب ونقص الوعي عند أصحاب العمل بحاجات وقدرات المعاقين، وعدم كفاية الدعم الشخصي والتقني للشخص المعاق في بيئة العمل Murray, 1997)& (Heron.
ونظراً لأهمية العمل بالنسبة للشخص المعاق، وما له من تأثير إيجابي عليه من النواحي النفسية والاجتماعية، ومن أجل تخفيف مستوى البطالة بين صفوف الأشخاص ذوي الإعاقة وإتاحة المجال لهم للإنخراط في بيئة العمل التنافسي، فلا بد من تهيئة بيئات العمل المناسبة والمشجعة على الأداء.
إن بيئة العمل المؤهلة من شأنها التأثير إيجاباً على أداء الفرد المعاق وإثباته لنفسه في مكان العمل، كما أنها تساعد في استقراره المهني ومنع تسربه من العمل، حيث إن التسهيلات التي يتم اجراؤها من شأنها المساعدة في تكيفه المهني واستقراره النفسي وزيادة انتاجيته، ولعل من أهم التعديلات المطلوبة هي تلك التي تيسر وصول الشخص المعاق إلى مكان العمل، وتضمن تنقله في أروقته ومرافقه، إضافة إلى التعديلات على الأجهزة والأدوات التي يستخدمها، والدعم الفني والمهني من المشرفين وزملاء العمل.
لذلك، فقد تم إجراء هذه الدراسة للتعرف على مدى تهيئة بيئات العمل التي يعمل بها الأشخاص ذوو الإعاقة في دولة الامارات العربية المتحدة، والتعرف على أداء الموظفين ذوي الإعاقة في هذه البيئات، من أجل تقديم توصيات للجهات العاملة بمجال تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، للمساعدة بالارتقاء بمستوى بيئات العمل، لتصبح داعمة ومشجعة لتشغيل المعاقين، وبالتالي رفع مستوى كفاءتهم المهنية.
نتائــج الدراســـة
تم تحليل استبانة فحص بيئة العمل بعد تطبيقها على (72) مكانا يعمل فيه الأشخاص ذوو الإعاقة في دولة الامارات العربية المتحدة، واحتساب النسب المئوية لمدى ملاءمة بيئات العمل للأشخاص ذوي الإعاقة.
وبعد تحليل النتائج ظهرت تصنيفات بيئات العمل حسب ملاءمتها للأشخاص ذوي الإعاقة على النحو التالي:
تصنيفات بيئات العمل حسب ملاءمتها للأشخاص ذوي الإعاقة
ما مستوى أداء الموظفين المعاقين في بيئات العمل؟
ومن أجل معرفة أداء الموظفين ذوي الإعاقة في بيئة العمل، فقد تم تحليل استبانة أداء الموظفين المعاقين بعد تطبيقها على (107) أشخاص موظفين من ذوي الإعاقة في دولة الامارات العربية المتحدة، واحتساب النسب المئوية لمدى ملاءمة بيئات العمل للأشخاص ذوي الإعاقة،وبعد تحليل النتائج ظهرت تصنيفات أداء الموظفين ذوي الإعاقة في بيئة العمل على النحو التالي:
تصنيفات أداء الموظفين ذوي الإعاقة في بيئة العمل
يتضح من الجدول السابق والرسم البياني الذي يليه أن (81.3%) من الموظفين المعاقين قد حصلوا على تقدير ممتاز في أدائهم الوظيفي، وذلك تبعاً لتقديرات المشرفين المسؤولين عنهم، وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً على قدرة الشخص المعاق على العمل والمنافسة في سوق العمل المفتوح، سواء في القطاعات الحكومية أو الخاصة، حيث أن قلة منهم تمثل (7.5%) فقط قد حصلوا على تقدير (C)، وهذه النتيجة تدعم حق المعاقين في التشغيل، والتي أقرَّتها لهم الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين، والقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 في شأن حقوق المعاقين، وأن عملية التشغيل لا بد أن تخرج من منظور التعاطف مع الشخص المعاق، والتعامل معها كمسألة حقوقية، حيث لا يقل أداء الشخص المعاق في بيئة العمل عن الشخص غير المعاق، إذا توفرت له التعديلات البيئية الملائمة التي لا تعيق أداءه الوظيفي.
نتائج الفرضية الصفرية الأولى: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (ألفا = 0.05) في مدى توفر التعديلات للمعاقين في بيئة العمل تبعاً للإمارة
ومن أجل فحص هذه الفرضية الصفرية، تم استخراج المتوسطات الحسابية لإجابات عينة الدراسة، واستخدام اختبار تحليل التباين الأحادي ANOVA لفحص دلالة الفروق بين هذه المتوسطات، وكانت النتائج المختصرة كالتالي:
المتوسطات الحسابية لمستوى التعديلات في بيئة العمل تبعاً للإمارة
(A)توزيع المؤسسات التي حصلت على تقدير تبعا ً للإمارة
نتائج الفرضية الصفرية الثانية: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (ألفا = 0.05) في أداء الموظفين المعاقين في بيئة العمل تبعاً لنوع الإعاقة.
ومن أجل فحص هذه الفرضية الصفرية، تم استخدام اختبار كاي تربيع Chi Squareلفحص دلالة الفروق بين حصول الأشخاص العاملين من ذوي الإعاقة على درجات تقييم أدائهم في بيئة العمل (A, B, C)، وكانت النتائج المختصرة كالتالي:
توزيع العاملين ذوي الإعاقة الحاصلين على تقدير (A) تبعاً لنوع الإعاقة
نتائج الفرضية الصفرية الثالثة: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (ألفا = 0.05) في أداء الموظفين المعاقين في بيئة العمل تبعاً لسنوات العمل
ومن أجل فحص هذه الفرضية الصفرية، تم استخراج المتوسطات الحسابية لإجابات عينة الدراسة، واستخدام اختبار تحليل التباين الأحادي ANOVA لفحص دلالة الفروق بين هذه المتوسطات، وكانت النتائج المختصرة كالتالي:
الرسم البياني (10)
المتوسطات الحسابية لأداء الموظفين المعاقين في بيئة العمل تبعاً لسنوات العمل
نتائج الفرضية الصفرية الرابعة: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (ألفا = 0.05) في أداء الموظفين المعاقين في بيئة العمل تبعاً لنوع المعاق (ذكر، إنثى)
ومن أجل فحص هذه الفرضية الصفرية، تم استخدام اختبار كاي تربيع Chi Squareلفحص دلالة الفروق بين حصول الأشخاص العاملين من ذوي الإعاقة على درجات تقييم أدائهم في بيئة العمل (A, B, C)، وكانت النتائج كالتالي:
توزيع العاملين ذوي الإعاقة الحاصلين على تقدير A تبعاً للنوع
التوصيات:
بناء على نتائج الدراسة الحالية، يوصي الباحث بما يلي:
- على المؤسسات العاملة في مجال تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالدولة توفير مشرفين ميدانيين في أماكن العمل، للمساعدة في استقرار العاملين مهنياً، وتطوير أدائهم المهني ودافعيتهم نحو العمل.
- الاهتمام بالتسهيلات اللازمة للمعاقين في بيئات العمل التي يعملون بها، وخاصة تلك المتعلقة بذوي الإعاقات السمعية والبصرية، من أجهزة تقنية ولوحات إرشادية وغيرها، وخاصة في إمارتي عجمان والفجيرة.
- إجراء التعديلات اللازمة على المهنة والمهام المطلوبة من الموظف المعاق في بيئة العمل، وذلك بما يتناسب مع قدراته الجسدية والعقلية واهتماماته.
- مراعاة أصحاب العمل والمديرين لأشكال التمييز الإيجابي للعاملين ذوي الإعاقة، والتي ترتبط بطبيعة حالتهم الصحية وإعاقاتهم، من أجل تحسين جودة أدائهم المهني وانتمائهم للعمل.
- تقديم التدريب على رأس العمل للعاملين من ذوي الإعاقة، وتزويدهم بآخر المستجدات المتعلقة بمهنهم، وآليات التعامل مع بيئة العمل بعناصرها المادية والبشرية.
- تعزيز دور ومكانة المرأة المعاقة في سوق العمل، بتوفير كل سبل التأهيل المهني المناسب والدعم الميداني لها، وإتاحة فرص النمو والترقي المهني.
- التركيز على تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية قبل وأثناء عملية التشغيل، والتناغم بين البرامج التدريبية المقدمة لهم ومتطلبات سوق العمل، واعتماد التوظيف المدعوم كأحد أهم هذه البرامج التدريبية المهنية.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011