إعداد : اختصاصي النطق واللغة أحمد هاشم
تعتبر الإعاقة السمعية من الإعاقات التي تؤدي إلى تأخر في النمو عند الطفل خاصة على مستوى النمو اللغوي والمعرفي والأكاديمي، حيث تمثل صعوبة أمام الطفل في اكتساب المعارف اللغوية ومعالجتها بالنسبة للجانب المعرفي خلال المراحل التي يمر بها الطفل من الميلاد وصولاً إلى مرحلة الدراسة. ومع التطور التكنولوجي وظهور تقنيات موجهة لهذه الفئة مثل زراعة القوقعة والمعينات السمعية ظهر توجه ونهج تربوي جديد ألا وهو الدمج الكلي للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في مدارس السامعين.
ومن أبرز الأنشطة التي يجد التلميذ ذو الإعاقة السمعية صعوبة فيها نشاط القراءة الذي يُعتبر من الأنشطة والمهارات الأساسية للتعلم في المدرسة، ويتطلب تكامل مجموعة من المهارات لضمان النجاح فيه ومن أهمها الوعي الفونولوجي الذي يعتبر هو الآخر نشاطاً غير مكتسب أو ضعيفاً عند هذه الفئة، حيث يقوم الوعي الفونولوجي على معالجة الوحدات الفونولوجية والتعرف عليها.
مفهوم الوعي الفونولوجي:
الفونولوجيا أو علم الأصوات هو أحد مجالات أو مكونات أية لغة من اللغات، حيث يختص بدراسة كل ما يتعلق بأصوات اللغة.
لهذا فإن الوعي الفونولوجي يعني :
امتلاك القدرة على معرفة أماكن إنتاج الأصوات اللغوية، وكيفية أوآلية إخراج هذه الأصوات، والكيفية
التي تتشكل فيها هذه الأصوات مع بعضها لتكوين الكلمات والألفاظ مع القدرة على إدراك التشابه والاختلاف
بينها، سواء جاءت مفردة أو ضمن الكلمات والتعابير اللغوية المختلفة.
مفهوم العسر القرائي (الديسلكسيا) :
هو صعوبة تعلم خاصة عصبية المنشأ، وتتميز بمشكلات في دقة أو سرعة التعرف على المفردات والتهجئة السيئة. وهذه الصعوبات تنشأ في العادة من مشكلة تصيب المكون الفونولوجي (الصوتي) للغة ودائمًا غير متوقعة عند الأفراد إذا قورنت بقدراتهم المعرفية الأخرى، مع توفر وسائل التدريس الفعالة، والنتائج الثانوية لهذه الصعوبات قد تتضمن تحديات في القراءة والفهم وقلة الخبرة في مجال القراءة، مما يعيق نمو المفردات والخبرة عند الأفراد”
العلاقة بين الوعي الفونولوجي والعسر القرائي (الدسلكسيا)
كشفت نتائج العديد من الدراسات عن قصور لدى الأشخاص ذوي العسر القرائي فيما يخص الوعي الفونولوجي، ومن هذه الدراسات على سبيل المثال دراسة (كازليس وآخرين 2004م) التي توصلت إلى ضعف الوعي الصوتي لدى أطفال المرحلة الابتدائية، حيث وجدوا أن الأطفال الذين دُرِّبوا على نشاطات وعناصر الوعي الفونولوجي حققوا تقدمًا عاليًا في القراءة مقارنة بالأطفال الذين لم يدربوا.
ويذكر الزيات (1998) أن الطلاب ذوي صعوبات التعلم يواجهون تحديات في المهارات الفونولوجية phonological الأساسية اللازمة لإدراك العلاقة بين صوت الحرف وإدراكه كرمز.
كما أشارت دراسة ADAMS (1990) إلى أن 15% تقريباً من صعوبات القراءة تكون بسبب الضعف في الوعي الفونولوجي، وبالتالي يحتاج الأشخاص ذوو صعوبات تعلم القراءة إلى تنمية وتدريب هذه المهارة.
أهمية الوعي الفونولوجي في تعلم القراءة والكتابة
- تطور القراءة والكتابة يعتمد على مهارات لغوية وذهنية مثل الوعي الصوتي، معرفة الحروف، وتركيب الأصوات مع القدرة على التعرف السريع على الكلمات المكتوبة.
- تتألف اللغة المحكية من مجموعة أصوات. هذه الأصوات تؤلف مجموعة من المقاطع كي تصبح كلمات. نستطيع بهذه الكلمات تركيب الجمل.
- الوعي الصوتي هو القدرة على فهم أن الكلمة المحكية هي مجموعة من الأصوات وهي القدرة على الاستماع، التعرف، والتلاعب بالأصوات.
- للوعي الصوتي أهمية بالغة في القراءة والكتابة ويعتبر من أسس تعلم اللغة المكتوبة. يمر الطفل بعدة مراحل فعليه أن يدرك أن الجمل تتألف من كلمات وأنه يستطيع تفكيك الكلمات إلى مقاطع ومن ثم إلى أصوات. أي خلل على هذا المستوى يؤدي إلى صعوبات في قراءة الكلمات بطريقة سليمة.
- في بداية تعلم الطفل للقراءة، تعتبر جميع الكلمات جديدة إلى أن تتكرر أمامه وتصبح صورة في دماغه يستطيع أن يقرأها خلال برهة. كلما كان الطفل حساساً أكثر للأصوات الذي تؤلف الكلمات كلما تمكن من توسيع دائرة رصيد اللغة المكتوبة وبالتالي زيادة سرعته في القراءة.
أما الأطفال ذوو الصعوبات في الوعي الصوتي، سيواجهون تحديات في تحليل الكلمات مما يؤدي إلى بطءٍ في القراءة وإلى أخطاء كحذف بعض الأحرف وبالتالي عدم فهم ما يقرؤونه. فقراءة الكلمات بدقة وسرعة تعتبر عاملاً أساسياً في فهم المقروء. فالقراءة هي تحليل الرموز الكتابية وربطها بأصواتها المناسبة لإصدار الكلمات وفهمها. أما الكتابة فهي استقبال سمعي للوحدة الصوتية من ثم تحليل هذه المدخلات السمعية وترجمتها إلى رموزها الكتابية المناسبة.
وفي دراسة لمصطفى (2018) ذكر أن القراءة نظام معقد لاستخلاص المعاني من الرموز المطبوعة، وقد حددوا عدداً من القدرات المرتبطة بذلك النظام هي:
- معرفة كيفية ارتباط الوحدات الصوتية وأصوات الكلام بالرموز المكتوبة.
- القدرة على فك رموز الكلمات غير المألوفة.
- القدرة على القراءة بطلاقة.
- توفير المفردات اللغوية والمعلومات والخلفيات الأساسية الكافية لتعزيز فهم المقروء.
- توظيف استراتيجيات فعالة تناسب بناء المعنى من الرموز المكتوبة.
- الحفاظ على الدافعية للاستمرار في القراءة.
ما الحل إذا ؟
يجب تدريب الطفل ذي العسر القرائي على المهارات الفونولوجية المختلفة. وسنقوم بذكر وشرح بعضها على سبيل المثال لا الحصر…..
تقسيم الجمل إلى كلمات:
من المهم جدًا للأطفال الذين يدخلون المدرسة معرفة أن الجمل مكونة من كلمات، وهي المرحلة الأولى في التحليل، كي يستطيع الطفل معرفة أن الكلمة مكونة من مجموعة من الفونيمات، وإدراك أن لكل كلمة حدود سمعية صوتية في مراحل تعلم القراءة الأولى حيث يعتبر ذلك مؤشرًا قويًا على الأداء القرائي في المراحل اللاحقة.
وقد ينجح الأطفال بشكل أفضل في تقسيم الجمل التي تتضمن كلمات أساسية كالأسماء والأفعال أكثر من الكلمات الوظيفية (أسماء الإشارة، حروف الجر،…..).
تقسيم الكلمات إلى مقاطع:
إن مقدرة الطفل في مستوى رياض الأطفال على تقسيم الكلمة إلى مقاطعها، يمكن استخدامها كمؤشر على الأداء القرائي في الصف الأول، وتقسيم الكلمات إلى مقاطع أسهل من تقسيمها إلى فونيمات.
التنغيم:
يوصف التنغيم على أنه أحد مجالات اللعب باللغة، والتي تعطي مؤشرًا على قدرة الطفل على التحكم بالمجال الصوتي للغته، كما أن القدرة على الإتيان بكلمات لها نفس النغمة يعتبر مؤشرًا على النجاح في القراءة مستقبلًا، ويساعد التنغيم الأطفال على زيادة الوعي بأصوات اللغة مما يسهل عملية الترميز (ربط صورة الحرف بصوته والعكس). كما يعلم التنغيم الطفل على وضع وتصنيف الكلمات مع بعضها اعتمادًا على أصواتها، مما يسهل عليه عملية التعميم، وبالتالي يقلل عليه عدد الكلمات التي يجب أن يتعلم قراءتها.
ومن جهة أخرى يعلم التنغيم الطفل القدرة على الربط بين الخصائص والصفات التي تنظم أنماط ترابط الحروف في الكلمات باللغة، وقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن الطلاب الذين يتلقون خدمات علاج النطق واللغة من ذوي اضطراب الوعي الفونولوجي يستفيدون من تدريبات التنغيم المباشرة، كما بينت الدراسات أن الأطفال الذين علموا قوانين التنغيم والربط بين الأصوات والحروف أظهروا تقدمًا عاليًا في مهارتي القراءة والتهجئة، كما أنهم استمروا في هذا التقدم.
المزج الصوتي
هو القدرة على مزج الأصوات بعضها مع بعض، ويعتبر مهارة مهمة جدًا للقارئ المبتدئ. والمزج الصوتي يُحضر الطفل للتعرف على الكلمة بعد أن ينطق أصواتها أو تنطق أمامه هذه الأصوات.
وهو يساعد على ظهور (الأوتوماتكية) في ربط الأصوات بعضها مع بعض وهو عنصر ضروري للنمو القرائي فقد بينت الدراسات أن الأطفال الصغار يتعلمون ربط الأصوات ومزجها بشكل أسرع من تعلم تقسيم أصوات الكلمة؛ لهذا فإن تمارين المزج الصوتي تقدم لهم قبل تقسيم الكلمات.
تقسيم الكلمات إلى أصواتها:
إن قدرة الطفل على تقسيم الكلمة إلى أصواتها اللغوية هي آخر مستويات التحليل اللغوي، وهنالك علاقة قوية بين وعي الطفل بأصوات الكلمة والقدرة على القراءة، والنشاطات الأساسية لتعليم تقسيم الكلمة إلى أصواتها اللغوية هي:
- نطق أصوات الكلمة (كل صوت على حدة).
- معرفة ونطق الصوت الأول والأخير أو كليهما (معرفة الصوت وموقعه).
- القدرة على نطق أصوات الكلمة، كل صوت بشكل مفرد فقط من مجرد الاستماع لها.
الحذف
يتم حذف جزء من الكلمة ويتم نطق الجزء المتبقي.
مثال: لو حذفنا {بوت} من كلمة عنكبوت، ماذا يبقى؟
الإبدال
يتم التدريب على إبدال صوت مكان صوت.
مثال: كلمة {فار} لو حذفنا ال {ف} ووضعنا “ض” ماذا ستكون؟
ولو حذفنا ال{ر} ووضعنا{ض} ماذا ستكون؟
الحكم على الأخطاء الفونولوجية للآخرين
يتم التدريب على أن يدرك المتدرب الخطأ في صوت يواجه فيه صعوبة، إن كان يواجه صعوبة في حرف / س/ يعرض عليه الاختصاصي صورة “سماء” ويقول له هذه صورة (تما) صح ؟
ومرة أخرى هذه (سما) صح؟
المراجع
– ASHA(American Speech-Language-Hearing Association)
– Hearing Intervention program From A to Z
– Jish Aural /oral Rehabilitation Activities & skills
اختصاصي نطق ولغة في روضة الأمل للصم