إعداد الاختصاصية الاجتماعية / أ. مي عبد الله الرئيسي
رعاية فرد لآخر، أو جماعة لأخرى، حقيقة من الحقائق التي عرفتها الإنسانية. وتعد الأسرة من أهم المصادر التي تقدم الرعاية والاهتمام للأفراد أو للشخص ذي الإعاقة بشكل غير رسمي لضرورة ذلك، وهي أكثر خبرة في التعامل مع ابنها وحمايته من المخاطر ضمن المنزل أو خارجه في ظل التغيرات من حوله، فالمنزل بالنسبة إليه ليس مجرد جدران وأثاث، بل هو ساحته وملعبه واستقراره الخاص، الذي يمارس فيه جميع نشاطاته، فهو يراه مكاناً للاستكشاف والتجربة، لذلك على الأسرة أن تختار شكل ومحتويات وتقسيم المنزل بما يحقق الأمن والسلامة لابنها ذي الإعاقة أو من غير ذوي الإعاقة.
الوقاية من الحوادث التي قد يتعرض لها الشخص ذو الإعاقة سواءً من خلال حوادث اللعب أو حوادث المنزل أو حوادث المرور أو حوادث الشواطئ أو الحدائق، هي من مسؤولية الأسرة أولاً. فهنا يكمن دور أفراد الأسرة ” الأب والأم والأخوة” في حماية الشخص ذي الإعاقة من المخاطر، حيث يتم تقسيم الواجبات بين جميع أفراد الأسرة، والشخص ذو الإعاقة أيضاً لا يُعفى من واجباته المنزلية أو الشخصية التي تقع ضمن حدود قدراته ولا تشكل خطراً عليه.
إذاً، لا بد من ملء وقت فراغ الشخص ذي الإعاقة من خلال تنمية مهاراته وممارسة هواياته، وعلى الأسرة في هذه الحالة توفير الأدوات غير الحادة التي لا تعرضه للخطر، والعمل معه على تطوير هذه المهارة وتشجيعه على ممارسة هوايته، كما يجب على الأسرة تجنب انفراد الشخص ذي الإعاقة بنفسه بل لابد من وجود مساند من أفراد الأسرة برفقته دائماً لتشجيعه، والابتعاد عن محاولة التأديب العنيف والتأنيب لئلا تتأثر شخصيته.
وقد تواجه أسرة الشخص ذي الإعاقة عدة مشكلات وتحديات بسبب “الإعاقة” ونوعها بشكل مباشر أو غير مباشر مما قد يعرض الشخص ذا الإعاقة للخطر، لذا لابد من توفير بيئة تتوفر فيها جميع سبل الراحة والسلامة، حيث أن هناك حوادث كثيرة قد تتربص ” بفلذات أكبادنا” ومن أبرزها:
أولا : مخاطر السيارات
على الأسرة أن تؤمن جلوس أبنائها في المقعد الخلفي طبقاً للأنظمة المرورية وبوجود مرافق دائم مع الشخص ذي الإعاقة مع ضرورة الالتزام بوضع حزام الأمان، والتأكد من قفل الأبواب الخلفية بإحكام أو استخدام السيارات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة أثناء التنقل، وضرورة التأكد من عدم وجود أطفال خلف السيارة أو حولها قبل تحريكها، والحرص على إخفاء وإبعاد مفتاح السيارة عن الأبصار وألا يترك في متناول اليد، وألا تترك السيارة في وضع التشغيل وهو داخلها لوحده.
ثانيا : مخاطر السقوط والاصطدام
لا تترك الشخص ذا الإعاقة بمفرده فوق الأسطح العالية أو المرتفعة كالسرير أو “الكنبة” إلا وهو في وضع مؤمن تماماً ، مع مراعاة عدم اصطدامه بالحواف الحادة في المنزل والممرات، من خلال وضع حماية على رأسه بارتدائه خوذة الرأس أو من خلال تأمين الأرضيات والممرات والحواف الحادة بالقطع البلاستيكية و الاسفنجية وذلك لحمايته من أي إصابة بليغة أو بسيطة ، مع ضرورة إحكام الأبواب جميعها سواءً المؤدية إلى المطبخ أو الحمامات أو الدرج أو الأسطح ووضع الحواجز إن لزم الأمر، وكذلك يجب على الأسرة إحكام إغلاق النوافذ واتباع سبل الحماية المعتمدة من الدفاع المدني حرصاً على سلامته لذا على الأسرة أن تختار شكل وتقسيم المنزل المناسب والأكثر أماناً.
ثالثا : مخاطر الغرق
مع دخول فترة الصيف كل عام تنتشر حالات الغرق التي قد يتعرض لها الأطفال إما بسبب ارتياد الشواطئ أو المسابح، فقد يتعرض الشخص ذو الإعاقة للغرق إذا ترك بمفرده في المسابح أو على الشواطئ، وحالات الغرق لا تكون فقط في المسابح والشواطئ، وإنما من خلال الحوادث التي قد يتعرض لها في المنزل مثلاً أثناء الاستحمام واللعب بالماء، لذا على الأسرة عدم تركه بمفرده ولو لدقيقة بل يجب وضعه تحت المراقبة الدائمة مع الحرص على إغلاق الحفر التي فيها مياه، أو دلاء الماء، أو أحواض الاستحمام والمسابح المنزلية.
رابعا : مخاطر الحروق
الحروق من أسوأ الحوادث التي قد تصيب الشخص وذلك لما تسببه من الألم والأثر الدائم الذي قد تتركه مدى الحياة ما قد يؤثر على صحته النفسيّة فيما بعد، لذا لا بد أن تكون الأسرة أكثر حرصاً من خلال إبعاده عن مصادر النّار بشكل مطلق فلا يجوز مثلاً أن يدخل المطبخ أثناء الطّهي، وفي حال رغبته بذلك على الأسرة أن تخصص وقتاً كافياً لتنفيذ رغباته بما يتناسب مع قدراته كإعداد طبق حلوى أو سلطة، مع ضرورة إبعاده عن الأواني و الأشياء الساخنة، وكذلك قد يصاب الشخص بالحروق من خلال المدفأة أو المكواة أو الفحم أو البخور أو سخانات الماء أثناء الاستحمام . فعند الانشغال بأعمال المنزل يجب أن يتم تأمين مرافق للشخص ذي الإعاقة ومن غير ذوي الإعاقة وخاصة الأطفال، وأن يترك في مكان آمن، دون أن ننسى وضع خطة للنجاة في حال اندلاع الحريق في المنزل أو البناية وإبلاغ الجهات المعنية بوجود شخص ذي إعاقة في المنزل مع ضرورة اتباع التعليمات.
خامسا : مخاطر الاختناق والتسمم
قد يتعرض الشخص ذو الإعاقة للاختناق بسبب الإعاقة، أو بسبب قدراته المحدودة، لذا على الأسرة عدم ترك القطع الصغيرة أو المكسورة، وألعاب البازل أو القطع المرتخية أمامه ولو لثوانٍ دون مراقبة، سواء داخل المنزل أو خارجه أثناء اللعب، فبمعرفة الأسرة ما يمكن شراؤه من الألعاب ومن خلال اكتسابها لبعض الأفكار البسيطة للاستخدام الآمن للألعاب، يمكن تجنب المشاكل قبل حدوثها.
وهناك حالات اختناق تحصل للشخص ذي الإعاقة أثناء تناول الطعام فإذا كان لا يستطيع بلع الطعام بشكل صحيح يجب على الأسرة أن تقدم له الطعام المهروس مع مراعاة هرسه بشكل جيد والتأكد منه قبل إطعامه، وبما يتعلق بالمواد الكيميائية والأدوية ومساحيق التنظيف يجب على الأسرة أن تبعدها عن متناول اليد أو البصر، وأن تحفظها في خزائن مغلقة الإحكام، وعدم وضع سوائل التنظيف في زجاجات الشرب أو الماء مع ضرورة التخلص من أي مادة أو دواء لا تحتاجه، فالحرص على قراءة صلاحية المنتجات والتأكد منها ومن صحتها وعدم تعرضها للتلف من مسؤوليات الأسرة.
هذه بعض الحوادث التي قد يتعرض لها الشخص ذو الإعاقة في المنزل، وإن حمايته من المخاطر مسؤولية الأسرة أولاً، ومن مسؤولياتها أيضاً قراءة الملصقات التحذيرية التي تضم معلومات مهمّة حول كيفية الاستخدام، وتوفير أماكن لتخزين المنتجات الخطرة إذ يفضل وضعها في رفوف خاصة بالتخزين أو على رفوف مرتفعة أو وضعها في خزائن خاصة يصعب الوصول اليها. ولا بد من الانتباه لتعامل الأشخاص ذوي الإعاقة مع الأجهزة المنزلية كالثلاجات والخزائن التي تثير فضولهم للحؤول دون أن تسقط عليهم، وعدم السماح لهم باللعب بأعواد الثقاب أو الحبال أو الخيوط أو الأشرطة أو الأسلاك دون مراقبة، مع ضرورة تركيب حماية للأبواب لتجنب إغلاقها على الأيدي، وكي يبقى المنزل آمناً لابد من تركيب أنظمة الحماية المنزلية مثل الكاميرات المراقبة باستمرار.
مي عبد الله الرئيسي
[email protected]
- اختصاصية اجتماعية في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من يونيو 2014 حتى الآن)
- حاصلة على بكالوريوس في الآداب علم الاجتماع، جامعة الشارقة 2010 – 2011
- حاصلة على دبلوم الإرشاد الأسري، جامعة الشارقة 2015 – 2016
- مقرر مجلس الاختصاصيين الاجتماعيين منذ 2019
- عضو سابق في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة (حملة سلامة الطفل 2014 – 2015)
- عضو في جمعية الشارقة الخيرية منذ عام 2019 حتى تاريخه
- عملت اختصاصية اجتماعية في دائرة الخدمات الاجتماعية (دار رعاية الأطفال)
- عضو في لجنة تعداد ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
- عضو في فريق الزيارات لحملة كلنا مسؤول بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية