إعداد : الاختصاصية النفسية نوره عبد الله الزرعوني
الفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
تتباين دوافع الأشخاص إزاء العمل، حيث يعمل البعض لتغطية نفقات المعيشة، وشراء أغراضهم المفضلة، أو ادِّخار قدر من المال، والعمل بالنسبة لهم مجرد وسيلة لا أكثر.
وهناك من يرون العمل جزءاً من مسارهم الوظيفي، وفرصة لتطوير الذات والقدرات، وليس مصدراً للراتب الشهري فحسب، حتى أنهم على استعداد للعمل من دون مقابل لتعزيز خبراتهم وقدرتهم على تحمل مسؤوليات جديدة وينشدون المثالية في كل مساعيهم.
اقرأ ايضا: حاجات وحقوق الأشخاص المستأصلة حنجرتهم .. دعوة إلى العمل
وهناك فريق آخر يرى في عمله رسالة سامية تسهم في إحداث أثر إيجابي، والعمل بالنسبة إليه مصدر للفرص والإلهام.
وجميعنا يستشعر الدوافع الثلاثة في مراحل محدَّدة من حياتنا، ولكن ما السبب وراء اختلاف هذه الدوافع؟
اتضح من إجراء مقابلات مع موظفين من قطاعات مختلفة أن العاملين في قطاع الرعاية الصحية هم أكثر من يشعر بالرضا تجاه وظائفهم، وكذلك يفتخر مساعدو المعلمين بمهمَّتهم في دعم المعلم أو المُحاضِر في نقل المعرفة إلى كوادر المستقبل، والسبب في ذلك أن العاملين في كلا المجالين يجدون الإلهام في وظائفهم بفضل الأثر الإيجابي المباشر الذي يتركونه في حياة المحيطين بهم، ومن ثم فإن العمل بالنسبة إليهم رسالة سامية، وليس مجرد تكليف.
مؤشرات الرضا الوظيفي
رغم وجود معادلات واستراتيجيات وأسرار لا حصر لها تساعد المؤسسات على العمل بفاعلية، فإن جميع القواعد ترتبط بجانب أساسي، وهو كيفية التعامل مع الموظفين بما يحقِّق رضاهم ويرفع روحهم المعنوية، ويمكن تحقيق هذا الشرط من خلال ثلاثة مؤشرات أساسية:
• الاستقلالية: كلما نال الموظفون قدراً أكبر من الاستقلال والمسؤولية، زاد فخرهم بعملهم أيّاً كانت طبيعته. امنح موظفيك الحرية الكافية لاتخاذ بعض القرارات المهمة لتعمِّق شعورهم بالثقة والانتماء والاحترام المتبادل في بيئة العمل.
• الاستثمار: تستثمر معظم المؤسسات الناجحة الوقت والجهد والموارد في تنمية مهارات موظفيها. ومن خلال برامج التدريب التنافسية، يستشعر الموظفون جدوى جهودهم ودورهم المهم في تسيير أعمال المؤسسة.
• الرسالة: لا يمكن اختزال رسالة المؤسسة في خطابات الرؤساء التنفيذيين، وإنما يجب أن تكون ملموسة وحاضرة في كل تفاصيل العمل، وعلى مستوى جميع الإدارات والفرق والأفراد والنواتج النهائية.
الإنجاز والإنتاج دون إحباط الموظفين
عندما تقلُّ كفاءة العمل، تنزع المؤسسات إلى تعيين أشخاص جدد بدلاً من التركيز أكثر على تحسين استقلالية الموظفين، ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً. بعض المؤسسات في حال تعرَّضت لضغوط تنافسية مثلاً، تستعين بموظفين أكثر خبرة للإشراف على سير العمل ورفع كفاءة الأداء. ينتج عن ذلك إحباط الموظفين وانخفاض معدَّلات إنتاجيتهم، فتفرض المؤسسة رقابة أكثر تشدُّداً، وهكذا يُستدرج الجميع إلى حلقة مفرغة.
هناك عوامل أخرى تؤدِّي إلى تدهور الأداء وإحباط الموظفين، وهي الرقابة المفرطة التي تجعلهم يشعرون بأنهم لا يستطيعون إنجاز أي عمل مهم معتمدين على أنفسهم فقط، فيشعرون بالعجز والفشل، ومن ثم يفقدون شغفهم ويكفُّون عن المحاولة. رغم ذلك فالرقابة مطلوبة في جميع مجالات العمل، وبخاصة المجالات الحرجة كالصحة والتعليم، ولكن بالقدر المطلوب.
إذا ركَّزت المؤسسات بشكل واعٍ على تحقيق مسبِّبات الرضا الوظيفي في بيئة العمل، فسيبذل الموظفون قصارى جهدهم لتحقيق أهدافها ورسالتها.
تأليف:
باري شوارتز: عالم نفس أمريكي درَّس في كلية سوارثمور بولاية بنسلفانيا، لمدة ثلاثين عاماً.