إعداد : دعاء محمد دريدي
مشرف وحدة التعليم الدامج في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
لدينا جميعًا الحق في الحصول على تعليم جيد مدى الحياة وفي الطريق إلى وظيفة أو مهنة دون تمييز
تضع وزارات التعليم و دوائرها حول العالم مجموعة من السياسات المتعلقة بالتعليم الدامج وفي تقرير صدر عام 1999 حول التعليم الدامج في ثماني دول ، استنتجت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية OECD بأنه لا ضرورة لصف طلبة من ذوي الإعاقة في التربية العامة وتلك حقيقة حيث أن التغيرات المتعلقة بالنواحي التربوية و تطوير المناهج و طرق الدعم المقدم للمدارس من الهيئات الخارجية كنتيجة للممارسات الدامجة تجلب المنفعة لجميع الطلبة على حد سواء ذوي إعاقة أو من غير ذوي الإعاقة فالتعليم الجيد و المنصف هو الطريق إلى العمل والحياة المُرضية ويساعد على الحماية من الفقر والاستبعاد و أن لكل شخص الحق في الحصول على تعليم يتناسب مع احتياجاته ووسيلة للوصول إلى سوق العمل لاستخدام مهاراته و جعل التعليم أكثر شمولاً وفعالية – على جميع المستويات من مراحل الطفولة المبكرة إلى الجامعة – والتوظيف لجعله أكثر سهولة وشمولاً..
اقرأ ايضا: وحدة التعليم الدامج تحتفي بشهر التعليم الدامج
المنظور التاريخي
بحسب إحصاءات الاتحاد العالمي للأشخاص الصم 2020 فإن 70 مليون أصم يوجد حول العالم و 80% منهم يعيشون في البلدان النامية و أشار قرار الجمعية العامة إلى ضرورة الاستفادة المبكرة من التعليم الجيد و الشامل بلغة الإشارة وأن 85% من الطلاب الصم و ذوي الضعف السمعي يتلقون تعليمهم في برامج المدارس العامة و أن 43% منهم يتلقون تعليمهم داخل الصفوف الدامجة في الولايات المتحدة الأمريكية U.S. Department of Education, Office of Special Education and Rehabilitative Services, 2004) ووفقاً لمركز محاسبة البيانات الأمريكي (2008.2011) يقضي نحو 40% من الطلبة ذوي الإعاقة 20% أو أكثر من يومهم في بيئة خارج التربية العامة.
وشارك الباحثون والممارسون في المناقشات حول ما إذا كان الدمج هو الطريقة الصحيحة لتعليم الطلبة ذوي الإعاقة والتفكير في دمج الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس والصفوف النموذجية وانعكاسها على الممارسات المدرسية. و تشير مجموعة من الأبحاث و الدراسات إلى أن الطلبة ذوي الإعاقة يستفيدون أكاديمياً و اجتماعياً من التعليم الدامج و أن الطلبة الذين يتعلمون في بيئات التربية العامة يحصلون على مستويات أعلى في القراءة و الرياضيات من الطلبة ذوي الإعاقة الذين يتعلمون في بيئات خاصة و أن دمج الطلبة ذوي الإعاقة في صفوف التربية العامة يعمل على تقوية الصف ككل و يعمل المعلمون فيها على إنشاء صفوف دراسية يزيد فيها وصول الطلبة إلى الموارد و التكنولوجيا و تنفيذ التمايز و تعليم مهارات التعاون والترابط.
مبررات الإنشاء والحفاظ على المدارس الدامجة
يشير التعليم الدامج إلى حق جميع الأطفال في الوصول إلى المدرسة المحلية والمشاركة والنجاح فيها والتعليم الجيد وهو الطريق إلى العمل والحياة المرضية ويساعد على الحماية من الفقر والاستبعاد وأن لكل شخص الحق في الحصول على تعليم يتناسب مع احتياجات ووسيلة للوصول إلى سوق العمل واستخدام المهارات الشاملة.
ومن أهداف التعليم والنتائج والمواقف و المهارات التي نرغب في أن يمتلكها الطلبة ذوو الإعاقة عند التخرج من المدرسة:
وفي الوقت الراهن لابد أن يستند التعليم إلى افتراض أن المجتمع الحديث مترابط عالمياً ومتعدد الثقافات ومتعدد اللغات ولتحقيق النجاح في هذا المجتمع لابد من تشجيع وتطوير مهارات التواصل والقدرة الإبداعية على حل المشكلات والمهارات الشخصية والمرونة ومهارات خدمة المجتمع. ومع هذه التوقعات والنتائج تغيرت الرؤية من هل يمكن تحقيق التعليم الدامج إلى كيف يمكننا أن نتعلم منه.
مفارقة قانونية
مصطلح الدمج لا يتوفر في قانون تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة IDEA-2004 بل الممارسة الدامجة بموجب بند البيئة الأقل تقييداً (LRE) و ينص القانون على أن جميع الطلبة لديهم الحق القانوني ليتم وضعهم في البيئة الأقل تقييداً .
وتعني أن تقدم الجهات التعليمية تعليم الطلبة ذوي الإعاقة في الصف المدرسي مع الدعم والخدمات المساندة اللازمة جنباً إلى جنب مع أقرانهم من غير ذوي الإعاقة. ولذلك يعتبر صف التربية العامة هو المكان الأول الذي يتم النظر فيه لوضع الطالب ذي الإعاقة.
التوجهات الحديثة في المدارس الدامجة الفعالة تقوم على:
- أن الطلبة ذوي الإعاقة يقضون يومهم الدراسي داخل صفوف التربية العامة
- يتقاسم معلمو التربية الخاصة ومعلمو التربية العامة مسؤولية ضمان تعليم الطلبة ذوي الإعاقة
- تتشارك إدارات المدارس مع المعلمين مسؤولية ضمان حصول الطلبة ذوي الإعاقة على تعليم عالي الجودة
الوضع الحالي
تشير البيانات المتوفرة إلى أن معظم الطلبة ذوي الإعاقة لا يتخرجون من المدرسة الثانوية بالمهارات اللازمة للعمل أو التدريب الذي يعدهم بشكل كاف لحياة ناجحة فعلى سبيل المثال حسب نتائج التقييم الوطني للتقدم التربوي الأمريكي توجد فجوة كبيرة بين تحصيل الطلبة ذوي الإعاقة مقارنة مع أقرانهم من غير ذوي الإعاقة في القراءة و الرياضيات (NAEp,NCD,2011) كذلك تفيد البيانات بأن 11% من طلبة الصف الرابع ذوي الإعاقة بلغوا مستوى الإتقان في القراءة مع نسبة 17% في الرياضيات (NCES,2012a,2012b) و في الواقع فإن عدد الطلبة ذوي الإعاقة الذين يتركون المدرسة يعادل ثلاثة أضعاف أقرانهم من غير ذوي الإعاقة وذلك قبل حصولهم على شهادات التخرج و سيواجه هؤلاء الطلبة توابع تركهم للمدرسة في التعلم و الوظيفة (Feng&Sass,2012) وهذه المخرجات ستترجم فيما بعد إلى نجاح محدود في مرحلة ما بعد الثانوية و بيئة العمل .
ومع ذلك على الرغم من التركيز على التعليم الدامج فإن النتائج الأكاديمية والوظيفية لم تتحسن إلا قليلاً ومازالت في بداياتها وهذا يتوجب البحث عن تطوير كبير في المناهج والبرامج التعليمية للطلبة ذوي الإعاقة للوصول إلى مستوى أكبر من التحسن وتوفير فرص أكبر للنجاح في مراحل ما بعد المدرسة.
وبالتالي لابد من تطوير مدارس دامجة تركز على التحسين المستمر وتستخدم أفضل الممارسات التي تؤدي إلى جودة في تعليم الطلبة.
إذن ليكون التعليم الدامج نهجاً مستداماً لابد أن تكون المدرسة الدامجة مكاناً يمكن لجميع الطلبة الوصول إليه ويمكنهم المشاركة في البيئة التعليمية مع توفر الدعم اللازم من خلال توفر سهولة الوصول والمشاركة والدعم ليحقق الدمج الشامل.
العوامل الرئيسة التي تحقق جودة التعليم الدامج في صفوف التعليم العام
تم تطبيق عدة برامج تعليمية دامجة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وأستراليا وجنوب إفريقيا ومن العوامل التي تسهم في تطوير البرامج التعليمية المخصصة لجميع الطلاب في البيئات التعليمية الدامجة وتطبيق استدامة المدارس الدامجة:
- إنشاء قيادة تعليمية قوية من أجل التعليم الدامج ويتطلب ذلك قائداً متحمساً للرؤية قادراً على بناء إجماع حول توفير تعليم جيد لجميع المتعلمين.
- توزيع الأدوار والمسؤوليات والقيادة وتنمية قادة المعلمين وتطوير عمليات اتخاذ القرار التعاوني.
- المشاركة والتعاون وإعادة تعريف الأدوار حول مفهوم المسؤولية المشتركة.
- ممارسات فاعلة وبيئات تعليمية مرنة وضمان الوصول إلى منهاج التعليم العام.
- تنمية مهنية مستمرة.
- تطوير أنظمة المساءلة وتقييم الفعالية ورصد تقدم الطالب.
- إنشاء توقعات عالية للتعلم مرتبطة بشكل واضح.
- تعزيز أنظمة التعليم وقدراته، وتعزيز الشراكات مع المجتمعات المحلية، والاستفادة من التعاون بين القطاعات.
خصائص المدرسة الدامجة في نظام التعليم الدامج المستدام
- الرؤية في المدرسة الدامجة تشملُ تعريفاً مشتركاً للدمج وشعوراً أصيلاً بالانتماء والالتزام الذي يعني الكل وافتراض الكفاءة لجميع الطلبة لتعليمهم ضمن الصف المدرسي في مدرسة الحي.
- السياسات التعليمية: في المدرسة الدامجة تؤسّس سياسات المدرسة بأكملها ثقافة ترحب بجميع الطلبة باعتبارهم أعضاء ذوي قيمةٍ في المدرسة.
- معلمو الصفوف: في المدرسة الدامجة يمتلك المعلمون كفاءات أساسية لتعليم القدرات المتنوعة للطلبة ويتحقق ذلك من خلال تدريب المعلمين والتركيز على نهج حل المشكلات لدعم المجموعات المتنوعة من الطلبة.
- الاتجاه نحو الوالدين: في المدرسة الدامجة تكون الأُسَرُ “شريكاً” في تعلم أطفالها ومراقبتهم.
- المناهج: في المدرسة الدامجة يستخدم المعلم والمدرسة مناهج تعليمية دامجة تمكن الطلبة من تحقيق أهداف التعلم الحقيقية في سياق المنهج الدراسي العادي.
- التمويل في المدرسة الدامجة: يتم توزيع الميزانية بشكل عادل وتستهدف تلبية احتياجات التعلم وبطرق تعزز الدمج.
- الدعم والموارد: في المدرسة الدامجة يتم تقديم الدعم للطلبة وتلبية احتياجاتهم بطرق سهلة وتوفير موارد الدعم للنظام المدرسي.
- البيئة المبنية: في المدرسة الدامجة تمكن البيئة المبنية الطلبة من مواجهة تحديات التنقل وإزالة الحواجز.
إذن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يمكن لمديري المدارس الاستعداد للتغيرات المطلوبة لإنشاء بيئات مدرسية دامجة؟
إن إنشاء بيئة مدرسية دامجة هو جهد متعدد عبر السنوات مع تحسينات تدريجية مستمرة ويكون من خلال إدراك الحاجة للتغيير عن طريق:
- عرض البيانات الحالية وطرح الثلاثة تساؤلات، من نحن – كيف نفعل مقارنة مع الآخرين – كيف نفعل مقارنة مع الآخرين مثلنا؟
- إبراز الحقائق التي تواجه المدرسة حالياً.
- تشجيع التفكير الذاتي.
- بناء فريق توجيه فعال والتأكد من أن أفراده يعملون معاً وبشكل فعال لإنجاز التغيير.
- إنشاء بيان الرؤية الذي سيقود تصرفات الفريق التوجيهي من خلال عملية التغيير وزيادة فرص تحقيق الرؤية.
- إنشاء خطة عمل والبدء فعلياً في تنفيذ التغيير داخل المدرسة وتمكين الإجراءات.
- اختيار العناصر من الخطة التي يتم تحقيقها بسهولة وسرعة على المدى القصير لأنها تحقق صحة الجهد وتحافظ على مستوى الإلحاح في التغيير.
- مشاركة البيانات التي توضح التقدم العام نحو الدمج مع فريق المدرسة.
وفي الختام لإدخال هذه الاستراتيجيات حيز الممارسة في العديد من المدارس تشير الأدلة المستمدة من هذه البحوث إلى:
- يكون التغيير بشكل منظم وتنتج عنه تغييرات في المدرسة بأكملها.
- الحاجة لدعم التدريب المستمر القائم على الممارسة وتحسين ممارسات المعلم وكفاءة المدرسة.
- التركيز على استراتيجيات المنظمة لدعم بناء القدرات وتطوير مهارات جديدة لدى المعلمين والقادة على حد سواء.
- تطوير الممارسات الإدارية والمؤسسية والتعليمية وتحسين نتائج جميع الطلبة.
المراجع :
- التعليم الدامج الأسس و الإجراءات، الزريقات ، دار الفكر ،الأردن 2020
- Inclusion Strategies that work, Research-based Methods for the classroom,3 edition ,Toby J. Karten ,Corwin, United Kingdom 2015.
- Inclusive education in the era of sustainable development , 050 (2023) E3S Web of Conferences ESMGT 2023 https://doi.org/10.1051/e3sconf/202345105015.
- 15 45 Inclusive Education Initiative: Transforming Education for Children with Disabilities ,The World Bank,2019.
- GUIDANCE NOTE Criteria for the World Bank’s Disability-Inclusive Investment Project Financing (IPF) in Education Updated April 2021.
- European commission Employment, Social Affairs & Inclusion Together for inclusive education and work opportunities