بقلم الاختصاصية الاجتماعية / أ. مي عبدالله الرئيسي
في الصباح، أدير محرك سيارتي متجهة إلى موقع عملي. أصل إليه في الموعد المحدد وأنا بكامل نشاطي وحيويتي وأناقتي، أضع بطاقة العمل فوق الصندوق البلاستيكي المعلق على الحائط لتسجيل بصمة حضوري. ألقي التحية على زملائي، أتجه الى مكتبي ثم أنطلق إلى صالة الطابور لحضور الطابور الصباحي بكل نشاط وحيوية والابتسامة مرسومة على وجهي، أتفقد وأتابع تواجد الطلاب وهم بصحة وسلامة وكذلك الزملاء، أحرص على أن يبدأ اليوم الدراسي وهو خال من التوتر والاستياء من أي أمر قد يزعجهم، ثم أعود إلى مكتبي لمتابعة عملي الاجتماعي.
اقرأ ايضا: لماذا نحن مشغولون كل الوقت؟
في لقائنا اليومي كفريق عمل واحد في المدرسة ومن خلال الاجتماعات الصباحية لمتابعة الأعمال اليومية يحرص كل واحد منا على ذكر ما يشمله جدوله اليومي وهذا يجعلنا خلية متماسكة ومترابطة لتحقيق النجاح ، ثم ننطلق إلى أعمالنا ومن بينها استقبال المراجعين من أولياء الأمور فمنهم من يكون في حالة رضا تام عن الخدمات المقدمة لأبنائهم ذوي الإعاقة فأقوم بتقديم الخدمة لهم بكل أريحية وسعادة ، أما إذا كان ولي الأمر أو المراجع غير راض عما يقدم وفي حالة غضبه أحاول تخفيف هذا الغضب وتهدئته وأسعى جاهدة إلى تقديم أفضل ما يمكن تقديمه لتلبية احتياجات أولياء الأمور من خلال اتباع الأنظمة والسياسات والإجراءات المناسبة ولا أسمح بخروج ولي الأمر إلا وهو راض والبسمة مرسومة على وجهه ففي كل يوم أواجه حكاية جديدة ومختلفة عن سابقتها ، هذا بالإضافة لاستقبال الزيارات الخارجية ، فخلال جولات التعريف بالخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة وما يقوم به فريق العمل أشعرُ بالفخر والاعتزاز عندما أرى عيون الزوار تتلألأ منبهرة من قدرات وإمكانيات الطلاب لأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، فسعادة الطلاب وراحتهم هي مطلبنا ولا تكتمل في يومهم الدراسي إلا من خلال البرامج والأنشطة والرحلات الترفيهية والتعليمية التي ننظمها كفريق عمل متكامل لما فيه مصلحة الطلاب ودمجهم في المجتمع وحفظ حقوقهم الاجتماعية، إضافة إلى تدريب طلاب الجامعات وزملاء المهنة مستقبلاً على آلية العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم وفق أفضل الممارسات التي تأهلهم لخدمتهم ، ولا يزداد يومي سعادة إلا بلقاء “مجلس الأمهات” نظراً لما يشهده من تلاحم وترابط فلقائي الدوري بهنَّ يمدني بالطاقة الإيجابية ويشعرني بالفخر تقديراً لما نحققه من إنجاز ومن تقدم خاصة وأنا أسمع قصص النجاح التي تبهرني فكفاح الأمهات لا يتوقف في سبيل حياة أبنائهن.
ولا ينتهي يومي إلا بتواصلي مع أسر الطلبة المتغيبين للاطمئنان على صحتهم فحس المسؤولية والأمومة يكمن هنا، اتصالي بالأسرة يوطد علاقتها بنا ويشعرها بأهمية ابنها في مدرستنا فتقديم يد العون والمساعدة والوقوف إلى جانب الأسرة في محنتها يشد من حلقة التواصل التي نسعى إليها.
في نهاية اليوم الدراسي يقرع جرس الانصراف فنودع الطلاب بكل حب وأمان إلى منازلهم، وأعتقد أنه قد انتهى يومي الوظيفي فأتجه إلى تسجيل بصمة المغادرة وأنصرف إلى شؤون حياتي اليومية وأحسبُ أن ساعات العمل قد انتهت إلا أن هاتفي يرنّ في بعض الأحيان نتيجة لتواصل أولياء الأمور معي، فعملي الاجتماعي لا يتوقف على مدار الأيام والأسابيع والعطلات فعطائي يتدفق بكل حب وسعادة لخدمتهم.
مي عبد الله الرئيسي
[email protected]
- اختصاصي اجتماعي أول بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- حاصلة على ماجستير في علم الاجتماع التطبيقي من جامعة الشارقة 2021-2022.
- عضو في جمعية الاجتماعيين بإمارة الشارقة.
- مدرب محترف.