ترجم بتصرف، لينة بلال التميمي
أضع بين أيديكم سلسلة مترجمة لبعض ما انتقيته من فيديوهات Tedx والبداية مع عنوان (كيف تتعامل مع الشخصيات ذات المِراس الصعب- لجاي جونسون*)
اقرأ ايضا: التعاطف مع الذات
بدأ المتحدث بطرح موضوع التعامل مع هذه الشخصيات عن طريق تخيل موقف سبق أن مررت فيه من خلال التعامل مع شخصية صعبة في اعتقادك، وكيف بدأ تأثير ذلك عليك حيث شعرت حينها بأن النقاش احتد وأن باطن يدك بدأ بالتعرق فانفعلت، تسارع تنفسك، شعرت بالغضب، وتركت النقاش وغادرت، ثم ما أن خطوت خمس خطوات، تذكرت أنه كان لابد أن تجيب بهذا الشكل أو أن ردك كان يجب أن يكون كذا وكذا ولو أنك فعلت لكنت فزت في الحوار.
هذا ما يحدث في أذهاننا، حتى عند اللقاء الأول، ما أن تلقي التحية على شخص جديد أو تسلم عليه باليد حتى يبدأ ذهنك بالقول أنا لن أفضل التعامل مع هذا الشخص في المستقبل فهو شخص صعب!
وإذا مررت بهذه التجربة فإن المتحدث يعلمك بأنك لست وحدك حيث أن عقولنا خلقها الله مهيأة للنجاة وهذا النظام الذي أسماه العالم “دانيال جولمان” بظاهرة الخوف وهي ما يطلق عليه الآخرين علمياً (*الجهاز اللمبي، Limbic System) وهو إما الهروب أو الدفاع، وعندما نتعامل مع شخص صعب فإننا في نهاية المطاف نحاول التغلب على هذه الظاهرة الطبيعية أو ردة الفعل التلقائية في نظامنا العقلي المذكور أعلاه، وفي الحقيقة هذا النظام مهم حيث أنه السبب الرئيسي للتوتر ولإطلاق بعض الهرمونات المفيدة بنسب قليلة مثال: الكورتيزول والأدرينالين (المعروف أيضاً باسم الإبينفرين) في الدّم، والتي تعيننا على التعامل مع الأشخاص العنيدين، ولكن عندما نكون في حالة توتر شديد تبدأ عقولنا بعدم التفكير بشكل منطقي، وكأنها تعيش تهديداً أو خطرا، وذلك يضر بصحتنا حيث أن التوتر يسهم في تخفيض عمليات الأيض وإيذاء صحتنا بشكل عام، ونحن لا نريد أن نعيش بهذه الطريقة.
إن الخلاف بين زملاء العمل ذوي المراس الصعب، هو في حقيقة الأمر سبب هام في التغيب عن العمل، وتدهور المشاعر، وتغيير النفوس وقد يصل الأمر إلى فشل المشاريع التي يعملون عليها.
أنت لن تستطيع تغيير أسلوب الشخص أو تصرفه وفق هواك، فما الحل؟ الحل هو أن تغير نظرتك الداخلية تجاهه وتعمل على تحسين انعكاس صورته التي كونتها عنه، أسهل طريقة لتتقن ذلك هو أن تحاكم التسميات التي أطلقتها عليه، كتسمية “صعب المراس” أو ما شابه ذلك من مسميات. واستدل على ذلك بمثال: إذا كنت في بيئة عمل وتحدثت مع أحد الزملاء وهو لا ينظر إليك وكل تركيزه في شاشة الهاتف أو الكومبيوتر، فأنت حينها ستطلق عليه مسمى مثل “شخص غير منصتٍ أو غير مبالٍ، شخص متظاهر، متكبر، فتان … إلخ)
ربما، كلما ذكرت مثالاً تراءى لأحدكم شخص من العمل وبدأ بالإيماء! بالنظر إلى ذلك، وبعد فهم هذه التصرفات التي تؤثر علينا بشكل شخصي، علينا أن نتغير، وقد يقول قائل: لم علي أن أتغير رغم أنه تصرف شخص آخر؟ الجواب وبكل بساطة بسبب الجلطات القلبية، حيث أن هرمونات التوتر قاتلة، فحرفياً المتضرر هو نحن، وإن أسهل تصرف هو أن نتغير ببساطة عبر تحسين نظرتنا للسلوك الصادر عن هؤلاء الأشخاص صعاب المراس باستخدام نموذج “مجال السلوك”.
ثم تابع المتحدث بشرح مجال السلوك إذ أنه يستند إلى أربعة قطاعات:
- شرح السلوك الحالي: عندما نرى من شخص تصرفاً لا يعجبنا ونقوم بإطلاق المسميات عليه مثل “شخص عنيد”، لكن في حال تصرف شخص قريب لنا أو صديق بنفس السلوك يمكن أن نعذره ونقول هو “شخص مستقل وشجاع”، وذكر أمثلة أخرى في هذا السياق، حيث أن سلوكنا تجاههم يختلف لتحيز نحمله بداخلنا، وهنا علينا أن نطرح هذا السؤال، “لماذا تصرف هذا الشخص بهذه الطريقة؟” هل لعامل الوراثة علاقة أو شيء ما في داخله يدفعه للتصرف على هذا النحو؟ سيساعدنا ذلك على تخفيف حدة الموقف قبل إطلاق المسميات، وتذكر أن السبب هو قلبك وصحتك بشكل عام، ومؤسستك التي ستعاني من سوء الخلاف، لذا أفضل طريقة لتفسير السلوك هو أن نسأل الأسئلة، ثم ذكر مثالاً حدث معه في إحدى المؤسسات (وأنصحكم بالرجوع إلى القصة في الرابط حيث أنها داعم رئيسي لهذه النقطة)
- التنبؤ بسلوك مستقبلي: بمجرد القدرة على تفسير السلوك، نستطيع التنبؤ أو استشراف ما سيحدث من سلوك مستقبلي وبالتالي التقليل من أثر المجهول أو الشك، هل سبق وأن وصلك اتصال هاتفي من مديرك وأعلمك بالحضور الفوري إلى مكتبه؟ ما الشعور الذي انتابك حينها؟ لم تفكر أنك ستحصل على ترقية بل بدأت التساؤل عن الخطأ الذي ارتكبته وأن هذا أسوء ما حصل لك في يومك، هذا الشك وعدم اليقين يسبب القلق والتوتر وحينما نكون في علاقة أو محادثة ما بغض النظر عن طبيعتها فإن الطرف الآخر سيشعر بهذا التوتر تجاهه، وبالتالي عندما يكون لدينا القدرة على التنبؤ بتصرف أو سلوك الشخص الآخر فإن حدة التوتر ستكون أقل.
- التأثير على سلوك الآخرين: عندما نعرف ما تقدم قد نؤثر على سلوك الآخرين وذلك عن طريق اختيار طرق حوار مختلفة أثناء التعامل مع الشخصيات العنيدة (مثلا: نستخدم لغة شاملة وعامة دون نبرة قد تظهرنا بأسلوب هجومي، فإذا قلنا لشخص ما إن “سلوكك أثناء الحوار غير ناضج… ” ثم أكملنا الكلام، فإن ذلك سيضع الشخص الذي وجهنا الكلام إليه في موقف هجومي وسيأخذه بشكل شخصي وينظر إلى ما فعلته أنت من تقصير كذلك وإذ تتحول المحادثة فجأة إلى نقاش حاد ولا نصل من خلاله إلى أي نتيجة أو حل فعلي! في المقابل لو استعملنا لغة حوارية كأن نقول لاحظت أن “سلوكنا في الحوار غير صحيح”، هنا نكون أشمل في نظرتنا وتعبيرنا فلا يشعر الشخص بأنه ملام بل يصله إحساس أننا سوياً نحاول تحسين طبيعة النقاش أو إيجاد حل للمشكلة، فاستعمال عبارات مثل “نحن، معاً.. وغيرها” تعبر عن حوار مشترك وأن الطرفين مسؤولان عن الحل وأن الشخص هو جزء من الحل لا المشكلة بحد ذاتها”، وباختصار فإن إعطاء الشخص قيمة، أو إظهار عمله وتقدير جهده سيؤثر بشكل إيجابي علينا وعلى طبيعة العلاقة بين الزملاء فيتحول العدو إلى صديق، وهنا استحضر قول الله تعالى في محكم تنزيله ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]
- التحكم بسلوكنا: وهنا ذكر المتحدث أنه نفسه كان يعتبر بنظر الآخرين شخصية صعبة المراس وقد يكون ما زال كذلك بنظر البعض، ولكن لن نستطيع أن نتحكم بسلوكنا ما لم ندرك حقيقة أن بعضنا ذوو مراس بالفعل وعليهم أن يتغيروا بشكل أو بآخر أو يحسنوا من تصرفاتهم، وهنا يأتي دور الوعي والتنمية وتطوير الذات.
وذكر في معرض حديثه طريقة جيدة للتغلب على النظام الذي يدفعنا بشكل غير واعٍ إما للهروب أو الهجوم عند التعامل مع شخصية صعبة وهذه الطريقة تعلمناها عندما كنا في الروضة: نأخذ نفساً عميقاً، حيث أننا عندما نأخذ نفساً عميقاً ونزفر بشكل بطيء يؤدي ذلك إلى دخول الأوكسجين إلى أجسامنا فنشعر بالهدوء، حيث أن نظام الدفاع أو الهروب لا يميز فعلياً بين هجوم حيوان مفترس عليك أو مواجهة شخص صعب المراس، فعندما نأخذ نفساً عميقاً يبدأ العقل بإدراك الموقف وأنه لا يستحق أن نفعل نظام النجاة بداخلنا، وهناك طريقة أخرى، أن نؤجل الحوار إلى أن نشعر بالهدوء (وهو ما أشار إليه بالعد إلى العشرة)، أن نرتاح قليلاً ونتراجع، وهنا ما زال يستخدم لغة الحوار الجماعية (نحن).
طريقة أخرى هي أن نفصل بين الشخص وتصرفه، فندرك أن الشخص والسلوك يختلفان عن بعضهما، وهنا يصبح المسمى للتصرف وليس الشخص، ويمكننا حينها أن ندرك هل يستحق هذا التصرف أن يصيبني بأزمة قلبية، والجواب باعتقادي هو لا.
وأستذكر هنا قول الإمام الشافعي: “اكره الخطأ لكن لا تكره المخطئ”
عندما نقوم استناداً إلى نظام السلوك بهذه الطريقة لتحليل وشرح وتغيير سلوكيات الآخرين وتقبل تصرفاتهم فإننا نسهم بالحفاظ على علاقات صحية وإيجابية في بيئة العمل ولا نسمح للخلافات بالتفاقم وللمشكلات أن تكبر وتتضخم وتؤذي صحتنا ونفسيتنا وهذا هو السبب والعامل الأساسي لتغيير نظرتنا تجاه الآخرين.
الرابط للمحاضرة كاملة:
*عن المتحدث جاي جونسون: مدرب متخصص في تطوير التواصل والقيادة.
*الجهاز اللمبي Limbic system –في الدماغ: يعتبر الجهاز الطرفي النظام المسؤول عن تفاعل الإنسان مع محيطه وضبط السلوك ويسميه العلماء الجهاز اللمبي. هو نظام بمثابة جهاز مستقل قائم بذاته، حسب تصنيف علماء التشريح. تكون أجزاء الجهاز اللمبي هي الأجزاء التشريحية المسؤولة عن الشعور emotional وانفعالات الإنسان وسلوكه، وتتجلى وظائف الجهاز اللمبي بأنه مسؤول عن تنظيم العواطف، ومعالجة المشاعر والانفعالات والجهاز الذي يعمل على تنظيم عدة دوافع كالجوع والتزاوج والقتال والفرار.
حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال ـ نظم معلومات إدارية (تخصص رئيسي)، التسويق (تخصص ثانوي)
مساعدة إدارية في قسم التخطيط والمتابعة التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
اشتركت بعدة مسابقات أدبية، نشرت عدة خواطر أدبية في مجلة المنبر الجامعي ـ جامعة الشارقة
شاركت في مسابقة الأدب العربي بمجموعة قصصية (عندما قرر النهر الرحيل)
مسافر أنت والآثار باقية.. فاترك وراءك ما تحيي به أثرك