اللون الأصفر هو اللون المفضل لدى الإناث بينما الأزرق هو اللون المفضل لدى الذكور، وكما ارتبط اللون بالصحة والعنف والفرح، واللون الأصفر ارتبط بالخضوع والإذعان واللون الأسود ارتبط بالحزن والكآبة
تتباين الدلالة الرمزية للألوان وهي أكثر ارتباطاً بالثقافة والعادات والتقاليد والوسط الاجتماعي وإذا اختلف النسق الاجتماعي اختلفت بالضرورة الدلالات المرتبطة باللون
يجري الحديث عن الألوان مرات عديدة كل يوم، عندما نختار ملابسنا، ونزين منازلنا، وننظر إلى الكون حيث لون الطبيعة أثناء الشروق والغروب، وعندما نستمتع بالنظر إلى زرقة المياه، كما يدلنا الفلكلور وتاريخ الأزياء والأديان على أن الألوان كانت تستخدم دوماً للدلالة على صفات وظروف محددة، وليس هذا فحسب بل تحمل الألوان تفسيرات نفسية متأثرة بعوامل ثقافية وفيزيولوجية. (عادل خضر: 2001، ص 30 ـ 31)
نشأة الألوان
ظهرت محاولات عديدة لتفسير أصل الألوان ودلالتها، ومنها تلك المحاولة التي قام بها لاشر Luscher وتذهب إلى أن الحياة في بدايتها كانت محكومة بعاملين خارجين عن إرادة الإنسان هما الليل بظلامه، والنهار بنوره، فعندما يقدم الليل تتوقف الأنشطة، ويخلد الإنسان إلى النوم، ويرتبط بذلك اللون الأزرق الداكن للسماء خلال الليل، وفي النهار تكون الحركة والنشاط. ويرتبط بها اللون الأصفر، وكان النشاط لدى الإنسان الأول يأخذ شكل الصيد والهجوم والاستيلاء، وهذه الأفعال يتم التمثيل لها كونياً باللون الأحمر، وأما المواقف المرتبطة بالمحافظة على الذات فتتمثل كونياً باللون المُكَمِّلِ للون الأحمر وهو اللون الأخضر.(أنور عبد الرحيم: 1985، ص 9)
الدلالات الخاصة بتفضيل الألوان
وحول تفضيل بعض الألوان ورفض البعض الآخر، فلقد لاحظ بولوج Bollough أن الناس إنما يفضلون ألواناً بعينها ويرفضون ألواناً أخرى نتيجة وجود ارتباطات سارة أو مؤلمة كانت قد حدثت لهم في الماضي، وما اللون في هذه الحالة إلا مثير يعمل على استحضار تلك الأحداث وما عاصرها من انفعالات، وأحياناً يفضل الناس الألوان لما تحدثه من تأثير سار في نفوسهم، وقد يرفضونها لما تحدثه من توتر وقلق، وأحياناً يفضل الناس الألوان لأنهم يُنْزِلُونهَا منزلة الأشخاص فيعطونها نفس صفات الأفراد من حيث القوة والشجاعة والكآبة. (حامد عبد القادر ومحمد الإبراشي: 1966، ص 118 ـ 119)
رأينا أن هناك من الناس من يفضل ألواناً ما، وأن آخرين يرفضونها ولكن ما دلالة كل من التفضيل أو الرفض للألوان؟
وللإجابة عن هذا السؤال نعرض بعضاً من قول جورج كومب: « بأن الفروق في تفضيل الألوان تعود إلى الطبقة الاجتماعية، والعمر، والنوع، وبين الشرقيين والغربيين. فمثلاً وجد أن المتعلمين من الرجال الإنجليز يفضلون الألوان على النحو التالي، اللون الأخضر فالأزرق فالأبيض فالأصفر فالأسود، أما النساء فيفضلنَّ الألوان على ذلك النحو، اللون الأزرق فالأخضر فالأبيض فالأصفر فالأسود، بينما الأطفال الذكور يفضلون اللون الأحمر فالأخضر، وفي الوقت نفسه تبين أن البنات يفضلنَّ اللون الأخضر في مرحلة عمرية تسبق الذكور» (حامد عبد القادر و محمد الابراشي: 1966، ص 120)
فعندما عُرِضَ على طلاب الجامعة من الجنسيين مجموعة من الأدوات الملونة، وطُلِبَ منهم أن يختاروا الألوان التي تعبر عن انفعالاتهم ومشاعرهم، اتضح أن اللونين الأسود والبني قد عبرا عن مشاعر الحزن، وأن اللون الأصفر كان دالاً على البهجة والسرور، كما قام الأطفال ـ الذين هم ـ في عمر أقل من أربع سنوات عندما طُلِبَ منهم في المرة الأولى تلوين صورة لفستان عروس بعد أن سمعوا قصة سارة، وفي المرة الثانية قاموا بتلوين نفس الصورة بعد أن سمعوا قصة مؤلمة، وظهر أن اللون الأصفر كان اختيارهم في المرة الأولى، بينما كان اللونان الأسود والبني اختيارهم في المرة الثانية. Gimbalo, etal, P 303 – 303
ولعل ذلك الإتفاق الواضح بين اختيار الأطفال وطلاب الجامعة إنما يؤكد ثبات دلالة الألوان على الحالة الانفعالية، وهذه النتيجة وجد ما يدعمها حيث قررت مجموعتان من الأطفال ـ 82 طفلاً من الجنسين ـ، ومن طلاب الجامعة ـ 56 طالباً من الجنسين ـ أن الألوان الأصفر والأخضر والبرتقالي والأزرق ألوان سارة، وأن الألوان الأحمر والبني والأسود ألوان حزينة، وارتبط اللون الأسود بدلالته على الليل والظلام والموت، بينما اللون الأصفر دلَّ على الشمس والنور والدفء والعطف، وحينما رتبوا تفضيلهم للألوان حسب درجة السرور كانت الألوان كما يلي: الأصفر فالبرتقالي فالأحمر فالبني فالأزرق فالأسود. (Lawler & Lawler, 1965, P. 32-92)
ولقد قام بعض البالغين من الدول العربية ممن يتسمون بالانبساط بتفضيل الألوان الدافئة وهي اللونان الأصفر والأحمر، بينما فضل من يتسمون بالانطواء الألوان الباردة وهي اللونان الأزرق والأخضر (Choungourian: 1967).
وعندما قام طلاب الجامعة ـ 495 من الجنسين ـ في المجتمع المحلي بتحديد دلالة الألوان تبين أن الألوان الغامقة ـ الأزرق والأخضر والأسود ـ قد دلَّت على الانبساط والتعاطف والثقة، بينما دلَّت الألوان الفاتحة ـ الأحمر والأصفر على الاتزان الانفعالي ونقص كل من الطاقة والالتزام بالمعايير. (أنور عبد الرحيم و إبراهيم علي: 1986)
ولما تمَّت مقارنة استجابات الطلاب المصرين الجامعيين ـ 194 من الجنسين ـ بأقرانهم القطريين ـ 85 من الجنسين ـ حول تفضيل الألوان تبين أن الطلاب المصريين يرتبون الألوان على النحو التالي: الأخضر فالأزرق فالأحمر فالرمادي فالبنفسجي فالأسود فالبني فالأصفر، وكان ترتيب الألوان لدى الطلاب القطريين على النحو التالي: الأحمر فالأخضر فالأسود فالأصفر فالأزرق فالبنفسجي فالبني فالرمادي. (أنور عبد الرحيم: 1993)
ولعل اختلاف الطبيعة والمناخ له صلة بتلك الفروق في تفضيل الألوان لدى المجموعتين، حيث أن الحياة الصحراوية ـ اللون الأصفر ـ والشروق المبكر للشمس ـ اللون الأحمر ـ والقدوم المبكر لليل ـ اللون الأسود والأزرق ـ وسيطرة اللون الأسود على ملابس النساء ـ العباءة ـ، واللون الأبيض على ملابس الرجال ـ الجلباب ـ، و ندرة الزرع والأشجار ـ اللون الأخضر ـ في قطر قد ظهر جلياً في تلك الفروق بين المجموعتين في ترتيب تفضيل الألوان. وذلك يدعونا لاعتبار الطبيعة وألوانها ذات دور مهم في تفضيل الألوان.
ولقد لاحظ نورمان وسكوت Norman & Scott أن اللون الأصفر هو اللون المفضل لدى الإناث، بينما اللون الأزرق هو اللون المفضل لدى الذكور، كما ارتبط اللون الأحمر بالصحة والعنف والفرح، واللون الأصفر ارتبط بالخضوع والإذعان، واللون الأسود ارتبط بالحزن والكآبة.
(عادل خضر: 2001، ص 31).
وتوصلت ألشولر وهاتويك Alschuler & Hattwick إلى أن الأطفال الموجودين برياض الأطفال والمرحلة الابتدائية الذين يتميزون بالسلوك الانفعالي الحر يستخدمون الألوان الدافئة، ومن يتصفون بضبط سلوكهم يستخدمون اللون الأزرق، وأما الذين يفضلون اللون الأسود فإنهم غالباً ما يظهرون مبالغة في السلوك الانفعالي (Lowenfeld & Brittain: 1982, p. 180).
كما توصلت ألشولر وهاتويك أيضاً إلى أن الذين يفضلون اللون الأحمر يغلب عليهم سوء التوافق، وقلة الاهتمام بالمعايير الاجتماعية، وذلك حين يغلب استخدام اللون الأحمر مع قلة استخدام بقية الألوان الأخرى. ومن يفضلون اللون الأصفر فإنهم يتميزون بالسلوك الاعتمادي الانفعالي والإقبال على الآخرين، وإقامة علاقات طيبة معهم، وأما الجمع بين اللونين الأصفر الأزرق فيشير إلى وجود صراع بين الطفولية والنمو. وتفضيل اللون الأخضر فيميز الأطفال ذوي النقص في الانفعالات والأكثر تقييداً لذواتهم والأعلى في الاكتفاء الذاتي والثقة بالنفس. أما تفضيل اللون البرتقالي فيشير إلى التواؤم مع البيئة ودفء العلاقات الانفعالية، كما يلفت إلى الخجل أيضا، في حين أن تفضيل اللون الأرجواني يدل على مشاعر الحزن والإحساس بالنبذ. (لويس مليكة: 4991، ص 204 ـ 206).
وفي البيئة المصرية حدث تتبع لتفضيل الألوان لدى الأطفال في العمر من 6 إلى أقل من 12 عاماً من المقيمين بالريف والحضر، وتبين أن هناك فروقاً في التفضيل اللوني في المراحل العمرية المختلفة بين مراكز التفضيل المختلفة للألوان. فكانت الألوان الأزرق والأخضر والبني والأسود هي الأكثر انتشاراً لدى عينة مرحلة الطفولة الوسطى بالنسبة للألوان المرغوبة؛ وكانت الألوان الأحمر والأصفر والبنفسجي هي الأكثر انتشاراً لدى عينة مرحلة الطفولة المتأخرة. وبالنسبة لأطفال الحضر كانت الألوان الأحمر والبني هي الأكثر انتشاراً، بينما لدى أطفال الريف فكان اللون الأخضر والأصفر والبنفسجي هي الأكثر انتشاراً. (سامح إسماعيل: 1992).
دور الألوان في التقويم النفسي للشخصية
للألوان دور مهم في القياس النفسـي للشـخصية من حيث بُعْدَيْهَا الانفعـالي والعقلي، ولذلك نجد اللون موجوداً في اختبار بقع الحبر لرورشاخ، وفى اختبار لاشر للألوان (Marzolf & Krichner: 1967, p. 487) ونلاحظ وجود اختبارات فرعية تعتمد على الألوان في مقياس ستانفورد ـ بينيه الصورة الرابعة (لويس مليكة: 1998)؛ وكذلك في النسخة الملونة من اختبار المصفوفات المتتابعة لتقويم القدرات العقلية. (عبد الفتاح القرشي: 1987)
أما في النسخة الملونة من بطاقات اختبار تفهم الموضوع (T.A.T) فقد تميزت القصص الناتجة عنها بالايجابية والثراء أكثر من تلك القصص الناتجة عن الصور العادية ـ حيث اللون الأبيض والأسود ـ وذلك يعكس الدور الحيوي الذي يمنحه اللون لعمليات الكشف عن الشخصية ومواجهة المقاومة، ومن ثم يتيسر الوصول إلى فهم عميق لديناميات الشخصية. (Yudin & Reznikoff: 1966, P. 479 – 487)
ولكن دور اللون في اختبارات الرسم لا يقف عند ذلك فقط، بل يمتد إلى الكشف عن الحالة المزاجية مثل الفرح أو الفزع، وأيضاً يعطى الإحساس بالدفء أو البرودة، ولعل هذا هو ما دفع باك Buck، وهامر Hammer لأن يفترضا أهمية مرحلة الرسم بالألوان في الكشف عن مستوى أعمق في الشخصية، ودورها في إمدادنا بمادة جيدة لفهم ديناميات الصراع النفسي وجوانب اللاشعور.
ويفند هامر تلك الأهمية للألوان في نقاط ثلاث وهي:
- 1 ـ إن مرحلة الرسم بالألوان إنما تستثير الاستجابة للمنبهات الانفعالية وتكشف عن مستوى أعمق من المستوى الذي تمثله دفاعات المفحوص كما في البطاقات الملونة في اختبار بقع الحبر.
- 2 ـ يتداعى المفحوص للألوان التي تستثير لديه مستويات التوافق النفسي التي كان يتسم بها في الفترات الماضية من حياته.
- 3 ـ تأتي مرحلة الرسم بالألوان بعد مرحلة الرسم بالقلم الرصاص للوحدات الثلاث ـ المنزل والشجرة والشخص ـ وبهذا تمنح الألوان فرصة للكشف عن الطبقات العميقة في الشخصية. (لويس مليكة: 1994، ص 134)
وفي بحث كل من جوزالي وجونسون Gozali & Johnson تبين أن مجموعة مكونة من مرضى الفِصام والاكتئاب قامت برسم الشكل الإنساني مرتين ـ المرة الأولى بالقلم الرصاص والمرة الثانية بالألوان ـ وتبين أن مرحلة الرسم بالألوان كانت أكثر كشفاً عن علامات الصراع النفسي وديناميات الشخصية. (Gozali & Johnson: 1970)
ويثبت ذلك مارزولف وكريتشنر Marzolf & Krichner حيث وجدا أن استخدام الألوان في اختبار رسم المنزل والشجرة والشخص، قد كشف لهما عن كل من العمليات اللاشعورية والانفعالات ومستوى القدرة العقلية، وذلك بعد أن تم تحليل ومقارنة المؤشرات الكمية والكيفية لمرحلتي الرسم ـ الرسم بالقلم الرصاص والرسم بالألوان ـ إذ تبين أن مرحلة الرسم بالألوان قد أظهرت الجروح الموجودة في جذع الشجرة، والأغصان المكسورة في رسم جهاز فروع الشجرة، وظهور الأصابع لدى الإناث في رسم الشخص (Marzolf & Krichner: 1957, P. 504)
كما وجد لويس مليكة أن مرحلة الرسم بالألوان لدى مرضى الفِصام في اختبار رسم المنزل والشجرة والشخص قد كشفت عن أن بعض العلامات الفِصامية تزداد نسب تواترها في الرسم بالألوان عنها في الرسم بالقلم الرصاص، ومن هذه العلامات التي تزداد نسبة ظهورها في الرسم بالألوان المسقط الهندسي للمنزل، والتجزئة الزائدة، ورسم تفاصيل خطية في رسم الشخص. وأن أكثر الألوان استخداماً هي: اللون الأسود ثم الأزرق ثم الأخضر. وأن أقل الألوان استخداماً هي: اللون القرمزي ثم البرتقالي ثم الأحمر. وكانت أكثر الألوان استخداماً في رسم المنزل هي: اللون الأسود ثم الأصفر ثم الأزرق، وفي رسم الشجرة كان اللون الأخضر ثم الأسود ثم البني، وفي رسم الشخص كان اللون الأسود ثم الأزرق. و أن عدد الألوان المستخدمة في رسم المنزل كانت تتراوح بين 1 ـ 7 ألوان، وفي رسم الشجرة كانت تتراوح بين 1 ـ 7 ألوان، وفي رسم الشخص كانت تتراوح بين 1 ـ 5 ألوان. (لويس مليكة: 1994، ص 170 ـ 180)
وتتوصل سامية عبد النبي إلى أن مريضاً ذهانياً استخدم 6 ألوان في 4 اختبارات للرسم، واستخدمت حالة عصابية 6 ألوان في اختبارين، كما استخدمت حالة عصابية 5 ألوان في اختبار واحد. (سامية عبد النبي: 1998)
ويذكر أحمد عامر أن مريضاً بذهان الهوس والاكتئاب الدوري أظهر ـ خلال قيامه بالرسم الحر أثناء جلسات العلاج النفسي بالفن ـ استخداماً ثابتاً للألوان، قد تميز بوجود تكوين لوني ثلاثي ـ متكرر ـ يضم كل من الألوان التالية: الأسود والأزرق والأحمر (أحمد عامر: 1999).
ويؤكد ذلك ما يذكره هامر أن اضطراب الشخصية يصاحبه تفضيل استخدام الألوان: الأسود والأزرق والبني، والنفور من استخدام الألوان: الأحمر والبرتقالي والأصفر . (لويس مليكة: 1994، ص 180)
ويلاحظ ـ أيضاً ـ أن الأطفال المتوافقين ينغمسون في مرحلة الرسم بالألوان في ثقة تامة، إذ يستخدمون الألوان الدافئة بثبات وابتهاج، مما يعكس اتساع المساحة الانفعالية التي تمثلها تلك الألوان داخل أنفسهم، كما يتضح أن استخدام ثلاثة ألوان من خمسة في رسم المنزل يعد معدلاً متوسطاً لعدد الألوان، وفي حين أن استخدام لونين من ثلاثة ألوان في رسم الشجرة يكشف عن الأداء المتوسط أيضا، بينما في رسم الشخص يصبح وجود ثلاثة ألوان من خمسة كما في المنزل أمراً طبيعيا، أما أولئك الذين لا يقدرون على إقامة علاقات حميمة مع الآخرين فإنهم يميلون إلى استخدام الألوان كما لو كانت أقلام رصاص ـ أي بدون تلوين للأجزاء المرسومة ـ وظهر بوضوح أن مرضى الفِصام يرفضون الواقعية التقليدية فيرسمون كل نافذة من نوافذ المنزل بلون مختلف تماماً. (Hammer: 1960, P. 267)
كما قام الأطفال والمراهقون الذين يعانون من مشكلات نفسية باستخدام عدد ثمانية ألوان من ستة عشر لوناً في رسم المنزل والشجرة والشخص ـ في مرحلة الرسم بالألوان ـ واتضح أن الألوان الأكثر تكراراً هي: الأسود والبني والأزرق والأرجواني والأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر، وفى الوقت نفسه استخدم اللون في رسم عنصر محدد مثل اللون الأسود في رسم السيجار، والخط الخارجي للشجرة والشعر والشارب والعصا؛ واستخدم اللون الأزرق في رسم السماء، وفستان الإناث ومعطف الذكور، والستائر، والعيون؛ واستخدم اللون الأحمر في رسم المدخنة ضمن المنزل، و في رسم الثمار الموجودة على أغصان الشجرة مثل التفاح والكرز؛ واستخدم اللون البني في رسم الشعر والعيون والملابس في رسم الشخص، وفي رسم أفرع وجذع الشجرة، وفي رسم جدران المنزل؛ واستخدم اللون الأخضر في رسم الملابس للإناث، وأوراق الشجرة والعشب الذي حولها؛ واستخدم اللون الأصفر في رسم معطف الذكور، والشمس والزهور؛ وكان من النادر استخدام اللون النبيتي؛ ولم يُسْتَخْدَم اللون الأبيض مطلقاً، في حين استخدم اللون الأحمر الوردي في رسم الخط الخارجي للشخص، وفي رسم بعض الأجزاء فيه مثل الوجه واليدين. (Jolles: 1957)
أما المراهقون مرتفعو الذكاء فقد تميزت رسومهم بوجود النمط المجسم للألوان، والأقل ذكاءً تميزت رسومهم بالنمط الخطي للألوان، وكان تفضيلهم للألوان على النحو التالي اللون الأحمر فالأصفر فالأزرق فالأخضر فالبرتقالي فالأسود فالبني. (أحمد سليم: 1980)
وارتبطت الألوان بالقضايا القومية التي تشغل أذهان الأطفال، فلقد اتضح أن الأطفال الكويتيين وغيرهم من بعض الدول العربية قاموا برسم الغزو العراقي للكويت عام 1990، وتبين أن هناك أربعة ألوان كانت في صدارة تكرار الألوان وهي: الأبيض والأحمر والأسود والأخضر، وهي ذاتها الألوان المميزة لعلم الكويت، مما عكس انفعال الأطفال بما يجري للوطن، وقدرة الألوان على كشف ذلك الانفعال. (علي المليجي: 1992)
الـدلالات الرمـزية العامة للألـوان
من الشائع أن الدلالة الرمزية للألوان تتباين من مكان لآخر، ومن زمان لآخر، وأنها أكثر ارتباطاً بالثقافة والعادات والتقاليد والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه المرء، وإذا ما اختلف النسق الاجتماعي والثقافي اختلفت بالضرورة الدلالات المرتبطة بالألوان، ففي موزمبيق مثلاً يعبر اللون الأسود عن الفرح، وفي المجتمع المحلي يرمز اللون الأسود إلى الحزن والحداد. ويشير اللون الأحمر إلى القوة، وذلك لوجود علاقة وثيقة بينه وبين الدم، كما يرمز اللون الأحمر لدى الغربيين إلى الشياطين والأرواح الشريرة. (عادل خضر: 2001، ص 31)
ولقد عرض Schaie للعديد من الدلالات الرمزية الخاصة بالألوان، والتي نتجت عن عدد من البحوث أجريت بين عامي 1935 ـ 1961، وأفادت أن اللون الأحمر أشار إلى السعادة والراحة والفوران الداخلي والإثارة والحرارة والانفعال والحب والعدوان والكراهية والتصلب والقوة؛ وأن اللون البرتقالي أشار إلى الإحساس بالسعادة والحرارة والتعاسة والتوتر والدفء والبهجة والسرور والرشاقة، وأن اللون الأصفر أشار إلى الإثارة والغيرة والتعصب والدهشة والسعادة، وأن اللون الأخضر أشار إلى التحكم والانفعال والفتوة والهدوء والسلام والانتعاش والمرض والشباب، وأن اللون الأزرق أشار إلى الوقار والحزن والبرد والرغبة في التحكم والأمن والراحة والقوة والعمق والسرور، أما اللون الأرجواني فأشار إلى الاكتئاب والنشاط والرفض والحزن والعمق والثبات والتعاسة، أما اللون الأسود فقد رمز إلى الحزن والخوف والقلق والرفض والاكتئاب والتمكن والعمق والشيخوخة والغيظ والتعاسة والتعصب، وكان اللون الأبيض يرمز إلى النقاء والفراغ والهدوء والشجاعة والهيبة والسلام والأمن، وأخيراً أشار اللون البني إلى الحزن والرفض والأمن والراحة. (Schaie: 1966. P. 512 – 524)
ويؤكد هامر على أن اللون الأحمر يتضمن حرارة وإثارة حسية، وقد أطلق البعض عليه اللون الشهوي، ويعد أصعب الألوان بالنسبة للمريض الذي يعاني من اضطرابات في الشخصية، وأن اللون الأسود يبدو أنه أدعى الألوان للاكتئاب، ومشاعر الكبت ويحتمل النكوص كذلك، وأن اللون الأخضر إنما يشعر الفرد بالأمن، ونظراً لانتشاره في الطبيعة فإن استخدامه يكثر في رسم المنزل والشجرة، ولذلك فإن دلالته تكون ضئيلة، وأن اللون الأزرق يتضح أنه يتضمن الاهتمام بالضبط وبالوقاية، وأن اللون البني يستخدم غالباً من قبل الذين يحاولون تجنب استخدام اللون. أما التظليل باللون البني إنما يتضمن دفاعية واستجابة غير ناضجة للمؤثرات الانفعالية، و أن اللون الأصفر يشير إلى العدوانية والإثارة الحسية ولذلك فإنه يكثر لدى الأطفال، ويسهل تعبير الطفل عن العداوة والغضب، وأن اللون القرمزي يستخدمه الذين يتسمون بسمات شبيهة بالبارانويا . (لويس مليكة: 1994، ص 137 ـ 138)
وختاماً فإن اللون الأبيض أصبح رمزاً للنظافة والطهارة والطيبة، واللون الأزرق مدعاة لهدوء الأعصاب وإزالة التوتر، ويكون اللون الأحمر سبباً لإثارة العاطفة، واللون الأخضر يوحي بالخير والنعيم والبشر، بينما صار اللون الأصفر دليلاً على الغيرة والعدوانية والدهشة والسعادة، وأما اللون الأسود فهو رمز الحزن والحداد والعزلة.
خاتمة
لاحظنا أن تفضيل الألوان يرتبط بعدد من المتغيرات مثل النوع ـ ذكور أو إناث ـ والعمر سواء أطفال أو طلاب الجامعة أو الراشدين، وبالعوامل الجغرافية كما في دراسة اللون لدى الطلاب المصريين والقطريين، ومثل المناطق الريفية أو الحضرية أو الصحراوية، وبالحالة النفسية مثل الحزن والفرح والتوتر والاتزان الانفعالي، والمرض النفسي…. الخ.
ومن ثم فإن الاهتمام بدراسة التفضيل اللوني لدى التلاميذ او الكبار لهو أمر مفيد من الناحية التشخيصية والعلاجية للمشكلات النفسية التي من الممكن ان يعانوا منها.
المراجع:
- 1 ـ أحمد محمد عامر: ذهان الهوس والاكتئاب وأثره في الرسم: دراسة حالة. مجلة البحث في التربية وعلم النفس، المجلد 21، العدد 4، كلية التربية، جامعة المنيا، 1999.
- 2 ـ أنور رياض عبد الرحيم: اختبار الألوان وقياس الشخصية. دار حراء بالمنيا، 1985.
- 3 ـ أنور رياض عبد الرحيم وإبراهيم علي إبراهيم: عوامل الشخصية المميزة للأفراد حسب تفضيلهم للألوان. مجلة العلوم التربوية، كلية التربية والتربية الرياضية، جامعة المنيا، 1996.
- 4 ـ حامد عبد القادر ومحمد عطية الإبراشي: علم النفس التربوي. الجزء الثاني.القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1966.
- 5 ـ سامح خميس السيد إسماعيل: دراسة تتبعية لتفضيل اللون في مرحلة الطفولة وعلاقتها ببعض المتغيرات النفسية والثقافية. رسالة ماجستير، كلية التربية الفنية، جامعة حلوان، 1992.
- 6 ـ سامية محمد عبد النبي: فاعلية استخدام الرسم الإسقاطي في الكشف عن ديناميات الشخصية، رسالة دكتوراه، كلية التربية ببنها، جامعة الزقازيق. 1998.
- 7 ـ عادل كمال خضر: الدلالات النفسية للألوان في رسوم الأطفال. مجلة علم النفس، عدد 73، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2004.
- 8 ـ عادل كمال خضر: مفهوم الرمزية في التحليل النفسي (1) مفهوم الرمزية وعلاقته ببعض المفاهيم الأخرى. مجلة علم النفس، عدد 59، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001.
- 9 ـ عبد الفتاح القرشي: اختبار المصفوفات المتتابعة الملونة لرافن. الكويت، دار القلم، 1987.
- 01 ـ علي المليجي: الدلالات الفنية والنفسية في تعبيرات الأطفال، دراسة تحليلية الموضوع القومي مدخلاً للتعبير الفني. حولية كلية التربية، السنة التاسعة، العدد 9، جامعة قطر، 2991.
- 11 ـ لويس كامل مليكة: اختبار ستانفورد بينيه الصورة الرابعة. المراجعة الأولى. القاهرة، دار النهضة العربية، 1998.
- 12 ـ لويس كامل مليكه: دراسة الشخصية عن طريق الرسم. بدون دار النشر، 1994.
-
13 – Cimbalo, R.S.; Beck, K.L. & Sendziak, D.: Emotionally toned pictures and color selection for
children and college students. The journal of genetic
psychology. 1978, Vol. (133), PP. (303 – 304).
-
14 – Gozali, J. & Johnson, L. B: A comparison of the chromatic and achromatic figure drawing of adult psychiatric patients . Journal of projective techniques & personality
assessment . 1970, Vol. (34), No. (2), PP. (232 – 233).
- 15 – Hammer, E.: The House – Tree – Person (H – T – P) Drawing as Projective Technique With Children. In : Projective Technique with Children. Edited By Rabin, A. & Haworth, M.R., Grune & Stratton Inc. New York,1960.
- 16 – Lowenfeld,V. & Brittain, W.L: Creative And Mental Growth. Seventh Edition. Macmillan Publishing Co., Inc. New York, 1982.
- 17 – Macover, k: Sex Differences in the Developmental Pattern of Children As Seen In Human Figure Drawings. In: Projective Technique with Children. Edited By Rabin, A.I. and Haworth, M.R. Grune & Stratton Inc .New York. 1960.
- 18 – Marzolf, S.S & Kirchner, H.J: Color In House – Tree – Person Drawings By College men And Women. Journal of Clinical Psychology. 1967, Vol. (23), No. (5), P.P. (504 – 508).
- 19 – Rosen, W.J.: Comparison Of House – Tree – Person Drawings Of Normal And disturbed Children (Children Drawing). Dissertation Abstracts International. 1991, Vol. (53), P. (3446).
- 20 – Schaie, K.W: On The Relation Of Color And Personality. Journal of Projective Techniques & Personality Assessment. 1966, Vol. (30), No. (6), P.P. (512-521).
- 21 – Yudin, L. W. & Reznkoff, M: Color and its relation to personality: The T.A.T. Journal of Projective Techniques & Personality Assessment. 1966, Vol. (30), No. (3), P.P. (479 – 487).