إن ميول الطفل الفطرية والمكتسبة هي مصدر الدوافع التي تدفعه إلى كل نشاك يبذله أو جهد يقوم به فهي إذا عامل أساسي يتوقف عليه نجاح عملية التعليم، والحق ان التعليم يثمر إلا إذا نتج عنه (تعلم) والتعلم لا يكون إلا إذا كان هناك دافع يدفعه إلى التعلم وقد وصف بعض العلماء التعلم بأنه:
“عملية يتمكن بها الفرد من كسب مهارة أو فكرة ما لأنها تسد حاجة يشعر بها” ومعنى هذا أن كل طريقة للتعليم لا تعتمد النشاط النابع من الحاجات والميول محكوم عليها بالاخفاق الأكيد فضلا عن كونها تسيء الى صحة الطفل النفسية والعقلية معا.
وأن طرائق التعليم التي تهمل نشاط الطفل لا بد لها لكي تضمن انتباه الطفل لما يلقى عليه من أن تلجأ الى الفرض والاكراه فتؤدي بذلك الى انقسام دوافع الطفل على نفسها: بعضها يدفعه الى ناحية وبعضها الآخر يدفعه الى ناحية أخرى بدلا من جعلها قوة واحدة تعمل في اتجاه واحد لتحقيق غرض واحد وبهذه تغدو نفس الطفل مسرحا لصراع بين الدوافع الناشئة عن ميوله وبين الدوافع الناجمة عن الخوف من العقاب او الخضوع للمعلم او الرهبة من الامتحان… ومهما تكن نتيجة هذا الصراع فلا بد أن يكون فيه تبديد للطاقة وتشتيت للانتباه واضعاف لأثر المجهود ويتبدى هذا في حالة الطفل الذي أرغم على الاستماع الى المعلم يلقي درسا من الدروس دون أن يشعر بميل اليه او باهتمام به اذ يصعب على هذا الطفل ان يركز انتباهه في موضوع الدرس فيسرح ذهنه في اشياء اخرى تهمه وتشغل باله أكثر من الدروس وموضوعاتها ثم يتذكر فجأة غضب المعلم او عقابه فيحاول الانتباه من جديد ولكن الى حين اذ لا يلب ثان يسرح ذهنه مرة أخرى وهكذا فإن طرق التعليم التي تفرض على الطفل ان يتلقى المعلومات دون مراعاة لميوله واهتماماته وحاجاته تفقد ذلك الطفل عزيمته وتبدد جهوده وتضعف نشاطه.
وإن المعلومات التي يتلقاها الطفل عن طريق التعليم المفروض لا يمكن أن تكون معلومات حية ذات أثر فعال في حياته وسلوكه ذلك ان المعلومات إنما تكتسب للحيوية من الوظيفة التي تؤديها واذا لم تنجح طريقة التعليم في ربط المعلومات بنزعات الطفل الاساسية وميوله واهتماماته واذا لم تدفع الطفل الى استخدام المعلومات التي يتلقاها في تحقيق أغراضه واشباع حاجاته وارواء ميوله فلن يكون لتلك المعلومات أية قيمة في نظر الطفل ولن يكون لها أي معنى عنده وتكون بالتالي طريقة التعليم محققة الاخفاق.
وإن المعلومات التي يكتسبها الطفل عن طريق الفرض والاكراه لا يمكن أن تتصل بدوافعه التي تثير فيه نشاطه الطبيعي وإنما تتصل فيه اتصالا صوريا بدافع واحد ضيق هو رغبته في تجنب العقاب أو ارضاء الآخرين أو النجاح في الامتحان ومعنى ذلك ان الغرض الاساسي الذي يهتم به الطفل لن يكون تعلم ما يراد تعلمه بل الخلاص من العقاب او ارضاء الآخرين وهذا الغرض يقع خارج عملية التعلم وغريبا عنها أما التعلم نفسه فليس إلا غاية عارضة وهدفا ثانويا والمجهود الذي يبذله الطفل في سبيله هو شر لا بد منه ولو انه ترك وشأنه لانصرف عنه ومعنى هذا ان موضوع الدرس لا يثير في الطفل أي نشاط حقيقي يؤدي الى تقبل المعلومات وهضمها ويساعد على نموه بل هو نشاط مصطنع لا ينجم عنه سوى الحفظ الآلي للمعلومات بقصد “تسميعها” عند الطلب في الصف او الامتحان ثم نسيانها بعد ذلك مباشرة لأنها عبء ثقيل.
وينتقل النفور من هذه المعلومات الى المعلم نفسه ثم الى عملية التعلم بوجه عام وفي هذا قضاء مبرم على غرض من اهم أغراض التعليم الابتدائي وهو بث الميل الى العلم وحب البحث والاستطلاع في نفوس الأطفال. وهكذا فالطفل في أي درس من الدروس قد يكتسب الحقائق التي تعطى فيه بشكل يثير لديه روح البحث وينمي عنده التفكير والابتكار وقد يحصلها وهو مجرد آلة للاستقبال لا تفكر لنفسها ولا تهتم بعمل الا اذا دفعت اليه وان الطفل في الحالة الأولى يدرك ان المدرسة بيئة مناسبة له تتوافر له فيها الفرص اللازمة لاشباع ميوله ولسد حاجاته النفسية وان قوانين المدرسة ونظمها ليست سوى وسائل لتسيير العمل وتحقيق مصلحة الجماعة التي هو واحد منها فيقبل على المدرسة ويندمج في مجتمعها مشتركا مع رفاقه في فعاليتهم متعاونا معهم في نشاطهم وبذلك يشب على احترام النظام واطاعة القانون وتنمو عنده عواطف التعاون والإخاء ومشاعر الولاء للجماعة التي ينتسب اليها أما في الحالة الثانية فإنه سوف يعرف بأن المدرسة ليست سوى مكان لقتل ميوله وكبت حاجاته وخنق شخصيته إن القانون والنظام ليسا سوى وسائل قمع وقهر ومنع فيثور على المدرسة وعلى المجتمع الذي تمثله المدرسة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو الا يؤدي الاهتمام بميول الأطفال الى جعل التعليم في المدرسة الابتدائية لهوا ولعبا وتسلية؟
الا يندفع الطفل الذي تترك له حرية العمل مع هواه وينصرف عما لا يتفق مع ميوله؟ فيتخبط في عشوائية الطفولة وفوضى الاهواء وهل لمثل هذا التعليم ان ينتج رجالا ناضجي الشخصية اقوياء الارادة؟
أم إنه يخلق جيلا من الشباب المدلل لا يقوى على بذل الجهد او تحمل المشاق عاجزا عن التغلب على مشكلات الحياة وشق طريقه فيها؟
تلك اعتراضات قال بها بعض المربين واضافوا لها ان الحياة ليست سهلة على الدوام وان الانسان كثيرا ما يضطر للقيام بأعمال لا يحبها وتأدية واجبات ثقيلة عليه، وان واجب المدرسة هو تعويد الأطفال على تحمل المشاق ومغالبة الصعاب.
ويكفي في الرد على هذه الاعتراضات ان نقول ان التعليم عن طريق النشاط لا يعني مطلقا ان نترك الطفل لاهوائه البوقتية ونزعاته العابرة بل يعني ربط ما نريد أن يتعلمه الطفل بميوله واحاجته وتوجيه النشاط النابع من هذه الميول والحاجات نوح الأشياء التي يراد له أن يتعلمها وبذلك يصبح الطفل راغبا في الحصول على العلم مندفعا في القيام بما يقتضيه من أعمال وبذل ما يتطلبه من مجهود ويصبح عاملا فعالا في عملية التعليم والتعلم يشعر بما يعمل وبالهدف الذي يعمل من أجله وليس مجرد آلة جامدة للاستقبال والتنفيذ فحسب.
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.